رئيس التحرير

رحيل الدكتور كمال النجار.. عالم جليل ورائد التنمية الريفية في مركز البحوث الزراعية

بقلم: د.أسامة بدير

أكتب سطور هذا المقال وعيني تزرف بالدموع على فقد قامة علمية كبيرة ومن أعز أصدقائي، فقد تعاملت معه عن قرب، سواء فيما يخص الدراسات والأبحاث أو على المستوى الإنساني والاجتماعي، فكان نموذجاً للأستاذ المتفاني، والصديق الوفي، والإنسان الذي يحمل في داخله نقاء القلب وسخاء العطاء.

رحيله لم يكن خسارة شخصية لي فقط، بل فقداناً كبيراً للأوساط الأكاديمية والعلمية، حيث ينعى المجتمع البحثي بقلوب يعتصرها الحزن والأسى، رحيل الدكتور كمال النجار، أستاذ الاجتماع الريفي بقسم بحوث المجتمع الريفي بمعهد بحوث الإرشاد الزراعي والتنمية الريفية التابع لمركز البحوث الزراعية، والذي وافته المنية مساء أمس الجمعة 14 مارس 2025، تاركاً خلفه إرثاً علمياً وإنسانياً سيظل خالداً في ذاكرة كل من عرفه أو تتلمذ على يديه.

كرّس الدكتور كمال النجار حياته للبحث العلمي وخدمة المجتمع الريفي، حيث قدم عشرات الدراسات والأبحاث التي كان لها تأثير بالغ في تطوير برامج التنمية الريفية في مصر. ساهمت توصياته البحثية في تحسين مستوى المعيشة في العديد من القرى المصرية، عبر إرساء سياسات تنموية قائمة على تلبية احتياجات المجتمع الريفي الحقيقية. كما كان له دور بارز في تطوير استراتيجيات الإرشاد الزراعي التي أسهمت في تعزيز وعي المزارعين بأساليب الزراعة الحديثة وتحسين الإنتاجية الزراعية.

لم يقتصر عطاؤه العلمي على إعداد الدراسات العلمية، بل كان دائم الحضور في الندوات وورش العمل والمؤتمرات داخل مصر وخارجها، حيث ناقش أهم القضايا المتعلقة بالتنمية الريفية واستدامة المجتمعات الزراعية. كما أشرف على العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه، وشارك في مناقشة عدد كبير منها في مختلف الجامعات المصرية، فكان قدوةً ومثالاً يُحتذى به في العمل الأكاديمي الرصين والتطبيقي الجاد.

على الصعيد الإنساني، لم يكن الدكتور كمال النجار مجرد أستاذ جامعي أو باحث تطبيقي، بل كان شخصية مُلهمة لمن حوله. كان بشوش الوجه، خفيف الظل، لا تفارق الابتسامة شفتيه، وهو ما جعله قريبا من زملائه وكل من تعامل معه. تميز بروحه الطيبة وحرصه الدائم على مساعدة الآخرين، سواء في المجال الأكاديمي أو التطبيقي وحتى في حياته اليومية.

كان الراحل الكريم يمتلك قدرة استثنائية على الجمع بين الجدية العلمية والروح المرحة، مما جعله محبوبا بين زملائه وكل من تعامل معه. كان يُؤمن بأن المعرفة لا تقتصر فقط على الكتب والأبحاث، بل يجب أن تُترجم إلى واقع ملموس ينعكس إيجابيا على حياة الناس، وهو ما عمل عليه طيلة مسيرته البحثية.

كما كان له دور كبير في بناء جسور التواصل بين الباحثين والمزارعين، حيث لم يكن يكتفي بتقديم الأبحاث والتوصيات، بل كان يحرص على النزول إلى الحقول والتواصل المباشر مع الفلاحين، ليستمع إلى مشكلاتهم وينقل لهم المعرفة بطريقة مبسطة وسهلة التطبيق.

لقد ترك الراحل الكريم بصمة في قلوب كل من تعاملوا معه، ليس فقط بعلمه الغزير ولكن بإنسانيته العميقة، وكرمه الأخلاقي، وروحه الطيبة التي كانت تنشر البهجة في كل مكان يتواجد فيه.

يقيني، أنه برحيله، فقدت مصر عامة ومركز البحوث الزراعية خاصة أحد أعمدة البحث العلمي في مجال التنمية الريفية، لكن سيظل اسمه حاضرا بيننا من خلال إنجازاته العلمية وإسهاماته التي أثرت في واقع التنمية الريفية. ورغم ألم الفقد، فإن عزاءنا في الإرث العلمي الكبير الذي تركه للأجيال القادمة.

رحم الله الدكتور كمال النجار وأسكنه فسيح جناته، وألهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان. إنا لله وإنا إليه راجعون.

🔹 تابعونا على قناة الفلاح اليوم لمزيد من الأخبار والتقارير الزراعية.
🔹 لمتابعة آخر المستجدات، زوروا صفحة الفلاح اليوم على فيسبوك.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. اللهم اغفر له وارحمه و أجعل قبره روضة من رياض الجنه ولا تجعله حفرة من حفر النار وادخله في الفردوس الأعلى من الجنة يا رب العالمين

  2. البقاء والدوام لله ربنا يرحم د. كمال ويسكنه فسيح جناته عظم الله أجركم بالخير وخالص تعازينا د. أسامة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى