رئيس التحرير

عاجل.. لرئيس وزراء مصر

د. أسامة بدير

بقلم: د. أسامة بدير

كانت التعاونيات الزراعية وستظل إحدي الدعائم الرئيسية للمجتمع المدني الريفى، ومحور رئيسي من محاور الواقع الاجتماعي والثقافى والمجتمعي في مصر، ما جعل الدستور يؤكد في العديد من نصوصه على مسئولية الدولة تجاه دعم وتطوير التعاون الزراعي، ورعاية مؤسساته، وإبراز أهمية الملكية التعاونية جنبا إلي جنب مع الملكية العامة والملكية الخاصة.

فـالتعاونيات الزراعية في مصر تضم 5,9 مليون أسرة من الفلاحين تشمل 57,7% من سكان مصر.

تحظي الحركة التعاونية الزراعية المصرية بتراث تاريخي شديد الأهمية، فلقد نشأت مع مطلع القرن العشرين بدعم عدد من الإصلاحيين الوطنيين، بهدف حماية الفلاح من هيمنة الاحتلال البريطاني والبنوك الأجنبية. وكانت طوال الخمسينيات والستينيات عنصرا هاما في إحداث التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بل والارتقاء بعملية الإنتاج الزراعي كما ونوعا، الأمر الذى ساعد كثيرا علي تحسين مستوى معيشة الفلاحين.

ومنذ منتصف السبعينيات من القرن الماضي أخذ دور التعاونيات الزراعية في التناقص، وانخفضت فاعليتها في مجال خدمة الإنتاج الزراعي حيث تولي معظم مهامها، ومسئولياتها، بنك التنمية والائتمان الزراعي (البنك الزراعى المصرى)، بموجب القانون رقم 117 لسنة 1976 حيث تم تسليم بنك التنمية والائتمان الزراعى مهام وأموال التعاونيات الزراعية، خاصة في ظل قانون التعاون رقم 122 لسنة 1980 والتي بلغت آنذاك نحو 250 مليون جنيه، بعد وقف أي دعم حكومي يقدم للتعاونيات، واعتمادها علي نفسها في تمويل أنشطتها.

الحقيقة أن بنك التنمية والائتمان الزراعي لم يستول فقط علي أموال التعاونيات الزراعية، بل استولي أيضا علي مقدرات وصلاحيات ودور الحركة التعاونية الزراعية، بدون وجه حق دستوري أو مجتمعي.

كما تعرضت التعاونيات الزراعية للعديد من المحاولات الشرسة تحت دعاوي التحرر الاقتصادي، والأخذ بتوجهات البنك والصندوق الدوليين بهدف تقليص دورها وتفريغه من أي دور فاعل حقيقي، كذلك إهدار حقها الدستوري من خلال أداء مهامها نحو الزراعة والفلاحين، بل وأيضا في المشاركة في وضع السياسات الزراعية، ما جعلها ضعيفة وغير محسوسة خاصة فى ظل الأزمات الاقتصادية، وذلك لأسباب عديدة منها التهميش وعدم الفاعلية، يضاف إلى ذلك كثرة التشريعات القانونية المنظمة للعمل التعاوني، وتزايد الرقابة وإشراف الدولة إلى درجة أدت إلى إفراغ الحركة التعاونية من مضمونها الشعبي التطوعي، وجعلها أقرب إلى الوحدات الحكومية، وكلها أمور بحاجة إلى إعادة النظر فيها.

يقينى جهود شاقة بذلت من أجل تخليص التعاونيات الزراعية مما لحق بها من عوامل الإهدار، وكافة أشكال التدخل الحكومي، وتقليص أدوارها، على مدار السنوات القليلة الماضية بهدف أن تستعيد عافيتها لصالح الفلاح والزراعة معا، وحماية الاقتصاد الوطنى من مخاطر التبعية، وعدم الاعتماد علي الخارج فى توفير السلع الرئيسية الضرورية لغذاء الشعب ولصناعاته الوطنية.

لكن أكاد اجزم أن هذه الجهود الحثيثة التى بذلك فى هذا الإطار ما زالت قاصرة على أن تحقق أهدافها، ما دامت لا توجد إرادة سياسية قوية ترغب فى مد يد العون لهذه التنظيمات التعاونية الزراعية، كى تنطلق فى سياق المبادىء الثمانية للحلف التعاونى الدولى الصادر عام 1966 وهى: باب العضوية المفتوح، وديمقراطية الإدارة، والعائد على المعاملات، والفائدة المحدودة على رأس المال، والتثقيف التعاوني، والحياد السياسي والديني والعنصري، والبيع بالنقد، والتعاون بين التعاونيات.

والسؤال الذى بات يطرح نفسه الأن بين خبراء التعاون الزراعى وكذا المزارعين: إلى متى ستظل الحكومات المتعاقبة تعطى ظهرها لملف – يعد من أخطر ملفات التنمية الريفية فى مصر- التعاونيات الزراعية سواء بعمد أو من غير عمد؟!

للتواصل مع الكاتب

[email protected]

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى