رأى

هل أكلت البامية يوما ما؟

أ.د/صلاح يوسف

بقلم: أ.د/صلاح يوسف

الاستغماية Hide and seek .. هل أكلت البامية يوما ما؟

كلو بامية .. كلو بامية .. ثلاثة أيدى متراصة فوق بعضها، وكل مرة نأكل البامية يختلف أحدنا فيفوز ويخرج ويضاف فرد جديد يضع يده مع الآخرين .. كلوا بامية .. وهكذا حتى يتبقى واحد فقط غير فائز .. وهو الذى استمر فى أكل البامية .. يلقى رأسه فوق ساعده الموضوع على جدار البيت فى الشارع بإرتفاع رأسه الملقى ويغمض عينيه ضال عم يحدث حوله لينتشر بقيتنا يهرولون هنا وهناك فى هرج ومرج ويختفون كل وراء ستار حتى لا يدركه أخونا هذا آكل البامية الذى أبتلى بالبحث عن الجميع حتى يمسك أحدنا فيفوز هو ويصبح الممسوك مغمض العينين حتى نتغمى عنه وعليه .. لعبناها كثيرا وأمتعتنا كثيرا دون أن ننتبه أننا كنا مغميين فقط عن أنفسنا بينما يرانا كل الآخرين، وكنا أحيانا نلعبها بالسـاعات وأخونا هــــذا يبحث دون جدوى ..

والحقيقة أننا كلنا نختبئ عمن يبحث عنا ونظل نحن نراقبه خلسة عن بعد .. وربما يظل المغمى عينيه يبحث دون جدوى حتى يفقد كامل المتعة ويتحول أمره إلى نكدا .. والشاطر فينا الذى يذهب إلى جدار الإستغماية خلسة دون أن يراه المغمى عنا فإذا ما وصل إلى الجدار قال الأمة .. وهكذا نجا..

هذه هى لعبة الإستغماية العالمية .. تلعب فى دول العالم المختلفة وعلى كل دول العالم .. ولا تدرى من هو المختفى .. أو الذى يلقى رأسه فوق ساعده على الحائط أم الـذى يختفى منه .. فـالجـميع يتحرك حـول الجدار أو الأمـة حتى يدركه أو يدركها دون غيره ..

وأتذكر أن البامية من عائلة الداتورا .. والداتورا من عائلة الدخان .. والدخان أجارك الله إما يحرق صدرك دخانا أو يحرق عقلك داتورا .. ربما ليست مصادفة أنها بامية .. ولكن لماذا نأكلها بدلا من أن نشربها .. ربما حتى لا نجد ما نبحث عنه ..

*كاتب المقال: وزير الزراعة الأسبق.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى