تحقيقات

من الطيارة للعيادة.. المُغتربون في الريف يقضون الإجازة بين التحاليل والأدوية

كتب: د.أسامة بدير في قلب القرى والمناطق الريفية بمصر، لم يعد مشهد المغترب العائد في إجازته القصيرة مقتصراً على اللقاءات العائلية أو التجمعات الاجتماعية، بل أصبح له محطة ثابتة ومُبكرة: العيادات والمستشفيات. موقع “الفلاح اليوم” رصد في هذا التحقيق الصحفي ظاهرة لافتة تكررت في العديد من القرى، حيث يتحول المغترب القادم من دول الخليج أو أوروبا أو غيرها، إلى زائر دائم للأطباء فور عودته، وكأن الملف الطبي يسبق جواز السفر.

ورصد عدد من الأهالي هذه “العادة القهرية”، التي باتت سمة لإجازات المغتربين. “مش بيلحق يسلّم ع الجيران”، يقول أحد سكان قرية في محافظة الشرقية، مضيفًا: “أول يوم لازم يلف على دكاترة التحاليل والأشعة، سواء كان هو تعبان، أو زوجته أو أولاده أو حتى أبوه وأمه”.

نصف الإجازة.. في قاعات الانتظار

الإجازة التي لا تتعدى في كثير من الأحيان أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، يُهدر نصفها تقريباً في التنقل بين العيادات الخاصة والمستشفيات، وسط زحام مرضى، وقوائم انتظار طويلة، وطلبات فحوصات مُتكررة. ويُؤكد أحد المغتربين لـ”الفلاح اليوم” قائلاً: “أنا شغال في السعودية، كل ما أرجع لازم أعمل تحاليل شاملة، أكشف على العيال، وأهلي كمان.. الفلوس اللي بجيبها بتنقص نصها في أول أسبوع”.

الطب.. أول بند في ميزانية الإجازة

الغريب أن كثيراً من المغتربين، وفقًا لرصد “الفلاح اليوم“، يضعون بند “العلاج” على رأس أولويات الإنفاق عند العودة. فبينما كان السفر في الماضي يرتبط بالتسوق أو بناء بيت أو تجهيز زواج، أصبح اليوم مرتبطاً بقوائم أدوية وتحاليل وأشعة، تُجهز قبل حتى شراء تذكرة الطيران. ويشتكي الأهالي من أن “القرشين” الذين يجلبهم المغترب غالباً ما “يطيروا” في جلسات علاجية متتالية.

أسباب متعددة.. ونظام صحي غائب

يرى أطباء في الريف أن هذه الظاهرة تعكس عدة مشكلات، من بينها ضعف الخدمات الصحية في دول الإقامة، أو ارتفاع تكاليف العلاج هناك، ما يجعل المغترب يفضل الكشف والعلاج في مصر. كما يشير البعض إلى أسباب نفسية، حيث يشعر المغترب براحة وثقة أكبر في الأطباء المحليين الذين يعرفونه منذ صغره.

لكن في المقابل، تطرح الظاهرة تساؤلات حول غياب نظام صحي شامل يمكن أن يضمن الرعاية المستمرة لأسر المغتربين، سواء في الخارج أو عند العودة المؤقتة. كما تكشف عن عبء صحي كبير يُحمّل على عاتق هؤلاء العائدين، بدلاً من أن تكون إجازاتهم فرصة للراحة والتجديد.

خلاصة المشهد: إجازة مش للراحة.. للعلاج

وفي الوقت الذي تُعد فيه الإجازة فرصة للراحة والتواصل الاجتماعي، إلا أن الواقع يرسم صورة مختلفة: المغترب في قريته.. مريض أو في خدمة مريض. وبين أشعة على الركبة، وتحاليل للسكر، وكشف قلب للوالد، تضيع أيام الإجازة بين جدران العيادات، وتبقى الراحة مؤجلة حتى إشعارٍ آخر.

🔹 تابعونا على قناة الفلاح اليوم لمزيد من الأخبار والتقارير الزراعية.
🔹 لمتابعة آخر المستجدات، زوروا صفحة الفلاح اليوم على فيسبوك.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى