صحة

حساسية اللاكتوز: دليلك الشامل للتشخيص والعلاج والتعايش بسلاسة

إعداد: صفاء صلاح الدين طة

باحث مساعد بقسم بحوث الألبان بمعهد بحوث تكنولوجيا الأغذية – مركز البحوث الزراعية

اللاكتوز هو السكر الرئيسى الموجود في الحليب ومنتجات الألبان الأخرى؛ يعاني البعض من عدم تحمّل اللاكتوز بسبب نقص انزيم اللاكتيز أو عدم وجوده، وهو عبارة عن إنزيم يُنتَج في الامعاء الدقيقة ويفكك اللاكتوز إلى سكريات بسيطة يمكن امتصاصها في مجرى الدم من خلال الجدار المعوى.

عدم تحمل اللاكتوز او حساسية اللاكتوز هي حالة مرضية تندرج ضمن إطار اضطرابات الجهاز الهضمي التي تحدث عندما يعجز الجسم عن هضم سكر اللاكتوز. ورغم أنه لا يوجد علاج تام، إلا أنه يمكن معالجة هذه الحالة والسيطرة عليها من خلال الغذاء. تختلف هذه الحالة عن حساسية الحليب التي هي رد فعل الجهاز المناعي للبروتينات الموجودة في الحليب.

أما حساسية اللاكتوز فهي اضطراب في الجهاز الهضمي ناتج عن نقص إنزيم اللاكتيز. عند وجود مثل هذا الإضطراب، لا تستطيع المعدة هضم سكر الحليب من دون إنزيم اللاكتيز، بل يتم تفكيكه من قِبل البكتيريا التى توجد فى الامعاء الغليظة ما يؤدي إلى نشوء غازات بالامعاء والإصابة بنوبات انتفاخ وشعور بالإمتلاء وكذلك الإصابة بآلام فى البطن، وفي بعض الحالات قد يعاني البعض من الإصابة بالإسهال في مرحلة الطفولة، ويكون الجسم مُهيأ ليعيش على لبن الأم فقط ولذلك، يُنتج إنزيم اللاكتيز. وهذا البروتين يعمل على تكسير اللاكتوز في المعدة ليتمكن الجسم من الانتفاع به.

بعد انتهاء الرضاعة الطبيعية، يبدأ الجهاز الهضمي تدريجيًا مواءمة الأطعمة الأخرى حيث ينتج الجسم بعد ذلك كمية أقل نسبيًا من اللاكتيز، وبالتالي لا يمكنه إلا تكسير كميات أقل نسبيًا من سكر اللبن, وبذلك تصبح كمية اللاكتيز لدى البعض غير كافية لتكسير اللاكتوز الذي يتم تناوله في الطعام.

فإذا تناول شخص بالغ كمية من اللاكتوز بصورة تفوق ما يمكن أن يُحلله اللاكتيز، فإن اللاكتوز يبقى في الأمعاء. ويتم تكسير اللاكتوز في الأمعاء الغليظة عن طريق البكتيريا المعوية وهذه العملية تسمى التخمر وينتج عنها المزيد من الغازات ونواتج التحلل الأخرى في الأمعاء. ومن ثم، فإنها تسبب بعض الأعراض. وتختلف شدّة أعراض حساسية اللاكتوز باختلاف الكمية التي يتحمّلها المريض، وما يرافقها من الكمّية المتناولة وحجم الوجبة ومحتواها من الدّهون.

أعراض عدم تحمل اللاكتوز

يمكن أن تظهر هذه الأعراض خلال فترة نصف ساعة وقد تصل إلى ساعتين بعد تناول الأطعمة أو المشروبات التي تحتوي على اللاكتوز وذلك بحسب الكمية المستهلكة وشدة عدم تحمل اللاكتوز.

تشمل الأعراض الشائعة ما يلي:

1ـ الإسهال.

2ـ الغثيان، والقيء أحياناً.

3ـ تقلصات وآلام في البطن.

4ـ انتفاخ البطن مع وجود الغازات.

5ـ الصداع والتعب.

لابد من الإشارة إلى أن عدم تحمل اللاكتوز ليس حساسية تجاه الطعام، والأعراض لا تهدد الحياة لكنها غير مريحة وتنعكس على نوعية حياة الشخص.

ولكن، يختلف مدى تحمل الشخص البالغ للأطعمة التي تحتوي على اللاكتوز سواء أكان يستطيع تحمله بشكل جيد أو بشكلٍ سيء من شخص لآخر ويعتمد ذلك على استعداده الوراثي.

العوامل والأسباب

هناك بعض العوامل التي تسهم في الإصابة بحساسية اللاكتوز بما في ذلك:

يحدث عدم تحمل اللاكتوز عندما لا تنتج الامعاء الدقيقة ما يكفي من انزيم (اللاكتيز) لهضم سكر الحليب (اللاكتوز).

وفي الظروف الطبيعية، فإن اللاكتيز يحول سكر اللبن إلى سُكّرين بسيطين وهما الجلوكوز والجلاكتوز، ويُمتصان فى الدم عبر بطانة الأمعاء.

 وفى حالة الاصابة بنقص اللاكتيز، فإن اللاكتوز الموجود في الطعام يتحرك إلى القولون بدلاً من أن يُعالج ويُمتص. وفي القولون، تتفاعل البكتيريا الطبيعية مع اللاكتوز غير المهضوم، ويسبب ذلك علامات عدم تحمل اللاكتوز وأعراضه. توجد ثلاثة أنواع من عدم تحمل اللاكتوز. وهناك عوامل مختلفة تسبب نقص اللاكتيز الكامن وراء كل نوع.

ـ نقص اللاكتيز الأولي: هو السبب الأكثر انتشاراً لعدم تحمل اللاكتوز، والذي يحدث بسبب الإنخفاض الطبيعي في إنتاج اللاكتيز مع تقدم العمر. يولد معظم الناس ولديهم كمية كافية من اللاكتيز لهضم اللاكتوز، ولكن بمرور الوقت ينخفض إنتاج اللاكتيز، ما يؤدي إلى عدم تحمل اللاكتوز.

ـ نقص اللاكتيز الثانوي: بسبب تلف الأمعاء الدقيقة الناجم عن عدوى أو جراحة أو حالات طبية أخرى مثل الإضطرابات الهضمية أو مرض كرون. يمكن أن يقلّل هذا الضرر من كمية اللاكتيز التي تنتجها الأمعاء الدقيقة، ما يؤدي إلى عدم تحمل اللاكتوز.

ـ نقص اللاكتيز الخلقي: هو وراثي حيث يولد الطفل مع القليل من اللاكتيز أو بدونه. هذه الحالة موروثة من كلا الوالدين الّلذين يحملان جينًا معيبًا.

عوامل الخطورة

تتضمن العوامل التي تجعل البالغين او الاطفال أكثر عرضة للإصابة بعدم تحمل اللاكتوز ما يلي:

ـ التقدُّم في السن: يظهر عدم تحمل اللاكتوز عادة في مرحلة البلوغ. هذه الحالة المرضية غير شائعة لدى الرضّع والأطفال الصغار.

ـ الأصل العرقي: يعتبر عدم تحمل اللاكتوز أكثر شيوعًا لدى الأشخاص المنحدرين من أصول أفريقية وآسيوية وإسبانية وهندية أمريكية.

ـ الولادة المبكرة: قد يكون لدى الأطفال المولودين قبل أوانهم مستويات منخفضة من اللاكتيز لأن الأمعاء الدقيقة لا تنتج الخلايا المنتجة للاكتيز حتى أواخر الثلث الثالث من الحمل.

ـ الأمراص التي تصيب الأمعاء الدقيقة: تتضمن مشاكل الأمعاء الدقيقة التي قد تسبب عدم تحمل اللاكتوز فرط النمو البكتيري والداء البطني وداء كرون.

ـ علاجات معينة للسرطان: العلاج الإشعاعي للسرطان في المعدة وأعراض المضاعفات المعوية من المعالجة الكيميائية يؤدى الى زيادة الاصابة بعدم تحمل اللاكتوز .

التشخيص

تتمثل أولى خطوات التشخيص في الإمتناع عن تناول منتجات الحليب لفترة تتراوح ما بين ثلاثة او أربعة أسابيع ليتمكن الطبيب من التأكد من زوال الأعراض أو استمرارها؛ في حال عادت الأعراض عند تناول هذا النوع من المنتجات، ينتقل الطبيب إلى المرحلة الثانية وهي تأكيد التشخيص ويتم ذلك عن طريق اختبار تنفس الهيدروجين.

يستغرق هذا الإختبار أربع ساعات حيث يتناول المريض كمية صغيرة ومحددة من اللاكتوز، ثمَّ يقوم الطبيب بقياس كميَّة غاز الهيدروجين في النفس قبل استهلاك اللاكتوز وبعده، وذلك على فترات تفصل بينها ساعة واحدة. السبب في ذلك هو أن البكتيريا المِعويَّة تنتج الهيدروجين عند هضمها اللاكتوز غير المُمتص، وإذا حدثت زيادةٌ ملحوظة في كميَّة الهيدروجين في النفس بعد استهلاك اللاكتوز، تكون الحالة هي عدم تحمُّل اللاكتوز.

بعض الحالات تتطلب إجراء فحص عدم تحمل اللاكتوز؛ ويتم هذا الإختبار بعد استهلاك المريض لكمية محددة من اللاكتوز تحت إشراف الطبيب الذي بدوره يراقب الاعراض بناء على قياسه لمستويات الجلوكوز في الدم لمرات عدة، حيث يعاني المرضى الذين لا يستطيعون هضم اللاكتوز من الإسهال وانتفاخ البطن والإنزعاج خلال 20 إلى 30 دقيقة من دون حدوث ارتفاعٍ في مستوى سكر الدَّم.

 العلاج

يتوافر اليوم أدوية تحتوي على إنزيم اللاكتيز وهي على شكل أقراص يتم بلعها من قبل المريض للمساعدة في هضم اللاكتوز، ولكن فعاليتها تختلف من شخصٍ إلى آخر. العلاج الأفضل يكمن في تجنب الأطعمة التي تحتوي على اللاكتوز أي تجنب الحليب ومشتقاته، يوجد في الأسواق أنواع خاصة من الحليب الخالي من اللاكتوز والمخصص لهؤلاء المرضى.

لتقليل أعراض عدم تحمل اللاكتوز يجب إدخال تعديلات على النظام الغذائي، وذلك على النحو الآتي:

ـ تقليل كمية الحليب فكلما كانت الحصة أصغر، قلّت احتمالية الاصابة بمشكلات مَعدية معوية.

ـ تناول الحليب مع الأطعمة الأخرى أي خلال الوجبات الرئيسية لأن ذلك يسهم في إبطاء العملية الهضمية، ويمكن أن يقلل من أعراض عدم تحمل اللاكتوز.

ـ تجربة مجموعة متنوعة من مشتقات الحليب لأن ليس كلها تحتوي على القدر نفسه من اللاكتوز، فمثلاً الأجبان الصلبة تحتوي على كميات صغيرة من اللاكتوز ولا تسبب أي أعراض بشكل عام.

ـ شراء منتجات خالية من اللاكتوز أو قليلة اللاكتوز. يمكن العثور على هذه المنتجات في معظم المتاجر الكبيرة في قسم الحليب.

الرعاية الذاتية

يمكن للمريض اتباع نهج التجربة والخطأ والتنبؤ باستجابة جسمه للأطعمة التي تحتوي على اللاكتوز ومعرفة المقدار الذي يمكن أكله أو شربه منها دون الشعور بانزعاج. يصاب عدد قليل من الأشخاص بعدم تحمل اللاكتوز الشديد لدرجة أنهم يضطرون إلى الامتناع عن تناول جميع منتجات الحليب وتوخي الحذر من الأطعمة التي تحتوي على مشتقات الحليب أو الأدوية التي تحتوي على اللاكتوز.

الحفاظ على التغذية الجيدة

لا يعني تقليل مشتقات الحليب أنه لا يمكن للمرضى الحصول على ما يكفي من الكالسيوم. إذ يوجد الكالسيوم في العديد من الأطعمة الأخرى، مثل:

ـ البروكلي (القرنبيط الأخضر) والخضراوات الورقية الخضراء.

ـ المنتجات المعززة بالكالسيوم، مثل حبوب الإفطار والعصائر.

ـ سمك السلمون أو السردين المُعلَّب.

ـ بدائل الحليب، مثل حليب الصويا وحليب الأرز.

ـ البرتقال.

ـ اللوز والجوز البرازيلي والبقوليات المجففة.

الحصول على ما يكفي من فيتامين D، والذي يتوفر عادةً في الحليب المُعزَّزو البيض والكبد واللبن ,ويُكوِّن الجسم فيتامين D عند التعرض للشمس لفترة كافية.

حتى بدون تقييد منتجات الألبان، فإن العديد من البالغين لا يحصلون على ما يكفي من فيتامين D. ولذلك يمكن تناول مكملات فيتامين D والكالسيوم.

الطب البديل

البروبيوتيك: هى كائنات حية موجودة داخل الأمعاء تساعد في الحفاظ على صحة الجهاز الهضمي. وتتوفر البروبيوتيك أيضًا على شكل مزارع نشطة أو “حية” في بعض أنواع الزبادي، وكمكملات غذائية على هيئة كبسولات.

وتُستخدم في بعض الأحيان للحالات المَعدية المَعوية، مثل الإسهال ومتلازمة القولون العصبي. كما يمكنها مساعدة الجسم على هضم اللاكتوز. وتُعَد البروبيوتيك آمنة بشكل عام، وهي جديرة بالتجربة إذا لم تساعد الطرق الأخرى.

نصائح للتعايش مع حساسية اللاكتوز

فيما يلي بعض النصائح للتعايش مع حساسية اللاكتوز:

اختيار الحليب قليل اللاكتوز أو الخالي من اللاكتوز.

2ـ تناول مكمل إنزيم اللاكتيز قبل تناول منتجات الألبان مباشرة. ويتوفر على شكل قطرات أو أقراص وحتى إضافته مباشرة إلى الحليب.

3ـ تناول أطعمة أخرى لا تحتوي على اللاكتوز في نفس الوجبة عند شرب الحليب أو تناول الأطعمة التي تحتوي على اللاكتوز؛ وذلك لإبطاء عملية الهضم وتجنب المشاكل.

4ـ شرب العصائر والمشروبات المدعمة بالكالسيوم.

5ـ تناول مجموعة متنوعة من الأطعمة الخالية من الألبان والغنية بالكالسيوم، مثل البروكلي، والفول، والتوفو، وحليب الصويا. كما يمكن تناول الأجبان الصلبة مثل الشيدر، والتي تحتوي على نسبة أقل من اللاكتوز.

6ـ تناول الزبادي الذي يحتوي على خمائر نشطة؛ لأنه يسهل هضمه ويقلل احتمال تسببه في أعراض حساسية اللاكتوز.

7ـ قراءة ملصقات الطعام؛ حيث يضاف اللاكتوز إلى بعض الأطعمة المعبأة، والمعلبة، والمجمدة، والمعدة مسبقًا مثل الخبز، والحبوب، واللحوم ، وتوابل السلطة، وخلطات الكعك والبسكويت، ومبيضات القهوة.

8ـ معرفة بعض الكلمات التي قد تعني أن الطعام يحتوي على اللاكتوز مثل الزبدة، والجبن، والقشدة، والحليب المجفف، ومكونات الحليب الصلبة، والحليب، وشرش اللبن.

🔹 تابعونا على قناة الفلاح اليوم لمزيد من الأخبار والتقارير الزراعية.
🔹 لمتابعة آخر المستجدات، زوروا صفحة الفلاح اليوم على فيسبوك.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى