صناعة التقاوي ركيزة الأمن الغذائي في مصر والوطن العربي لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية
بقلم: أ.د.علي إبراهيم
أستاذ بمعهد بحوث البساتين – مركز البحوث الزراعية
تُعد صناعة التقاوي من الركائز الأساسية لتحقيق الأمن الغذائي في أي دولة، فهي نقطة البداية في السلسلة الزراعية. وفي ظل التحديات العالمية الراهنة، مثل التغيرات المناخية، الحروب، اضطرابات سلاسل الإمداد، والضغوط الاقتصادية العالمية، تزداد أهمية تطوير هذه الصناعة محليًا في مصر والوطن العربي لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل الاعتماد على الخارج.
أولًا: أهمية صناعة التقاوي
-
تحسين الإنتاجية الزراعية ورفع الجودة
التقاوي الجيدة تعني محاصيل أكثر جودة وإنتاجًا وأقل عرضة للأمراض والآفات. -
التحكم في جودة وسلامة الغذاء بعيدًا عن المهندس وراثيًا
التقاوي المحلية تساعد في إنتاج غذاء آمن وصحي يلائم الاحتياجات المحلية. -
تقليل فاتورة الاستيراد
الاعتماد على التقاوي الأجنبية يُكلف الوطن العربي ملايين الدولارات سنويًا، كما يجعله رهينة للتقلبات السياسية والاقتصادية الدولية.
ثانيًا: واقع صناعة التقاوي في مصر والوطن العربي
◀ مصر
تمتلك بنية أساسية علمية وبحثية جيدة في مجال التقاوي، مثل مركز البحوث الزراعية، ومعهد بحوث البساتين، ومعهد بحوث المحاصيل الحقلية.
تنتج مصر نسبة كبيرة من تقاوي المحاصيل التقليدية مثل القمح والأرز والذرة، لكنها لا تزال تعتمد على استيراد التقاوي عالية الجودة لبعض المحاصيل الاستراتيجية (كالخضر والفواكه الهجينة).
◀ الوطن العربي
معظم الدول العربية تعتمد بنسبة تفوق 70% على التقاوي المستوردة، خاصة في دول الخليج والمغرب العربي.
ضعف التنسيق البحثي وقلة الاستثمار في برامج التربية الوراثية والبحوث من بين أسباب تأخر هذه الصناعة.
ثالثًا: المتغيرات الإقليمية والدولية وتأثيرها على صناعة التقاوي
-
الأزمات الجيوسياسية والحروب
الحرب في أوكرانيا والصراع في البحر الأحمر رفعا أسعار النقل والبذور عالميًا، وفرضت بعض الدول المنتجة قيودًا على تصدير المدخلات الزراعية. -
تغير المناخ
يفرض تحديات على تكيف الأصناف الزراعية، ويؤكد ضرورة إنتاج تقاوي مقاومة للجفاف والحرارة والملوحة. -
تضخم أسعار المدخلات الزراعية عالميًا
التقاوي الأجنبية أصبحت باهظة الثمن، ما يضر بالمزارع العربي ويهدد الجدوى الاقتصادية. -
تطور التكنولوجيا الحيوية
دخول تقنيات مثل الهندسة الوراثية والذكاء الاصطناعي في التهجين يفرض تحديًا على الدول التي لا تواكب التطور البحثي.
رابعًا: دور التقاوي في تحقيق الأمن الغذائي
المجال | الدور الذي تلعبه التقاوي فيه |
---|---|
الإنتاج الزراعي | زيادة الغلة وتحسين الجودة |
تقليل الفاقد | مقاومة للأمراض والآفات تقلل الخسائر |
دعم التصدير | أصناف عالية الجودة تلائم المواصفات التصديرية |
التنمية الريفية | تقاوي مناسبة للبيئة المحلية تدعم المزارع الصغير |
خامسًا: الأثر الاقتصادي لصناعة التقاوي المحلية
-
خفض تكلفة الزراعة: تقاوي محلية أرخص ومتاحة بشكل دائم.
-
خلق فرص عمل: من خلال إنتاج وتوزيع وتربية الأصناف.
-
تحفيز البحث العلمي: دعم مراكز البحوث لتطوير أصناف محلية مناسبة.
-
تعزيز الأمن القومي الغذائي: التحكم المحلي في مصدر التقاوي = تقليل المخاطر السياسية والاقتصادية.
سادسًا: التحديات التي تواجه صناعة التقاوي في مصر والعالم العربي
-
ضعف التمويل المخصص للبحث العلمي الزراعي.
-
غياب التنسيق الإقليمي في برامج التربية والبذور.
-
هيمنة الشركات الأجنبية متعددة الجنسيات على سوق التقاوي.
-
نقص الوعي لدى المزارعين بأهمية استخدام التقاوي المحسنة.
-
القوانين والتشريعات الزراعية غير المحدثة.
سابعًا: التوصيات لمستقبل صناعة التقاوي في مصر والوطن العربي
-
إنشاء تحالف عربي لإنتاج التقاوي يضم مصر ودولًا ذات قدرات زراعية.
-
دعم وتوسيع برامج التربية النباتية المحلية وتمويل البحوث التطبيقية.
-
تطوير التشريعات والسياسات الزراعية لحماية الأصناف الوطنية.
-
الاعتماد على تقنيات الزراعة الذكية والتوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي.
-
دعم شركات القطاع الخاص في مجال التقاوي وإتاحة فرص الشراكة مع الحكومة.
وخلاصة القول
إن مستقبل الأمن الغذائي في مصر والوطن العربي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بامتلاك قرار إنتاج التقاوي. فكل بذرة مزروعة تحمل معها أملًا في الاكتفاء الذاتي، والسيادة الغذائية، والاستقرار الاقتصادي. وإذا أرادت الأمة العربية أن تؤمن غذاءها واستقلالها، فلا بد أن تبدأ من حيث تبدأ الزراعة: من البذرة، أول أمل في الحياة، الذي يزيد القدرة على مواجهة التحديات.
🔹 تابعونا على قناة الفلاح اليوم لمزيد من الأخبار والتقارير الزراعية.
🔹 لمتابعة آخر المستجدات، زوروا صفحة الفلاح اليوم على فيسبوك.