رأى

كارثة الاستثمار العقاري المجنون بمصر

م.سيد البدرشيني

بقلم:م.سيد البدرشيني

تحليل منطقي لكارثة الاستثمار العقاري المجنون بـمصر .. وإنذار مبكر قبل انفجار الفقاعة.. بملاحظة إعلانات شركات التنمية العقارية ومنهم مجموعه طلعت مصطفي تطرح اسعارها بالعاصمة الادارية كمبوند سيليا (شقه غرفه واحده وصاله ٨٠ مترا فقط) بقيمه ٢,٢ مليون جنيه (ده اقل سعر عندهم).

ببساطة وزي ما كلنا شايفين، إن السوق العقاري في مصر اصابه الجنون، كيف لمتر في صحراء مصر يصل الي فوق الـ٢٠٠٠٠ جنيه؟!! وفي بعض المشروعات فوق الـ٣٠٠٠٠ ما يزيد عن مثيله في ماتهاتن؟

الاستثمار العقاري في مصر وصل لـ١٥٪ من الناتج المحلي، في حين إن التقديرات العالمية تقول إنه لو زاد عن ٥٪  تتوقع أزمة كبيرة في الأسعار.

السوق العقاري هو الحاجة الوحيدة اللي شغالة في البلد, والدولة شغالة بيع أراضي إسكان فاخر الله ينور!! وكل يوم يزودوا أسعار الأراضي اللي بتؤدي بالتبعية لزيادة أسعار الوحدات!! ومعظم الناس يا إما شغالين في شركات عقارية, أو في شركات سمسرة عقارية, وكم المشاريع المطروح رهيب, ومعظمها إن مكانش كلها مشاريع إسكان فاخر, العروض كلها دفعات تعاقد متزيدش على 10% من ثمن الوحدة والباقي بالتقسيط علي 8 سنين وطالع, ومحدش من المطورين بيعمل إستعلام عن المشتري, يعني معاك الـ10% وعندك دفتر شيكات تكتب بيهم أقساط الوحدة يبقي حلال عليك.

والمشترين في معظمهم لا يملكوا ثمن الوحدة ولا حتي ربعه, ولا بيشتروا علشان يسكنوا, في الغالب الأعظم بيشتروا علشان يحوشوا في الوحدة عن طريق الأقساط, وعلشان يحافظ علي قيمة الفلوس علي إعتبار إن العقار بيحافظ علي قيمته امام أي زياده في الدولار.

يعني يستقطع من دخله جزء يسدد بيه القسط, منها تحويش ومنها استثمار آمن من وجهة نظره. والدليل إنك لو بتحاول تبيع وحده إعاده بيع Resale النهارده هتواجه صعوية شديدة نظرا لصعوبة البيع الكاش, ولو رحت أي كمبوند جديد أو مدينة جديدة خلصانة هتلاقي نسبة الإشغال لا تتعدي الـ25%, ولو عملنا إستقصاء هنتأكد إن اللي بيشتروا في الكمبوندات هما هما نفس الناس, وهتلاقي عندهم بدل الوحده 2 و 3.

الخطوره في الموضوع ده في كذا حاجه, أولهم إن في ظل الظروف الحاليه للبلد زي الغلاء اللي طايل الكل والكساد والشغل اللي واقف, المشتري اللي كان متوقع إنه هيقدر يستقطع جزء من دخله علشان يسدد القسط هيلاقي إن الدنيا غليت عليه ومش قادر يستقطع الجزء ده.

يعني مثال بالبلدي لتوضيح الفكره, لو واحد مثلا بياخد مرتب 10 جنيه في الشهر, وكان قادر يدفع منه 4 جنيه في قسط شقة ويعيش بالباقي, مع الغلاء وعدم قدرة الشركات علي زيادة المرتبات هيلاقي نفسه مش عارف يعيش بالـ6 جنيه, فا هيضطر إنه ميسددش الأقساط أو إنه يبيع الوحدة. ده علي فرض إن الشركات نفسها لن تتعثر ولن تضطر لتقليل العمالة أساسا.

وعلشان يبيع الوحدة كاش هيضطر إنه يحرق في الأسعار ويبيع أقل من سعر السوق, ومع نقص السيولة في البلد والارتفاع الجنوني لسعر العقارات هيبقي بيع الكاش صعب جدا, ولو ناس كتير حاولت تحرق في نفس الوقت، هيؤدي إلي انخفاض سعر العقار, واللي عنده وحدة هيبقي امامه حل من إتنين، يا إما يحرق السعر جامد علشان يبيع, أو يستحمل وما يبيعش إنتظارا لحركة تصحيح في السوق.

وعلي جانب آخر شركات التنمية العقارية اللي لسه مسلمتش مشاريعها مش هتعرف تلم أقساط بالتالي هتواجه صعوبة في استكمال المشاريع, وعلي جانب آخر, البنوك بتاخد شيكات العملاء من الشركات العقاريه وتقطع لهم عالشيكات, يعني تدي الشركه نسبة تصل لـ٨٠٪؜ من إجمالي قيمة الشيكات وهي تتعامل مع العملاء.

ولما شيكات العملاء تبتدي تترد, يبقي البنوك كمان هتتعور، والمشكلة إن أغلب اللي بيشتروا العقارات هم الشريحة اللي ممشية البلد سواء من خلال قدرتها الشرائيه, أو من خلال تكافلها الاجتماعي, ولما تحويشة عمرها هتبتدي تخسر أو تتناقص أو يصعب تسيلها, ده هيكون له عواقب وخيمة.

كل اللي فات ده بالتبعيه هيؤدي إلي حاجه أخطر بكتير وهي إن فلوس البلد هتكون إتحبست في شوية طوب وأسمنت وحديد مش عارف تسيلهم, ده معناه انخفاض القوة الشرائيه, يتبعه ركود وكساد.

بعيدا عن التفاؤل والتشاؤم, ما يحدث في سوق العقارات في مصر كارثه محققه, مصر تحتاج في السنة حوالي 500 ألف وحده سكنية, منهم 400 ألف لمحدودي الدخل, وحوالي 25 ألف وحدة للإسكان الفاخر.

وعندنا حوالي 12 مليون وحدة مغلقة الغالبية العظمي منها إسكان فاخر، راقب كام مشروع لوحدات الإسكان الفاخر امامهم كام مشروع خاص لمحدودي الدخل. الدولة مينفعش تبقي دورها تاجر أراضي, كل همها بيع أراضي للمستثمرين وجمع فلوس ومش مهم إيه اللي يحصل بعد كده, مش معقول كل فلوس البلد تتحط في استثمار عقاري لا يؤدي إلي تنمية حقيقيه والناس حتي مابتسكنش فيه, بدل ما تتحط في استثمارات إنتاجيه سواء زراعية أو صناعية أو مالية أو خدمية, استثمارات تشغل ناس وتعمل تنمية مستدامة, استثمارات تدخل عملة صعبة وتقلل الإستيراد وتزيد التصدير. أو حتى استثمارات في القطاع الخدمي ليكن في المواصلات العامة.

لابد من تفعيل جهة رقابية عندها القدرة والوسيلة إنها تضبط سوق التقسيط اللي شغال بلا ضابط ولا رابط.

لابد من تنظيم السوق العقاري قبل الفاس ما تقع في الراس، لازم المنظومة كلها تنتظم, الدولة تشتغل شغلتها كمخطط ومنظم ومراقب، مش سمسار أراضي أو مستثمر أو مقاول، والأهم من كل ده, هو هيكلة المنظومة الفاسدة في كل قطاعات الدولة, اللي بتخلي الناس تفكر 100 مرة قبل ما تستثمر في أي مشروع إنتاجي, وتستسهل الاستثمار في العقارات كمخزون للقيمة.

الكلام ده مش متوقع يحصل بكره, لكن لو محصلش تصحيح جذري للمسار يبقي كل اللي بنعمله هو تأجيل الإنفجار.

عموما, قبل الفقاعة العقارية في أمريكا ما تفرقع في ناس طلعوا حذروا من الفقاعة العقارية, وكانت البنوك الاستثمارية وشركات التأمين والشركات العقارية تقول عليهم مجانين, وكانوا بيردوا عليهم بمنتهي التعالي إن السوق العقاري الأمريكي زي الحديد… وبما ان اقتصاد مصر اكيد هش عن اقتصاد امريكا.

يا ريت بقى حد يوصل وجهة نظرنا المتواضعة لرئيس الوزارة الجديد المهندس مصطفى مدبولي اللي ايده في الشغلانة دي طول عمره، احتمال يكون كلامنا فيه شئ من الصحة يعملوا حساب لأبعاده لإن القطاع ده هو آخر حاجة شغالة في البلد، والناس كفاها دق على راسها خاصة الطبقة المتوسطة  اللي مشغلة البلد وهي الطبقة المستهدفة حالياً.

*كاتب المقال: مدير شركة الدار للتنمية العقارية.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى