هل «الرضا» مفتاح للسعادة أم مصدر للتحديات؟
بقلم: د.شكرية المراكشي
في حياتنا المليئة بالتحديات والمواقف المختلفة، يبحث الكثيرون عن مفتاح السعادة الذي يمكن أن يجلب لهم الراحة والرضا الداخلي. يطرح مفهوم الرضا تساؤلات كثيرة: هل تعتمد السعادة على الرضا الداخلي؟ أم أن البحث المستمر عن السعادة يجعلنا عرضة للتحديات والاضطرابات؟
تابعونا على صفحة الفلاح اليوم على فيس بوك
في هذه المناقشة، سنكتشف تأثير الرضا على حياتنا وعلى مفهوم السعادة بشكل عام. هل يعد الرضا مفتاحا للسعادة ونجاح الحياة، أم أنه يمثل تحديات جديدة يجب علينا التعامل معها؟ سنحاول فهم مدى تأثير الرضا على صحتنا النفسية وعلاقاتنا الاجتماعية، ونناقش كيف يمكننا تحقيق الرضا الداخلي والسعادة بشكل مستدام في ظل التحديات التي نواجهها يوميا.
هدفنا من هذه المناقشة هو استكشاف مدى أهمية الرضا في تحسين جودة حياتنا وكيف يمكننا استخدامه كأداة للتغلب على التحديات وبناء علاقات إيجابية مع العالم من حولنا.
رئيس الامسية: مرحبا أصدقائي، أتمنى أن تكونوا بأتم الصحة والعافية. اليوم، نلتقي مجددا لنتبادل الحديث والأفكار في جو من الود والألفة كما تعودنا دائما. نحن هنا اليوم لنشارك بعضنا البعض بأفكارنا وتجاربنا وربما لنتناول مواضيع جديدة ومثيرة للاهتمام. فلنستعد لأمسية ممتعة مليئة بالحوارات الشيقة والتبادل الثقافي الرائع. فمرحبًا بكم جميعا ولنبدأ!
موضوعنا اليوم تحقيق الرضا الداخلي، يعد أحد أهم الأهداف التي نسعى جميعا لتحقيقها في حياتنا. فالرضا ليس مجرد شعور مؤقت بل هو حالة نفسية وروحية تؤثر بشكل كبير على جودة حياتنا بشكل عام. خلال هذا الحوار، سنناقش كيف يمكن أن يؤثر تحقيق الرضا الداخلي على حياتنا اليومية وعلاقاتنا بالعالم من حولنا.
سنستكشف سويا كيف يمكن أن يؤثر الرضا الداخلي على نظرتنا للحياة وتفاعلنا مع التحديات والصعوبات التي نواجهها. كما سنناقش تأثير الرضا الداخلي على علاقاتنا الشخصية والاجتماعية، وكيف يمكن أن يساهم في بناء عالم من السلام والتعاون.
سنتبادل الآراء والتجارب الشخصية، ونبحث عن الطرق الفعالة لتحقيق الرضا الداخلي في حياتنا اليومية. هدفنا هو أن نستفيد من تبادل الأفكار والتجارب لنجد طرقًا عملية لتحسين جودة حياتنا وتحقيق السعادة الدائمة والرضا الداخلي.
ـ الحضور: لو أن أحدا ملك الدنيا كلها ما استطاع أن ينام إلا على سرير واحد، وما وسعه أن يأكل أكثر من ثلاث وجبات في اليوم.
ـ رئيس الامسية: من المؤكد أن هذا اللغز يعكس فكرة القناعة والرضا بما قسمه الله. بالنظر إلى الجانب العميق من الأمر، يُظهر هذا اللغز أن السعادة والرضا ليسا بالضرورة مرتبطين بالملك والثروة، بل يمكن أن تكون موجودة حتى في الأمور البسيطة مثل النوم على سرير واحد وتناول ثلاث وجبات في اليوم. فالرضا بما هو متاح لنا والاكتفاء به يمكن أن يجلب السعادة الحقيقية.
كما يمكن فهم اللغز بمعنى أعمق فيما يتعلق بالقناعة والرضا بما قسمه الله. في هذه الحالة، نفسر اللغز بأن الشخص الذي يمتلك العالم بأسره ولا يستطيع أن ينام إلا على سرير واحد، ولا يأكل أكثر من ثلاث وجبات في اليوم، يظهر قدراً عالياً من القناعة والرضا بالقليل الذي يملكه، مما يعكس قيمة الرضا والتقدير للنعم التي قد تكون متواضعة بالمقارنة مع ثروات العالم.
ـ الحضور: تحملنا الحياة من أعبائها ونعاني من مشكلاتها مما يضطرنا إلى الشعور بالضيق من كل شيء حولنا ويتطور هذا الضيق إلى مرحلة متقدمة جدا من الاكتئاب الذي قد يصل إلى كراهيتنا لأنفسنا وللحياة جميعها وتتحول كل إيجابياتنا إلى سلبيات فنتخلى عما كنا نقوم به من نشاط اجتماعي بسبب رغبتنا في الابتعاد عن المجتمع والعيش في عزلة وهذا أخطر.
ـ رئيس الامسية: بالطبع، يمكننا النظر إلى الوضع من منظور أوسع وأعمق. إذا كنا نريد استكشاف جوانب أخرى تتعلق بالشعور بالاكتئاب والكراهية للحياة، يمكننا النظر إلى العوامل النفسية والروحية والثقافية التي تؤثر على هذه المشاعر.
من الناحية النفسية، يكون للتجارب السابقة والصعوبات التي مر بها الشخص دور كبير في تشكيل مشاعره السلبية تجاه الحياة. يكون للتجارب السلبية في الطفولة أو العواقب النفسية للأحداث الصعبة دور في تكوين وجهة نظر الشخص حيال العالم والذات.
من الناحية الروحية، يكون للبحث عن المعنى والغاية في الحياة دور هام في التغلب على الشعور بالاكتئاب. بعض الأشخاص يجدون الصلاة أو التأمل أو التواصل مع الطبيعة مفيدا لتهدئة العقل وتجديد الروح.
من الناحية الثقافية، تؤثر القيم والمعتقدات الثقافية على كيفية تعامل الشخص مع التحديات الحياتية. ويكون للتقاليد والعادات والتوقعات الاجتماعية دور في تشكيل نمط الاستجابة للمشاكل والصعوبات.
بمراعاة هذه الجوانب الأخرى، يمكن للشخص أن يطور فهما أعمق لمشاعره ويبحث عن الحلول والأدوات التي تناسبه بشكل أفضل، سواء كانت ذات طابع نفسي، روحي، أو ثقافي.
في النهاية، يمكننا أن ننظر إلى هذه الحالة من منظور فلسفي أو ديني أيضا. فمن الممكن أن يكون للتفكير في معاني الحياة والتركيز على الروحانية دور كبير في مساعدتنا على تجاوز الصعوبات التي نواجهها. قد يجد البعض الراحة في الصلاة أو التأمل، وقد يساعدهم ذلك في إعادة توجيه طاقتهم والعثور على معنى للمعاناة التي يمرون بها.
إلى جانب ذلك، يمكننا أيضا النظر إلى الجوانب الفنية مثلا. فالفن يكون وسيلة للتعبير عن العواطف والتجارب الصعبة، سواء كان ذلك من خلال الكتابة، الرسم، الموسيقى، أو أي وسيلة فنية أخرى. إيجاد وسيلة للتعبير عن مشاعرنا يساعدنا في فهمها بشكل أفضل وتخفيف الضغط النفسي.
واخيرا، يمكن أن ننظر إلى الحياة كمغامرة تحمل في طياتها تحديات وفرصا. يكون لتغيير النظرة إلى الحياة والتفكير فيها كفرصة للتطور والنمو الشخصي دور هام في التغلب على الصعوبات واكتساب القوة لمواجهة المستقبل بثقة وإيجابية.
ـ الحضور: بالتأكيد يمر كل إنسان بهذه التجربة فالحياة ليست جنة إنما هي دار ابتلاء وامتحان وقد تتجمع جميع المشكلات فوق رأس نفس الشخص مما يجعله يطمع في الفرار منها والبحث عن السكون الإنساني.
ـ رئيس الامسية: صحيح، الحياة مليئة بالتحديات والابتلاءات، وقد يبدو أحيانا أن المشاكل تتراكم وتثقل كاهل الشخص. البحث عن السكون والسلام الداخلي أمر طبيعي ومفهوم، فالإنسان بطبيعته يسعى إلى الهدوء والراحة.
مع ذلك، يمكن للسكون الإنساني أن يتحقق من خلال العديد من الطرق، سواء كان ذلك من خلال التأمل والتفكير العميق، أو من خلال العمل على تحقيق التوازن في الحياة اليومية، أو حتى من خلال ممارسة الهوايات والأنشطة التي تساعد في الاسترخاء وتهدئة الأعصاب.
من الجدير بالذكر أن الصبر والثبات في مواجهة التحديات، والاعتماد على القوة الداخلية والإيمان بأن هناك دوما ضوء في نهاية النفق يمكن أن يساعد في التغلب على الصعوبات والمحافظة على الأمل والسكينة الداخلية في ظل الظروف الصعبة.
ـ الحضور: قد تندهش من وجود أسباب غير متوقعة تسبب كراهية الشخص لنفسه لكنها ليست ناتجة عن الحرمان إنما تنتج عن الأخذ، أي حصولك على كل ما تتمنى في الحياة مما يضفي عليك نوعا من الأنانية وبعدها تترجم إلى كراهية ليس لمن حولك إنما لنفسك فلا عجب الإنسان مخلوق متمرد بطبعه لا يرضى بثبات الحال الذي إن حدث تصبح الحياة بالنسبة له شيئا من المحال، فتراه يركز على الأشياء التي يعجز عن تحقيقها مما يخلق جوا من الاكتئاب ويهمل باقي الجوانب الإيجابية في الحياة فيحدث شيء من عدم التوازن والخلل في حياته اليومية ، وبعدها تهرب السعادة والرضا من حياته ويدخل بدلا عنهم الاكتئاب وكراهيته لنفسه فيلازمه القلق وعدم الراحة.
ـ رئيس الامسية: هذه واحدة من الديناميكيات النفسية المعقدة التي قد تؤثر على حياة الإنسان بشكل كبير. على الرغم من أن الشخص يحقق ما يرغب فيه في الحياة، إلا أن هذا لا يضمن بالضرورة السعادة الدائمة.
عندما يكون هناك تركيز مفرط على الأشياء التي لم يتم تحقيقها، يؤدي ذلك إلى إغفال الأمور الإيجابية الأخرى في الحياة والتي تحمل قيمة أكبر في النهاية. يمكن لهذا النوع من التفكير السلبي أن يؤدي إلى دوران سلبي يعمل على تعزيز الاكتئاب وزيادة الكراهية للذات.
من المهم أن يتم التركيز على تعزيز الشعور بالرضا الداخلي والسعادة بالأمور البسيطة والإيجابية في الحياة، وذلك من خلال ممارسة الامتنان والتقدير لما لدينا، والعمل على تحقيق التوازن في مختلف جوانب الحياة. كما يمكن للبحث عن المعنى والغاية في الحياة أن يسهم في تحقيق الشعور بالراحة والسلام الداخلي.
ـ الحضور: ومن الناس من يستطيع كتمان همومه ، ويبدي نفسا راضية ولربما ضحك وأخفى همومه ، وفي أحشائه النيران تضطرم . والساخطون والشاكون لا يذوقون للسرور طعما . فحياتهم كلها سواد دامس ، وليل حالك .
ـ رئيس الامسية: هذا حقيقي ومؤلم في الوقت ذاته. بعض الأشخاص يتقنون فن كتمان الهموم وإخفاء الألم خلف ابتسامة زائفة، وقد يظهرون أمام العالم بأنهم سعداء ومرتاحون، في حين يكونون في الحقيقة يعانون بصمت وحزن عميق. هؤلاء الأشخاص قد يخشون أن يُعتبروا ضعفاء أو يخجلون من مشاركة همومهم مع الآخرين، يعتقدون أنهم يحتاجون إلى الظهور بقوة وثبات.
من ناحية أخرى، هناك أشخاص آخرون يعبرون عن استيائهم وغضبهم بوضوح، ولا يخفون مشاعرهم السلبية. يكون هذا نتيجة لعدم القدرة على التعامل بفعالية مع الضغوطات والتحديات، ويؤدي ذلك إلى تفاقم الحالة النفسية وتعقيد العلاقات الاجتماعية.
من المهم فهم أن كل شخص يختلف في كيفية تعبيره عن مشاعره وتفاعله مع الصعاب في الحياة. ومهمتنا كمجتمع هي أن نكون داعمين لبعضنا البعض ومستعدين للاستماع وتقديم المساعدة لأولئك الذين يختبئون وراء الضحكة الزائفة أو يظهرون غضبهم بوضوح.
ـ الحضور: أما الرضا فهو نعمة روحية عظيمة لا يصل إليها إلا من قوي إيمانه بالله ، وحسن به اتصاله!!.
ـ رئيس الامسية: الرضا هو حالة روحية مهمة تتأثر بعدة عوامل، ومنها الإيمان بالله والاتصال الوثيق به، ولكن هناك وجهات نظر أخرى قد ترى الأمور بشكل مختلف.
بعض الناس يجدون الرضا من خلال علاقاتهم الاجتماعية القوية والداعمة. الشعور بالمحبة والتقدير من قبل الأصدقاء والعائلة يساهم في شعور الشخص بالرضا والسعادة. وأخرون يشعرون بالرضا من خلال تحقيق أهدافهم الشخصية وتطوير أنفسهم. عندما يحقق الشخص شيئا يعتبره مهما أو ينمي مهاراته الشخصية، يشعر بالرضا والإشباع.
البعض يجد الرضا من خلال الحفاظ على التوازن في حياتهم، بين العمل والعائلة والوقت الشخصي. عندما يكون هناك توازن صحي بين مختلف جوانب الحياة، يمكن أن يؤدي ذلك إلى شعور بالرضا والسعادة.
بعض الأشخاص يجدون الرضا من خلال العمل على تحقيق المعنى والغاية في حياتهم، سواء من خلال العمل الخيري أو خدمة المجتمع أو السعي وراء الأهداف العالية.
بالطبع، الإيمان بالله والاتصال به يكون عاملا هاما في الشعور بالرضا، ولكن هناك عوامل أخرى أيضا يمكن أن تؤثر عليها.
ـ الحضور: والانسان الراضي عن نفسه، مؤمن بكمال ربه وجماله، وموقن بعدله ورحمته . كما يؤمن تمام اليقين أن تدبير الله له أفضل من تدبيره لنفسه.
ـ رئيس الامسية: بالتأكيد، الرضا الحقيقي والعميق ينبع من الإيمان واليقين بالله وتقدير قدرته وحكمته. عندما يكون الإنسان راضيا عن نفسه ويؤمن بكمال ربه وجماله، فإنه يمتلك نظرة دينية بحتة تمتزج بالثقة العمياء في تدبير الله والاعتماد الكامل عليه.
هذا النوع من الإيمان يجعل الإنسان ينظر إلى الحياة بتفاؤل وثقة، حتى في وجود التحديات والابتلاءات. يعتقد أن الله يعرف ما هو الأفضل له، وأنه سيوفر له ما يحتاجه ويحقق له السعادة الحقيقية، سواء في الدنيا أو في الآخرة.
هذه النظرة الدينية البحتة تكون مصدر قوة وتفاؤل للإنسان في مواجهة التحديات والصعوبات في الحياة، وتساعده على الاستمرار والتحسن رغم الصعوبات التي قد تواجهه.
ـ الحضور: لكن لكل منا عالمه الخيالي وأحلامه الوردية السهلة المنال التي يتمنى تحقيقها فيرسم لنفسه طريقا مفروشا بالزهور ليمر عليه وخلال هذه الغفوة تظهر بحياته أشياء مفاجأة تتسبب في تشويش كل المفاهيم بهذه الحياة، ولم يكن قد أعد العدة للتعايش معها، لذا تحدث الصدمة الكبرى أمام تلك التغيرات مما يشعره بشيء من العجز والارتباك، وتصبح معاناته بالاكتئاب واضحة وينخفض نشاطه ويقطع علاقاته الاجتماعيه ويرغب في البقاء وحيدا ويتخيل كأنه يحدث نفسه فيقول: “كم هي الحياة قاسية معي” بينما يبتعد عن مناقشة الأشياء والمشاعر التي تزعجه مع صديق مخلص أو مع نفسه بالتفصيل.
ـ رئيس الامسية: هذه تجربة صعبة ومؤلمة للعديد من الناس، عندما تظهر المفاجآت الحياتية التي تعكر صفو الحياة وتغير مجرى الأحداث المألوفة. تكون هذه المفاجآت صدمات مفاجئة تحتاج إلى وقت للتأقلم معها ومواجهتها.
عندما يتعرض الشخص لهذه الصدمات، يشعرفعلا بالارتباك والعجز، فيؤدي ذلك إلى انخفاض النشاط والانسحاب الاجتماعي. ويشعر بالرغبة في الانعزال والابتعاد عن الآخرين، حيث يبحث عن مساحة للتفكير والتأمل فيما يحدث، دون الرغبة في مشاركة المشاعر والأفكارحتى مع الأصدقاء المخلصين.
من المهم في هذه الحالات أن يكون هناك دعم من الأصدقاء المخلصين والأفراد القريبين للشخص المتأثر، حيث يمكن للحديث والتعبير عن المشاعر المؤلمة أن يخفف من العبء النفسي ويساعد في التعافي. كما تكون الصحبة الجيدة والدعم العاطفي لهذا الشخص مهمة جداً للمساعدة في تجاوز هذه الفترة الصعبة.
من الممكن أن يساعده البحث عن الدعم النفسي المناسب، سواء من خلال الأصدقاء المقربين أو المساعدة المهنية من المعالجين النفسيين أو الاستشاريين.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للشخص الاستفادة من التأمل والتفكير العميق لفهم مشاعره وتحليل الأحداث بشكل أعمق، مما يساعده على التعافي والتكيف مع التحديات الجديدة التي تواجهه.
ـ الحضور: بحياة كل واحد فينا لحظات متساوية من الحزن والسعادة لكن تظهر تلك الأحزان أكثر لأننا ننظر إليها بصورة أكثر جدية عن لحظات السعادة.
ومعظم الناس لا يشعرون بقيمة الأشياء الهامة إلا بعد فقدانها، فهناك من لا يشعر بقيمة صحته إلا بعد أن يخسرها بسبب التدخين، وهناك من يخسر حبا صادقا ليندم بعدها على فقدانه فيشعر بالحزن.
ـ رئيس الامسية: صحيح، هذا واقع مؤلم ومعقد يعكس قسوة الحياة أحيانا. الكثير من الناس لا يدركون قيمة الأشياء الهامة في حياتهم الا بعد أن يخسروها، سواء كان ذلك صحتهم، أو علاقاتهم العاطفية، أو فرص النجاح التي فاتتهم.
في بعض الحالات، يكون التأثير السلبي على الشخص هو الذي يفتح أعينه ويجعله يدرك قيمة ما فقده. على سبيل المثال، قد يكون شخصا لم يهتم بصحته بشكل كافٍ حتى يصاب بمشكلة صحية خطيرة، مما يجعله يدرك أهمية العناية بنفسه وصحته بشكل أكبر.
بالنسبة للعلاقات العاطفية، قد يفقد الشخص شريك حياته بسبب الإهمال أو السوء التفاهم، وبعد ذلك يدرك قيمة هذا الشريك ويشعر بالندم على فقدانه.
في النهاية، يعتبر هذا تذكيرا لنا جميعا بأهمية التقدير والاعتناء بالأشياء والأشخاص المهمين في حياتنا، وعدم التأخير في التعبير عن مشاعر الحب والامتنان قبل فوات الأوان.
ـ الحضور: ومن الأسباب التي تجعلنا لا نشعر بقيمة الشىء إلا إذا خسرناه هو عدم الرضا بقدر الله، وأننا نعيش دائماً فى الماضى أو المستقبل رغم أن الحاضر هو الذى نملكه ويجب أن نعيشه بشكل صحيح.
ـ رئيس الامسية: صحيح، عدم الرضا بقدر الله والتمني لما هو خارج عن إرادتنا يكون أحد العوامل التي تجعلنا لا نقدر الأشياء التي نملكها حتى نفقدها. عندما نعيش في الماضي بالندم أو في المستقبل بالقلق، فإننا نغفل عن قيمة الحاضر والفرص التي يمكن أن نستفيدها منها.
التركيز على الحاضر والعيش بتواجد وتفاعل مع اللحظة الحالية هو أمر مهم لتجنب هذا النوع من الإحباط وعدم الرضا. من خلال العيش في اللحظة الحالية، يمكننا أن نقدر الأشياء الصغيرة ونبني على الأمل والإيجابية في حياتنا.
التوجه نحو القبول والرضا بما هو موجود والعمل على تحسين الظروف الحالية بدلا من الشكوى والتذمر هو خطوة مهمة نحو تحقيق السعادة والرضا الداخلي.
ـ الحضور: كما ان السلبية من أهم أسباب عدم شعورنا بقيمة الأشياء، حيث أننا نقف أمام كل فرصة ونقول لأنفسنا: “لا نستطيع الوصول إليها” أو “نصيبى كده”، فيقف كل شخص فى مكانه ويريد كل شىء يسير بشكل جيد فى حياته وبدون تعب أو إرهاق.
ـ رئيس الامسية: السلبية والتفكير السلبي يكون لها تأثير كبير على نظرتنا للحياة وقدرتنا على تقدير الأشياء التي نملكها. عندما ننظر إلى الحياة بعيون سلبية ونركز على العوائق والصعوبات بدلاً من الفرص والإمكانيات، فإننا نفتقد القدرة على التقدير والامتنان للأشياء الجيدة في حياتنا.
الاعتقاد السلبي بأننا لا نملك القدرة على تحقيق النجاح أو الحصول على السعادة يحول دون استفادتنا من الفرص المتاحة ويجعلنا نستسلم لليأس والإحباط. إذا لم نكن مستعدين للتعب والمثابرة من أجل تحقيق أهدافنا، فقد نفقد الإرادة والعزيمة التي تجعلنا نحقق أحلامنا.
للتغلب على هذا التفكير السلبي، يجب أن نعمل على تغيير نمط التفكير الخاص بنا وتحويله إلى تفكير إيجابي وبناء. يمكن ذلك من خلال ممارسة التفاؤل والتفكير في الفرص بدلاً من العوائق، وتحويل التحديات إلى فرص للتعلم والنمو، والعمل على تطوير الثقة بالنفس والإيمان بقدرتنا على التغيير والتحسن.
ـ الحضور: يركز الإنسان غالبا انتباهه على الجانب الفارغ من الزجاجة، أي على الأشياء التي يعجز عن تحقيقها مما يخلق جوا من الاكتئاب، فعندما يظل الإنسان يفكر طوال الوقت في عمل لم يقدر على إنجازه أو شخص أحبه ولم يستجب له، يهمل باقي الجوانب الإيجابية في الحياة ويحدث شيء من عدم التوازن والخلل، وبعدها تهرب السعادة والرضا من الشباك ويدخل بدلا عنهم الاكتئاب وكراهية النفس من الباب.
ـ رئيس الامسية: تلخيصك يلقي الضوء على دور التفكير السلبي في إثارة الاكتئاب وتقويض الرضا الذاتي. عندما ينحصر انتباه الإنسان على الجوانب السلبية في حياته ويتمركز حول ما يفتقده أو ما فشل في تحقيقه، يغفل عن الجوانب الإيجابية والنجاحات الصغيرة التي تشكل جزءا كبيرا من حياته.
هذا التركيز الشديد على الجوانب السلبية يؤدي إلى انخفاض مستويات السعادة والرضا، ويفتح الباب أمام الاكتئاب وكراهية النفس. من الضروري أن يتعلم الإنسان كيفية التفكير بشكل أكثر توازنا وإيجابية، والتركيز على الجوانب الإيجابية في حياته والاعتراف بالإنجازات الصغيرة وتقدير ما يملكه بالفعل.
باستخدام التفكير الإيجابي وتحويل التركيز نحو الجوانب الإيجابية، يمكن للإنسان تحسين مستوى الرضا الذاتي والسعادة لديه، والتغلب على الاكتئاب وكراهية النفس التي تنشأ نتيجة للتفكير السلبي المستمر.
ـ الحضور: نفهم من خلال هذا الكلام انه لا يجب أن نندم على شيء في حياتنا، لذا يجب أن تكون قراراتنا حكيمة وإذا حدث خطأ ما.. علينا بالتروي واعتباره مجرد درس من الدروس التي تعلمها لنا الحياة ، ولا ننسى أننا جميعا نخطيء لكن بعدها نتعلم من تلك الأخطاء ولا نقع في نفس الخطأ مرة أخرى؛ فالمؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين.
ـ رئيس الامسية: صحيح، لا يجب أن نندم على القرارات التي اتخذناها في حياتنا، بل يجب أن نتعلم منها ونستفيد منها كدروس قيمة. الأخطاء والتحديات التي نواجهها في الحياة هي جزء لا يتجزأ من التجربة البشرية، ومن خلالها نكتسب الخبرة وننمو ونتطور.
عندما نرتكب خطأً، يكون من الأهمية البالغة أن نتعلم منه ونعتبره درسا قيما، بدلا من الغوص في الندم والشعور بالذنب. تساعدنا تلك الأخطاء على تحديد ما نريد وما لا نريد في حياتنا، وتوجيه قراراتنا المستقبلية بشكل أفضل وأكثر تأني.
إذا اتخذنا قرارات حكيمة وتعلمنا من الأخطاء التي ارتكبناها في الماضي، فإننا نزيد من فرص نجاحنا وتحقيق أهدافنا في المستقبل. والحكمة في التصرف والاعتبار الصحيح للأخطاء يساعدنا على تجنب الوقوع في نفس الأخطاء مرة أخرى، ويعزز من نمونا الشخصي والمهني.
ـ الحضور: كل درس نتعلمه من الحياة يساعدنا في كثير من المرات خلال قراراتنا المستقبلية وفي النواحي الحياتية الأخرى، وبدلا من القلق أو البكاء على ما راح أو ما مضى علينا أن نكتشف الخطوات التي يمكننا القيام بها لتحسين الموقف.
ـ رئيس الامسية: نعم، بالضبط. كل تجربة نمر بها في الحياة تحمل معها درسا قيما يمكن أن نستفيد منه في المستقبل. عواطفنا مهمة، ومن الطبيعي أن نشعر بالحزن أو القلق عند مواجهة الصعوبات، ولكن من الأفضل أن نحول تلك العواطف إلى دافع للتحسن والنمو.
بدلا من التأثر بالماضي والتشتت في الندم والحزن، يجب أن نركز على الدروس التي تعلمناها وكيف يمكننا تطبيقها في المستقبل. عندما نقتنص الفرصة لاستخلاص العبر من الأحداث السابقة، نصبح أكثر استعدادا لمواجهة التحديات المستقبلية بثقة وقوة.
التفكير بشكل إيجابي وتحويل الصعوبات إلى فرص للتعلم يساعدنا على التغلب على الضغوطات والتحديات بطريقة أكثر فعالية، ويمكن أن يفتح الأبواب أمامنا لتحقيق النجاح والسعادة في المستقبل.
ـ الحضور: بخصوص المقارنة المستمرة، والقصد هنا هو مقارنة الانسان بغيره من الناس في نواحٍ كثيرة كنجاحاتهم وفشله. .. قوتهم وضعفه…. تجمعهم معا ووحدته… قدرتهم على الحب وعجزه عن ذلك.وغيرها من الجوانب المتعددة التي تجعل هذا الانسان يشعر بأنه خسر لعبة الحياة وأنه ليس إلا مخلوقا عديم الفائدة،وذلك لعدم شعوره بالرضا والإيمان بأن الله خلق لكل إنسان دورا مقدسا في الحياة .
ـ رئيس الامسية: المقارنة المستمرة بين الفرد والآخرين هي عادة سلبية تؤثر على الصحة النفسية والرضا الذاتي. عندما يقارن الشخص نفسه بالآخرين بشكل مستمر، يشعر بعدم الكفاية والفشل، ويتجاهل الجوانب الإيجابية في حياته.
للتغلب على هذه المواقف، يمكن للشخص أن يركز على تطوير الذات وتحقيق الأهداف الشخصية بدلا من المقارنة مع الآخرين. يجب أن يتذكر الشخص أن كل فرد مختلف عن غيره وله مساره الخاص في الحياة، ولا يمكن مقارنة مساره بمسار الآخرين بشكل عام.
بدلا من الشعور بالانكسار أو عدم القيمة، يمكن للشخص أن يبدأ بتطبيق مبادئ الرضا والاعتراف بقيمته الذاتية، والتركيز على تحقيق أهدافه الشخصية بما يتناسب مع قدراته وإمكانياته. كما يمكن للشخص أيضًا البحث عن الدعم النفسي والمساعدة المهنية إذا كانت هذه المشاعر تؤثر سلبًا على حياته اليومية وسعادته.
ـ الحضور: يجب البحث عن طاقة النور في نهاية طريق الظلام و أن كل شيء يصيبنا بقدر لا يعلمه إلا الخالق سبحانه وتعالى.
ـ رئيس الامسية: نعم، بالضبط. في أحلك اللحظات، يمكن أن نجد الأمل والقوة في طاقة النور التي تنبعث من الإيمان والثقة بالله. عندما نواجه الصعوبات والتحديات، يمكن أن يكون اللجوء إلى الإيمان مصدرا للقوة والتحمل.
من خلال الثقة بالله والاعتماد عليه، يمكننا أن نجد الطاقة اللازمة للتغلب على الصعوبات والمضي قدما في حياتنا. إيماننا بأن كل شيء يحدث بمشيئة الله يمكن أن يعزز الصبر والتسامح، ويجعلنا نفهم أن كل تجربة نمر بها تحمل في طياتها حكمة وعظة.
لذا، نعم، يجب علينا دائمًا السعي لإيجاد النور في نهاية الطريق المظلم والاعتماد على الإيمان والثقة بالله كمصدر للقوة والأمل في الحياة.
يمكننا الاستفادة من الآيات القرآنية للتأمل والايمان في الله في اللحظات الصعبةوهناك لكثير من الآيات التي تشير إلى طاقة النور والأمل التي يمكن أن نجدها في كتاب الله في نهاية الظلام:
“اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ” (البقرة: 257)
“وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا” (الطلاق: 2-3)
“قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ” (الزمر: 53)
“وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا” (النساء: 124)
هذه الآيات تذكرنا بأن الله هو النور الذي يخرجنا من الظلمات إلى النور، وأن من اتقى الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب، وأن رحمة الله واسعة للغاية ويغفر الذنوب جميعًا لمن يتوب إليه، وأن الأعمال الصالحة تؤدي إلى دخول الجنة دون ظلم أو ضرر.
هذه الآيات تعطينا الأمل والتشجيع على الاعتماد على الله والاستمرار في الطريق رغم الصعاب.
ـ الحضور: لقد صدق الشاعر حين قال :دع المقادير تجري في أعنتها ولا تبيتن إلا خالي البال.. ما بين غفوة عين وانتباهتها يغير الله من حال إلى حـال.
ـ رئيس الامسية: تلك كلمات جميلة ومعبرة عن الثقة بقضاء الله وقدرته على تغيير الأحوال في لحظة. الحياة مليئة بالتغيرات والمفاجآت، وقد يأتي الخير والسعادة في أوقات لا نتوقعها، وقد يحمل الله لنا الصبر والقوة في الأوقات الصعبة.
عندما نثق في الله ونترك أمورنا لقدرته، نجد الراحة والسلام الداخلي. إن الاعتماد على الله والاستسلام لقضائه يمنحنا القوة للتغلب على التحديات والصعوبات التي نواجهها في الحياة.
لذا، فلنعتمد على الله ونثق بأنه يدير أمورنا بحكمة ورحمة، ولنتذكر دائما أن الله قادر على تغيير حالنا من الضيق إلى اليسر، ومن الظلمات إلى النور في أي لحظة.
في نهاية هذا النقاش، ندرك أن الرضا ليس مجرد حالة نفسية تأتي وتذهب، بل هو نهج حياة يستند إلى قبولنا للظروف كما هي والتعامل معها بإيجابية. إن الرضا الداخلي يمثل القوة التي تساعدنا على تجاوز التحديات والصعوبات وتحقيق السعادة الحقيقية. عندما نتبنى الرضا كنهج حياة، نجد أنفسنا نعيش بسلام داخلي وسعادة حقيقية تنبع من تقديرنا للحظات الصغيرة والهدوء الداخلي.
لنتذكر دائما أن الرضا يأتي من الداخل، وأنه يمكننا تحقيقه بتغيير نظرتنا للحياة وتقدير ما لدينا. دعونا نستمر في سعينا نحو الرضا ونعمل على تطوير أنفسنا وبناء علاقات إيجابية مع العالم من حولنا. إن الرضا هو مفتاحنا للسعادة والنجاح في الحياة، ولنجعله دليلنا في كل خطوة نخطوها.