خروج الأهلي لا يُغطّى بثرثرة.. أوقفوا التجميل الإعلامي!
بقلم: د.أسامة بدير
رغم أنني لست ممن يُضيعون أوقاتهم في متابعة البرامج الرياضية المُطوّلة، أو تحليلات الاستديوهات العقيمة على قنوات الأندية، وعلى رأسها قناة الأهلي، إلا أنني وجدت نفسي بالأمس – بالصدفة – أمام مشهد عبثي، تصدره “عدلي القيعي”، أحد أكثر الأسماء استهلاكاً في الإعلام الرياضي المصري.
ما إن بدأت أتابع حديثه حتى فوجئت بما لا يُصدق، فقد تناول “القيعي” خروج الأهلي من بطولة العالم للأندية، ليس بنقد جاد أو تحليل مسؤول، بل بتصريحات لا تمت للواقع بصلة. إذ قال وبكل ثقة: “البطولة خسرت مذاقها بخروج الأهلي، لأن جماهير النادي هي الأكثر شعبية، وكانت ستمنح المدرجات طعماً خاصاً!”
حديث يثير الشفقة قبل الغضب. فهل حقاً خروج نادٍ واحد أفقد بطولة عالمية نكهتها؟! وهل أصبحت الجماهير ذريعةً يُلقى عليها فشل الأداء وتواضع النتائج؟!
والأدهى من ذلك، أن كلام “القيعي” سقط سريعاً أمام الواقع، فقد شاهد العالم كله مباريات البطولة التالية لخروج الأهلي، وكانت المدرجات ممتلئة بالجماهير، تعج بمشجعي الفرق المتأهلة، ومن حضر فقط من أجل المتعة الكروية. لم تبكِ المدرجات على غياب الأهلي، ولم تتوقف الجماهير عن التصفيق، ولم يُلغِ أحدٌ المباراة بسبب غياب “المذاق الأحمر”.
من تابع البطولة لاحظ أن كل مباراة أُقيمت بعد إقصاء الأهلي، كانت بمثابة عرض كروي راقٍ بحضور جماهيري ممتاز. الجماهير حضرت للاستمتاع بكرة القدم، لا لتذرف الدموع على غياب فريق لم يقدّم ما يشفع له بالبقاء. إذًا، من أين جاء “القيعي” بهذا الزيف؟!
الحق أن ما قاله لا يُعبّر إلا عن مدرسة كاملة من الخطاب العاطفي الفارغ، الذي اعتدنا سماعه من وجوه باتت مُكرّرة حد الملل، تعيش على أمجاد الماضي وتُنتج الوهم في كل ظهور إعلامي. لا تحليل، لا تقييم، لا محاسبة.. بل عبارات جاهزة محشوة بالشعارات والانتماء الأعمى.
“عدلي القيعي”، الذي ظل يُلقّب بـ”مهندس الصفقات”، يبدو اليوم بلا أدوات ولا بصيرة. ما يقدمه من كلام لا ينتمي لعالم الرياضة الحديثة، بل لزمن كانت فيه الخرافة تُقدّم على أنها رؤية، والتبرير يُمرر باعتباره تحليلاً.
لقد آن الأوان أن نضع حداً لهذا العبث. كفانا تحليلات خشبية، ووجوهاً تستنزف الشاشات بلا جدوى. الرياضة تحتاج إلى دماء جديدة، إلى عقول ناقدة تقرأ الواقع بموضوعية، لا إلى أبواق تدور في حلقة مُفرغة من التطبيل والتزييف.
وأخيرا، إن الإعلام الرياضي ليس نادياً اجتماعياً لمن تجاوزوا زمنهم، بل منبرٌ للمُكاشفة والمُحاسبة. ومن لا يملك سوى التبرير والخيال، فليرجل. لأن “مذاق البطولة” الحقيقي لا تصنعه الشعارات.. بل الأداء.
🔹 تابعونا على قناة الفلاح اليوم لمزيد من الأخبار والتقارير الزراعية.
🔹 لمتابعة آخر المستجدات، زوروا صفحة الفلاح اليوم على فيسبوك.