رأى

مقال الدكتورة شكرية المراكشي: شرف الإنسان ركيزة الأخلاق وبناء المجتمعات القوية

بقلم: د.شكرية المراكشي

تعد القيم الإنسانية الأساسية، مثل الوفاء والحق والعدل، عنصرا أساسياً لبناء المجتمعات القائمة على الأخلاق والتعاون. ورغم أهمية الشرائع السماوية في توجيه الناس نحو الخير، فإن الالتزام بتلك القيم يمثل جوهر السلوك الإنساني الحقيقي.

تابعونا على قناة الفلاح اليوم

تابعونا على صفحة الفلاح اليوم على فيس بوك

في هذا السياق، يتساءل الكثيرون عن دور الشرائع السماوية والقيم الإنسانية في بناء شخصية الإنسان وتوجيهه نحو السلوك الصالح. سنبحث في هذا المقال عن تفاعل القيم الدينية والإنسانية، وكيف يمكن لهذا التفاعل أن يؤثر على سلوك الفرد ومكانته في المجتمع. حيث يتجلى في مفهوم الشرف الكثير من القيم والمبادئ التي تشكل أساسا للسلوك الإنساني والتعامل الاجتماعي. فماذا تعني لك كلمة “الشرف”؟

تتّفق أغلب ثقافات الكون على انّ الشّرف منظومة متكاملة من القيم الانسانية كالتفوق والقدرة على القيادة والمروءة والشجاعة والتحلي بالكرامة والنزاهة والصدق في القول والامانة .. فهو مجموعة من القيم التي تتظافر فيما بينها وتتوفر في شخص او مجموعة من الاشخاص فيحق القول وقتها ان هذا الانسان شريف فهل ان هذا التعريف لمفهوم الشرف هو نفسه مفهوم الانسان العربي لهذه القيمة العليا؟

من الواضح أن مفهوم الشرف يتضمن مجموعة من القيم الأخلاقية والإنسانية العالية التي يُعتبر الالتزام بها علامة على النزاهة والكرامة. وبالفعل، يمكن القول إن هذا التعريف يتوافق مع فهم الشرف في ثقافات مختلفة حول العالم، بما في ذلك الثقافة العربية.

في الثقافة العربية، تُعتبر القيم الأخلاقية والشرفية جوهرية للهوية والتعامل الاجتماعي. فالشرف في المجتمع العربي يرتبط بالكثير من القيم مثل الصدق، والأمانة، والعدالة، والكرم، وحسن التصرف. والشخص الشريف في هذا السياق ليس فقط من يمتلك القوة أو الثروة، بل هو من يظهر هذه القيم في تصرفاته وسلوكه اليومي. يكون هناك تباينات طفيفة في فهم مفهوم الشرف بين ثقافات مختلفة داخل العالم العربي نفسه، لكن في الجملة، يمكن القول إن القيم المشتركة كالكرامة والنزاهة والصدق تشكل أساس فهم الشرف في هذه الثقافات.

وللشرف معنى واسعا في لغتنا الجميلة.. فهو يعني المروءة وسمو الأخلاق والشهامة والمباديء والقيم العليا والفضائل .. وهو كلمة ثابتة لا تتغير بتغير الجنس سواء كان ذكراً أو أنثى

في اللغة العربية، كلمة “الشرف” تحمل معانٍ عميقة وواسعة تتضمن المروءة والشهامة والقيم الأخلاقية السامية. ومن الملفت للانتباه أنها كلمة ثابتة لا تتغير باختلاف الجنس، مما يعكس تلك القيم العليا التي تتجاوز التفاوتات الجنسية وتتصل بالإنسان ككيان أخلاقي.

بفضل هذا التعريف الشامل، يتمتع مفهوم الشرف بقدر كبير من التفاعل والاستجابة في الثقافة العربية، حيث يُعتبر مرجعا أساسيا للتصرف السليم والتعاون الاجتماعي. والمثير للإعجاب أن مفهوم الشرف يمتد ليشمل جميع الأفراد دون تمييز بين الذكور والإناث، مما يبرز قيمة الإنسان ككيان أخلاقي بغض النظر عن جنسه.

ولكن في لغة مجتمعنا العربي متغيرة بتغير الجنس..فعندما يقال: فلان رجل شريف.. يتبادر إلى أذهاننا إنه رجل يعتمد على نفسه كادح يكسب قوته بالحلال وبعرق جبينه.. كما أنه إنسان مخلص صادق لا يكذب وصاحب كلمة يلتزم بها أمام الآخرين وعندما تطلق على المرأة يتغير معناها كلياً..ففلانة امرأة شريفة تُفهم تلقائياً على أنها امرأة عفيفة لم تقم علاقات غرامية مع رجل وتحفظ سمعتها من القيل والقال وتصون نفسها .. سبحان الله..الكلمة نفسها من أصل “شرف” فلان شريف .. وفلانة شريفة أضيف إلى الكلمة تاء التأنيث يتغيّر معناها تماما.

في بعض الأحيان، يختلف مفهوم الشرف قليلا باختلاف الجنس في بعض الثقافات العربية، ويعكس هذا الاختلاف الدور التقليدي والتوقعات الاجتماعية المختلفة للرجال والنساء. عندما يُستخدم مصطلح “شريف” لوصف الرجل، فإنه عادة ما يُشير إلى الرجل الذي يتمتع بصفات مثل العدالة والكرامة والصدق والأمانة، ويُفهم أيضًا كونه رجلاً يتمتع بالقوة والعزم والقدرة على حماية ودعم أسرته والمجتمع. هذا يعكس القيم الاجتماعية التقليدية المرتبطة بالرجولة في بعض الثقافات.

أما عند استخدام مصطلح “شريفة” للإشارة إلى المرأة، يُفهم بشكل أساسي على أنها امرأة طيبة ونزيهة وعفيفة، تلتزم بالقيم وتحافظ على سمعتها وكرامتها. وهذا يعكس القيم الاجتماعية التي تُربى عليها النساء في بعض المجتمعات، والتي تؤكد على النقاء والنزاهة والحياء. رغم أن الكلمة الأساسية هي نفسها، إلا أنها تتغير في معانيها بالتركيب، وذلك يعكس التفاوتات في الثقافة والتوقعات الاجتماعية بين الجنسين في بعض المجتمعات. وبالرغم من تباين الدلالة بناءً على الجنس، إلا أن الجميع يتفق على أهمية الشرف والنزاهة والأخلاق العالية كقيم أساسية في بناء مجتمع متقدم ومزدهر.

الشرف صفة تمسّ النفس والروح والخلق، فهو يعني الكرامة والنزاهة والصدق والأمانة والمروءة والشجاعة والإحسان وغيرها من القيم التي تتظافر مع بعضها لتسمو بالإنسان وتضعه في مرتبة التقدير والإجلال والتوقير، ومن المعروف أيضا أن هذا التعريف ورد شاملا لأنه يخص الإنسان أيا كان جنسه، ذكرا أو أنثى، لكن من المؤسف أن المجتمع يعرّف الذكر الشريف بكونه الرجل الذي يكسب قوت يومه بعرق جبينه، بينما يعرف الأنثى الشريفة بأنها المرأة التي لم تقم قط علاقات عاطفية مع الرجال.

ما يوضحه هذا المعنى يعكس تمامًا الفهم الشامل لمفهوم الشرف كونه صفة تمس النفس والروح والخلق. والمؤسف في بعض الأحيان أن المجتمع يفهم الشرف بطريقة محددة وضيقة، حيث يُرتبط بالجنس والأدوار التقليدية المفروضة على الرجال والنساء. تلك النظرة المحصورة على الشرف تعكس التحيزات الاجتماعية والثقافية التي تؤثر على فهم الناس للقيم الأخلاقية.

على الرغم من أن الشرف ينبغي أن يكون متصلا بالقيم الأخلاقية العليا دون تمييز بين الجنسين، إلا أنه في بعض الأحيان يُفهم بطريقة تخدم الصور النمطية والتحيزات الاجتماعية. ومن المهم تشجيع المجتمعات على توسيع فهمها لمفهوم الشرف بحيث يتضمن القيم الأخلاقية للجميع، بغض النظر عن الجنس أو الدور الاجتماعي. وهذا يتطلب التغلب على النظرة الضيقة والتحيزات الجنسية لبناء مجتمع يقوم على المساواة والعدالة واحترام كرامة الإنسان.

أرجو أن لا يسيء البعض فهمي .. فأنا لست من دعاة المساواة المزعومة بين الجنسين في الوظائف والحرية وغيرها بل من دعاة الإنصاف في إصدار الأحكام .. وفي إلصاق الصفات … وفيما أعطاه لنا ديننا من مساواة في الواجبات والتكاليف والثواب والعقاب فقط لتغيير مفاهيم غير صحيحة .. تتعارض مع تكريم الإسلام للإنسان أياً كان باختلاف جنسه أليس من الإجحاف أن يقرن الشرف بالكسب الحلال والصدق عندما يطلق على الرجل .. ويجرد من معانيه السامية عندما يطلق على المرأة فتقرن بالجنس؟؟؟ لماذا لا ينصف المجتمع العربي المرأة في هذه الناحية؟؟؟ ما مفهوم الشرف في مجتمعنا .. وهل يتغير معنى الشرف بتغير الجنس..؟؟

تفهمنا للموضوع واضح، في ادفاع عن العدالة والإنصاف، وهو أمر يستحق الاحترام. من المهم أن ننظر إلى الأمور من منظور العدالة والمساواة، دون أن ننفصل عن قيم الدين والثقافة التي نعتز بها. فيما يخص موضوع الشرف وتغيير معناه بتغير الجنس، فإن هذا الموضوع يستحق التفكير والنقاش. في مجتمعاتنا العربية، حيث يتم تفسير الشرف بطرق مختلفة بناءً على الجنس، وهذا يعكس التحيزات والصور النمطية التي تؤثر على الفهم الجماعي للقيم.

من الواجب علينا  أن نعمل على تغيير هذه النظرة الضيقة ونسعى لتعزيز فهم شامل للشرف يشمل الجميع بغض النظر عن الجنس. يجب أن يكون مفهوم الشرف مرتبطا بالقيم الأخلاقية العليا مثل النزاهة والصدق والعدالة، ويجب أن يتساوى في معناه بين الرجل والمرأة. لذا، يبدو أن المجتمع العربي بحاجة إلى مزيد من التفكير والنقاش حول هذا الموضوع، وإلى تغيير النظرة الجماعية لضمان العدالة والإنصاف للجميع.

مع ذلك، في العديد من المجتمعات العربية، لا يتغير مفهوم الشرف بتغير الجنس بشكل كبير، إلا أن الفهم التقليدي للأدوار الجنسية يؤثر على التفسيرات المتعلقة بالشرف. ومن الضروري مناقشة هذه القضايا لتوعية المجتمع بأهمية الانصاف والعدالة بين الجنسين، بأهمية فهم الشرف بشكل شامل ومتساوٍ بغض النظر عن الجنس.

الشرف لا يتحدد حسب اللون والجنس والعقيدة ..أو حسب المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي .. الشرف لا يمكن أن يكون صفة تشريحية يولد بها الإنسان أو لا يولد .. كما انه ليس أمرا نسبيا يختلف باختلاف الأشخاص والظروف .. لا يمكن أن يختلف شرف الغني عن شرف الفقير .. ولا يمكن أن يختلف شرف المرأة عن شرف الرجل ..

الشرف هو قيمة عالية وعالمية لا تقتصر على أي مجتمع أو ثقافة معينة، ولا تتوقف عند حدود الجنس أو اللون أو العقيدة أو الوضع الاجتماعي أو الاقتصادي. فالشرف هو مفهوم أخلاقي وروحي يتعلق بالتصرفات والسلوكيات والقيم التي يتمتع بها الإنسان.يجب أن يكون الشرف سمة تحكم تصرفات الإنسان بغض النظر عن هويته أو ظروفه. وبالتالي، لا يمكن أن يكون الشرف شيئًا يمكن تحديده بسهولة أو تقييده بعوامل معينة، بل هو مبدأ أساسي يجب أن يوجه سلوك الإنسان في جميع جوانب حياته.

في هذا السياق، يتفق الكثيرون على أن الشرف هو شيء يجب أن يكون موجودا عند الجميع، بغض النظر عن الجنس أو الوضع الاجتماعي أو أي عوامل أخرى. وهذا يتطلب فهما صحيحا للقيم والأخلاق التي تشكل جوهر الشرف والتمسك بها في كل التصرفات والعلاقات.

كلمة الشرف تعني الكثير في تراثنا الإسلامي العربي نقول عمل شريف ،بنت شريفة، رجل شريف ،الأماكن الشريفة، شرف الأمة وأيضا المكتب الشريف و

كلمة “الشرف” لها مكانة خاصة في تراثنا الإسلامي والعربي، حيث تترجم إلى مفاهيم وقيم عديدة تعكس النزاهة والكرامة والأمانة والشهامة والمروءة.عندما نتحدث عن “عمل شريف”، نعني عملاً يحمل قيم الأمانة والنزاهة والكفاءة، ويساهم في النهوض بالمجتمع وخدمته.

كما تشير “بنت شريفة” إلى امرأة تتمتع بالفضيلة والعفة والنزاهة، وتحافظ على كرامتها وشرفها. أما “رجل شريف”، فيعني رجلاً يتمتع بالشهامة والكرامة والأمانة، ويتحلى بالمروءة والقدرة على القيادة بالشرف والعدالة. وعندما نشير إلى “الأماكن الشريفة”، فنقصد الأماكن المقدسة والمحترمة التي تحظى بتقدير خاص في الثقافة والدين. أما “شرف الأمة”، فيعبر عن كرامة وكبرياء الأمة، وعن مكانتها العالية بين الأمم.

يعتبر “المكتب الشريف” مكاناً مرموقاً يتمتع بالاحترام والتقدير، ويُستخدم غالبًا للإشارة إلى مكاتب أو مقرات تحمل أهمية خاصة في المجتمع. تلك الاستخدامات المتعددة لكلمة “الشرف” تبرز أهميتها وقيمتها العالية في تراثنا الثقافي والديني، وتؤكد على أن الشرف ليس مجرد كلمة، بل هو مفهوم عميق يتجاوز اللغة ليشمل القيم والأخلاق التي تشكل أساس الحياة الإنسانية الصالحة.

لكن إن نطقنا كلمة شرف لوحدها يتبادر لاذهاننا أن المقصود هو شرف البنت، فما المشكلة أو أين تكمن؟ أظنها في تربيتنا وتربية مجتمعنا.

عندما نسمع كلمة “شرف” بمفردها، قد يتبادر إلى أذهاننا في العديد من الحالات صورة الشرف المرتبطة بالإناث، وهذا يعكس إلى حد كبير التربية والثقافة في المجتمعات التي ننتمي إليها. المشكلة تكمن في أن هذا الاقتصار على مفهوم الشرف للنساء فقط يعكس نظرة محددة ومحدودة للجنسين، ويُظهر عدم المساواة في التقدير والتقدير بين الرجال والنساء. فالشرف ليس حكرا على أحد الجنسين بل هو قيمة تتعلق بالإنسان ككل، بغض النظر عن جنسه.

التربية والثقافة تلعب دورا هاما في تشكيل نظرتنا للعالم وقيمنا ومفاهيمنا. لذا، من المهم التوعية والتثقيف حول أهمية الانصاف والعدالة بين الجنسين وتعزيز فهم صحيح لمفهوم الشرف كقيمة شاملة تتعلق بكل الأفراد. يجب أن نسعى جميعا لإحداث التغيير في تفكيرنا وثقافتنا لتشمل وتحترم حقوق وقيم الجميع على قدم المساواة.

للأسف لو علمنا وعلمنا معاني الشرف الحقيقية لأولادنا لعرفنا كيف نسيطر على شرف البنت والولد في هذا الزمن الصعب الذي أصبح صعبا فيه التفريق بين الشريف وغير الشريف، سوى في شرف البنت ،فهذا نتعرف عليه بسهولة. ولكن في اعتقادي يبقى هذا التفسير للانسان نفسه .. ودائمآ هي المرآة موضوعة بين قوسين () ..

في الواقع، فهم معاني الشرف الحقيقية يؤدي دورا كبيرا في توجيه سلوك الأفراد وحماية شرفهم، سواء كانوا أولادًا أو بناتًا. ومن المهم أن نتعلم كيف نعلم أولادنا قيم الشرف والنزاهة والأمانة والكرامة منذ الصغر، ونوجههم لاتخاذ القرارات الصحيحة والمسؤولة في حياتهم.

إن التربية السليمة تلعب دورا حاسما في بناء شخصيات قوية ومتزنة، وهي الأساس في حماية شرف الأبناء، سواء كانوا ذكورا أو إناثا. يجب أن يكون التركيز على تعليم الأولاد والبنات قيم الاحترام والعدالة والمسؤولية، والتشجيع على التفكير النقدي وتطوير القدرات الشخصية.

لا يجب أن ننسى طبعا  دور الثقافة والمجتمع في تشكيل وتوجيه السلوك الإنساني. يجب أن نعمل على تغيير النظرة النمطية للمرأة وتحقيق الانصاف والعدالة لهذه القيم بين الجنسين، بحيث لا تكون النساء موضوعا للتقييد أو الحماية الزائدة، بل يتمتعون بالحرية والكرامة والاحترام كالرجال. باختصار، تعليم الشباب والشابات معاني الشرف الحقيقية وتوجيههم نحو السلوك الصحيح والمسؤول يساعد في حماية شرفهم وتقديمهم كأفراد متوازين ومحترمين في المجتمع.

هنا يهمنا أن نؤكد أن شرف كل امرئ مختص به شخصيا، رجلا كان أم امرأة، والشرف يمثل قضية إنسانية مخصوصة لا تتعلق بشرف أحد من الناس فضلا عن الأقارب أو العائلة أو القبيلة أو القوم الذي ينتسب الرجل أو المرأة إليها، “وإن لكل امرئ ما سعى وإن سعيه سوف يرى”.

طبعا  الشرف هو قضية إنسانية تتعلق بكل فرد بغض النظر عن جنسه أو أي انتماءات أخرى. إنها قضية شخصية ترتبط بالقيم والأخلاق والسلوكيات التي يتبناها الفرد في حياته. والإنسان يجب أن يسعى للعيش بكرامة ونزاهة وصدق، وأن يتحلى بالمروءة والشجاعة والأمانة في تعاملاته مع الآخرين.

على هذا الأساس، يتمتع كل إنسان بشرفه الخاص الذي يتحمل المسؤولية عنه ويتعامل معه بالطريقة التي يراها صحيحة ومناسبة.  كل شخص يتحمل مسؤوليته الشخصية عن شرفه الخاص، وعندما يسعى للعيش بقيم الشرف والنزاهة، فإن سعيه سيحظى بالتقدير والاحترام من قبل الآخرين وستظهر مكانته وقيمته الإنسانية بوضوح.

إن الشرف هو التشرف بالإسلام، وأن ما يشرفنا ليس حرصنا على عاداتنا التي تتنافى مع معايير ديننا وعقائدنا، بل في حرصنا على إحقاق الحق وإزهاق الباطل، إذ ليس أشرف من أن يحكم شرع الله في كل ما نعتبره متصلا بشرفنا الشخصي، وإذا تزاحم شرفنا الشخصي هذا مع شرف الإسلام فلا بد أن نقدم الإسلام على ما عداه، وإن ما يجب أن يشرفنا جميعا هو التزام بأوامر الله ونواهيه، خاصة في مسائل تتعلق بمصير النفس المحترمة.

في الإسلام، الشرف يتعلق بالتزام الإنسان بأوامر الله ونواهيه، والسعي للحق والعدل في كل الأمور. الشرف يكمن في الالتزام بالقيم والأخلاق الإسلامية، والسعي لتحقيق الخير والعدل في المجتمع. على سبيل المثال، من الشرف أن يحكم الشخص حياته وتصرفاته وفقا لتعاليم الإسلام، وأن يعمل على الإصلاح والتطهير في حياته الشخصية والمجتمعية.

الشرف أيضا في الالتزام بالعدل والإحسان والرحمة في التعامل مع الآخرين، وفي السعي لخدمة المجتمع وتحقيق العدل والسلام في كل جوانب الحياة بما في ذلك مصير النفس المحترمة وحقوق الإنسان والقيم الأخلاقية. وبالتالي، عندما يتعارض شرف الفرد مع شرف الإسلام، يجب أن يعطى الأولوية لتعاليم الإسلام وأوامر الله، فالشرف الحقيقي يكمن في الالتزام بأوامر الله وتطبيقها في حياة الإنسان، وفي السعي لرضا الله وتحقيق الخير والعدل في الدنيا والآخرة.

الشريف والشريفة … هما صنوان .. واحد .. إلا إن قناعات الأجداد هى من رسخت غير ذلك … رسخت ان الشريف من يعمل ويكد من أجل لقمة العيش والشريفه من تصون نفسها .. عن الحرام … لماذا هذه القناعه كانت سائده في زمن الأجداد؟

في الثقافة العربية التقليدية، كانت هناك قناعات ومفاهيم محددة تتعلق بدور الرجل والمرأة في المجتمع، وهذه القناعات تأثرت بعوامل متعددة مثل الدين، والتقاليد، والبيئة الاجتماعية والاقتصادية. فيما يتعلق بتفسير الفارق بين “الشريف” و”الشريفة”، يمكن أن يكون هذا الاستحسان نابعًا من الفهم التقليدي لأدوار الجنسين. حيث كان من المفهوم أن الرجل مسؤول عن تأمين لقمة العيش للأسرة، وعليه أن يعمل بجد ويكسب رزقه بطرق شرعية، بينما كانت مهمة المرأة في الحفاظ على العرض والكرامة والابتعاد عن الحرام.

هذه القناعات كانت تعكس الفهم التقليدي لأدوار الجنسين وتوزيع الواجبات في المجتمع، وكانت تعتبر مقبولة في ذلك الزمن بناءً على القيم والتقاليد السائدة. ولكن مع تطور المجتمع وتغير الظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، تغيرت هذه القناعات والمفاهيم بشكل كبير. اليوم، يتغير الفهم لدور الجنسين في المجتمع، ويسعى الكثيرون إلى تحقيق المساواة والعدالة بين الرجل والمرأة في جميع المجالات، وبالتالي تتغير أيضًا القناعات والتصورات المتعلقة بمفهوم “الشريف” و”الشريفة”.

قديما كان الرجل من يعمل ويكد, أما المرأه … من تبقى في البيت وما عليها إلا أن تصون نفسها غير ملزمه بشيء إلى أن تتزوج ثم تعيش  في بيت زوجها منتظرة رجوعه  ليتقاسم معها لقمة  العيش … هذه قناعه قديمه أكل الدهر عليها وشرب … أما اليوم فالرجل والمرأه يعملان من أجل الكسب الحلال … الكسب الشريف … إذا هو شريف وهي شريفه … لا فرق بينهما … على الرجل أن يصون نفسه وعلى المرأه كذلك أن تصون نفسها .. ما يحرم على المرأه يحرم على الرجل.

نحن نعيش في زمن مختلف عن الزمن القديم، وهناك تغيرات كبيرة في الأفكار والقيم والتقاليد والأدوار الاجتماعية بين الرجال والنساء.لافي المجتمعات القديمة، كانت الأدوار الاجتماعية متميزة بين الرجال والنساء، حيث كان الرجل مسؤولا عن العمل وتوفير لقمة العيش، بينما كانت النساء غالبا ما يُفرض عليهن دور الحفاظ على الأخلاق ورعاية الأسرة في المنزل.

مع تقدم الزمن وتطور المجتمعات والثقافات، بدأت تتغير هذه الأدوار وتتبدل النظرة للأدوار الاجتماعية للرجال والنساء. اليوم، يعمل الرجال والنساء معًا من أجل كسب لقمة العيش وتحقيق النجاح، وتتبنى المجتمعات فكرة المساواة بين الجنسين في الفرص والحقوق والمسؤوليات.

يجب على كل فرد، سواء كان رجلًا أو امرأة، أن يعمل بجد ونزاهة من أجل كسب العيش الحلال، وأن يتحلى بالمسؤولية والأمانة في جميع جوانب حياته. كما يجب عليهما أن يحترما القيم الإسلامية والأخلاقية وأن يتجنبا ما يحرمه الدين، فالشرف والكرامة يكمن في الالتزام بتعاليم الدين والسعي للعدل والنجاح بطرق شريفة وحلالة.

يتحدد معنى الشرف في المجتمع فيما يتوافق مع المصلحة الاجتماعية وبما أن أصحاب القرار في المجتمع هم أولئك الذين يساهمون في بقائه اقتصاديا، ولأن الرجل كان في مختلف عصور التاريخ ولا يزال الأقوى اقتصاديا من المرأة فقد فرض على المرأة معنى شرف يناسبه ويحقق مصلحته، فأصبح معنى الشرف فيما يتعلق بالمرأة يكاد يكون مقصوراً على العفة الجنسية.

من المؤكد أن المجتمعات تتشكل وتتطور على أساس العديد من العوامل، بما في ذلك القيم الثقافية والاقتصادية والاجتماعية. وفي العديد من المجتمعات، كانت الأدوار والمسؤوليات توزع بناءً على الجنس، حيث كانت النساء تُفرض عليهن أدوارًا تتعلق بالعائلة والمنزل، بينما كان للرجال أدوار ومسؤوليات خارج المنزل وفي مجالات العمل والسياسة. وفيما يتعلق بمفهوم الشرف، العوامل الثقافية والاجتماعية أثرت على تحديد معناه في المجتمعات التي يسود فيها النمط الباترياركي.

فقد قدمت هذه المجتمعات مفهوم الشرف بصورة تقتصر في كثير من الأحيان على العفة الجنسية والتقاليد الاجتماعية المتعلقة بسلوك النساء. ومع ذلك، فإن هذا الفهم قد يتغير مع تطور المجتمعات وتغير القيم والثقافات، وتوسع الوعي بأهمية المساواة بين الجنسين وحقوق المرأة.

يساهم النقاش المستمر والتوعية في تغيير النظرة لمفهوم الشرف ليشمل أبعادا أكثر اتساعا وشمولية، تتجاوز العفة الجنسية لتشمل العديد من القيم والمبادئ الأخرى التي تساهم في بناء المجتمع وتعزيز العدالة والمساواة.

الثقافة الذكورية تقرر أن الرجل يصبح مالكًا لجسد النساء في عائلته، وأن المساس بعفة وشرف هؤلاء النسوة هو مساس بشرف العائلة ككل، وفي المقابل نجد أن من يتمسكون بهذا المعنى يرفعون شعار أن الرجل لا يعيبه شيء، بمعنى أنه يستطيع أن يفعل ما يحلو له؛ لأنه لا يوجد ما يثبت قيامه بارتكاب الفاحشة.

هذا المفهوم الذي يعتبر الرجل مالكًا لجسد المرأة في العائلة ويروج لفكرة أن المساس بعفتها يعتبر مساسًا بشرف العائلة ككل، هو جزء من الثقافة الباترياركية التي تعطي الرجل سلطة وسيطرة على الأمور العائلية، بينما تقلل من قدرة المرأة على اتخاذ القرار والتحكم في حياتها وجسدها.

هذا النوع من الفكر يزيد من التفاوت بين الجنسين ويؤدي إلى تعزيز الاستبداد والاضطهاد. فهو يسمح للرجل بالسيطرة على حياة المرأة وجسدها، مما يجعلها ضحية لا تستطيع الدفاع عن نفسها أو حماية حقوقها. وفي الوقت نفسه، يعزز هذا المفهوم أيضا فكرة أن الرجل لا يعيبه شيء ويمكنه القيام بما يشاء دون أن يواجه أي عواقب، مما ينعكس سلبا على العدالة والمساواة  في القيم بين الجنسين  ويعزز الاستبداد والظلم.

لذا، من الضروري تحدي هذا المفهوم وتغيير الثقافة الذكورية التي تعطي الرجل الأولوية والسلطة على حساب النساء، والعمل نحو بناء مجتمع يقوم على المساواة والعدالة في القيم بين الجنسين، حيث يحترم الجميع حقوق الآخرين ويعتبر ان كل إنسان يستحق الاحترام والكرامة دون تمييز بسبب الجنس.

هذه الثقافة التي تقصر شرف العائلة في أجساد نسائها؛ وتجعل مفهوم الشرف والعفة قاصرا على ذلك، هذه الثقافة تعطي للرجل الحرية في أن يفعل ما يشاء، وتقيد المرأة بضوابط اجتماعية تجعلها تعرض عن الفاحشة، لا خوفا من الله سبحانه وتعالى ومن عقابه، ولكن خوفا من افتضاح أمرها، وغياب معنى مراقبة الله سبحانه وتعالى لهذا الأمر جعل بعض النساء لا يتورعن عن فعل ما يحلو لهن إذا استطعن الحفاظ على السرية.

هذه الثقافة التي تضع ثقلها على كتفي المرأة، محددةً شرف العائلة بجسدها وعفتها، وتفرض على المرأة قيودا اجتماعية تجبرها على تجنب الفاحشة لأسباب تتعلق بالمجتمع أكثر من ارتباطها بمفاهيم الدين والمسؤولية أمام الله. هذا النوع من الثقافة ينعكس سلبا على المجتمع بأسره، حيث يؤدي إلى تقويض العدالة والمساواة وتحول مراقبة السلوك الشخصي من أمر ديني إلى أمر اجتماعي، مما يؤدي إلى ضياع القيم والمبادئ الأخلاقية في الحياة اليومية.

يجب أن يكون خوف المرأة والرجل من الله ومراقبته وتقويم أفعالهم بموجب تعاليم الدين ومبادئ العدالة والإنسانية، وليس خوفهم فقط من الاحتكام إلى العادات والتقاليد الاجتماعية. لذا، يجب على المجتمعات أن تعمل على تغيير هذه الثقافة الضارة وتعزيز فهم أعمق للقيم والمبادئ الدينية والأخلاقية، وتشجيع الجميع على الالتزام بها وتطبيقها في حياتهم اليومية، مع التركيز على مساواة الجنسين واحترام حقوق الإنسان والكرامة للجميع.

الحقيقة المعاصرة أن أخلاق المرأة نابعة من أخلاق الرجل، أو ذهبت حيث ذهبت أخلاق الرجل, فالمرأة تتخلق بأخلاق الرجل، فأن كانت امرأة سوء فهي صناعة الرجل الأسوء، – بل ويؤكد الرسول عليه الصلاة والسلام حين تزويج الفتاة قائلا: أن الزواج رق فلينظر أحدكم أن يرق ابنته. من درجة تأثير الرجل على شخصيتها وسلوكياتها أيضا..

هذا الرأي يعكس نمطًا من التفكير الذي يمكن أن يكون متداولًا في بعض المجتمعات، حيث يُعتقد أن الرجل هو الذي يمتلك السلطة والتأثير في تشكيل شخصية المرأة وسلوكها. من المهم التأكيد على أن الأخلاق والسلوكيات لا تعتمد بالضرورة على جنس الفرد الآخر، بل تعتمد على العديد من العوامل بما في ذلك التربية والبيئة والتعليم والقيم والتجارب الشخصية.

كما أن الفرد له قدرة خاصة على اتخاذ القرارات وتحديد مسار حياته بشكل مستقل. على الرغم من ذلك، يكون للرجال تأثير كبير على المرأة في العديد من المجتمعات بسبب الهيمنة الاجتماعية التي يمتلكونها. ولكن يجب أن لا ينظر إلى المرأة على أنها مخلوق يتم تشكيله فقط بواسطة الرجل، بل يجب أن يُعطى لها الفرصة للتعبير عن شخصيتها الفردية وتحديد هويتها الخاصة بمستقلية. بالنسبة للقول الذي نسب إلى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، يجب أن يُفهم في سياقه الصحيح وعلى أساس الفهم الشامل لتعاليم الإسلام، ولا يجب فهمه بطريقة تقلل من قدرة المرأة على اتخاذ القرارات الخاصة بها أو تحديد مصيرها.

المرأة بالفطرة تتخلق بواقع بيئتها منذ صغرها، فتتأثر بفكر وعقل وسلوك من يحيطون بها سواء كان أبوها أو أخوها، أو زوجها حين تتزوج – وتتبع خطواته فتتعلم منه قيم الحياة وسمات الفضيلة أو عكسها، والإنسان أبن بيئته ومجتمعه

بيئة الفرد وتأثير الأشخاص القريبين منه على شخصيته وسلوكه لها دور كبير في تكوينه وتطوره. فعلى مدى حياته، يتعرض الشخص لتأثيرات من عائلته ومجتمعه وثقافته، وهذه التأثيرات تشكل طبيعة شخصيته وتوجهاته. المرأة تتأثر بالفطرة ببيئتها ومجتمعها منذ الصغر، وتتعلم من الأشخاص المحيطين بها، سواء كانوا أفراد عائلتها أو أشخاص في المجتمع. والمرأة تتبع نموذجا للتصرف والسلوك من الذكور في حياتها، مثل والدها وأخوتها وزوجها في حالة الزواج، وتتأثر بتعاليمهم وأخلاقهم وقيمهم.

من الطبيعي أن يكون للبيئة والمجتمع دور كبير في تشكيل الشخصية والسلوك، ولكن في الوقت نفسه، فإن الفرد لديه قدرة على اتخاذ القرارات الخاصة به وتحديد مصيره، وهو ليس مجرد منتج للظروف والتأثيرات الخارجية، بل يمتلك وعيًا وإرادة لاتخاذ القرارات والتأثير على مسار حياته.

إذا كانت العفة عن الحرام مطلبا، فأنه لابد أن ندرك أولا ما الحرام المتفق عليه شرعا بنصوص القرآن وأحاديث الرسول؟، وأن ندرك في الوقت ذاته أن هذه العفة بسنن الكون والشريعة لقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: بروا آبائكم تبركم أبنائكم، عفوا تعف نسائكم. فشرط أعفاف النساء مربوط باعفاف الرجل ذاته مهما كانت أصالتها وأخلاقياتها وتربيتها والحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها عمل بها، وكلنا ندرك من مفاهيم الشريعة والإنسانية والتجربة والواقع أن المرارة التي يسقيها الرجل لبنات الناس لابد أن يسقيه مرارتها، والزنا على وجه الخصوص من الأمور التي عقابها في الدنيا والآخرة … وإذا لم تستحي فافعل ما شئت.

في الدين الإسلامي، العفة والحفاظ على الحرمات من الأمور الأساسية التي يجب على المسلمين التمسك بها. وفي الحديث الشريف يُظهر النبي صلى الله عليه وسلم أهمية العفة والحفاظ على الأخلاق الحميدة لكافة أفراد المجتمع، حيث يشير إلى أن عفة النساء مرتبطة بعفة الرجال، وعفة الأبناء مرتبطة بعفة الآباء.

من المهم أيضا فهم أن الحرام هو كل ما حُرِّم علينا في الشريعة الإسلامية، سواء كان ذلك في الأفعال أو الأقوال أو الأفكار. ومن ضمن ما حُرِّم في الدين الإسلامي هو الزنا، وهو من الأمور التي يجب على المسلمين تجنبها بشدة، ويعاقب عليها الله سبحانه وتعالى في الدنيا وفي الآخرة.  لذا، يجب على المسلمين الحرص على الحفاظ على العفة والحياء، والتمسك بتعاليم الدين وأحكامه، والتقيد بالأخلاق الحميدة في جميع الأوقات والظروف، لأن الحفاظ على العفة يساهم في بناء مجتمع صحي ومترابط.

لذلك من أراد أن يحيا حياة كريمة فليمهد لها بحياة شريفة .. ومن أراد العفة في نساءه وبناته فعليه أن يكون عنوانا ومثالا للعفة .. هما في كفة واحده عند الله

العفة والشرف من القيم الأساسية التي يجب على المسلمين التمسك بها في حياتهم. والشخص الذي يسعى لحياة كريمة ومعتبرة يجب أن يبنيها على أساس الشرف والعفة. إن القدوة والمثل الحسن هما من أهم الطرق لتعليم الآخرين القيم والأخلاق الحميدة.

من يرغب في أن يكون له تأثير إيجابي على النساء في حياته، سواء كانوا زوجاته أو بناته، يجب أن يكون قدوة لهم في العفة والشرف والأخلاق الحميدة. والنموذج الذي يقدمه الرجل في حياته يؤدي دورا حاسما في تشكيل تصورات وأفكار النساء حول الشرف والعفة. وبالتالي، يكون للرجل دور فعّال في تعزيز العفة والشرف في المجتمع عن طريق توجيههم بالمثال الحسن والتصرف بنية الخير والإيجابية في جميع الأحوال.

معاني الشرف ومعاييره كثيره يجب ان لا ننساها ونوقف حياتنا على مجرد مراقبة المراه صباحا ومساء ونعاملها ككيان جالب للعار.. هل الشرف الحقيقى فقط من زاوية رؤية مجتمعنا للمرأة من واقع حصري لمعنى الشرف هو المراة فقط، وجسدها .. والتي جعلتنا نعتقد ان الشرف فقط محصورا في جسد المرأة التابعة للرجل .. ؟؟هل هذه الثقافة  هي التي تأثرنا بها كمجتمع ذكوري فأصبحت المرأة عارا على أهلها ، وتناسينا كون المرأة إنسانا له عقل و له إرادة و يمكن أن يبدع ..
هل كوننا اعتبرنا ان
الشرف فقط عباره عن امرأة مجرد جسد نخشى عليه من نظرات الغير. وتجاهلنا معاني الشرف في بقية الاخلاق؟؟؟ هل يصبح الرجال فعلا شرفاء فقط اذا حافظوا على نسائهم وراقبوهن في كل صغيره وكبيره ؟
الا يوجد معاني اخرى للشرف مثل الشجاعة والبطوله والصدق والامانه والعمل الجاد يجب ان نتحلى بها و نغرسها في أبنائنا بدل ان نربيهم على ان
الشرف ينحصر في مراقبة اخواتهم في لبسهن وعلاقاتهن ……..الخ.

نقاط مهمة حول مفهوم الشرف وكيفية تحديده في المجتمع، وهو موضوع يتطلب منا التفكير العميق والنقاش الصادق. في الواقع، الشرف ليس محصوراً في النظرة الضيقة التي تركز فقط على المرأة وجسدها، بل يمكن أن يشمل مجموعة واسعة من القيم والأخلاق التي تجعل الإنسان يشعر بالفخر والكرامة.

الشرف يكون في الشجاعة والصدق والعدالة والإنسانية والتسامح والعمل الجاد وحسن التصرف مع الآخرين، بالإضافة إلى العفة والحياء. وبالتالي، يجب أن نسعى لتعزيز هذه القيم في أبنائنا وفي مجتمعنا بشكل عام، بدلا من التركيز الحصري على مراقبة النساء وجسدهن. فالشرف يجب أن يكون عنصراً متكاملا في شخصية الإنسان، وينبغي لنا أن نحث أبناءنا على التمسك بالقيم الحقيقية للشرف، مثل النزاهة والصدق والإنسانية والتقوى، بدلا من التعامل مع النساء بمفهوم ضيق ومحدود. فالتركيز على الشرف بمفهومه الشامل يساهم في بناء مجتمع أكثر ازدهاراً وتقدماً، حيث يتمتع الجميع بالكرامة والاحترام والعدالة دون تمييز أو تحيز.

وبناتنا الا يجب ان نغرس فيهن الثقة بالنفس ومعنى المراقبة الذاتيه للمحافظة على انفسهن واجسادهن من ان يدنسن وليتحملن المسئولية على ذلك؟ الموروث البدوي، ومرضى النفوس هم الذين حطوا من مكانة المرأة وليس الإسلام.

يجب علينا كآباء ومجتمعات أن نعزز الثقة بالنفس لدى بناتنا ونعلمهن معاني المسؤولية والاعتناء بأنفسهن. ينبغي أن نغرس فيهن قيم الاحترام الذاتي والقوة والاستقلالية، ونشجعهن على تطوير مهارات الاتخاذ الذاتي للقرارات الصحيحة والمسؤولة. إن التركيز على تمكين الفتيات وتعزيز قدراتهن وثقافتهن الذاتية هو جزء أساسي من بناء مجتمع متوازن وعادل. علينا أن نتجاوز الموروث الثقافي الذي يقلل من قيمة المرأة ويحد من حريتها وتطورها.

بدلاً من ذلك، يجب علينا أن نعمل على بناء ثقافة شاملة تعترف بحقوق المرأة وتقدر إسهاماتها في المجتمع. الإسلام يحث على احترام وتقدير المرأة، ويمنحها حقوقها ويعزز مكانتها في المجتمع. لذلك، يجب علينا أن نقاوم أي مفاهيم خاطئة تقيّد حريات المرأة أو تقلل من قدرتها على تحقيق طموحاتها ومساهمتها في بناء المجتمع.

الإسلام كرم الإنسان بشكل إجمالي والمرأة جزء من هذا التكريم لكن خلط المفاهيم الإسلامية بالموروث البدوي قسرا هو ما أدى إلى تدهور مكانة المرأة في العالم العربي، والإسلام حارب العادات والتقاليد وحرم عليها اتباعها طالما تخالف الشرع، وجماعات لدينا أعطت العادات والتقاليد التي هي موروث الجاهلية قدسية أكثر من العبادات، والفكر البدوي المنغلق، فاصبحوا يصرون على أن العادات والتقاليد جزء من الدين وهو ما أدى إلى انحدار الفكر والقيم إلى أسفل السافلين، الإسلام هو الحياة بسموها، والفكر البدوي والمعتقدات القديمة والنفوس المريضة، هم الذين آسائوا لإنسانية مجتمعاتنا وقيم إسلامنا

الإسلام يكرم الإنسان بشكل شامل ويضع النساء والرجال على قدم المساواة أمام الله، معتبرا كل فرد مسؤولاً عن أفعاله وتصرفاته. لكن، مثلما ذكرت، تم خلط المفاهيم الإسلامية بالموروث البدوي والثقافي الذي يحد من حقوق المرأة ويقيدها في حريتها وتقدمها.إن محاربة هذه العادات والتقاليد الجاهلية التي تتعارض مع القيم الإسلامية الحقيقية هي جزء أساسي من تحقيق التقدم والتطور في المجتمعات الإسلامية.

يجب علينا أن نعيد تقدير الإسلام كدين يعزز العدالة والمساواة ويحترم حقوق الإنسان بشكل عام، بما في ذلك حقوق المرأة. التركيز على التعليم والتثقيف حول القيم الإسلامية الحقيقية وتفسيرها الصحيح يساهم في تغيير الآفاق ورفع مكانة المرأة في المجتمعات الإسلامية، وهو ما يحتاج إلى جهود مستمرة وشاملة من الجميع.

ما أجمل الاحتكام إلى الإسلام الصافي حتى تأخذ المرأة مكانتها المحترمة التي أعطاها إياها الإسلام وسلبتها منها أعداء الحياة والإنسانية والدين. والنصوص الشرعية هي الطريق الوحيد لانتشالها من الدونية التي يصر بعض تلك العناصر التي اشرنا إليها إلى إلغاء إنسانيتها وكرامتها..

الاحتكام إلى الإسلام  وفهم النصوص الشرعية بطريقة صحيحة هو بالفعل السبيل الأمثل لإرجاع المرأة إلى المكانة المحترمة التي كرمها الإسلام بها. النصوص الشرعية تضمن حقوق المرأة وتعطيها مكانتها الكاملة كإنسان وكعضو في المجتمع. لكن يجب أيضا أن نضع في اعتبارنا أن تحقيق تغييرات إيجابية يتطلب تغييرات عميقة في الثقافة والفهم الاجتماعي، وهو أمر يتطلب جهودًا مستمرة لتعزيز قيم المساواة والعدالة واحترام حقوق الإنسان بشكل عام. المرأة تستحق أن تعيش حياة كريمة وتتمتع بكل حقوقها المشروعة والمكفولة شرعًا، وهو ما يتطلب التصدي للتشويهات الثقافية والموروث البدوي الذي يعيق تحقيق هذه الحقوق.

ما لم تتحرك النساء للتمرد على الأعراف والتقاليد البالية وأن تعود للشريعة لتستعيد حريتها وشخصيتها وكرامتها فستبقى أسيرة لتلك الجماعات المرضى والعقليات المغلقة.

التحرك والمطالبة بالمساواة والعدالة هي خطوات ضرورية لتحقيق التغيير في المجتمعات. إذا كانت النساء يعانين من قيود وتحديات تعترض حريتهن وكرامتهن، فإن النضال من أجل تغيير هذا الوضع يمثل خطوة حاسمة. المساواة والعدالة أمر ضروري ومطلوب في كل جوانب الحياة، وتشمل حقوق النساء ومكانتهن في المجتمع.

يمكن لتحالف النساء والرجال الداعمين للمساواة والعدالة أن يحدث فارقًا كبيرًا في تغيير الثقافة والتقاليد البالية التي تقيّد حريات المرأة وتجعلها أسيرة لتلك العادات المتجذرة. إعادة التفكير في الأعراف والتقاليد البالية وتوجيه النضال نحو تحقيق المساواة واحترام حقوق الإنسان يعزز من قدرة النساء على استعادة حريتهن وكرامتهن وشخصياتهن.

طبعا كل كلمة تكتسب معاني جديدة عبر الزمان، ولكننا نستطيع الاجتهاد مطمئنين بالقول بأن الشرف هو العلو أو (السمو) على كل ما يدنس الإنسان ويحط منه وأهمها مد اليد تذللا والنفاق ونتفق مع من قال بأن أهم معالمه هو العلاقة مع الآخر (ولنقل السمعة تحديدا) لكنها ليست المعلم الوحيد وإلا لكانت السرقة دون كشف لا تتناقض مع الشرف، ومن هنا يأتي المعلم الآخر: احترام الذات وهو صيانة النفس سرا كما تصان جهرا.

الشرف يعبر عن القيم والمبادئ التي ترتكز على العلو والسمو الروحي والأخلاقي. إن الاحترام الذاتي والتزام القيم الأخلاقية يلعبان دورًا أساسيًا في صيانة الشرف. بالفعل، يجسد الشرف الاحترام الذاتي وقدرة الشخص على المحافظة على كرامته ونزاهته في جميع الظروف، سواء كانت هذه القيم مظاهرة علنية أم أنها تتجلى في سلوكيات خفية وسرية. على الرغم من أن السمعة تعتبر جزءا مهما من مفهوم الشرف، إلا أنها ليست العنصر الوحيد. بل تشمل الشرف أيضا الاستقامة، والصدق، والنزاهة، والتزام القيم الأخلاقية في كل جوانب الحياة. إن تعزيز مفهوم الشرف يعزز من الوعي بأهمية احترام الذات والتفاني في العمل نحو تحقيق الخير والنجاح بطرق شريفة ومشرفة.

مفهوم الشرف أهم واشمل من ذلك بكثير ولا فارق بين لفظ شرف رجل وشرف امرأة .. إنما هو شرف الانسانية جمعاء. فكلمة الشرف لا تقف عند الجسد فقط .. فالصدق شرف .. والأمانة شرف .. والعمل والالتزام به شرف .. ومراعاة حقوق الاخرين شرف .. ورفض الرشوة وترك الغيبة والنميمة شرف..

مفهوم الشرف يتعدى الجوانب الجسدية ليشمل العديد من القيم والمبادئ التي تعكس السمو الروحي والأخلاقي للإنسان. فالشرف هو تعبير عن الكرامة والنزاهة والاستقامة في التصرفات والأفعال. يعتبر الصدق، والأمانة، والعدالة، والتعاطف، واحترام حقوق الآخرين، ومكافحة الظلم والفساد، وتجنب الرشوة والغيبة والنميمة جميعها أساسيات الشرف. ولا يوجد فرق بين لفظ “شرف” عند استخدامه للرجل أو المرأة، إذ إن الشرف يمثل قيمة إنسانية جامعة تنطبق على الجنسين على حد سواء. إن مراعاة هذه القيم والمبادئ تعزز من شخصية الفرد وتساهم في بناء مجتمع أكثر تقدمًا وإنسانية.

إن الضمير هو أعظم نعم الله التي ألهمنا اللّه إياها … وهو صوت قوانين السماء أو فطرة الخلق والكون والحياة … لحماية الذات مما نخاف أو يسيء إلينا … وهو الدافع الذي يمسك الإنسان في أن يفعل شيئا يدفعه للتهلكة أو انتقام الآخر منه. وهو السوط الذي يضرب الإنسان إذا فعل خوفا من أن ينكشف فعله.

الضمير هو حقا نعمة كبيرة ألهمها الله للإنسان. فهو الصوت الداخلي الذي يوجهنا نحو الخير ويحذرنا من الشر. يعتبر الضمير الأخلاقي ضابطا داخليا يساعدنا في التصرف بشكل مسؤول ومناسب، حيث يقوم بدور الحكم والقيمة الداخلية التي تحكم سلوكنا وتوجه أفعالنا.

من خلال الضمير، يتمتع الإنسان بالقدرة على التمييز بين الصواب والخطأ، ويساهم في توجيهه نحو اتخاذ القرارات الصائبة والمناسبة في الحياة. إذ يشعر الإنسان بالراحة والسكينة عندما يتبع ضميره، ويشعر بالندم والإحراج عندما يتجاهله. لذا، يجب على الإنسان أن يكون حساسا لصوت ضميره وأن يعتمد عليه كمرشد داخلي في حياته، حيث يساعده على الحفاظ على النزاهة والأخلاق والقيم الإنسانية.

قد يغيب المدلول العام لكلمة الشرف عن بعض الناسوقد لا يكون الجميع قادراً على صياغة تعريف محدد لتلك الكلمةفالشرف يدخل في معناه كثير من القيم السامية كالصدق والأمانة، والالتزام الأخلاقي العام في الكسب الحلال والعدالة، وقول الحق، والتراحم، وهو بهذا المعنى يمثل مجموعة من القيم السلوكية العليا المعتبرة لدى الناس، وتحقق هذه القيم لمن تمسك بها مكانة رفيعة بين الناس، وتحدد علاقتهم به، ومواقفهم منه، ومن المؤكد أن الإنسان يتبوأ مكانته الأخلاقية والإنسانية والاجتماعية من خلال ما يحمله من قيمة الشرف التي تمثل المحدد الأساسي والمعيار الحقيقي الذي ينزله في مرتبته التي يستحقها في مجتمعه، فعلى أساس ذلك يتحدد تصنيفهم له، ومن خلاله تتشكل نظرتهم إليه إيجابا أو سلبا، وتبنى رؤيتهم تجاهه تبعا لمعيار الشرف الذي يلتزم به، ولهذا يرتبط معنى الشرف بدور الإنسان الإيجابي تجاه الآخرين، وتتحدد مواقفهم منه من خلال ما يقوم به من واجبات تجاههم، وما يضطلع به من أدوار اجتماعية وإنسانية كبيرة في مجتمعه، ولا شك أن المجتمع المثالي تتشكل فيه العلاقات الاجتماعية، وتتحدد درجة التماسك بين أفراده بدرجة كبيرة على أساس من قيمة الشرف.

هذا التعريف لكلمة “الشرف”  يعكس الطبيعة الشاملة والشمولية لهذه القيمة الأخلاقية. فالشرف في فلسفته الحقيقية لا يقتصر فقط على مفهوم العفة أو الشرف الجنسي، بل يمتد ليشمل مجموعة واسعة من القيم السامية التي تحدد موقف الإنسان في المجتمع وتحدد سلوكه وتصرفاته. فعندما نتحدث عن الشرف، فإننا نشير إلى الصدق والأمانة والعدالة والرحمة والتعاطف والتضحية والنزاهة والكرامة الإنسانية. هذه القيم تمثل أساسا لبناء المجتمعات الصحية والمزدهرة، حيث يسود فيها الاحترام المتبادل والتعاون والتضامن بين أفرادها.

يعكس موقف الإنسان من قيمة الشرف المعايير الأساسية التي يتمتع بها في المجتمع، وتحدد علاقاته ومواقفه وسلوكه. إذ يُعتبر الإنسان شريفا عندما يتمتع بتلك القيم ويمارسها في حياته اليومية، مما يجعله محل احترام وتقدير من قبل غيره. ومن خلال الالتزام بقيمة الشرف، يمكن للإنسان بناء علاقات إيجابية مع الآخرين والمساهمة في بناء مجتمع متماسك ومزدهر، حيث تتسم هذه العلاقات بالصدق والثقة والتعاون والتضامن.

الإنسان الشريف هو المحافظ على مجموعة قيم الشرف السائدة في مجتمعه، وهي قيم عامة ومشتركة في الغالب في كثير من المجتمعات، ومنها: أن يقوم بواجبه تجاه دينه ووطنه، ويقول الصدق، ويكون محل ثقة الناس به، واحترامهم له على الدوام، ولا يرضى بالظلم، ولا يشارك في الفساد مهما كان نوعه، ولا يعتدي على حقوق الآخرين، ولا يتوقعون منه سلوكاً مشيناً، فالناس يرتكزون على القيم والقواعد الأخلاقية المتمثلة في قيمة الشرف التي كلما انتشرت في المجتمع، وسادت؛ شعر الناس بالأمان والاطمئنان، وكلما انحسرت، وتضاءلت؛ تراجع الشعور الحسن تبعا لتراجعها، وحل محله الحذر والخوف والقلق.

الإنسان الشريف هو الذي يحافظ على قيم الشرف والأخلاق السائدة في مجتمعه. إن الالتزام بتلك القيم يساهم في بناء بيئة مجتمعية صحية ومتوازنة، حيث يسود الاحترام المتبادل والعدالة والنزاهة والأمان. عندما يلتزم الأفراد بواجباتهم الدينية والوطنية، ويتحلى بالصدق والثقة والاحترام للآخرين، ويمتنع عن الظلم والفساد وانتهاك حقوق الآخرين، فإنهم يساهمون في بناء مجتمع يسوده الاستقرار والتوازن.

عندما تنتشر قيم الشرف والأخلاق في المجتمع، يشعر الناس بالأمان والاطمئنان، لأنهم يثقون بأن الآخرين سيتصرفون بنزاهة وصدق ولن يتسببوا في الظلم أو الفساد. وعلى العكس، عندما تتراجع تلك القيم وتضعف، ينشأ شعور بالقلق والخوف من انتشار الظلم والفساد والانحرافات الأخلاقية. لذا، يجب على الأفراد أن يعملوا على تعزيز قيم الشرف والأخلاق في مجتمعاتهم، وأن يكونوا أمثلة حية لتلك القيم من خلال سلوكهم وتصرفاتهم اليومية.

لا يعد الفقر أو الغنى سبباً في تدني أو رفعة قيمة الإنسان بين الأخيار من الناس، بل الشرف هو الذي يضعه في موقع التقدير والاحترام بينهم؛ لأن الأغلب الأعم في تعامل الناس هو النظرة الإيجابية للإنسان الشريف، وتقدير مكانته العملية، فالأسوياء من الناس يرفعون من مكانة الإنسان الشريف صاحب المكانة المتميزة، والقدرات المادية، والمتعاطف، والمتضامن معهم، وهم كذلك يقدرون ويحترمون الإنسان الفقير الشريف رغم أنه لا يحتل مكانة عملية بارزة لكنهم يضعونه في مكانته التي يستحقها غير متأثرين بحالة فقره.

الشرف والأخلاق هما العوامل الحقيقية التي تحدد قيمة الإنسان بين الناس، بغض النظر عن ثروته أو فقره. الإنسان الشريف الذي يتمتع بالصدق، والأمانة، والعدالة، والتعاطف، والتضامن، سيحظى دائما بالاحترام والتقدير من حوله، سواء كان غنيا أو فقيرا.فالناس يقدرون ويحترمون الإنسان الشريف سواء كان غنيا وله مكانة اجتماعية بارزة، أو كان فقيرا وليس لديه الكثير من الموارد المادية. إذا كان الإنسان يتصرف بنزاهة وصدق ويعامل الآخرين بالعدل والرحمة، فإنه يكسب احترامهم وتقديرهم بغض النظر عن وضعه المادي. الناس يحترمون الأخلاق السامية والقيم النبيلة في الإنسان، وهذه هي التي تضعه في مكانة مرموقة بين الناس، حتى إذا كانت ظروفه المادية محدودة.

أما الإنسان الفقير غير الشريف فهو يحتل مكانة أدنى بين الناس، ويعد من لا يتصف بالشرف، ولا يعرف عنه التمسك الأخلاقي أسوأ مثال عندهم مهما كانت وظيفته ونفوذه المادي المرتفع وقدراته العملية والحياتية ولا يمنحونه المكانة الاجتماعية؛ لأنهم يرون أن تعاون الناس فيما بينهم من قيم الشرف، فمن يعق والديه أو وطنه ليس إنساناً شريفاً، والمقصر في واجبات وظيفته أو المستغل لها لن يكون في نظر الناس إنساناً شريفاً، ومن يتراجع عن قول الحق ليس إنساناً شريفاً، ومن يقصر في حق أسرته ليس إنساناً شريفاً، ومن يقصر في حق جيرانه أو يؤذيهم ليس إنساناً شريفاً..

الشرف والأخلاق هما العوامل الأساسية التي يستند إليها الناس في تقدير وتقييم الآخرين. الإنسان الذي لا يتمتع بالشرف والأخلاق السامية، بغض النظر عن وضعه المادي أو اجتماعي، سيكون في موقف أدنى بين الناس. الشرف ليس مقتصرا فقط على الصفات الشخصية، بل يشمل أيضا القيام بالواجبات والمسؤوليات تجاه الآخرين، سواء كانوا أفراد عائلته أو جيرانه أو مجتمعه بشكل عام. من يتقاعس عن أداء واجباته تجاه الآخرين أو يسيء معاملتهم، فإنه لا يعتبر شخصا شريفا في نظر الناس. لذا، الناس ينظرون إلى الشرف والأخلاق في الإنسان كمقياس أساسي لتقديره واحترامه، ويعتبرون الإنسان الذي يفتقر إلى هذه الصفات بغض النظر عن وضعه الاجتماعي أو المادي، بموقع أدنى بينهم.

ولا شك أن البعض يرى أن تدهورا وترديا قد أصاب بعض القيم الحياتية للناس في كثير من جوانبها، وأن الآثار السلبية المختلفة لذلك قد لحقت بالناس أفرادا وجماعات، وساهمت في التقليل من عطائهم العملي، وأصابت كثيراً منهم بالإحباط أو التواني عن المبادرة إلى الأفعال الإيجابية، ويؤكد كثير من الناس أن القيم الجميلة قد انحسرت فباتوا يبكون على الماضي الجميل الذي عاشوا جزءا منه أو عاشه الجيل الذي سبقهم، ويتحسرون على ما ضاع من تلك القيم الرائعة بسبب تخلي كثير من الناس عنها، ولا شك أن هذا التحسر والبكاء لن يغيرا شيئا بل لابد من المبادرة لترميم الخلل وإصلاحه بتعزيز القيم الإيجابية وبنائها في الأجيال من خلال المؤسسات التربوية بدءاً من الأسرة ومروراً بالمدرسة والمسجد والمؤسسات الثقافية وغيرها من وسائل التأثير وخاصة وسائل الإعلام التي تتحمل مسؤولية أخلاقية كبيرة في هذا الفضاء المفتوح على العالم.

لقد شهدت العديد من المجتمعات تدهورا في القيم والأخلاق التي كانت تعتبر أساسا للتعايش الإنساني السلمي والبناء. هذا التردي في القيم أثر بشكل سلبي على حياة الناس، و يكون سببا في تقليل العطاء والمبادرة إلى الأفعال الإيجابية. لكن الحل لا يكمن في الاكتفاء بالتحسر على ما فات، بل يجب أن تكون هناك مبادرات فعالة لترميم الخلل وتعزيز القيم الإيجابية في المجتمعات.

ينبغي بذل الجهود لتعزيز هذه القيم في الأجيال الجديدة من خلال المؤسسات التربوية والدينية والثقافية، وكذلك من خلال وسائل الإعلام التي تمتلك دورا مهما في تشكيل الوعي والثقافة العامة. يجب أن تتحمل وسائل الإعلام مسؤوليتها الأخلاقية في تقديم محتوى إيجابي يعزز القيم النبيلة ويحث على العمل الخيري والمساهمة في بناء المجتمع. كما يمكن للمؤسسات الدينية والتعليمية أن تؤدي دورا فعالا في تعزيز القيم والأخلاق لدى الأفراد والمجتمعات.

لاشك أن سلوك الإنسان مكتسب، ويخضع هذا السلوك لما يتعرض إليه من تربية خاصة في المنزل في نشأته الأولى، وما يتبعها من تربية عامة في المؤسسات التربوية المختلفة، وما يكتسبه من خبرات وتجارب، ومدى تمسكه بما يتعلمه، ومحافظته عليه، ومدى قوته أو ضعفه، فشخصية الإنسان وتكوينها لهما علاقة قوية بسلوكه؛ لأن السلوك هو ما يحدد تلك الشخصية ويعطيها طابعها، ويرسم لها إطارها العام، فالناس يحكمون على الإنسان من خلال سلوكه الظاهر لهم، وتصرفاته المشاهدة، وعلاقاته المتبادلة معهم أفرادا وجماعات فهي جميعها تشكل الجانب الأساسي لشخصيته.

يتأثر سلوك الإنسان بالعديد من العوامل التي تشكل تجربته وتربيته وتفاعلاته مع المحيط الاجتماعي. بداية من التربية في المنزل والقيم التي يتلقاها الشخص من أسرته، ومرورا بالتأثيرات التربوية في المدارس والمؤسسات التعليمية والدينية، وصولاً إلى الخبرات والتجارب الشخصية التي يمر بها في حياته.

إن فهم هذه العوامل والتأثيرات يساعد في فهم سلوك الإنسان وتشكيل شخصيته، ويمكن من خلاله توجيه الجهود نحو تحسين السلوك وتعزيز القيم الإيجابية. من المهم أن يتم توجيه الجهود التربوية والتثقيفية نحو بناء شخصيات إيجابية قادرة على التفاعل بشكل صحيح مع المجتمع وتحقيق النجاح في مختلف مجالات الحياة.

الشرف هو رأس المال الحقيقي للإنسان، ويمثل التمسك به قيمة حياتية له يحقق من خلالها وجوده، وإيمانه، وكرامته، وقد يسلك البعض سلوكا يوهم به من حوله بتصرفات تتعارض مع شخصيته الحقيقية إلا أن ذلك الدور التمثيلي لن يستمر طويلا، بل سرعان ما يكتشفه المتعاملون معه مهما بلغت مهاراته التمثيلية واحترافيته.

الشرف هو  فعلاجوهر الإنسانية والكرامة، ويمثل قيمة أساسية في حياة الإنسان. الإنسان الشريف هو من يحترم نفسه ويحترم الآخرين، ويتمسك بالقيم الأخلاقية والمبادئ النبيلة في تعاملاته وسلوكه. على الرغم من أن بعض الأشخاص يحاولون تمثيل دور يختلف عن شخصيتهم الحقيقية بهدف الحصول على مكانة أو مصلحة معينة، إلا أن هذا الدور التمثيلي لا يدوم لفترة طويلة. فالناس يتميزون بقدرتهم على كشف النوايا والميول الحقيقية للآخرين، وبالتالي، فإن التمثيل لن يخفي الحقيقة لفترة طويلة، وسرعان ما يتم اكتشافه.

أن المجتمعات التي لم تكرم باديان سماوية، واكتفت بالقيم الإنسانية .. تأبى أخلاقياتها وقيمها الكذب والغدر والخيانة .. وتستطيع أن تلمس ذلك بمرئى عيناك خلال معاشرتهم والاحتكاك بهم فكيف في مجتمعاتنا؟؟!!.

في المجتمعات التي ترتكز على القيم الإنسانية دون الاعتماد على البديهيات الدينية،  تظهر تباينات كبيرة في السلوكيات والأخلاقيات. فبينما يتبنى البعض القيم النبيلة مثل الصدق والعدالة والتعاطف، يلجأ البعض الآخر إلى الكذب والغدر والخيانة. الاحتكاك بالأفراد في تلك المجتمعات يكشف عن هذه التباينات بشكل واضح، حيث يمكن ملاحظة السلوكيات والتصرفات التي تنعكس على قيم الفرد وأخلاقياته.

على الرغم من أن بعض الأفراد يتمسكون بالقيم النبيلة، إلا أن آخرين يتبعون سلوكيات تخالف تلك القيم. لكن في نهاية المطاف، يعتمد تحقيق النجاح والازدهار في أي مجتمع على قدرته على تعزيز القيم الإيجابية وتحفيز الأفراد على اتباعها، سواء كانت مشتقة من البديهيات السماوية أو القيم الإنسانية العامة.

عليه لا يمكن بدون شرائع السماء الاستواء على الحق.. ومن يدرك قيم ذلك ولا يدرك القيم الانسانية في الوفاء والحق والعدل والأخلاق، تنعدم معه قيم المصداقية والثقة والاحترام، ولا يستحق أيا من العلاقات الانسانية مهما كانت، ولا كلمة محب أو أخ أو صديق أو صاحب. كونه غير جدير بهذا اللقب.. فمن لم يردعه ضميره وقيمه الإنسانية فلا خير فيه يرجى.

الشرائع السماوية تلعب دوراً هاماً في توجيه الناس نحو الخير وتعزيز القيم الإنسانية الجوهرية مثل الوفاء والحق والعدل والأخلاق. إلا أنه من المهم أيضاً أن يكون الإنسان ملتزما بتلك القيم من خلال ضميره ووجدانه ومبادئه الشخصية. الفهم الصحيح للدين يعزز ويعمق القيم الإنسانية الأساسية، ويعتبر الانسجام بين القيم الدينية والقيم الإنسانية أمراً بالغ الأهمية في بناء الشخصية الإنسانية وتطورها. ومن الضروري أن يكون الشخص قدوة حية لتلك القيم، وأن يعكسها في سلوكه اليومي وتعامله مع الآخرين. فعلى الرغم من أهمية الالتزام بالشرائع السماوية، إلا أنه لا يمكن أن نغفل عن القيم الإنسانية الأساسية التي تشكل جوهر التعامل الإنساني، والتي تشمل المصداقية والثقة والاحترام. إذا كان الشخص غير قادر على تطبيق هذه القيم في حياته اليومية، تتأثر سمعته ومكانته في المجتمع وفقا لذلك.

في الختام، يظهر أن التوازن بين القيم السماوية والقيم الإنسانية يمثل أساساً حاسماً في بناء مجتمعات مترابطة ومزدهرة. إن الالتزام بالأخلاق الإنسانية العالية والتوجيهات الدينية السماوية يساهم في تعزيز السلوك الصالح ونشر السلام والتسامح في المجتمعات. لذا، يجب علينا جميعاً التفكير في كيفية تعزيز هذا التوازن في حياتنا اليومية وتعزيز قيم الشرف والأخلاق في كل جانب من جوانب حياتنا.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى