رأى

ميراث الأخت المغتصب في صعيدنا

أ.د/صلاح يوسف

بقلم: أ.د/صلاح يوسف

وزير الزراعة الأسبق

فى زيارة إلى صعيد مصر والمضى بين إخواننا فى الصعيد بضعة أيام إستمعنا إلى كثير من المشاكل التى لم تثير فقط شغفنا أو قلقنا ولكن أثارت الهموم على المستقبل الذى نتمنى أن ينعم بخيره أبناءنا فى الصعيد ولكن أنى هذا دون تحقيق ما قضاه الله من حق الإخوة وخاصة الأخوات فى الميراث ..

أصل ما عرفت من الحكاية أن الرجال فى صعيد مصر لا يقضون بحق ميراثيهم من آبائهم بل يكتفون بما يسمى الرضوة .. بمعنى أنه عند وفاة الوالد أو الوالدة فإن الإخوة الذكور يتقاسمون فيم بينهم الميراث دون أخواتهم ويكتفون بقدر يسير من الميراث ربما لا يمثل عشر حقهم الشرعى الذى قضاه الله للنساء ويقدمون هذه الرضوة لأخواتهم قيمة مالية وليس حتى صفة الميراث المادية من أرض أو عقارات أو غيره .. أى رضوة تلك وهم يأكلون حق أخواتهم بالباطل .. أى رضوى وهم يعطلون شرع الله ويأبون تنفيذه .. أى رضوى وهم يستكثرون على أخواتهم أن ينالوا حقهن الشرعى فى ميراث آبائهم ..

كيف وصل الأمر إلى هذا؟

الأبناء الذكور هم الذين يقومون بالعمل فى مساعدة الأب فى أرضه وشئون حياته .. وبعد وفاة الأب يشعر الأبناء أن ما يملكه الأب هو حق لهم دون غيرهم فهم من شاركوا فى بنائه أو إمتلاكه .. فكيف للبنت أن تأخذ منه شيئا .. ولكن هن أخواتهم .. فكيف يتركونهن ولا يعطون لهن شيئا؟ .. فيقررون أن يعطوا النساء شيئا رمزيا من باب إرضائهن ظنا أو من باب ذر الرماد فى الأعين .. ومن جانب آخر .. فإن من يود أن يعطى النساء حقهن فى الميراث فإن أهل القرية أو البلدة يعيرونه فيملأه الخجل أن أعطى للنساء حقهن فى الميراث ..

وبالتالى المشكلة فى إتجاهين .. الأول هو شعور الذكور بحقهم هم فقط الأصيل فى الميراث .. الثانى أن يصيبه العار إن أعطى النساء ميراثهن ..

هل لمن يفعل هذا أن يبارك الله له فى رزقه أو أبنائه أو عمله أو حياته .. هل يسخر الله لمن يفعل ذلك من يسهر على أمنه أو راحته أو حياته أو رفاهيته؟ بالتأكيد لا ,, وإنما يملى لهم الله .. وسيقضون ما عليهم تجاه أخواتهم يوم القيامة بعد أن يبتئسون به فى الحياة الدنيا والعياذ بالله ..
وحينما سألت عن دور المتعلمين فى حل هذه المشكلة بالقرى وكيف أنهم لا ينشرون المعرفة وآداء الحقوق بين الناس فإذا بالإجابة أن المتعلمين هم غالبا أشد تعنتا فى أكل حقوق أخواتهم ..
هذا ما علمته عن سلوك الإخوة فى أكل حق أخواتهم فى الميراث .. وكنت أعلم أصلا أن الأخ الأكبر قديما يأكل حقوق أخوانهم فى الميراث فى قرانا فى شمال مصر .. ودائما ما كان أولاد أو أبناء من يأكل حقوق أخوانه هم أقل حظا من الحياة الكريمة لأن لحومهم نبتت من حرام ..

وعلمت أن الإخوة الصغار حاليا يقومون بهذا الدور من البلطجة بأكل حقوق إخوانهم فى المواريث .. إذا كان هذا حال مجتمعنا فى شمال وجنوب مصر فى كثير من القرى .. فلا نتوقع حياة كريمة حقيقية للكثير من هؤلاء ولا منا جميعا حيث كلنا مسؤول عن آداء الحقوق والواجبات ..

الأخوة الأفاضل .. حينما نسير بين الناس ونرى أكل أموال الناس بالباطل فسندرك انه لن يقيض الله لهؤلاء الناس أو لنا من يعدل بينهم أو بيننا أو يسهر على راحتهم أو راحتنا ..

واجبنا جميعا نشر المعرفة والواجبات بيننا جميعا .. واجبنا أن نرشد الناس إلى عدم أكل أموالهم بالباطل فى كل مكان وموقع .. واجبنا أن نتعلم كيف نصحح سلوك الناس بالحكمة والموعظة الحسنة .. واجبنا ألا نخجل من السلوك القويم بل يجب أن نخجل جميعا حينما نترك أبناءنا وإخواننا يعيثون فى الأرض فسادا وهم يظنون أنهم يحسنون صنعا .. الفرق بين أمة رسولنا الكريم الذى هو رسول لكل العالمين أن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر بالطريقة التى تحبب الناس فى الخير وآداء الواجبات التى علينا وتقديم الحقوق التى للغير كاملة دون نقصان.

المواريث هى شرع محدد بمنتهى الدقة من قبل الله سبحانه وتعالى وليس لنا إلا أن نتبع شرع الله دون إبطاء أو إرجاء ..

أعطوا النساء حقهن فى الميراث .. أعطوا الإخوة حقهم .. دون زيادة أو نقصان ..

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى