وزير الزراعة الأسبق د.صلاح يوسف: بين احترام الحكومة وحق البرلمان في المساءلة
كتب: د.أسامة بدير رصد موقع “الفلاح اليوم” مقالاً نشره وزير الزراعة الأسبق الدكتور صلاح يوسف عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، تناول فيه قضية شائكة تتعلق بالتوازن المطلوب بين احترام السلطة التنفيذية، وحق البرلمان في المساءلة والنقد. ونظراً لأهمية ما طرحه الوزير، وارتباطه الوثيق بالحياة السياسية والتشريعية، ينشر “الفلاح اليوم” نص المقال كما ورد على لسان الوزير، دون تدخل في الصياغة، وهو:
حينما يتجاوز أي عضو برلماني ضد أي مسؤول حكومي فيما يخص صفاته الشخصية، فهي قلة أدب، وتهديد المسؤول الحكومي من قبل البرلمانيين هو أيضًا قلة أدب، والمسؤول يحميه تنفيذ مسؤولياته في إطار المصلحة العامة والقوانين العامة وبما لا يضر صالح الوطن.
بالتالي، أنا مع وزير الشئون النيابية في تنبيه البرلمان إلى الالتزام باحترام الوزارة أو الحكومة، ولكن حينما يصل التنبيه إلى حد اللوم أو التأنيب أو السب بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، فهذا يكون قلة أدب. وبالتالى، الجميع تحميهم الآداب العامة قبل القوانين، ثم تحميهم القوانين، أو بالأحرى، يحفظ حقوقهم القانون بشرط ألا يتدخل أحد في تطبيق أو تعطيل القانون أو القوانين، فالهواء الفاسد لا ينتج إلا حياة فاسدة مريضة.
وعامة، نقد وزير الشئون النيابية للبرلمان حينما يتخطى حدود لياقته وواجباته وحقوقه، حتى ولو كان هذا النقد لاذعًا أو مؤدبًا، فهذا لا يتعارض مع مساءلة مجلس النواب للحكومة أو للسادة الوزراء، من قبيل أن البرلمان هو جهة تشريعية تسن القوانين، وأيضًا هو جهة رقابية لأداء الحكومة، بما فيها وزير الشئون البرلمانية، فهو في النهاية جهة تنفيذية وليس تشريعية. وقراءة الوزير لمادة أو بند في لائحة البرلمان هو سوء سلوك لو أن البرلمان يحترم نفسه، ولكن طالما أن هذا هو حال البرلمان منذ عقود، فمن حق الوزير أن يهدد أو أن يُحل البرلمان، مثلما حدث من قبل في سنوات حكم مبارك ثم المجلس العسكري، مع ملاحظة أن رئيس الجمهورية منذ 1952 يمكنه حل مجلس الشعب نفسه، وحدث هذا أكثر من مرة في عهود سابقة مختلفة.
كل هذا يبين أن العضو البرلماني هو نتاج منظومة سياسية واجتماعية سائدة، ولا يملك إلا ما تمكنه منه الحكومات، وبالتالي مجلس الشعب أو البرلمان لا ينطبق عليه المسمى بشكل دقيق، حيث إنه يميل إلى التعيين بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
لو أن الوزراء والنواب يتحركون – أو بمعنى أصح أنشطتهم – في إطار القوانين وفي إطار المصلحة العامة للدولة، هنا يمكن لأي أحد أن ينتقد أي أحد في قراراته أو تنفيذه للقرارات، تبعًا لما يجب أن يُقدم. والنقد هنا يكون على أعلى مستوى، وهو نقد للعمل وليس للذات، بمعنى تجريد المناقشات والحوارات من النقد للأسماء إلى النقد للأفعال، ومهما بلغ النقد فهو في إطار المشروع، أو بالأحرى المطلوب.
هناك فرق كبير بين قلة الأدب والنقد، أو حتى الرفض الكامل لأداء الحكومة أو أداء فرد حكومي دون غضاضة، فهذا حق، بل واجب البرلمان والبرلمانيين، وليس فقط النقد ولكن أيضًا العزل والمحاكمة، بشرط أن يتخلص الجميع من الهوى، وما أكثر وأعمّ الهوى لدينا. لذلك لا أرى عيبًا في انتقاد أي طرف للطرف الآخر في حدود الحقوق والواجبات التي ارتضاها الشعب من قبل، دون أي تجاوز شخصي أو إساءة شخصية.
لكن ننتبه أنه حينما نقول نقد في إطار القانون والدستور، أننا لا نتغول على حق البرلمان، والذي هو ممثل للناس أو للشعب، وليست الحكومة. وبالتالي، من الممكن أن يغير البرلمان القانون نفسه الذي يُحدث من إمكانياته، وهذه معضلة، بمعنى: حينما يقول وزير الشئون النيابية للبرلمان “التزم بالقانون”، فمن حق البرلمان أن يغير القانون نفسه. ولكن طالما أن القانون تم سنّه، فلا يملك أحد – بمن فيهم البرلمانيون – إلا السمع والطاعة، بينما الحكومة تمثل البلد في فترة توليها فقط.
كذلك تضمنت كلمة الوزير عند مناقشة قانون الإيجار القديم أنه قال إن الحكومة غير متحيزة. وأنا أرى أن الحكومة غير المتحيزة هي غير متميزة، وربما لا تصلح لتمثيل الشعب، فلست في حاجة إلى حكومة لا تنحاز لمصالح عامة الناس، وعامة الناس هنا تعبر عن الأغلبية. ثم تحاول الحكومة إصدار القانون دون أن يكون شاملاً بدقة لكل معوقاته أو نتائجه السلبية. وإذا كانت الحكومة قادرة على توفير مسكن عند الضرورة – والضرورة هنا هي طرد المستأجرين من سكنهم – فلتقدم الحكومة هذا المسكن وتحل المشكلة خلال سنوات الانتقال للقانون، ووقتها لن يكون هناك حاجة للقانون، بدلاً من إصدار القانون ثم بعد سنوات، وبعد أن يتكرس الضرر للمستأجرين وتحدث صراعات ضخمة بين المصريين، تتعطف الحكومة وتقدم السكن البديل.
كلام الحكومة المنمق، متمثلاً في كلام وزير الشئون النيابية، ليس له أي قيمة إلا إذا كانت المحصلة النهائية ترضي الناس، وهي التي تهم الناس.
🔹 تابعونا على قناة الفلاح اليوم لمزيد من الأخبار والتقارير الزراعية.
🔹 لمتابعة آخر المستجدات، زوروا صفحة الفلاح اليوم على فيسبوك.