عربى

خبير مياه: انهيار سد النهضة وارد وسيدمر السودان بالكامل

الحرة على وقع المخاوف من اندلاع نزاع بين مصر وإثيوبيا والسودان إن لم يتم التوصل إلى حل قبل تشغيل سد النهضة الذي تشيده أديس أباب على نهر النيل، تعود قضية تعاطي الخرطوم مع هذا الملف الشائك إلى الواجهة.

وتشارك الدول الثلاث، الأربعاء، في مباحثات بشأن سد النهضة في واشنطن، وهو المشروع الإثيوبي الذي يتوقع أن يبدأ تشغيله بشكل كامل عام 2022، ويثير مخاوف القاهرة من أن يؤثر عى قوة تدفق مياه النيل الذي يؤمن نحو 90% من احتياجاتها المائية.

وموقف السودان غير واضح في هذا الملف، فالنظام السوداني السابق لم يتعامل معه كقضية لها انعكاساتها الأمنية والاستراتيجية على السودان وإنما كانت تستخدم الملف كتكتيك سياسي، وفق ما يرى مراقبون.

ويعتبر هؤلاء أن الخرطوم تتخذ من ملف سد النهضة ورقة ضغط ضد مصر وإثيوبيا على حد سواء، دون مراعاة لمدى تأثيره على السودان ومصالح البلاد الأنية والمستقبلية.

وعليه، فإن النظام السابق وقع في خطأ جسيم من خلال التعاطي سياسيا مع الملف، وتجاهله، بشكل شبه متعمد، أراء الخبراء باعتبار أن سد النهضة وتشييده قضية فنية في المقام الأول مما يتطلب الاسترشاد بآراء الفنيين المختصين.

كما أنها قضية أمنية، باعتبار أن أي تعاطي مع الملف دون دراسة تأثيراته على الأمن القومي للبلاد ستكون عواقبه كارثية على مستقبل السودان.

والموقف السوداني الرمادي خلال المفاوضات الجارية طوال السنوات حول قضية السد جعله أقرب للموقف المحايد، بين الموقفين المصري والاثيوبي واللذان بكل تأكيد يجعلان مصالحهما كأولوية.

أما بالنسبة للشارع السوداني تجاه سد النهضة فموقفه عاطفي، فهو مبني على المشاعر السلبية تجاه مصر، بسبب التناول السلبي للإعلام المصري للقضايا السودانية أو ما يمكن وصفه بالتعالي المصري على السودانيين الذين يرون أن القاهرة استغفلت السودان بـاتفاقية مياه النيل 1959.

وبموجب الاتفاقية، تم إغراق مدينة وادي حلفا التاريخية لبناء السد العالي جنوب مصر، كما أن الشارع السوداني يرى أن مصر لم تف من جانبها بالتزامتها تجاه السودان في تلك الاتفاقية.

وبناء على هذه المعطيات والترسبات التاريخية، يؤيد جانب كبير من الشارع السوداني بناء سد النهضة دون أن يدرك في الواقع ما يمكن أن يترتب عليه ذلك من منافع أو أضرار للسودان، سواء كان على المدى القريب أو البعيد.

كما أن عدم تفاعل الشارع السوداني بالمستوى المطلوب مع ملف سد النهضة يرتبط أيضا بالموقف الحكومي وتعاطيه مع الملف وتغييبه للحقائق، بل وتغييب القضية بشكل واضح إعلاميا وعدم وتناول مدى تأثير السد على السودان سلبا وإيجابا.

ويعرب المحلل السياسي، خضر مسعود، عن اعتقاده بأن الخرطوم “تسعى من خلال فريق الخبراء إلى تثبيت حق السودان في مياه النيل بالطرق القانونية وليس في نيتها التصعيد فيما يتعلق بـسد النهضة..”.

ويضيف أن السودان لم يعلن حتى الآن “موقفه من التصعيد بين أديس أبابا والقاهرة، وذلك لإعمال الدبلوماسية في حسم القضايا ذات الطابع الاقليمي والدولي..”.

ويردف قائلا “من الناحية العملية أعتقد أنه يتوجب على الخرطوم عدم التنازل عن حصتها مهما حدث، واللجان الفنية بـوزارة الري والموراد المائية تعمل على ذلك، أما على الصعيد السياسي فهي تلعب دور الويسيط حتى الآن لتقريب وجهات النظر بين مصر وإثيوبيا، وذلك للضرر الذي قد يصيبها حال اندلاع مواجهات بين الطرفين..”.

وبما أن الأضرار المحتملة التي قد تصيب السودان من بناء السد مؤقتة لا تتعدى فترة امتلاء الخزان، يعتبر الخبراء أن على وزارة الري إيجاد الحلول لتعويض النقص.

وبالإضافة إلى المخاوف من أن يؤثر السد على كمية تدفق المياه إلى الخرطوم، مع العمل بأن بعض المزارعين يشكون من شح المياه حتى قبل بناء السد، يرى خبراء، في المقابل، أن المشروع قد يسهم في توفير الطاقة الكهربائية للسودان عبر اتفاقيات بتكلفة أقل مما هو موجود الآن.

ويشكل النيل شريان حياة يوفر المياه والكهرباء للبلدان العشرة التي يعبرها، ويلتقي رافداه الأساسيان النيل الأبيض والنيل الأزرق في الخرطوم ويواصل تدفّقه شمالا عبر أراضي مصر ليصب في البحر المتوسط.

ومن جانبه، شدد خبير المياه، حيدر يوسف، على “ضرورة التوعية الإعلامية في السودان من خطورة السد على المنطقة”، مشيرا إلى أن “أول المتضررين هم السودانيون وأن انهيار السد وارد وسيدمر السودان بالكامل..”.

ويضيف أنه “ليس هنالك دراسات جادة فنية لمشروع السد. إنما هو مشروع سياسي بعيد عن المصالح العلمية والمنطقية المفيدة لجميع الأطراف..”.

وأردف يوسف، قائلا: إن “هذه البقعة التي تبعد 12 كلم عن الحدود السودانية وستحتوي على 74 مليار كايراد سنوي من المحتمل أنها لن تحتمل السد وفق دراسة أجريت في الستينيات من القرن الماضي على أحد السدود التي كان من المفترض أيضا أن تقوم على النيل الأزرق بحجم أقل من هذا السد وذكرت الدراسات مدى خطورتها وعدم قدرتها على الصمود، فما بالك بهذا السد ضخم التخزين والمبني دون دراسات فنية جدية”.

وذكر المهندس المائي أن المشروع الإثيوبي “لديه أجندته الخفية وسيكون صفقة القرن بمعنى التحكم في النيل الأزرق، فتخضع بذلك دولتي السودان ومصر لما هو قادم..”.

ويتساءل قائلا “لماذا وجهت دعوة لوزراء خارجية الدول الثلاث، بينما كان من المفترض والضروري أن تكون الدعوة للأجهزة الفنية في الوزارات المعنية؟”.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى