رأى

من الذكريات مع التبرعات

أ.د/صلاح يوسف

بقلم: أ.د/صلاح يوسف

وزير الزراعة واستصلاح الأراضي الأسبق

أمضيت فترة فى ديفز بكاليفورنيا عام ١٩٩٣.. خلالها جلست أكثر من مرة مع واحد من أكبر علماء التخصص فى العالم وهو Noel Sommer.. والذى عملت بمعمله لبضع شهور، كان وقتها هذا العالم الكبير قد خرج على المعاش كلية وكان يأتى أيام قليلة لينهى إجراءات علاقته بالجامعة.. تناقشنا فى جلسات خاصة فى بعض موضوعات علمية بالتخصص، جلسنا ذات مرة بمكتبه الذى كان يحتوى مكتبة ضخمة، وخلال مناقشاتنا كنا نستعرض بعض الكتب بمكتبته والتى تمنيت إن احصل على كتاب منها، عدت من الزيارة وبعد العودة بحوالى سنتين وجدت الأستاذة الدكتور زينب الطبشى رحمها الله رحمة واسعة تخبرنى وقتها إن د سومر قد أرسل لها كل مكتبته الخاصة التى سبق ان تمنيت منها اقتناء كتاب واحد.. دفعنا فى منتصف التسعينات أكثر من 4000 جنيه جمارك أو ما شابه لاستلام هذه الكتب وكان طبعا مبلغا كبيرا..

وصلت كتب المكتبة وتقدمت الدكتورة زينب رحمها الله بطلب الى السيد الأستاذ مدير المعهد بطلب لضم تلك الكتب الرائعة إلى مكتبة المعهد.. ولعدم التوافق بين سيادتها ومدير المعهد وقت ذاك رفض قبول الهدية العلمية، وكان رأيي وقتها إن هذه الكتب كلها متعلقة بالتخصص فأولى إن تكون بمكتبة القسم ، ولكن طبعا نزلنا جميعا لرغبة الدكتورة زينب والتى رفضها مدير المعهد العلمى لخلاف شخصى وهمى زال بعد ذلك مع الوقت ، أصرت الدكتور زينب رحمها الله على تقديم الكتب إلى مكتبة المعهد واصر مدير المعهد رحمه الله على موقفه .. فما كان من الدكتورة زينب إلا أن تقدمت بطلب إلى سيادة النائب وزير الزراعة فوافق على إيداع الكتب بمكتبة المعهد والزم مدير المعهد بذلك.. تقبل مدير المعهد الهدية العظيمة مرغما.. و نتيجة توجه مدير المعهد تم عمل دفتر غير رسمى سجلت فيه كل كتب مكتبة دكتور نويل سومر.. ولم تسجل كعهدة رسمية، خرج مدير المعهد على المعاش وتولى بعده أستاذ دكتور آخر لعامين ثم تولى ثالث والذى كان وفريقه على درجة من التوافق مع بعض الشخصيات غير السوية.. ذهبت يوما ما المكتبة فوجدت كل كتب مكتبة نويل سومر قد اختفت وسجل الكتب أيضا قد اختفى.. وضاعت كتب مكتبة كاملة رائعة بل سرقت عمدا وبحكم التخصص أعلم طبعا من قام بسرقتها لكن ليس هناك دليل على اى شئ..

وهنا تذكرت وقلت للزملاء إن هناك أحد أنواع الصدقة الجارية ترك علم ينتفع به.. والكتب أحد هذه الفروع.. وايضا اعتقد إنه من الاثم الجارى من منع علما ينتفع به.. وربما كان هذا فى نظرى أسوأ عقاب أتمناه لمن قام بسرقة تلك المكتبة..

تسجيل التبرعات ليس هو الضمان لحماية وجودها أو بقائها.. لكن التسجيل وبقية الإجراءات الرسمية المكملة..

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى