خيط رفيع بين كرونا وسد النهضة
بقلم: د.محمد حافظ
في رسالة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلي رئيس منظمة الصحة العالمية الدكتور/ تيدروس أدهانوم يوم الثلاثاء الماضي أبلغ فيها ترامب المنظمة بأنه سوف ينتظر مدة 30 يوما فقط ليري (تحسينات ملموسة) في أداء المنظمة وإلا فستعلن أمريكا عن إنسحابها الدائم من المنظمة وقطع كامل الدعم المادي عنها والذي يقدر بملايين الدولارت.
بمجرد ما أعلن ترامب عن نيته بمعاقبة (منظمة الصحة الدولية) وحرمانها من الدعم الأمريكي كان على الجانب الأخر من الكوكب يقف الرئيس الصيني/ شي جين بينغ معلنا تقديم مبلغ (2 مليار دولار أمريكي) لدعم منظمة الصحة العالمية ورئيسها الدكتور/ تيدروس أدهانوم الإثيوبي الجنسية والذي كان يشغل منصب وزير خارجية إثيوبيا خلال الفترة بين عام 2012- 2016.
على مدار الشهرين الماضيين يردد الرئيس ترامب إتهامه للرئيس منظمة الصحة العالمية (الإثيوبي الجنسية) بأنه كان (دمية بيد الصين) وأنه (محابي) للصين على حساب شعوب العالم. متهما إياه بأنه قد أصدر بيانات عدة في بداية هذا العام تؤكد أن فيرس كرونا الذي انتشر في الصين حينذاك أنه (محدود) الإنتشار وأنه (لا ينتقل مثل الإنفلونزا), هذا على الرغم من إبلاغ المسؤولين في تايون لـمنظمة الصحة العالمية خلال شهر ديسمبر الماضي بأن الوضع الصحي في مدينة (ووهان الصينية) صعب للغاية وأن فيروس كرونا ينتقل بين البشر, إلأ أن رئيس منظمة الصحة العالمية تجاهل كل تلك المعلومات وأصدر عدة تصريحات (مطمئنة للغاية) على مدار شهر يناير بل أصدر قرار يرفض تطبيق أي حظر سفر (من وإلي) الصين مؤكدا بطء إنتشار الفيروس.
استمر رئيس منظمة الصحة العالمية الدكتور/ تيدروس أدهانوم على إصدار التصريحات اليومية المطمئنة للغاية للشعوب بشأن إنتشار وخطورة (فيروس كرونا) وإلي يوم 11 مارس 2020 أي بعد نهاية احتفالات العيد الصيني ورجوع السواح الصينيين إلي بلادهم بعد قضاء أجازة (عيد رئس السنة الصينية) متجولون حول العالم ينشرون (فيروس كرونا) في كل بقاع الأرض. حتى وصل تعداد حامل الفيروس اليوم لقرابة 4.5 مليون مواطن مع نسبة وفيات تعادل قرابة 6% مما يجعل هذا المرض من أخطر الأمراض التي إنتشرت حول العالم مسببة خسائر اقتصادية تقدر بقرابة 25% من إجمالي الإنتاج القومي للعالم أجمع لعام 2020.
اليوم وعندما تتجه كافة الرماح لـمنظمة الصحة العالمية ورئيسها الدكتور (الغير طبيب) / تيدروس أدهانوم عن سبب (تقاعسه) في أداء مهمته الوحيدة والتي أؤتمن بها أمام العالم أجمع في أن يحمي شعوبها من أي جائحة تهدد حياة الشعوب, يجب أن نتسأل هل هناك (أسباب سياسية وراء ذلك) أسباب منعته من مشاركة ما لديه من معلومات تفيد خطورة هذا الفيروس (الصيني) وقدرته الخطيرة في الإنتشار.
ربما لو لم يكن فيروس (كرونا) هو فيروس (صيني) الأصل لكان (أداء) رئيس منظمة الصحة العالمية يختلف كثيرا عن أدائه الحالي. فالسر هنا هو أنه (صيني). فمن يعرف خلفية الدكتور/ تيدروس أدهانوم جيدا والذي كان وزير خارجية لإثيوبيا في الفترة الحرجة بين عام 2012 حتى 2016 حيث نجح في (كسر) الحصار المالي التي فرضته الدولة المصرية على التمويل الدولي لـ(سد النهضة) وذلك عن طريق فتح كامل أسواق الدولة الإثيوبية على (مصراعيها) للاستثمارات الصينية والحصول على تمويل من البنوك التجارية الصينية للبدء في صب أساسات سد النهضة وإلي حين نجاحه مرة أخرى في إقناع (مصر) بالتوقيع على إتفاقية مبادئ سد النهضة في مارس 2015 ليستكمل بهذه الإتفاقية مسيرته في خدمة بلاده من خلال (تقنين مشروع سد النهضة) وفتح كافة الأبواب للتمويل الدولي لـسد النهضة وتحديدا التمويل الصيني للعديد من مشاريع البنية التحتية لإثيوبيا. حتى وصل حجم الديون الإثيوبية لدولة الصين وحدها لقرابة 15 مليار دولار أمريكي في نهاية عام 2019.
العلاقات الشخصية بين الدكتور/ تيدروس أدهانوم والحكومة الصينية هي علاقات صداقة (متينة) منذ عام 2012 أي قبل أن يتوالي الدكتور/ تيدروس أدهانوم منصب رئاسة منظمة الصحة العالمية. وهذه العلاقة الشخصية والتي (ربما) تكون مغطاة بطبقة رقيقة من (عسل المصالح الشخصية) قد تحولت إلي (قيد ولاء) بعنق رئيس منظمة الصحة العالمية منعته من أداء دوره المنوط به مما (عجل) في إنتشار فيروس كرونا (الصيني) حول العالم ثمنا لولاء رئيس منظمة الصحة العالمية والذي بداء أول ما بداء بقرض من البنك الصيني التجاري لصب خرسانة أساسات سد النهضة.
دعم الصين لدولة إثيوبيا في مجال بناء السدود هو دعم واضح لا تخطائه عين. فالصين تبني سد (تاكيزي) وإخواته على نهر عطبرة للتأثير على تدفقات نهر عطبرة وتخفيض حصته الذاهبة لبحيرة ناصر والدولة المصرية. وتبني سلسلة سدود (جيبي) على نهر (آومو) لمنع مياه النهر عن دولة كينيا. واليوم تشارك بكل قوة في بناء (سد النهضة) وحرمان مصر من تدفقات النيل الأزرق والتي تساهم وحدها بقرابة 60% من إجمالي حصة الدولة المصرية ذات الـ 55.5 مليار متر مكعب.
بعد تقديم دولة الصين كل تلك الخدمات لإثيوبيا فهل من الممكن أن ينتقدها الدكتور/ تيدروس أدهانوم والذي هو أحد مؤسسي العلاقات الاقتصادية الصينية – الإثيوبية. هل يمكنه أن يتهم (الصين) بأنها وراء نقل الفيروس لدول العالم وإخفائها معلومات جوهرية عن طبيعة هذا الفيروس. لا أعتقد أن رئيس منظمة الصحة العالمية المثقل بفضل دولة الصين عليه (شخصيا) وعلى بلاده لقادر على مطالبة الصين بفتح تحقيق (مهني) حول طبيعة فيروس كرونا (الصيني) بحيث يستفاد من هذا التحقيق الدولي في تأسيس ملف الدعوي القضائية العالمية المنتظر النظر فيها قريبا لمطالبة (الصين) بتعويضات تسببت هي فيها بالتواطء مع رئيس منظمة الصحة العالمية المدان للصين بتحقيق حلم إثيوبيا في بناء سد النهضة.
سلمت يمينك د محمد
تحياتي
أحسنت يا دكتور محمد.. للأسف المصالح الخاصة تدير المؤسسات الدولية وتعرض البشرية لما يفوق طاقتها. لماذا لم تذكر تخصصه الأصيل يادكتور٠تحياتى لكم وللفلاح اليوم على النشر.