رئيس التحرير

هل يستجيب “القصير” لمطالب الباحثين بمركز البحوث الزراعية؟

بقلم: د.أسامة بدير

أعتقد أن الأزمة التي تعيشها مصر الأن شأنها في ذلك مثل غالبية دول العالم التي بات يؤرقها الإرهاب الصحي المتمثل في الانتشار السريع لـفيروس كورونا المستجد كوفيد 19، عدو الإنسانية الأول حاليا وقاتل أغلى ما على ظهر الكرة الأرضية “الإنسان”، نعم “الإنسان” هو أغلى شيىء في هذا الكون، ومن هذا المنظور الحقوقي والإنساني والحضاري لابد للدولة المصرية ممثلة في مؤسساتها الرسمية أن تعيد تقييم منظومة العمل ومفرادتها ونسقها الاقتصادي والاجتماعي في ضوء تلك المستجدات، خاصة إذا أردنا أن نكون ضمن مصاف الدول المتقدمة وذات شأن مؤثر على الصعيد الإقليمي والدولي.

ولذا، ينبغي على كل من يساهم في صياغة واقع ومستقبل مصر وشعبها أن يعي هذه الحقيقة الدامغة التي أضحت مؤكدة ولا شك فيها بأن حياة الشعوب لابد أن تبنى على ثلاث قواعد أو ركائز أساسية هى: التعليم والبحث العلمي والصحة والعدالة حتى تنجو بنفسها من تحديات حالية ومستقبلية لانه ربما القادم أسوء مما نعيشه في تلك المرحلة.

في سطور هذا المقال سوف أركز على أحد القواعد الهامة لبناء الدولة المصرية الحديثة ألا وهو التعليم والبحث العلمي على اعتبار أنه رأس الحربة التى ينطلق معها قطار التقدم الراقي ويتحقق الرفاه الاجتماعي الاقتصادي لجميع أفراد المجتمع.

إن التعليم والبحث العلمي كالماء والهواء لا يمكن لأي مجتمع أن يحيا حياة سوية أو مستقرة من غير التأكيد على المكانة العالية التي ينبغي أن يحظى بها من صانع ومتخذ القرار على الصعيد الرسمي والأهلي فضلا عن القطاع الخاص.

يقيني، ونحن في ظل هذه الأزمة لابد أن نفكر بشكل مختلف ونعمل وفق آليات مبتكرة وفي ظل مناخ جديد يسوده التشجيع والتحفيز على الانطلاق نحو عهد جديد أو عصر سأطلق عليه النهضة بـالتعليم والبحث العلمي.

البداية لابد أن تكون مع اطلاق حرية الفكر والإبداع فيما يخص البحث العلمي وتوفير كل أشكال الدعم المالي واللوجستي والمعنوى، أمام آلاف الباحثين في المراكز البحثية بمختلف التخصصات.

ومن بين أهم هذه المراكز البحثية هو مركز البحوث الزراعية صاحب القيمة والقامة العلمية الرائدة بـمصر ومنطقة الشرق الأوسط، فضلا عن تمتعه مكانة مرموقة على الصعيد الدولي.

لست هنا بصدد استعرض مرجعي لببلغرافيا مركز البحوث الزراعية، أو سرد الجيواقتصادية للمركز، لكن ما أريد التأكيد عليه أن هذا المحفل العلمي الذي يعد أهم مركز بحثي زراعي على الصعيد المحلي ينبغي أن توفر له الدولة كافة المقومات اللازمة لتنفيذ الدراسات والبحوث التطبيقة ذات المردود الاقتصادي على القطاع الزراعي الرسمي والأهلي والخاص وصولا لنهضة حقيقية للزراعة المصرية تسمح بضمان تحقيق الأمن الغذائي لملايين المصريين وتعظيم الصادرات الزراعية دعما وتنمية للاقتصاد الوطني.

الشاهد أنه لن يتأتى ذلك من غير رعاية العنصر البشري المتمثل في أفضل عقول المصريين وهم “الباحثون” الذين يمتهنون مهنة البحث العلمي فهي أرقي وأعظم من أى مهنة اخرى في المجتمع، رغم أن الاخرى نالت ولا تزال كل الامتيازات والمنح والعطايا والهبات من مقدرات الوطن من غير مقابل ولا عمل حقيقي تحت ادعاءات باطلة ومزيفة.

لقد حان الوقت ونحن في ظل هذه الأزمة أن نعترف بحاجتنا إلى التعليم والبحث العلمي بالشكل الذي يحقق بناء دولة قوية يكون أساسها العلم والمعرفة وروادها الباحثون، فهم بمثابة مشاعل الحضارة والتنوير شريطة أن تجعلهم الدولة في المقدمة اقتصاديا وفنيا، فضلا عن تذليل كافة العقبات التي تحول دون إنتاج المبتكرات الحديثة.

لقد حاءت الفرصة الحقيقية الواعدة لـمركز البحوث الزراعية في الوقت الحالي لأن ينطلق نحو مزيد من إنتاج البحوث والدراسات التي تساهم في تحقيق طفرات سريعة في إنتاج الغذاء والمحاصيل الزراعية ذات البعد الاستراتيجي، فضلا عن توفير المواد الخام الأولية اللازمة للقطاع الصناعي، وتتمثل هذه الفرصة النادرة في: أن وزير الزراعة السيد القصير، المسئول الأول بـمصر حاليا عن منظومة عمل القطاع الزراعي ومنوط له تطويرها وتحديثها ونهضتها، كان يشغل سلفا ومنذ فترة قريبة منصب رئيس البنك الزراعي المصري، الذي يملك رأس المال اللازم لإجراء البحث العلمي الزراعي بالكفاءة المطلوبة، فماذا لو قام “القصير” بعقد برتوكول تعاون علمي زراعي بين مركز البحوث الزراعية والبنك الزراعي المصري، يقوم بمقتضاه البنك باستثمار جزء من أمواله في تمويل كافة البحوث والدراسات وشراء الأدوات والأجهزة التي يحتاجها الباحثون لإنجاز أعمالهم، مقابل الحصول علي هامش من ربح المخرجات العلمية الحديثة بعد تسويقها وتطبيقها على أرض الواقع.

وأنا أناشد السيد القصير وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، بضرورة أن يبادر بالاستجابة لهذا المطلب الهام والحيوي انطلاقا من الحافظ على الدولة المصرية من تحديات المستقبل ربما القريب وليس البعيد، الذي معه لن يكون هناك مكان إلا للعلم والعلماء، خاصة  والبحث العلمي الزراعي يعاني الأن أشد المعاناه من فقر الإمكانات المالية.

أعتقد أن هذا المطلب هو مطلب عادل يحقق مزايا عديدة لآلف الباحثين بـمركز البحوث الزراعية الذين يملكون كل عناصر وسمات الباحث المتميز ولا ينقصهم سوى توفر الإمكانات المالية والمادية لكي ينتشلوا الزراعة المصرية من مشاكلها، والانطلاق بها نحو التقدم وتحقيق الإنجازات في عصر يسوده العلم والبحث العلمي الذي حتما سيحمي مصر من إشكاليات ربما ستكشف عنها الأيام المقبلة.

وأخيرا، عاش الباحثون، يحيا علماء مركز البحوث الزراعية، وبانتظار.. ماذا سيفعل وزير الزراعة؟

للتواصل مع الكاتب

[email protected]

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى