رأى

محاسب وزيراً للزراعة.. كيف ولماذا؟!

أحمد إبراهيم

بقلم: أحمد إبراهيم

كاتب صحفي 

مفاجأة التعديل الوزاري الاخير كانت في اختيار رئيس البنك الزراعي المصري المحاسب السيد القصير وزيرا للزراعة واستصلاح الأراضى، ومنذ أدائه اليمين ولم تتوقف علامات الاستفهام والتعجب كيف؟! ولماذا؟! يتم اختيار محاسب لهذه الحقيبة الهامة جدا والفنية جدا؟! وهل لا يوجد في مصر خبير زراعي سواء في وزارة الزراعة أو الجامعات يتولى هذا المنصب بدلا من تكليف رئيس بنك؟!

تعالوا نتفق أن أزمة مصر الحقيقة في الإدارة وليست في الموارد وانا شخصيا كتبت عشرات المقالات أطالب فيها بضرورة إدارة مؤسسات الدولة إدارة اقتصادية لان بلدنا ليست فقيرة ولذلك كنت ومازالت أتمنى أن يتولى الحقائب الوزارية الاقتصادية شخصيات من القطاع الخاص الناجحة والتي لها تجارب عملية متميزة وليست نظرية فقط لان هؤلاء الأشخاص أيديهم في النار عاشوا مشاكل الاستثمار والصناعة والتجارة على أرض الواقع ولديهم الحلول جاهزة.

أظن هذا هو السبب الرئيسي في اختيار رئيس بنك (بنكير) تدرج في العمل المصرفي وتولى مناصب عديدة في مصارف خاصة ويتمتع بعقلية متحررة من القواعد البيروقراطية العقيمة لان الزراعة هى أساس الصناعة وهي العمود الفقري للاقتصاد الوطني ويجب إدارة كل ملفاتها بفكر القطاع الخاص حتى تعود مهنة مربحة ولا يهجرها أصحابها.

فما أحوجنا إلى المدير الناجح الذي يستطيع تحفيز وتوظيف قدرات من يعملون معه ويحول ملفات الفشل إلى نجاح أما الأمور الفنية الزراعية المتخصصة فلديه مئات بل الآلاف من الخبراء والعلماء والباحثين في الوزارة ومركز البحوث الزراعية ومركز بحوث الصحراء يستطيع الاستعانة بهم.

أتذكر أنني كنت سألت المفكر الدكتور طارق حجي كيف أصبحت رئيسا لمجلس إدارة شركة “شل” العالمية للبترول وانت خريج كلية الحقوق؟ أجاب انه رجل إدارة ناجح اما الأمور الفنية لها رجالها المتخصصون بالمناسبة ميزانية الشركة وقتها كانت تفوق الدخل القومي لكل الدول العربية.

عودة للإدارة أتمنى أن يأتي اليوم الذي يتولى فيها رجال الإدارة الناجحون كل مؤسسات الدولة حتى المستشفيات ليس شرطا أن يتولى إدارتها طبيبا بل قد يكون شخصا حاصلا على مؤهل متوسط ولكنه ناجح إداريا فالذي أنقذ السكة الحديد الانجليزية من مستنقع الفشل كان مدير المحاجر البريطانية استعانت به “مارجريت تاتشر” فحول الفشل لنجاح والخسائر إلى أرباح وجعلها رقم واحد على العالم لأنهم هناك يؤمنون بأن “من يصنع الأزمات لا يستطيع حلها”.

وزارة الزراعة من أهم الوزارات لانها المسئولة عن إنتاج الغذاء للمواطنين ونحن اول دولة زراعية وبعد ان كنا سلة غذاء العالم أصبحنا نستورد أكثر من نصف غذائنا وهذا خطر شديد على أمننا القومي وقديما قالوا من لا يملك غذائه لا يملك قراره وبلدنا تتعرض للمؤامرات الخارجية والداخلية وتقع في منطقة ساخنة بالأحداث السياسية فيجب أن تؤمن غذائها بإنتاجه محليا.

وزارة الزراعة أيضا هي خط الدفاع الأول عن صحة المواطنين من خلال إنتاج غذاء صحي وخالي من الأمراض والتلوث ومن وجهة نظري المتواضعة فإنها يجب أن تكون وزارة سيادية حتى تحقق أهدافها لأنها أيضا المسئولة عن توفير المواد الخام للصناعة بجانب أنها المصدر الرئيسي للغذاء ويعمل بها أكثر من 33 مليون مواطن ينتجون غذاء الـ100مليون نسمة كما تربطها علاقات متشابكة مع معظم القطاعات الأخرى مثل النقل والتجارة والتموين والصناعات التحويلة وغيرها، وبلا شك أن كثرة تغيير الوزراء في الفترة الأخيرة أضر كثيرا بالبلد.

فمنذ 2004 حتى الان تولى مسئوليتها 15 وزيرا منهم 13 خلال الثماني سنوات الأخيرة فقط مما تسبب في عدم تحقيق إنجازات حقيقية على أرض الواقع (من بعد د.يوسف والي) فالوزير يأتي ثم يرحل قبل ان يستوعب كل الملفات المهمة.

كل من تولى مسئولية وزارة الزراعة في السابق كانوا خبراء في الزراعة ومع ذلك مشاكلها في تزايد ومعاناة الفلاحين تتفاقم، ربما تأتي الحلول على أيدي شخصية غير زراعية لذلك أتمنى للوزير الجديد”السيد القصير” التوفيق في مهمته الصعبة جدا والتي يحسد على قبولها وهو يعلم جيدا أن المنتظرين لفشله أكثر من الذين يتمنون نجاحه وانه يجب أن يكون عند حسن ثقة واختيار القيادة السياسية.

لذلك أتمنى أن يحصل على فرصته كاملة في الوقت والصلاحيات حتى يطبق رؤيته الاقتصادية للوزارة لان نجاحه يفيد الشعب كله.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى