رئيس التحرير

رسالة قوية من رئيس تحرير الفلاح اليوم إلى قيادات وعلماء مركز البحوث الزراعية

بقلم: د.أسامة بدير

من الواضح بالنسبة لي أن الدور الذي يُؤديه مركز البحوث الزراعية لتحسين وتطوير القطاع الزراعي في مصر لا يُقدر بثمن. لا يقتصر هذا الدور على توفير حلول علمية تطبيقية لتحسين الإنتاجية فحسب، بل يتعدى ذلك ليصل إلى إحداث نقلة نوعية في حياتنا اليومية، خاصة في القرى المصرية التي تعتمد بشكل أساسي على الزراعة كمصدر دخل رئيسي. يقيني أن البحث العلمي الزراعي التطبيقي هو حجر الزاوية لتحقيق هذه الطفرة، وهذا ما يُثبته العلماء والباحثون الذين يعملون بلا كلل أو ملل في هذا المجال.

أستطيع أن أؤكد بكل يقين أن الباحثين والعلماء في مركز البحوث الزراعية ليسوا مجرد أفراد يعملون في معامل بحثية، بل هم قادة حقيقيون في سبيل إحداث التنمية الريفية المنشودة في القرية المصرية. إن إسهاماتهم في تحسين المحاصيل الزراعية، وتطوير تقنيات الري، وإيجاد حلول لمشكلات التربة والمياه، تساهم بشكل كبير في رفع مستوى معيشة الفلاح المصري، وتحقيق الأمن الغذائي للمجتمع. الشاهد على ذلك هو المشاريع الزراعية التي تم تطبيقها بالفعل على أرض الواقع، والتي باتت تبشر بمستقبل زراعي مشرق لمصر.

أرى أن علماء مركز البحوث الزراعية لا يكتفون بمجرد مواكبة التطورات العلمية في مجالات البحث الزراعي، بل يتقدمون خطوة أبعد نحو تحويل هذه المعارف إلى حلول عملية ملموسة تخدم واقع الزراعة المصرية. فمن المؤكد أن الزراعة في بلادنا لم تعد مجرد نشاط تقليدي يعتمد على المياه وخصوبة الأرض وحدهما، بل باتت علماً متكاملاً يقوم على الابتكار والدقة والتخصص.

إن الباحثين في مركز البحوث الزراعية يعملون ليل نهار على تطوير تقنيات وأساليب لمعالجة تحديات حقيقية باتت تواجه الدولة المصرية، مثل ندرة المياه، وهو ما يسهم بشكل كبير في تعزيز قدرة الفلاح المصري على استغلال موارده المحدودة بكفاءة أعلى.

لقد قدم علماء مركز البحوث الزراعية مُساهمات علمية هائلة خلال العقدين الآخرين، بعضها يتمثل في إنتاج أصناف جديدة من المحاصيل التي تتحمل الجفاف أو الملوحة، فضلا عن زيادة الإنتاجية كما ونوعا، والأخرى في تحسين تقنيات الري وإدارة الموارد المائية. هذه الإسهامات هى ما يعكس بوضوح كيف أن العلماء المصريين في هذا المركز لا يعملون فقط في أبحاث نظرية، بل يُقدمون حلولاً قابلة للتطبيق على أرض الواقع، وهو ما يُساعد على تحقيق التنمية المستدامة في المناطق الريفية.

يقيني أن الجهود المستمرة التي يبذلها العلماء والباحثون في مركز البحوث الزراعية هى تجسيد حقيقي لروح الإصرار والمثابرة. هؤلاء العلماء لا يقتصر دورهم على العمل في المعامل والمختبرات فحسب، بل هم أيضاً على دراية عميقة بتحديات الواقع الزراعي في مصر، ويُشرفون عن كثب على تطبيق أبحاثهم عملياً في الأرض. هذا الالتزام والتفاني في العمل سيكون له بلا شك نتائج إيجابية على المدى القريب، ويُسهم بشكل كبير في تطوير القطاع الزراعي المصري.

أود أن أوجه تحية تقدير واعتزاز لجميع العلماء والباحثين في مركز البحوث الزراعية، الذين يُساهمون في تحقيق رؤية مصر الزراعية الحديثة، ويعملون بجد من أجل رفعة هذا القطاع الحيوي. إنني على يقين تام أن إنجازاتهم لا تقتصر فقط على زيادة إنتاجية الأرض، بل تمتد لتطوير المجتمعات الريفية وتحقيق التنمية المستدامة في مصر.

كما أنني أخص بالشكر والتقدير الدكتور عادل عبدالعظيم، رئيس مركز البحوث الزراعية، الذي أثبت من خلال رؤيته المُتقدمة وقيادته الحكيمة، أنه لا يدخر جهداً في دعم منظومة البحث العلمي الزراعي بالمركز. فمن الواضح بالنسبة لي أنه لا يرى في الباحث مجرد أداة، بل شريكاً فاعلاً في نهضة وطن، ويعمل باستمرار على تذليل العقبات وتوفير الإمكانيات اللازمة قدر المستطاع وفي حدود المتاح، ليعمل العلماء في بيئة تُحفز على الإبداع والتفرغ للبحث.

وفي الختام، أوجه رسالة تقدير قوية ومُخلصة إلى قيادات وعلماء مركز البحوث الزراعية، مؤكداً أن الجميع لم يدخروا جهداً في توفير بيئة مثالية للعمل البحثي الجاد، الذي كان له أبلغ الأثر في تحقيق طفرات ملموسة في الزراعة المصرية. سواء عبر تسهيل الإجراءات، أو تقديم الدعم الميداني واللوجستي، أو التوجيه العلمي الرشيد، فإن هذا الدعم المتواصل هو ما مهد الطريق لإنجازات علمية يومية تواكب التحديات وتسابق الزمن، دافعة عجلة تحديث القطاع الزراعي بخطى ثابتة نحو المستقبل. ومما لا شك فيه أن تلك الجهود لا تخدم الزراعة وحدها، بل تصب في صميم هدف وطني أسمى يتمثل في تعزيز الصادرات الزراعية، وتحقيق الأمن الغذائي لشعبنا، لا سيما في ظل تصاعد التحديات على المستويات المحلية والإقليمية والدولية.

🔹 تابعونا على قناة الفلاح اليوم لمزيد من الأخبار والتقارير الزراعية.
🔹 لمتابعة آخر المستجدات، زوروا صفحة الفلاح اليوم على فيسبوك.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. ما أجمل أن تُنصف الكلمة الشريفة أصحاب الهمم العالية، وما أصدق أن تُضيء الحروف دروب أولئك الذين يسهرون على خدمة الأرض والإنسان في صمت وإباء.
    قرأت المقال فلامس وجداني، لأنه لم يكن مجرد إشادة، بل كان شهادة حق في زمن قد يُظلم فيه كثير من المجتهدين خلف الأضواء.
    ومع امتناني العميق لما أُنجز ويُنجز في مركز البحوث الزراعية بجهود علمائه الكرام، لا يسعني إلا أن أُتمم الصورة، وأمدّ اليد بالتحية أيضاً إلى إخوةٍ لهم في حمل الرسالة ذاتها، من رجال مركز بحوث الصحراء.
    لقد رأيتهم بأم عيني؛ أساتذةً وباحثين أفنوا أعمارهم، لا ينتظرون تصفيقاً ولا مالاً، بل يتحركون مدفوعين بضميرٍ حي، ورغبة صادقة في أن يروا خضرةً في أرض قاحلة، أو ماءً يسقي عرق الفلاحين. كم من مرة تحملوا مشاق السفر إلى أقاصي الأرض المصرية، وعلى نفقاتهم الخاصة، طامحين أن يضيئوا شمعة في ظلمات المشكلات الزراعية.
    ولم يقتصر النبض العلمي على مراكز البحوث الرسمية فقط، بل امتدّ إلى جنبات الجامعات المصرية، الحكومية والخاصة، حيث ينهض أساتذة ودكاترة أفاضل بحمل الأمانة بكل شرف، يكابدون صعوبة البحث وقلة الإمكانيات، ويواصلون الليل بالنهار حباً لمهنة، وإيماناً برسالة، وتضحيةً من أجل مصر.
    صحيحٌ أنهم ربما لم يجدوا دائمًا شخصية قيادية نشطة مثل الدكتور الفاضل عادل عبدالعظيم، رئيس مركز البحوث الزراعية، الذي أحسن قراءة روح العلماء، ومدّ إليهم يد العون بما تيسر له من أدوات، إيمانًا بأن الباحث ليس موظفًا في درجٍ مغلق، بل هو قلب نابض وعقل خلاق وشريك في بناء وطن.
    لهذا، أجدني مدفوعة بشعور لا أستطيع كبته أن أرفع قلمي مملوءًا بالامتنان، مُوجهة تحية قلبية صادقة لكل هؤلاء الذين يعملون بصمت، في المراكز، في الجامعات، في الحقول، في الصحراء، في المختبرات.
    تحيةٌ لأولئك الذين يرون في كل نبتهٍ خضراء مشروع وطن، وفي كل قطرة ماء مسؤولية أمة.
    هم الجنود الحقيقيون الذين يكتبون كل يوم ملحمة جديدة من ملاحم الزراعة والتنمية والصبر والأمل. وبجهودهم، بإخلاصهم، بإيمانهم الذي لا ينكسر رغم العوائق، ستظل الزراعة المصرية شامخة، تحمل لنا غذاء الكرامة وعطر الأرض الطيبة.
    وفي نهاية هذه الكلمات، أرفع قلبي قبل قلمي، تحيةً لكل يدٍ تعبت ولم تشتكِ، لكل عقلٍ أنار دربًا ولم ينتظر جزاءً ولا شكورًا.
    إنهم الجنود الحقيقيون الذين لا نعرف أسماءهم جميعًا، ولكننا نأكل من زرعهم، ونشرب من تعبهم، ونحيا بما صنعت أيديهم من خيرٍ وعطاء.
    إليهم… إلى من اعتبروا خدمة العلم والأرض رسالةً لا وظيفة، وأداء الأمانة واجبًا لا خيارًا، أهدي هذا الامتنان الخالص الذي لا يبتغي شيئًا سوى أن يصل إلى قلوبهم، كما وصلت عطاءاتهم إلى بيوت كل مصري.
    لقد كتبوا سطورًا صامتة في سفر الوطن، وأرادوا فقط أن يروا مصر واقفةً، خضراءَ، عزيزةً، كريمة.
    فطوبى لهم،
    وطوبى لكل من حمل همَّ الوطن فوق كتفيه، ومشى مثقلاً بالأمل، وصامتًا بالوجع، لكنه لم يتوقف يومًا عن زرع شجرة، أو إنقاذ حبة قمح، أو بذر بذور الحياة.
    وإن تقدير هؤلاء العلماء لا يكون بالشكر العابر وحده، بل بتوفير كل ما يُعينهم على مواصلة رسالتهم، فهم الخط الأول للدفاع عن أمننا الغذائي، ورافعة التنمية المستدامة، وعنوان ريادتنا العلمية.
    لذلك، فإن الواجب يقتضي أن نصون هذه الجهود، أن نرعاها، أن نُعلي من شأنها، وأن نفتح أمامها الأفق الواسع، دعمًا، وتقديرًا، واستثمارًا، لأن المستقبل لن ينتظر من يتباطأ، ولن يرحم من يقف مترددًا عند مفترق الطرق.
    أيها السادة،
    هؤلاء هم ثروتنا الحقيقية.
    وهؤلاء هم الذين يستحقون أن ننحني أمامهم احترامًا، لا بالكلمات وحدها، بل بالفعل، بالتقدير، بالتكريم، بالدعم، بالصدق.
    فليكن لهم في قلوبنا مكان، وفي ذاكرتنا ميثاق لا يُنسى، ولتكن رسالتهم شعلة لا تخبو في دروب وطننا، مهما تعاقبت الأيام، ومهما تبدلت الوجوه.
    والله ولي التوفيق، وهو أعلم بمن صدق، ومن أحسن عملاً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى