«زراعة الصفصاف».. الشجرة العجيبة بين الطب والزينة والصناعة

إعداد: أ.د.ربيع مصطفى

أستاذ النباتات الطبية والعطرية بمعهد بحوث البساتين بمركز البحوث الزراعية، وكيل وزارة الزراعة الأسبق بالفيوم – (خبير في زراعة وإنتاج النباتات الطبية والعطرية للتواصل: 01010490336 – 01224982537)

الصفصاف Willow
Salix spp.
Fam. Salicaceae

الموطن الأصلي

الموطن الأصلي لجنس الصفصاف المناطق الباردة لوسط أوروبا والأقاليم الجنوبية منها، ثم انتشرت زراعته في معظم مناطق العالم، وخاصة في إفريقيا وأوروبا وأمريكا. وأهم البلدان المنتجة لهذا النوع من نباتات الصفصاف هي: السويد – النرويج – روسيا – أمريكا الشمالية – فرنسا – إيطاليا – إسبانيا.

الوصف النباتي

يتبع العائلة الصفصافية Fam. Salicaceae، وهي أشجار وشجيرات متساقطة الأوراق، قوية النمو، غزيرة التفريع، تصل أطوالها إلى 10 م وأكثر. ونباتات الصفصاف ثنائية المسكن. جنس الصفصاف يضم 160 نوعًا، معظمها يحتوي على جليكوسيدات الساليسين، وإن كان أهم هذه الأنواع هو الصفصاف الأبيض، والملون، ودقيق الأوراق، والفرفولاي.

ـ الأوراق: رمحية مستطيلة أو قلبية شبه سهمية، معنقة، وحافتها مسننة، والسطح العلوي فضي، والسفلي باهت. طولها يتراوح بين 3 – 15 سم، وعرضها 1 – 3 سم.

ـ الأزهار: عديمة السبلات والبتلات، ذات الشكل الأسطواني، في صورة نورة زهرية Catkins تخرج من البراعم الجانبية.

ـ الثمار: كبسولية ومخروطية الشكل، تحتوي على العديد من البذور الصغيرة عليها زغب كثيف.

أنواع الصفصاف

1- الصفصاف الأرجواني الفرفوري – Salix purpurea: هي أشجار متوسطة النمو، ويصل ارتفاعها إلى 8 م أو أكثر، وشكلها كروي تقريبًا، غزيرة التفريع، وفروعها ملساء، أسطوانية الشكل، وأرجوانية اللون. الأوراق رمحية مستطيلة الشكل، طولها من 7 – 8 سم، وعرضها 2 – 2.5 سم، مسننة تسنينًا خفيفًا، وسطحها السفلي ذو لون أرجواني تقريبًا لوجود شعيرات ذات لون بني محمر. وهذا النوع يشمل عدة أصناف ممتازة، أهمها:
– الصنف Variety Pendula ذو الصفات الزاحفة.
– الصنف القائم Variety Lambertiana ذو الأوراق الكبيرة، حيث طولها أكثر من 12 سم، وعرضها لا يقل عن 2.5 سم.

2- الصفصاف الأبيض – Salix alba: هذا النوع أشجاره قوية النمو، طويلة الارتفاع، حيث يصل ارتفاعها إلى 25 م، ولون الساق فضي، والأوراق رمحية مستطيلة، يصل طولها من 8 – 10 سم، وعرضها من 1 – 2.5 سم، حافتها مسننة تسنينًا خفيفًا، ولونها فضي لوجود الشعيرات البيضاء على السطح السفلي لها.

3- الصفصاف القزمي – Salix fragilis: هي شجيرات صغيرة الحجم، يصل ارتفاعها إلى 3.5 – 6 م، والأوراق رمحية مستطيلة، وتصل طولها إلى 15 – 18 سم، وعرضها من 1 – 1.5 سم، حافتها مسننة بأسنان عرضية وطويلة، ولونها أخضر مزرق في السطح السفلي لها.

ينتمي إلى هذا الجنس نحو 400 نوع، منها:

*الصفصاف الأبيض Salix alba

*الصفصاف الأذني Salix aurita

*الصفصاف الأرجواني Salix purpurea

*الصفصاف الأسود Salix nigra

*الصفصاف البابلي Salix babylonica

*الصفصاف الباكي Salix ×sepulcralis

*الصفصاف البلدي Salix safsaf أو Salix mucronata

*الصفصاف حاد الأوراق Salix acutifolia

*الصفصاف خماسي الأسدية Salix pentandra

*الصفصاف خوخي الأوراق Salix amygdaloides

*الصفصاف الزاحف Salix repens

*صفصاف السلالين Salix viminalis

*الصفصاف السويسري Salix helvetica

*الصفصاف المصري أو الخلاف Salix aegyptiaca

*صفصاف المعز Salix caprea

*الصفصاف الهش أو الصفصاف القصف Salix fragilis

*الصفصاف الباكي أو أم الشعور (Salix sepulcralis)، هجين بين الصفصاف البابلي (Salix babylonica) والصفصاف الأبيض (Salix alba)، ينتشر في المشرق العربي وتركيا والبلقان ومعظم مناطق أوروبا، شجرة يبلغ ارتفاعها بين 15 و20 م. تعيش على ضفاف الجداول والأنهار، وتتميز بنموها السريع وأغصانها المتهدلة، وتمتلك مظلة كبيرة.

الظروف البيئية

أشجار الصفصاف وشجيراته تنمو نموًا غزيرًا وكثيفًا في المناطق المعتدلة، وخاصة حوض البحر الأبيض المتوسط، بالرغم من أنها تتحمل درجات الحرارة المنخفضة والجليد في أوروبا، لأن هذه النباتات تسقط أوراقها كليًا خلال فصل الشتاء وتستأنف نشاطها الخضري بعد ذوبان الجليد وارتفاع الحرارة في الربيع. يكون النمو سريعًا، والمجموع الخضري كبيرًا تحت ظروف الطقس المرتفع الحرارة والرطوبة الجوية.

يكون المحتوى الكلي من مادة الساليسين الجليكوسيدية في مختلف نباتات الصفصاف مرتفعًا في الربيع، حيث يبلغ أعلى نشاط حيوي داخل النبات لسرعة جريان العصارة نتيجة لتوفر العوامل المناسبة لعمليات التمثيل الغذائي وامتصاص الماء خلال فصل الربيع ذي الحرارة المرتفعة، بالمقارنة بمثيلتها في الخريف والشتاء منخفضي الحرارة.
وتجود زراعة الصفصاف في جميع الأراضي الزراعية، ولا سيما الغدقة مرتفعة الرطوبة، بالرغم من أنه يفضل الأراضي الخصبة جيدة التهوية والصرف، كما يمكن زراعته على حواف الأنهار والبحيرات والترع وقنوات مياه الري المستديمة.

الزراعة

ـ التكاثر: نباتات الصفصاف تتكاثر خضريًا بالعقل، وخصوصًا بواسطة النموات الطرفية، عندما تغرس في الأرض المستديمة قبل سريان العصارة في الربيع. وأفضل موعد للزراعة هو من منتصف يناير حتى نهاية فبراير.

ـ معدل الزراعة: يحتاج الفدان حوالي 18 – 30 ألف عقلة طرفية أو وسطية من فروع خضرية عمرها لا يقل عن عام واحد، وأن يكون طول العقلة بين 15 – 20 سم، وتحمل ثلاث براعم على الأكثر، وخالية من الإصابات الفطرية والحشرية.

ـ طريقة الزراعة: بعد أن تتم عمليتا الحرث والتسوية للأرض المستديمة، يتم تخطيط الأرض بعرض حوالي 75 سم، ويتم غرس العقل في الجزء العلوي من الخط بعمق 5 سم، وعلى مسافات حوالي 25 سم بين العقلة والأخرى، بشرط أن تكون الأرض مشبعة بالرطوبة ومروية قبل الغرس بيوم على الأقل. ويعتبر هذا مشتلًا يُترك حوالي عام، ثم يتم نقل الشتلات لزراعتها إما على ضفاف الترع والمصارف والأماكن الغدقة، أو تُزرع في مساحات منفردة على بعد حوالي 1.5 – 2 م بين الشتلة والأخرى، و3 م بين الخط والآخر.

الري

نباتات الصفصاف تعتبر من النباتات المحبة للماء، وخاصة خلال نشاط النمو الخضري لها، على أن يتم ريها كل 15 يومًا بصفة منتظمة خلال السنة الأولى للزراعة، بينما في السنوات التالية يلزم الري على فترات متباعدة كل 4 – 5 أسابيع، لأن جذور هذه الأشجار أصبحت متعمقة في التربة ويمكنها الاستفادة من المياه الجوفية الموجودة في باطن الأرض. أما في حالة الأشجار المنزرعة على حواف الترع والمصارف، فلا يلزم لها برنامج ري، لأن جذورها تصبح قادرة على امتصاص ما يلزمها من مياه الري.

التسميد

أشجار الصفصاف تعتبر من النباتات المهلكة للتربة، شرهة الامتصاص لعنصري الآزوت والفوسفور. ويكون التسميد في السنة الأولى من الزراعة، حيث يُضاف حوالي 10 كجم من سماد سلفات النشادر + 150 كجم من سماد السوبر فوسفات، وذلك للفدان الواحد، وتُضاف هذه الكمية على جرعتين: الأولى في الصيف، والثانية في الخريف، على أن تتضاعف هذه الكمية في السنوات التالية. وإذا كانت الأراضي الزراعية تقع ضمن المناطق الحارة والرطبة، يجب إضافة السماد العضوي بمعدل حوالي 20 طنًا للفدان، ويوضع في فصل الربيع لنشاط النمو الخضري وكبر حجمه مع سرعة سريان العصارة النباتية في الأشجار.

مقاومة الأمراض والآفات

نباتات وأشجار الصفصاف تتعرض للإصابة الفطرية والحشرية، مسببة أضرارًا كبيرة في الأجزاء الخضرية الهوائية:

1- مرض التبقع: المسبب له مسببات فطرية، حيث تظهر علامات الإصابة بظهور بقع على سطحي الأوراق باللون الرمادي مركزيًا، واللون البني المحمر خارجيًا. وتُقاوم بجمع الأوراق المصابة وحرقها، أو يتم الرش بأي مبيد فطري طبقًا لتوصية وزارة الزراعة، مثل مبيد الكابتان.

2- مرض البياض الدقيقي: المسبب فطر Uncinula salicis، ويصيب الأوراق، وتصبح مغطاة بالمسحوق الأبيض. ويُقاوم هذا المرض بمحلول الكبريت المبلل بنسبة 0.25% أو محلول الكارثين بنسبة 0.08%، وتكون المقاومة كل شهر بصفة دورية.

3- مرض صدأ الأوراق: المسبب له فطريات عديدة، ويمكن مقاومتها بالمبيدات الموصى بها من وزارة الزراعة.

4- هناك إصابات حشرية تظهر على هيئة تأليل ذات شكل كروي، ومنتشرة بكثرة على الأوراق والسوق، ويمكن مقاومتها بقرط النباتات المنزرعة جميعًا دفعة واحدة.

المحصول

ـ جمع المحصول: يتم قرط نباتات الصفصاف على ارتفاع من 1 – 1.5 م، ويتم ذلك في فصل الربيع، وذلك للحصول على أعلى إنتاج من المواد الجليكوسيدية في القلف، مع سهولة نزع الأخير وتقشيره أثناء سريان العصارة في النبات. كما يمكن أخذ قرطة أخرى في نهاية الصيف، ويكون قطع النباتات على ارتفاع 50 سم من سطح الأرض، حيث يمكن تجديد نموه وتكوين فروع جديدة أخرى وغزيرة. ويتم القرط بواسطة مقصات أو مناشير صغيرة وحادة القطع.

ـ عملية التقشير: الغرض منها هو نزع القلف أو القشرة الخارجية لفروع الصفصاف، وتتم يدويًا أو ميكانيكيًا، والفروع ما زالت طازجة وغير جافة. وفي حالة الفروع السميكة الطازجة أو الجافة، يمكن غمرها في الماء لعدة ساعات، أو تعريضها لتيار ساخن من بخار الماء لمدة ساعة واحدة، بعدها تصبح عملية التقشير سهلة. إلا أن عملية التقشير العادية بدون مساعدة (بالنقع أو البخار) هي المفضلة للحصول على قلف أبيض مرتفع المحتوى الجليكوسيدي.

ـ عملية التجفيف: بعد نزع القلف، يُنقل إلى مكان التجفيف الطبيعي بأن يُعلّق على أسلاك أو يوضع فوق أرض نظيفة في مكان مظلل، بعيدًا عن أشعة الشمس، حتى يتم تجفيفه هوائيًا. أما الفروع منزوعة القلف، فترتّب في حزم وتُعرض لأشعة الشمس حتى تمام التجفيف.

ـ معدل إنتاج الفدان: من القلف الجاف هوائيًا حوالي 1.0 – 1.5 طن، و7 – 8 طن من الفروع الخشبية منزوعة القلف.

الصفات الكيماوية

ـ يحتوي القلف الخارجي (القشرة الخارجية) لأنواع الصفصاف على المواد الفعالة طبيًا، وهي مادة حمض الساليسيليك (salicylic acid) المكونة للأسبرين (acetyl salicylic acid)، بينما الخشب خالٍ تقريبًا من هذه المركبات. يحتوي القلف المجفف طبيعيًا أو صناعيًا على تانينات وجليكوسيد Salicin بنسبة 0.6%.

ـ الصفصاف الأسود يعتبر خاليًا من جليكوسيد الساليسين، وإن كان يحتوي بدلاً منه على جليكوسيد آخر ومواد راتنجية.

ـ توقيت قطع الصفصاف يؤثر على نسبة الساليسين؛ حيث تصل إلى 0.8% إذا تم القطع في الربيع، أما إذا قُطع في الخريف تنخفض إلى 0.3%. وتختلف النسبة حسب النوع: 0.8% في الصفصاف الفرفوري، 0.3% في النوع دقيق الأوراق، و0.6% في الصفصاف الأبيض.

الفوائد والاستخدامات

1- المستخلص المائي الناتج من قلف أنواع الصفصاف يُستعمل في العلاج الشعبي خارجيًا لعلاج بعض الأمراض الجلدية الناتجة عن الفطريات المرضية ذات التقيحات الصدرية.

2- يُستخدم داخليًا في تنشيط عمل الكلى وخفض ضغط الدم المرتفع، ويفيد في علاج النقرس.

3- تدخل مادة الساليسين المستخلصة من قلف فروع الصفصاف كمادة رئيسية في الأدوية اللازمة لعلاج أنواع الروماتيزم المختلفة، كما تعمل على خفض درجة حرارة الجسم غير العادية نتيجة الإصابة بمرض الحمى أو فيروسات الإنفلونزا العديدة.

4- المتبقي من أفرع وسيقان أغصان الصفصاف الخشبية يمكن استغلاله في صناعة عجينة الورق، وثقاب الكبريت، وبعض أدوات الزينة والرياضة والموسيقى والزخرفة.

المستخلص الشائع والشهير لنبات الصفصاف هو الأسبرين، الذي لا تكاد صيدلية منزل تخلو منه، ولقد كان لاستخلاصه من النبات فائدة كبيرة في دراسته دراسة أوسع وأشمل، واكتشاف خواص جديدة له باستمرار.

ويُستخدم الأسبرين، وهو عبارة عن حمض السالسيليك السابق ذكره، في علاج أمراض عديدة حسب طرق تأثيره؛ فهو مخفف للآلام، لذا يُستخدم في حالات الصداع والآلام العصبية الأخرى، وهو ذو تأثير خافض للحرارة، ويُستخدم في الحميات، كما يحوي خواصًا مضادة للالتهاب، طارحة لحمض البول، وهي مفيدة في حالات الروماتيزم والنقرس وبعض الالتهابات الداخلية كما في جهاز البول.

🔹 تابعونا على قناة الفلاح اليوم لمزيد من الأخبار والتقارير الزراعية.
🔹 لمتابعة آخر المستجدات، زوروا صفحة الفلاح اليوم على فيسبوك.