تقارير

نبات «مخلب الشيطان» كنز الطبيعة في محاربة آلام المفاصل

إعداد: د.شكرية المراكشي

الخبير الدولي في الزراعات البديلة ورئيس مجلس إدارة شركة مصر تونس للتنمية الزراعية

تعتبر النباتات غير التقليدية المتحملة للجفاف من الأصول البيئية الهامة التي تبرز قدرتها على التكيف مع الظروف القاسية التي تميز المناطق الجافة والصحراوية. تختلف هذه النباتات عن غيرها بقدرتها الفريدة على البقاء والنمو في بيئات تفتقر إلى المياه والتربة الغنية، مما يجعلها مفيدة بشكل خاص في مواجهة تحديات تغير المناخ وتدهور الأراضي.

تابعونا على قناة الفلاح اليوم

تابعونا على صفحة الفلاح اليوم على فيس بوك

تتميز هذه النباتات بخصائص فسيولوجية واستراتيجية تمكنها من الحفاظ على مواردها المائية وتفادي الجفاف، مثل تطوير جذور عميقة، وأوراق سميكة، وقدرات عالية على تخزين الماء. بالإضافة إلى قدرتها على التأقلم مع الظروف البيئية القاسية، تمتلك هذه النباتات أيضا قيمة طبية واقتصادية كبيرة، حيث توفر مصادر طبيعية للعلاج وتعزز استدامة الزراعة في المناطق الهشة من بين هذه النباتات نتعرف اليوم على نبات مخلب الشيطان.

يُعد نبات مخلب الشيطان (Harpagophytum procumbens) واحدا من النباتات الطبية غير التقليدية التي تتميز بقدرتها الفريدة على التكيف مع الظروف البيئية القاسية. ينمو هذا النبات في المناطق الصحراوية الجافة، حيث تتسم الطبيعة بقسوتها وشُح المياه، ومع ذلك يُظهر مخلب الشيطان قدرة عالية على البقاء والازدهار.

لم يكن تحدي الطبيعة عائقا أمام هذا النبات، بل كان مصدرا لقوته العلاجية، حيث استُخدم لقرون طويلة في الطب الشعبي لعلاج الالتهابات وتخفيف آلام المفاصل والعضلات. بفضل هذه الخصائص، أصبح مخلب الشيطان مثالا حيا على فدرة الطبيعة على إنتاج حلول فعّالة للصحة البشرية حتى في أكثر البيئات صعوبة.

الوصف النياتي لنبات مخلب الشيطان

نبات مخلب الشيطان، أو كما يُعرف علميا بـ Harpagophytum procumbens، هو نبات معمر ينتمي إلى الفصيلة السمسمية Pedaliaceae. نشأ في قلب الأراضي الصحراوية وشبه الصحراوية في جنوب إفريقيا، حيث يتحد هذا النبات مع قسوة الطبيعة، لينمو وسط الرمال الجافة في مناطق مثل ناميبيا وبوتسوانا وصحراء كالهاري. في هذه البيئة القاحلة، أظهر مخلب الشيطان قدرة مدهشة على التكيف مع ندرة المياه والحرارة المرتفعة.

ما يميز هذا النبات ليس فقط مقاومته لظروف الطبيعة الصعبة، بل أيضا جذوره الدرنية، التي تحمل في طياتها عناصر نشطة استخدمتها المجتمعات المحلية لقرون في الطب التقليدي. كان القدماء يعرفون جيدا قوة هذا النبات، الذي أصبح فيما بعد موضوعا للبحث العلمي بسبب خصائصه العلاجية.

أما عن سبب تسميته بـ”مخلب الشيطان”، فإن هذه التسمية جاءت من شكله الفريد. الجذور الدرنية تتخذ شكل مخالب، تبرز منها أجزاء شبيهة بالمخالب الحادة التي تُشبه في مظهرها أصابع الشيطان في الأساطير القديمة. هذه المخالب الصغيرة والملتوية كانت السبب وراء الاسم، حيث تبدو وكأنها تمتد من الأرض الصحراوية لتلتقط أي شيء يقترب منها.

تاريخيا، عرف سكان جنوب إفريقيا الفوائد العلاجية لمخلب الشيطان، واستخدموا جذوره لمواجهة مجموعة متنوعة من الأمراض، بما في ذلك الالتهابات وآلام المفاصل. وقد أثبتت الدراسات الحديثة أن هذه الجذور تحتوي على مواد نشطة، منها “الهارباغوسيد”، التي تساهم في تخفيف الألم والالتهاب، مما جعل هذا النبات محل اهتمام الطب البديل في جميع أنحاء العالم.

في النهاية، يظل مخلب الشيطان ليس فقط رمزا لقوة الطبيعة في مواجهة الصعاب، بل أيضا كنزا طبيا يحمل بين جذوره علاجا لأوجاع البشر منذ آلاف السنين، مرتبطا باسمه الذي يعكس طبيعته الغامضة وشكله الذي استوحى من الأساطير.

فوائد نبات مخلب الشيطان

 نبات مخلب الشيطان (Harpagophytum procumbens) يتميز بالعديد من الفوائد الصحية التي جعلته محور اهتمام الطب التقليدي والعلمي.

يحتوي مخلب الشيطان على مركب “الهارباغوسيد” الذي له خصائص مضادة للالتهابات، مما يجعله مفيدا في تخفيف آلام المفاصل والعضلات، خاصة في حالات مثل التهاب المفاصل الروماتويدي والتهاب المفاصل العظمي. وقد أظهرت الدراسات أن استخدامه بانتظام يقلل من التورم ويزيد من مرونة المفاصل.

كما تُستخدم مستخلصات مخلب الشيطان في معالجة حالات الالتهابات المزمنة بفضل خصائصه المضادة للالتهاب. هذا يجعله مفيدا في علاج أمراض مثل التهاب الأوتار، وآلام الظهر، والنقرس. ويساعد في تحفيز إنتاج العصارات الهضمية، مما يجعله مفيدا في تخفيف مشكلات الجهاز الهضمي مثل عسر الهضم، فقدان الشهية، والانتفاخ. تقليديا، كانت المجتمعات المحلية تستخدم جذوره لعلاج الاضطرابات المعوية.

يعتبر مخلب الشيطان علاجا طبيعيا فعّالا لتخفيف آلام أسفل الظهر المزمنة. تم استخدامه كبديل طبيعي للمسكنات الكيميائية، حيث يعمل على تقليل شدة الألم وتحسين الحركة.  بفضل خصائصه المضادة للالتهابات، يساهم مخلب الشيطان في تحسين صحة القلب. كما يُعتقد أنه يساعد في خفض مستويات الكوليسترول السيء LDL، وبالتالي تقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين.

مخلب الشيطان يُستخدم كمضاد طبيعي للألم، ليس فقط في حالات الالتهاب، ولكن أيضا في تخفيف الآلام العامة مثل الصداع وآلام الأسنان، حيث يعمل على تقليل الإحساس بالألم.

كما تشير بعض الدراسات إلى أن مخلب الشيطان يساهم في تحسين وظائف الكبد والمرارة، مما يساعد الجسم في التخلص من السموم ويعزز عملية الهضم.

على الرغم من أن هذه الفائدة لا تزال تحت البحث، إلا أن بعض الدراسات الأولية تشير إلى أن مستخلصات مخلب الشيطان تساعد في مكافحة نمو الخلايا السرطانية بفضل خصائصه المضادة للأكسدة.

يستخدم مخلب الشيطان أيضا خارجيا في بعض الأحيان لعلاج مشكلات الجلد مثل التهابات الجلد، والجروح، والقرح.

تلك الفوائد تجعل مخلب الشيطان مكملا طبيعيا فعّالا لمن يسعون لعلاج آلام الالتهابات والمفاصل بطرق طبيعية مستوحاة من الطب التقليدي.

استعمالاته الطبية

نبات مخلب الشيطان Harpagophytum procumbens يعتبر كنزا طبيا استُخدم لقرون في الطب التقليدي لعلاج مجموعة متنوعة من الأمراض، وخاصة تلك المتعلقة بالتهابات المفاصل والعضلات. يستخلص الفائدة العلاجية الرئيسية لهذا النبات من جذوره الغنية بمركب “الهارباغوسايد”، والذي يعمل كمضاد للالتهابات ومسكن للألم. وبفضل خصائصه الفعالة، تتعدد طرق استخدام مخلب الشيطان لعلاج العديد من الحالات الصحية، مما يجعله علاجا طبيعيا ومتنوعا.

تناوله كمكمل غذائي: إحدى أكثر الطرق شيوعا لاستخدام مخلب الشيطان هي عن طريق تناوله على شكل كبسولات أو أقراص. هذه المكملات تحتوي على مستخلص الجذر المجفف، وتُعتبر مثالية للأشخاص الذين يعانون من التهابات المفاصل أو العضلات. الجرعة الموصى بها تختلف حسب الحالة الصحية، وتتراوح عادة بين 500 إلى 1000 ملغ يوميا، مع ضرورة استشارة الطبيب قبل الاستخدام لضمان الجرعة المناسبة.

تحضير شاي مخلب الشيطان: يمكن أيضا استخدام الجذور المجففة لتحضير شاي طبيعي يساعد على تهدئة العديد من المشاكل الصحية. لتحضير الشاي، تُضاف ملعقة صغيرة من الجذور المجففة إلى كوب من الماء المغلي، ثم يُترك لينقع لمدة تتراوح بين 5 إلى 10 دقائق قبل تصفيته وشربه.

هذا الشاي يُستخدم بشكل رئيسي للتخفيف من مشاكل الجهاز الهضمي، مثل عسر الهضم والانتفاخ، كما يساهم في تخفيف آلام المفاصل والظهر.

استخدام المستخلص السائل: لمن يفضلون طريقة أكثر سرعة ومرونة، يمكن شراء مستخلص مخلب الشيطان على شكل سائل يُضاف إلى الماء أو العصير. هذه الطريقة تساعد في تجنب تناول الأقراص أو الكبسولات. يكفي إضافة بضع قطرات من المستخلص إلى كوب من الماء أو العصير لتخفيف الألم المزمن وتقليل التهابات المفاصل.

تطبيق كريم أو مرهم موضعي: بالنسبة لمن يعانون من الألم الموضعي، تتوفر منتجات تحتوي على مخلب الشيطان على شكل كريمات أو مراهم، تُستخدم لتدليك المناطق المتألمة. يُنصح بتدليك الكريم بلطف على المنطقة المؤلمة مرتين إلى ثلاث مرات يوميا لتخفيف آلام المفاصل أو العضلات. هذه الطريقة تُعتبر فعالة بشكل خاص لتخفيف التهاب الأوتار وآلام الركبة أو الظهر.

استخدام الجذور المجففة كمسحوق: يُباع مخلب الشيطان أيضا على شكل مسحوق جاف يمكن مزجه مع الماء أو العصير أو حتى إضافته إلى الطعام. يمكن تناول ملعقة صغيرة من المسحوق مرتين يوميا لعلاج مشاكل الهضم أو تخفيف الالتهابات والآلام المزمنة.

حمام مخلب الشيطان: طريقة أخرى مبتكرة لاستخدام مخلب الشيطان هي في الحمامات المائية. من خلال إضافة ملعقة كبيرة من مسحوق الجذور المجففة إلى ماء الاستحمام الدافئ، يمكن الاستمتاع بحمام مهدئ يساعد في تخفيف آلام المفاصل والعضلات. يُفضل نقع الجسم في الماء لمدة تتراوح بين 15 إلى 20 دقيقة للحصول على أفضل النتائج.

الكمادات الساخنة:  يمكن استخدام منقوع مخلب الشيطان لتحضير كمادات ساخنة تُوضع على المناطق المتألمة. لتحضير الكمادة، تُنقع الجذور أو المسحوق في ماء مغلي، ثم تُغمر قطعة قماش في المنقوع وتُطبق على المنطقة المتضررة. هذه الطريقة تعزز تدفق الدم وتخفف الألم الموضعي بشكل فعال.

على الرغم من أن مخلب الشيطان يُعتبر علاجا طبيعيا، إلا أن استشارة الطبيب تظل خطوة أساسية قبل البدء في استخدامه، خاصةً إذا كنت تتناول أدوية أخرى أو تعاني من حالات طبية مزمنة. كما يُنصح بتجنب استخدام مخلب الشيطان خلال فترة الحمل أو الرضاعة دون استشارة طبية. بالإضافة إلى ذلك، يُفضل الالتزام بالجرعات الموصى بها لتجنب أي آثار جانبية محتملة، مثل اضطرابات المعدة.

بفضل هذه الطرق المتعددة لاستخدام مخلب الشيطان، يمكن الاستفادة من خصائصه العلاجية المذهلة لتخفيف الألم وتحسين الصحة العامة بطرق طبيعية وآمنة

المخاطر المحتملة

على الرغم من الفوائد العديدة التي يقدمها نبات مخلب الشيطان، إلا أن استخدامه يحمل بعض المخاطر المحتملة، خاصة إذا تم استخدامه بشكل غير مناسب أو بجرعات عالية. خلف هذا النبات، الذي لطالما ارتبط بخصائصه العلاجية، تكمن بعض الآثار الجانبية التي قد تظهر عند بعض الأشخاص، وتجعلنا نتساءل عن مدى أمان استخدامه للجميع. ومن هذا المنطلق، فإن معرفة الأضرار المحتملة تعد خطوة حاسمة قبل البدء في استخدام هذا النبات الطبيعي.

مشاكل في الجهاز الهضمي: في بعض الحالات، يتسبب تناول مخلب الشيطان في ظهور اضطرابات هضمية مثل الغثيان أو الإسهال أو آلام في المعدة. ويرجع ذلك إلى أن النبات يحتوي على مركبات تكون مهيجة للجهاز الهضمي، خصوصا للأشخاص الذين يعانون من حساسية في المعدة أو لديهم تاريخ مرضي في اضطرابات الجهاز الهضمي. وبالتالي، فإن من يعاني من مشاكل معدية يجب أن يكون حذرًا عند تناول هذا النبات، وربما يكون من الأفضل استشارة طبيب قبل البدء في استخدامه.

ردود فعل تحسسية: يظهر لدى البعض رد فعل تحسسي تجاه مخلب الشيطان، يتجلى في شكل طفح جلدي، حكة، أو تورم. بالنسبة لأولئك الذين يعانون من حساسية تجاه نباتات أخرى من الفصيلة السمسمية، فإن احتمالية حدوث تحسس من مخلب الشيطان تكون أكبر. لذلك، يجب مراقبة الأعراض عند البدء في استخدامه، والتوقف عن تناوله فور ظهور أي علامات تحسس.

انخفاض ضغط الدم: أحيانا، يمكن لمخلب الشيطان أن يؤدي إلى خفض ضغط الدم، وهو أمر يسبب الدوار أو الشعور بالتعب والضعف. هذا التأثير يكون خطيرًا على الأشخاص الذين يعانون بالفعل من انخفاض ضغط الدم أو يتناولون أدوية لخفضه. لذلك، يُفضل أن يتجنب هؤلاء الأشخاص استخدام مخلب الشيطان دون استشارة طبية، ومراقبة ضغط الدم بانتظام إذا تم تناوله.

تأثير على مستويات السكر في الدم: هناك بعض التقارير التي تشير إلى أن مخلب الشيطان يؤثر على مستويات السكر في الدم. لذا، يُنصح مرضى السكري بتوخي الحذر، حيث يؤدي استخدامه إلى انخفاض مستويات السكر بشكل مفاجئ. ينبغي على هؤلاء الأشخاص مراقبة مستويات السكر لديهم بشكل دوري، وإبلاغ الطبيب في حال حدوث أي تغيرات غير متوقعة.

التفاعل مع الأدوية: كغيره من العلاجات الطبيعية، يتفاعل مخلب الشيطان مع بعض الأدوية التي يتناولها المريض. قد يزيد من تأثير مضادات التجلط، أدوية السكري، أو أدوية خفض ضغط الدم، مما يؤدي إلى مضاعفات صحية. هذا ما يجعل استشارة الطبيب قبل استخدامه أمرًا لا غنى عنه، للتأكد من عدم تداخل تأثيراته مع أي علاج آخر.

تأثيرات على القلب: بالإضافة إلى تأثيره على ضغط الدم، هناك بعض الأدلة التي تشير إلى أن مخلب الشيطان يؤثر على وظائف القلب، خاصة عند تناوله بجرعات كبيرة. يسبب ذلك خفقانا في القلب أو اضطرابات في نبضاته. وبالتالي، على الأشخاص الذين يعانون من مشاكل قلبية أو يتناولون أدوية لعلاج القلب أن يكونوا حذرين بشكل خاص، ويفضل أن يتجنبوا هذا النبات ما لم يكن ذلك تحت إشراف طبيب مختص.

الحمل والرضاعة: من غير المعروف بدقة تأثير مخلب الشيطان على النساء الحوامل أو المرضعات، لكن هناك مخاوف من أنه  يزيد من خطر حدوث تقلصات في الرحم. لذلك، يُنصح بتجنب استخدامه تماما أثناء الحمل أو الرضاعة لتفادي أي مخاطر محتملة على الأم أو الجنين.

موانع استخدام مخلب الشيطان: بجانب ما سبق، هناك حالات معينة يُمنع فيها استخدام مخلب الشيطان، مثل: النساء الحوامل أو المرضعات. والأشخاص الذين يعانون من قرحة المعدة أو التهاب الأمعاء. ومرضى القلب أو الكلى، حيث يتداخل مع أدويتهم أو يؤثر على وظائف الكلى.

كيفية تجنب الآثار الجانبية: لتجنب هذه الأضرار المحتملة، من المهم الالتزام ببعض النصائح البسيطة. أولا، يجب دائما استخدام الجرعات الموصى بها فقط وعدم تجاوزها. ثانيا، استشارة الطبيب قبل البدء في استخدام مخلب الشيطان ضرورية، خاصة إذا كان الشخص يتناول أدوية أخرى أو يعاني من حالات صحية مزمنة. وأخيرا، مراقبة الأعراض بعد استخدامه أمر بالغ الأهمية، فإذا ظهرت أي آثار جانبية غير مريحة، يُفضل التوقف عن تناوله فورا.

من خلال اتباع هذه التوجيهات، يمكن الاستفادة من فوائد مخلب الشيطان دون القلق من الآثار الجانبية، مما يتيح للجميع فرصة استخدامه بأمان لتحقيق أفضل النتائج الصحية.

العناصر الكيميائية الفعالة

يعد نبات مخلب الشيطان Harpagophytum procumbens كنزا من العناصر الكيميائية الفعالة التي منحته شهرة واسعة في الطب التقليدي. فهو يحتوي على مجموعة من المركبات التي تتميز بخصائص علاجية قوية، مما يجعله علاجا فعالا لمجموعة متنوعة من الحالات الصحية، خصوصا تلك المتعلقة بالالتهابات والألم المزمن.

أحد أهم العناصر الموجودة في مخلب الشيطان هو الهارباجوسايد، وهو المركب الرئيسي المسؤول عن قدرته على تسكين الألم وتقليل الالتهابات. يُعتبر الهارباجوسايد المركب السحري الذي يستهدف المواد المسببة للالتهابات في الجسم، مثل البروستاغلاندينات، مما يفسر استخدامه الواسع لعلاج الروماتيزم والتهابات المفاصل.

إلى جانب الهارباجوسايد، يأتي الهارباغيد، وهو جليكوزيد إيريدويدي آخر يساهم بشكل كبير في تقليل الألم العضلي والمفصلي. يمتلك الهارباغيد خصائص مضادة للالتهابات مشابهة لتلك التي يتمتع بها الهارباجوسايد، ما يجعله شريكا قويا في مكافحة الأوجاع.

من بين العناصر الأخرى المهمة نجد البيتاسيتوستيرول، مركب ستيرويدي نباتي معروف بقدرته على تعزيز الجهاز المناعي وخفض مستويات الكوليسترول. هذا المركب ليس فقط مضادا للالتهابات ولكنه أيضا يحمي الجسم من الإصابة بمشكلات صحية أخرى بفضل دعمه للجهاز المناعي.

ولأن مضادات الأكسدة تؤدي دورا مهما في الحماية من الالتهابات وتلف الخلايا، فإن وجود الفلافونويدات في مخلب الشيطان يعزز من فعاليته. هذه المركبات النباتية تمنح الجسم قوة إضافية في مواجهة الجذور الحرة التي تسبب الشيخوخة المبكرة وتلف الخلايا، مما يساعد في الحفاظ على صحة الجسم بشكل عام.

كما أن الجليكوزيدات الإيريدويدية تؤدي دورا محوريا في تعزيز خصائص مخلب الشيطان الطبية. مركبات مثل الهارباجوسايد والهارباغيد تنتمي إلى هذه الفئة، وتعمل على تقليل الالتهابات وتحسين وظائف المفاصل، مما يجعل النبات خيارا طبيعيا لأولئك الذين يعانون من مشاكل في الحركة بسبب الالتهاب المزمن.

إلى جانب هذه المركبات، توجد الأحماض الفينولية، وهي مركبات طبيعية تعمل كمضادات أكسدة قوية، تحمي الخلايا من التلف وتقلل من الالتهابات، مما يعزز قدرة الجسم على الشفاء والتجدد.

ومن ناحية المعادن، يحتوي مخلب الشيطان على السيليكا، وهو مكون طبيعي معروف بأهميته لصحة الجلد والأظافر والشعر. فضلًا عن ذلك، يُعتقد أن السيليكا تؤدي دورا مهما في تقوية العظام والمفاصل، مما يجعل مخلب الشيطان خيارا مفضلا لمن يبحثون عن تعزيز صحتهم العظمية.

وأخيرًا، لا يمكن إغفال دور الفيتوستيرولات، التي تعزز من قدرة مخلب الشيطان على تقليل الالتهابات وتحسين صحة الجهاز المناعي، مما يجعله إضافة قوية للنظام الصحي الطبيعي.

بفضل هذه المجموعة المتنوعة من المركبات الفعالة، لا يُعتبر مخلب الشيطان مجرد نبات فقط في عالم الأعشاب، بل هو علاج طبيعي قوي يعزز الصحة العامة ويخفف من الآلام والالتهابات، ليكون بذلك حلا طبيعيا للعديد من المشاكل الصحية المزمنة.

 الأراضي التي تجود فيها زراعته

ينمو نبات مخلب الشيطان بشكل طبيعي في المناطق الصحراوية وشبه الصحراوية التي تتميز بتربتها الرملية والجافة، مع كميات قليلة من الأمطار. يزدهر في التربة الرملية جيدة التصريف التي تحتوي على نسبة قليلة من العناصر الغذائية، ويحتاج إلى مناخ حار وجاف. يعتبر النبات متكيفا للغاية مع الظروف القاسية، لذا فهو ينمو بكفاءة في مناطق مثل صحراء كالهاري وناميبيا، حيث يكون معدل هطول الأمطار قليلا، ودرجات الحرارة مرتفعة.

نبات مخلب الشيطان هو واحد من أهم النباتات الطبية الإفريقية التي تستخدم منذ العصور القديمة لتخفيف الآلام والالتهابات. بفضل مركباته الكيميائية النشطة، اكتسب شعبية في الطب الحديث، خاصة في أوروبا وأمريكا، حيث يتم استخدامه في العديد من المكملات الغذائية والمستحضرات العلاجية.

لا شك أن نبات مخلب الشيطان، بخصائصه العلاجية الفريدة، قد حاز على مكانة بارزة في عالم الطب الطبيعي بفضل قدرته على محاربة الالتهابات وتخفيف الآلام. من قلب الصحارى الأفريقية، يأتي هذا النبات ليقدم للبشرية وسيلة طبيعية للتعامل مع الأمراض المزمنة التي تصيب المفاصل والعضلات، محققا فائدة عظيمة لأولئك الذين يسعون إلى حلول طبيعية بعيدًا عن العلاجات الكيميائية.

ومع ذلك، يجب ألا نغفل عن جانب الحذر في استخدامه، حيث أن قوته العلاجية تصاحبها بعض الآثار الجانبية عند الاستخدام غير المناسب أو المفرط. المركبات النشطة مثل الهارباجوسايد التي تمنحه هذه الفعالية قد تكون أيضا سببا في تهيج الجهاز الهضمي أو التفاعل مع أدوية معينة. لذلك، من الضروري دائما استشارة المختصين قبل إدخال هذا النبات في الروتين العلاجي، خاصة إذا كانت الحالة الصحية معقدة.

إن مخلب الشيطان يمثل مزيجا مثيرا من الحكمة القديمة والعلم الحديث، حيث يعكس كيف يمكن أن تكون الطبيعة مصدرا للحلول الصحية، ولكن مع الالتزام بالوعي والحذر. وبينما يواصل الباحثون اكتشاف المزيد عن فوائده وطرق استخدامه المثلى، يبقى على المستخدمين التحلي بالمسؤولية لضمان تحقيق أكبر قدر من الفائدة بأقل قدر من المخاطر. في النهاية، يعتبر مخلب الشيطان تذكيرا دائما بأن الطبيعة لا تزال تخفي بين طياتها أسرارا ثمينة للصحة والشفاء، علينا فقط أن نعرف كيف نستفيد منها بحكمة.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى