رأى

شهادة لله ثم للوطن وللتاريخ .. اعتبروها جرس إنذار

د.محمد علي فهيم

بقلم: د.محمد علي فهيم

باحث أول بمركز البحوث الزراعية

مزارعون مصر .. كأنهم أيتام على موائد اللئام، بل هم أسوأ حالاً، لأن كل خيرات المآدب من زرع أيديهم، ومع ذلك يحاصرهم الفقر وقلَّة الحيلة… إنهم الفلاحين والمزارعين، الشريحة الأكثر عملاً والأقل دخلاً.. الشريحة التى تُعيد صناعة أهم أسباب الحياة كل «طلعة شمس»، ومع ذلك يعيشون عند حد الكفاف تحت وطأة كوابيس الديون والمبيدات المغشوشة والأسمدة والتقاوي الغالية والضمائر الفاسدة ومفتين الجهل ومروجي الفقر في صور اكياس وعبوات ملونة.

الآن وليس غداً … حتمية اعادة ترتيب وتأهيل المنظومة الزراعية في كل المناطق الزراعية من ناحية الرقابة الصارمة “جدا” على سوق مستلزمات الانتاج من تقاوي ومبيدات ومخصبات ومن ناحية اعادة ترتيب وتأهيل التركيب المحصولي ومواعيد الزراعة اصبح لا يحتمل التأخير والتباطيء … مش هينفع يترك المزارع لهذا الكم من المعاناة والتخبط.

مزارعون ومنتجون يحاصرهم الفقر.. وعلماء عاجزون عن تطبيق أبحاثهم.. وشركات تتربح “ذهباً” من الاستيراد والتصدير وشياطين مردة فى صورة “خبراء واستشاريون” يملئون الدنيا صراخاً انهم هنا لمساعدة هذا المسكين وهم خنجر فى ظهره لا يحركهم الا الجشع والطمع فيما تبقي من هؤلاء المساكين.

فى هذا المقال الذي يناقش أهم قضايا الأمن القومى الزراعي المصرى، وهو مستلزمات الانتاج الزراعي سنطالع مفارقات مذهلة، من بينها أن مصر التى باعت شركة نوباسيد لإنتاج التقاوى والبذور، تحولت إلى واحدة من أكبر الدول استيراداً للبذور والتقاوى، وأن عدداً ضخماً من أكفأ الباحثين المصريين فى هذا القطاع يعانون أشد المعاناة من عقبات رهيبة تحاصرهم وتمنعهم من تسجيل أصنافهم المحلية من التقاوى والبذور. والأمر ذاته ينطبق على الباحثين والعلماء فى مجال المخصبات والمبيدات الحيوية.

ولهذا أطالب وبشدة بتشكيل “هيئة وطنية” تتولى مسئولية الرقابة على كل سوق مستلزمات الانتاج الزراعي من مبيدات ومخصبات وتقاوي واعلاف ، وأن يتولى جهازا سيادياً مسئولية الاشراف عليها واداراتها … مع تغيير شامل لمنهجية تسجيل وتقييم الاصناف النباتية والمبيدات والمخصبات والتى يتم العمل بها من عشرات السنين بدون اى مراعاة لكل الظروف “المتغيرة” من مناخ “حاد وعنيد” ومنظومة زراعية وتسويقية عشوائية ومرتبكة.

هل من ضوء يلوح فى نهاية هذا النفق المعتم؟. الأفكار كثيرة، والحلول جاهزة متاحة لمن يبحث عنها صادقاً، ولكنها ستظل مثل «إبرة» ضائعة فى بحر الرمال، طالما أن هناك مَن يعطل مسيرة هذا الوطن لمصالح ذاتية ضيقة ولا يريد أن يعمل ويفكر او يجتهد ويخطط المساعدة في الخروج من مذلة الاعتماد على الخارج فى تأمين غذائنا.

اسمعوها مني..

لن يكون المزارع حقل “تجارب” مرة أخرى لاحد …
لن يكون المزارع هو الحلقة الأضعف مرة أخرى …
لن يكون المزارع موضع استهتار واستخفاف مرة أخرى ..
لن يكون المزارع لقمة سائغة فى افواه أكلي السحت مرة أخرى …

– إلى كل محتكري سوق مستلزمات الانتاج …
– إلى كل المدلسين بدعوى دعم ومساندة المزارع …
– إلى كل باخسي حق المزارعين فيما انتجت يداهم …
– إلى كل يتعامل مع المزارع على انه “البقرة” الحلوب ….

لن ينفعكم جمعكم … فما اجتمعت الا على باطل

ولن يستقيم حال قطاعنا الزراعي الا بالسيطرة التامة الكاملة الشاملة علي سوق مستلزمات الانتاج.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. أنا مع د. محمد علي فهيم في كل ما قال.. ولقد كتبت كثيرا في هذا الموضوع وقلت إن الفلاح المصري هو أكثر الناس ظلما واكثر الناس عملا في هذا البلد في أيام السلم وايام الحرب وايام الازمات والثورات دون مقابل يذكر.. والسبب إنه ان توقف عن العمل يوما واحدا لن يجد قوت يومه.. لن يجد من يسأل عنه ويكون مهدد بدخول السجن لكثره ما عليه من ديون للبنك ولغير البنك..
    الفلاح المصري هو أكثر الناس ظلما في هذا الوطن.. اقلهم دخلا واقلهم رعايه صحيه واقلهم تعليما..
    الفلاح المصري هو فريسه لتجار المبيدات و المخصبات و الاسمده و التقاوي المغشوشه.. لإنه ليس له سبيل آخر ليشتري مستلزمات انتاجه ..
    تجار المبيدات والاسمده و المخصبات يبيعون المركبات المغشوشه للفلاح علي مرئي ومسمع من الجميع دون أن يجدوا من يحاسبهم و الفلاح هو الضحيه..
    التجار يشترون المحاصيل الزراعيه من الفلاح بابخس الاسعار لإنه ليس له سبيل آخر ولا يوجد نظام لتسويق الحاصلات الزراعيه بأسعار مناسب ومجزيه للفلاح..
    الفلاح المصري لايجد من يمده بأحدث أساليب الزراعه الحديثه رغم إن مكتبات مراكز البحوث الزراعيه وكليات الزراعه مليئه ومتخمه بالابحاث و الرسائل العلميه.. ولكن لا أحد يعرف عنها شئ..
    الفلاح المصري لا يجد امامه سوي تجار المبيدات ليأخذ مستلزمات انتاجه و وصفات لمقاومه الامراض والحشرات التي تهاجم مزروعاته.. رغم ان مراكز البحوث الزراعيه مليئه بالباحثين المتخصصين في جميع المجالات ولكن ليس هناك حلقات وصل بينهم.. إلا من رحم ربي
    الكلام كثير عن ظلم الفلاح المصري وكما قال الزميل د. محمد علي فهيم هذه شهاده لله وللوطن ونرجو ان يكون هناك اهتمام أكثر بالفلاح حتي لايظل ان ياكل الفتات علي الموائد ويكون مثله كباقي المواطنين كما ذكر الزميل العزيز..
    ونحن نعلم إن الدوله تبذل الكثير من الجهد لتعديل المسار والنهوض بمستوي الفلاح ولكن مافيا الجشع وقله الضمر ما زالت هي ألاقوي…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى