رأى

هل نصل إلى استثمار جيد لمياه الأمطار ونتجاوز المراهقة الزراعية؟

د.محمد علي فهيم

بقلم: د.محمد علي فهيم

باحث أول بمركز البحوث الزراعية

الكل يرى فى الأمطار التى تهطل على اجزاء كبيرة من مصر وخاصة على الدلتا ومحيطها انه مصدر للازعاج والارتباك فى المدن … وتلف للاراضي والمحاصيل فى المناطق الزراعية .. وعلى الرغم من ذلك ولاسباب معروفة اهمها التغيرات الحادة فى المناخ (خارج التوقعات) وعدم وجود بنية تحتية تستوعب هذه التغيرات.

الا انه مع هطول الأمطار التي عمت أغلب أرجاء الوجه البحري وبكميات بلغت في بعض المناطق والمحافظات مستويات غير مسبوقة منذ سنوات… فان للسحب بطانة فضية (للامطار جوانب ايجابية).

لكن السؤال هل سنستفيد من الأمطار التي هطلت؟ كيف؟ أم أننا سنبقى ننظر لهذه الأمطار والسيول بأنها أخطار علينا تجنبها والحذر منها ونكتفي ببيانات التحذير بتجنب؟ كيف نجعل من الأخطار فرصا ومكاسب؟ كيف نجعل الناس يستمتعون بالمطر ويستفيدون من مياه الأمطار؟ وكيف نتجاوز الخوف من الأمطار الغزيرة إلى مرحلة الاستفادة القصوى من كل قطرة مطر في الزرع والتشجير وتخزين المياه؟ هل ننقل معركتنا مع السيول من الحذر والخوف والتخلص منها إلى مرحلة الاستثمار الأمثل لها والاستفادة القصوى منها في كافة مناطق مصر وفي كافة مجالات الاستخدامات؟.

على مستوى المزارع، فإن للأمطار الغزيرة بعض الجوانب الايجابية (المزايا) هى:

1- بالنسبة للاراضي خارج الوادي والدلتا (المناطق حديثة الاستصلاح بالتحديد) ستؤدي الأمطار الغزيرة التى سقطت علي هذه الاراض الى غسيل تام للتربة من الاملاح وتركيز للمواد الغروية الناعمة .. ولكن يتم تركيزها فى المناطق المنخفضة من هذه الاراضي … ويراعي ذلك.

2- غسيل التربة من متبقيات الاسمدة والمبيدات وجميع الكيماويات التى يتم اضافتها للتربة سنوياً … لكن سينتج عنها تجويع كبير للتربة وفقدان الكثير من العناصر ولابد من اعادة تغذيتها بالاسمدة الاساسية (في صورة سلفات العنصر).

3- بالنسبة لاشجار الفاكهة (مستديمة او متساقطة الاوراق) سيؤدي هطول الأمطار الى غسيل المجموع الخضري للاشجار من كل الاتربة العالقة تماماً وسيزيد معدل البناء الضوئي احيانا الى اضعاف ما كانت عليه … ولذلك تحتاج الاشجار الى التغذية المكثفة بعد توقف الامطار مباشرة سواء تغذية ورقية او أرضية وبأسرع وقت ممكن.

4- فى الأراضي الجديدة سيحدث شحن الخزان الجوفي لهذه المناطق بصورة كبيرة وتجديد نوعية المياه وخفض ملوحة بعض الابار (خاصة غير العميقة).

5- التخلص من الحشرات المزمنة على اشجار الفاكهة بالتحديد (البق الدقيقي والحشرات القشرية وغسيل وازالة الجراثيم الفطرية لبعض الامراض … لكن يجب الحذر التام لان هذه الحشرات والامراض ستقوم باعادة بناء سريعة لدورات واجيال ثانوية ويجب التدخل لمنع ذلك.

6- القضاء شبه التام على النيماتودا وخاصة فى الاراضي التى تعاني مع هذه الديدان ولفترات طويلة …

7- فى الاراضي القديمة (الطينية) سيحدث زيادة كبيرة للنمو الخضري “هياج” للزراعات الموجودة ولم تتضرر بصورة كبيرة – ويحتاج ذلك مساندة هذه الزراعات بالتغذية المكثفة والاعتناء التام بعنصر الفسفور بالتحديد.

8- فى الارأضي الطينية ستعمل الامطار على اعادة الاتزان الطبيعي بلتربة بين العناصر الغذائية المتواجدة فيها.

المختصر هو ان كميات المطر التى سقطت عملت “تصفير” للبيئة الزراعية من أول وجديد وكأنها كما ولدتها الطبيعة بعيد عن التدخلات الضارة من المزارعين … ويجب استغلال ذلك بصورة ذكية وعاجلة.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى