رحلة القهوة من المزرعة إلى الفنجان
بقلم: د.أيمن سيد دياب
قسم بحوث تكنولوجيا الحاصلات البستانية بمعهد بحوث تكنولوجيا الأغذية – مركز البحوث الزراعية
بسبب أنماط الاستهلاك المختلفة بين الشعوب وتنامي ثقافة تناول القهوة، انتعش سوق القهوة المصري، ومن المتوقع أن يتوسع بشكل كبير على مدى السنوات الأربع المقبلة. ومن العوامل التي تساهم في زيادة الطلب على البن: الزيادة في الدخل وتزايد عدد السكان من الشباب.
تابعونا على صفحة الفلاح اليوم على فيس بوك
تعد القهوة واحدة من المشروبات الأكثر استهلاكًا على نطاق واسع في العالم، يستهلكها العديد من الأشخاص بسبب رائحتها وطعمها المميز.
في الآونة الأخيرة، تعتبر القهوة مشروبًا وظيفيًا، وذلك في المقام الأول بسبب مركباتها الكيميائية وغيرها من الخصائص المفيدة.
وهناك العديد من المركبات الموجودة في القهوة، والتي يُعتقد غالبًا أن لها آثارًا مفيدة على الصحة، بما في ذلك الكافيين والمغذيات الدقيقة وأحماض الكلوروجينيك.
يتم تعريف القهوة على أنها مشروب يتم تحضيره بطريقة الترشيح أو الغليان من بذور القهوة المحمصة والمطحونة. من المعروف أن القهوة استُخدمت لأول مرة في القرن الخامس عشر في إثيوبيا، وكانت سلعة محبوبة ومستهلكة على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم. وكان يتم مضغ الأوراق، التي تحتوي على مادة الكافيين، في البداية، وفي مرحلة ما تم استخدام الثمار لصنع القهوة.
يتراوح لون القهوة من الأسود والبني الفاتح إلى الداكن والأبيض والبيج، ويمكن تناولها ساخنة أو باردة.
تحتل القهوة المرتبة الثانية في التجارة العالمية بعد النفط، كما تتم زراعة القهوة في 60 دولة مختلفة. البرازيل هي المنتج الرئيسي للقهوة في العالم، وتنتج أكثر من 40% من إجمالي إنتاج القهوة العالمي. ومن المتوقع أن يصل إنتاج فيتنام إلى مستوى قياسي يصل إلى 13%. وتحتل الهند المركز السادس في إنتاج القهوة العالمي بنسبة 3%.
تنتمي القهوة إلى عائلة Rubiaceae. شجرة القهوة شجيرة، عمرها الإجمالي حوالي 70 سنة، وتدر ربحًا تجاريًا من السنة الخامسة.
الأصناف:
من بين ما يقرب من 60 نوعًا من القهوة، تعد أرابيكا وروبوستا وليبيريكا ثلاثة أصناف رئيسية تُزرع في جميع أنحاء العالم. القهوة الخضراء هي المصطلح الذي يشير إلى حبوب البن غير المحمصة.
- القهوة العربية Coffea Arabica: هناك طلب كبير على القهوة العربية المتنوعة بسبب نكهتها ورائحتها المتميزة. تتم زراعة القهوة العربية في ظروف مناخية منخفضة الحرارة عند حوالي 15-20 درجة مئوية. تشكل أكثر من 60% من إجمالي إنتاج القهوة في العالم، كما تساهم بحوالي 90% من التجارة العالمية في القهوة.
- روبوستا Robusta: تُزرع أصناف روبوستا في المناخات الحارة التي تزيد درجة حرارتها عن 20 درجة مئوية. ونظرًا لمحتواها من المواد الصلبة الذائبة، فهي مفضلة جدًا لإنتاج القهوة سريعة التحضير. وتساهم بنسبة 9% من إجمالي إنتاج القهوة في العالم.
- ليبيريكا Liberica: تنمو هذه الأنواع من الأشجار في كلا المناخين، وهذا ينتج قهوة ذات مذاق مر. تساهم بنسبة 1% فقط من إجمالي إنتاج القهوة في العالم.
معاملات ما بعد الحصاد:
تعد معاملات ما بعد الحصاد واحدة من أكبر العوامل المحددة في صناعة القهوة وخصائصها. تتم معالجة القهوة بشكل مختلف في جميع أنحاء العالم، ولكن العناصر والخطوات الأساسية متشابهة بشكل عام.
- تجفيف كرز القهوة: تخضع بذور البن التي تم حصادها للتجفيف قبل تحميصها. بشكل عام، هناك طريقتان يتم اتباعهما في تجفيف بذور البن، وهما:
- الطريقة الجافة: هي طريقة قديمة وبسيطة وتتطلب القليل من الآلات. يتم تجفيف كرز البن غير المجفف بهذه الطريقة، ويعتمد ذلك على عوامل مختلفة مثل حجم المزرعة وجودة المنتج. وتتم على مراحل كما يلي: التنظيف، التجفيف، ثم التقشير. يتم تجفيف كرز القهوة بالشمس لمدة 4 أسابيع إلى محتوى الرطوبة الأمثل بنسبة 11%. يتم استخدام التجفيف الآلي في المزارع الكبيرة لتسريع العملية مع التجفيف الشمسي الأولي لبضعة أيام. تعتمد الجودة النهائية للقهوة بشكل كبير على عملية التجفيف. تستخدم الطريقة الجافة بشكل رئيسي للقهوة العربية.
- الطريقة الرطبة: تستخدم معدات الغسيل والماء، وتنتج هذه الطريقة حبوب قهوة ذات جودة أفضل، مما يؤدي إلى الحصول على قهوة خضراء عالية الجودة. وعلى غرار الطريقة الجافة، تتم الخطوة الأولى بفرز القهوة وتنظيفها عن طريق تعريض الكرز للغسيل في الماء المتدفق.
الغش في القهوة:
كما ذُكر، فإن القهوة واحدة من المشروبات الأكثر استهلاكًا في العالم، وهي معروفة بارتفاع أسعارها، خاصة إنتاج القهوة العربية (البن العربي)، الذي يتميز بارتفاع سعره وجودته مقارنة بالأنواع الأخرى المذكورة سابقًا، مما يخلق ظروفًا عرضة للممارسات الاحتيالية على طول سلسلة القيمة.
تشمل طرق الغش المحتملة في القهوة:
- الخلط مع الأنواع ذات القيمة المنخفضة.
- مزج الحبوب ذات الأصل الواحد مع حبوب أخرى.
- خلط نوعين كما هو الحال بإضافة روبوستا الأرخص سعرًا إلى القهوة العربية النقية.
- إضافة نباتات أخرى مثل الهندباء (الشيوكوريا)، قشور القهوة، الشعير، النشا، وأصناف من البسلة الخضراء والمحمصة الكاملة.
- إضافة نوى البلح أو بعض المواد مثل كربونات الصوديوم.
لذلك، فإن اكتشاف الغش يمثل أهمية لكل من الحكومات والمنتجين والمستهلكين، ويتم ذلك من خلال الخصائص الحسية (البصر، الذوق، والرائحة)، لكن هذا يتطلب محكمين ومتذوقين ذوي خبرة كبيرة في هذا المجال، ولديهم القدرة على تمييز الأصول.
ومع ذلك، يمكن أن تختلف الدقة والتعرف على طرق الغش بشكل كبير اعتمادًا على مستوى الخبرة، والحدة الحسية تجاه سمات حسية محددة للقهوة، وخواصها الفسيولوجية، والظروف البيئية. وسيكون التمييز والتعرف أكثر صعوبة بالنسبة للعينات المطحونة والمشروب، حيث قد يتم تقليل أو فقد بعض المميزات المحددة لكل نوع من القهوة.
لذلك، يمكن الاستعانة بالعديد من الطرق للكشف عن وجود غش باستخدام التقنيات التحليلية الدقيقة ودراسة الصفات الفيزيائية، الكيميائية، والبيولوجية، مثل:
- التحليل الطيفي بالرنين المغناطيسي النووي.
- التحليل اللوني.
- مطياف الأشعة تحت الحمراء.
- التحليل الكروماتوجرافي الفائق.
استخدام هذه التقنيات للتعرف على الغش مكلف، ومن المرجح أن يكون الاتجاه الحالي هو تطوير طرق أخذ البصمات السريعة والمنخفضة التكلفة.
إن توفر التكنولوجيا السريعة للكشف عن الغش، والتي يمكن الوصول إليها بسهولة، سيمكن من الكشف عن الغش على نطاق واسع وإجراء اختبارات ضمان الجودة الروتينية، بجانب تنفيذ برامج التتبع، مما يساعد على مراقبة الحبوب أثناء تحركها من المزرعة حتى مراحل الإنتاج النهائية وصولًا إلى المستهلك.