رأى

دورات مياه عمومية!

أحمد إبراهيم

بقلم: أحمد إبراهيم

كاتب صحفي 

البعض قد يستغرب من عنوان المقال ومضمونه وقد يرى أنه موضوع لا يستحق الكتابة فيه، ولكنه من وجهة نظري غاية في الأهمية، لأن المشاهد التي نراها يوميا لمواطنين يقومون بـالتبول في الشوارع أو تحت الكباري أو الحدائق والميادين العامة، وبصرف النظر أنها سلوكيات سيئة أو بحكم القانون أفعال فاضحة في الطريق العام، فإنها مسيئة لسمعة مصر أمام المصريين أولا ثم أمام الأجانب، سواء كانوا سائحين أو مستثمرين أو ضيوفا ومسئولين، وأنها مشاهد تقريبا اختفت من كل دول العالم حتى تلك التي كانت فقيرة ومتخلفة وليس لديها أصلا شبكة صرف صحي.

إنشاء دورات مياه عمومية في الشوارع وعلى الطرق وفي الميادين والحدائق العامة ليس أمرا ترفيهيا، بل هو ضرورة ملحة تفرضها أولا زيادة نسبة المواطنين المصابين بمرض السكر، وهؤلاء لا يستطيعون التحكم في أنفسهم، كذلك مرضى الضغط والأطفال. كل هؤلاء يحتاجون قضاء حاجتهم بسرعة وباستمرار، بالإضافة إلى ان تحت الكباري عندنا تحول إلى دورة مياه عمومية مفتوحة مؤسفة تنبعث من الروائح الكريهة.

أيضا الأمراض الاجتماعية والانانية التي اصابات المجتمع في السنوات الأخيرة جعلت أصحاب المحلات والمتاجر والمطاعم والكافيهات وإدارات الأندية الرياضية لا يسمحون للمشاة باستخدام دورات المياه لديهم، حتى في ظل الظروف الطارئة مثلما حدث مؤخرا مع أطفال المدراس الذين قضوا ساعات طويلة في الشوارع، بسبب الأمطار الغزيرة التي أغرقت القاهرة في شهر أكتوبر الماضي وأدت إلى تعطل حركة المرور، وحتى المساجد أصبحت تغلق دورات المياه في غير أوقات الصلاة.

مؤخرا حدثت طفرة غير مسبوقة في مجال الطرق والكباري والدولة حاليا ترفع شعار “اتحضر للاخضر”،بهدف التوعية بالوعي البيئي والجمال وإنشاء الحدائق العامة والتجميل وزراعة الأشجار، فهل يعقل أن نفعل ذلك وننسى أهم شيء وهو إنشاء دورات مياه عمومية، ويضطر المواطنون للتبول في الشوارع في مشاهد مؤسفة.

إن إنشاء دورات عمومية في كل مدن ومحافظات الجمهورية اقل بكثير من تكلفة إنشاء كوبري واحد فقط، أو مما تنفقه المحليات على حفر الشوارع ثم إعادة رصفها ثم حفرها مرة أخرى، بل هو أهم وأفضل من بناء المساجد والكنائس، ليس مطلوبا من الدولة إقامة دورات مياه عمومية على نفقتها، ولكنها تستطيع أن تفرض ذلك على الأندية الرياضية التي تستغل المرافق المدعمة ثم تتقاضي رسوم عضوية بمئات الآلاف، وكذلك منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الخيرية والمستشفيات الاستثمارية مع تأسيس شركة قطاع خاص تتولى إدارة ونظافة دورات المياه العمومية والحفاظ عليها مقابل رسوم رمزية مع عدم إجبار غير القادرين على ذلك.

أنا لن أتحدث إطلاقا عن دورات المياه الموجودة حاليا في المؤسسات والمستشفيات العامة فالجميع يعلم مدى حالة القذارة التي وصلت إليها، والتي لا تعبر إطلاقا عن حضارة 7000 سنة، وقديما قالوا نظافة دورة المياه هي عنوان للمنزل أو المؤسسة الحكومية.

ختاما إن إنشاء دورات مياه عمومية محترمة وتوافرها بكثرة في الشوارع هو لمسة حضارية تواكب التطور الذي تشهده البلاد حاليا، كما أنه خدمة ضرورية يستحقها المواطن المصري.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى