دودة الحشد الخريفية خطر مُتزايد على المحاصيل الزراعية في مصر
إعداد: د.محمد النشرتي عبدالعال
باحث بقسم بحوث الآفات والأمراض بمعهد بحوث المحاصيل السكرية – مركز البحوث الزراعية
تُعد دودة الحشد الخريفية (Fall Armyworm) واحدة من أخطر الآفات التي تُهدد الإنتاج الزراعي في مصر والعديد من دول العالم، خاصةً في المناطق الريفية والنائية. وهي من الآفات العابرة للحدود ومتعددة العوائل، ولها عدة تسميات، أهمها: دودة الجيش الخريفية (Fall Armyworm) أو دودة الجيش الأمريكية (American Armyworm)، أو كما أُطلق عليها في مصر عند بداية ظهورها في إفريقيا: الدودة الجياشة الخريفية.
تقل خطورتها في فصل الشتاء، حيث تهاجر من المناطق التي يبدأ فيها الشتاء (المناطق الباردة) إلى المناطق الدافئة، إذ إن زيادة متوسط درجات الحرارة بمقدار درجة مئوية واحدة يمكن أن يضاعف تقريبًا مستويات تعداد دودة الحشد الخريفية، مما يلفت الانتباه إلى العواقب المحتملة لارتفاع درجات الحرارة على تغير تعداد الآفة.
الموطن الأصلي لها هو المناطق الاستوائية في الأمريكيتين، ودخلت لأول مرة إلى غرب إفريقيا في عام 2016، حيث أحدثت خسائر كبيرة بمحصول الذرة البيضاء، الذي يُعد جزءًا مهمًا من غذاء سكان القارة الإفريقية. وتوسع انتشارها ليغطي 44 دولة في إفريقيا خلال عام 2017. ساعدت الصفات المميزة للحشرة، كمقدرتها العالية على الطيران ووضع كميات كبيرة من البيض، على الاستقرار في المنطقة وإحداث أضرار بالغة بمحصول الذرة الشامية ومحاصيل أخرى وصل عدد عوائلها إلى 350، أغلبها من النجيليات، التي تُعد سلة الغذاء وضمان الأمن الغذائي للبشرية.
الوصف والتعرف
تتبع دودة الحشد الخريفية رتبة حرشفيات الأجنحة، والاسم العلمي لها هو Spodoptera frugiperda. تتميز بصغر حجمها في المرحلة اليرقية، حيث يبلغ طولها حوالي 2 سم. أما المرحلة البالغة، فهي فراشة ذات لون بني مع خطوط بيضاء وأخرى داكنة، وتتميز بأجنحة تمتد إلى حوالي 4 سم. تضع الإناث العديد من البيض، الذي يتطور بسرعة ليصبح يرقات مؤذية للمحاصيل.
دورة الحياة
تستغرق دورة حياة دودة الحشد من البيضة إلى الحشرة الكاملة 30 – 40 يومًا عند درجة حرارة 25 – 30˚م، وتمر بعدة مراحل:
-
البيض: تضع إناث دودة الحشد بيضها في كتل (لطع) بيضاء تميل إلى الخضرة، قطرها 0.75 مم، وتحتوي الواحدة منها على 100 – 200 بيضة. ويتراوح عدد البيض لكل أنثى بين 1000 بيضة خلال فترة حياتها.
-
اليرقات: تمر دودة الحشد بستة أطوار يرقية تستغرق من 14 – 22 يومًا، وتُعد هذه المرحلة الأكثر ضررًا، حيث تتغذى على الأوراق والأجزاء الغضة، وتسبب تلفًا شديدًا للنباتات.
-
العذراء: بعد اكتمال فترة النمو، تحفر يرقة الطور السادس في التربة نفقًا على عمق 2 – 8 سم لتتعذر فيه، وتبلغ مدة التعذر من 7 – 14 يومًا. لون العذراء بني لامع، يتحول إلى لون غامق قبل خروج الحشرة البالغة.
-
الفراشة: تخرج الحشرة البالغة وتمر بفترة ما قبل وضع البيض من 2 – 3 أيام، ثم تتزاوج وتضع البيض للدورة الجديدة.
الأضرار التي تسببها
تبدأ الأضرار بتقشير يرقات الأطوار الأول والثاني والثالث للسطح السفلي للورقة، مما يؤدي إلى خسارة في النمو الخضري أقل من 2%، وظهور ما يُسمى “بالنوافذ”، أو فتحات غير منتظمة الشكل في الأوراق. وتسبب يرقات الطور الخامس ضررًا بنسبة 16.3% على الأوراق، بينما يُعد الطور اليرقي السادس المسؤول عن الخسارة الأكبر في المحصول، حيث قُدِّرت بمعدل 77.2%. كما تتغذى اليرقات على بلعوم النبات، مما يُسهم في إصابة الجروح بالفطريات، التي تنتج السموم الفطرية مثل الأفلاتوكسينات. تشير الدراسات إلى أن الطور اليرقي السادس (35 – 40 مم) يستهلك خلال أربعة أيام كمية أكبر مما تستهلكه بقية الأعمار اليرقية خلال عشرة أيام. أيضًا، تؤثر تغذية اليرقات على عملية التمثيل الضوئي للنبات، مما يؤدي إلى ضعف النمو وانخفاض الإنتاج، وقد يؤدي إلى موت النبات بالكامل إذا لم تتم السيطرة عليها بسرعة.
لماذا يصعب مكافحة دودة الحشد؟
بسبب تعدد عوائلها، وقدرتها العالية على الانتشار، وكثرة أجيالها، ووضعها البيض بكميات كبيرة محاطًا بالحراشف التي تعيق وصول الأعداء الحيوية والمبيدات، وقدرتها على إفراز خيوط حريرية تساعدها في التعلق والانتقال، واختباء اليرقات داخل بلعوم النبات أو الكوز، كل هذا يقلل من فاعلية المبيدات. كما أنها تكتسب مقاومة لبعض المبيدات والبكتيريا وبعض أصناف الذرة المعدلة وراثيًا، ما يستدعي البحث عن أكثر من وسيلة ومبيد للحد من خطورتها.
المكافحة
يتطلب مكافحة دودة الحشد الخريفية اتباع أسلوب إيكولوجي شامل، يجمع بين تقنيات متعددة ضمن نظام متكامل لإدارة الآفات (IPM)، مع الاستفادة من العوامل الطبيعية، والمكافحة الزراعية، والحيوية، والكيميائية.
ويتكون هذا النظام من ثلاثة عناصر: الملاحظة (الترقب)، الوقاية (الطرق غير المباشرة)، والمكافحة (الطرق المباشرة).
ومن أبرز الممارسات الحقلية:
-
جمع لطع البيض واليرقات الصغيرة وسحقها.
-
جمع اليرقات الكبيرة والتخلص منها بالحرق أو التقديم كعلف للدواجن.
-
الالتزام بالتقويم الزراعي والزراعة المبكرة.
-
زراعة محاصيل بينية كالبقوليات ودوار الشمس لتقليل وضع البيض.
-
حراثة التربة وإغراقها لقتل العذارى.
-
استخدام الأصناف المقاومة.
-
إزالة الأعشاب الكثيفة وحرقها.
-
العمل الجماعي في المكافحة.
-
إنشاء أسيجة لتشجيع الطيور على الافتراس.
-
خلط الفلفل الحار مع الرمل ووضعه في بلعوم النبات.
-
استخدام خليط الثوم والنيم مع الصابون ورش النبات.
-
استخدام المتطفلات والمفترسات الحيوية.
-
استخدام المبيدات الحيوية مثل Bacillus thuringiensis وBeauveria bassiana.
وفي حال فشل وسائل المكافحة السابقة، يمكن اللجوء إلى المبيدات الكيميائية، بشرط أن تكون مركبة من مواد تؤثر في البيض واليرقات والحشرة الكاملة معًا، وأن تحتوي على مركب جهازي للوصول إلى الأماكن المخفية. ويُمنع خلط مبيدات تعمل بطرق متضادة.
أمثلة على المبيدات الموصى بها:
-
المجموعة الأولى:
Emamectin benzoate – Indoxacarb – Metaflumizone – Abamectin -
المجموعة الثانية:
Imidacloprid – Spinosad – Methomyl – Deltamethrin – Dinotefuran – Bifenthrin – Pyridalyl -
المجموعة الثالثة (منظمات نمو):
Methoxyfenozide – Lufenuron – Cyromazine
ملاحظات:
-
يمكن خلط مبيدات المجموعة الأولى مع بعضها فقط، والمجموعة الثانية مع بعضها فقط.
-
يمكن خلط منظمات النمو (المجموعة الثالثة) مع أي مبيد من المجموعتين الأولى أو الثانية.
-
يمكن خلط Beauveria bassiana مع Imidacloprid عند ظهور المقاومة.
المراجع:
إبراهيم جدوع الجبوري، ثائر ياسين، وماجد الكحكي (2021). دودة الحشد الخريفية: آفة وافدة تهدد المحاصيل والأمن الغذائي. منظمة الأغذية والزراعة، القاهرة. https://doi.org/10.4060/cb7104ar
🔹 تابعونا على قناة الفلاح اليوم لمزيد من الأخبار والتقارير الزراعية.
🔹 لمتابعة آخر المستجدات، زوروا صفحة الفلاح اليوم على فيسبوك.