«جاموس مصري» في تل أبيب!!
بقلم: عصام بدوى
ليس بالجديد أن نسرد وقائع قصة لجاسوس مصري فى تل أبيب، لكن الغريب أن نتحدث عن جاموس مصري فى تل أبيب.. لا تتعجب فلعل السطور المقبلة تزيل عنك حالة التعجب والدهشة. منذ عدة شهور، قام الرئيس محمد ولد عبد العزيز، رئيس جمهورية موريتانيا بزيارة إلى مصر، أبدى خلالها إعجابه بـالجاموسة المصرية، وذلك أثناء زيارته لمزرعة فى الإسماعيلية، مطالبا بامتلاك دولته لقطيع من الجاموس المصري. وتساءل المقربون والمستقبلون للرئيس الموريتاني عن سر هذا الإعجاب، وحرصه وشغفه لامتلاك قطيع من الجاموس المصري من أجل تربيته فى بلاده، بينما لا يهتم بها فى مصر سوى الفلاح والمربى، لدرجة أنه يتعامل معها على كونها أحد أفراد عائلته بل على إنها الأهم على الإطلاق.. فهي مصدر رزق.. تفتح بيوت وتغلقها حال نفوقها.
لا أدرى هل ينبع شغف وحرص الرئيس الموريتانى للجاموسة المصرية عن معرفته بمزايا هذا الحيوان، التى لا يعلمها سوى العالم والباحث فى مجال الإنتاج الحيواني؟.
الجاموسة المصرية، شأنها شأن أي كنز من الكنوز التي حبا الله بها مصر، لا نعرف قيمته إلا عندما يتم كشف خباياه بعد خروجه من مصر سواء عن عمد أو عن جهل، حيث تعتبر أرقى سلالات الجاموس في العالم. والجاموس المصري الذى ينقسم لـ 3 أنواع البحيري، وهو أكثرهم إنتاجا للبن، ثم المنوفى وأخيرهم الصعيدى، من أكثر سلالات المواشي فى العالم مقاومة للأمراض، بل يستطيع أن يتأقلم مع ظروف البيئة الصعبة، سواء حرارة الجو المرتفعة وتحملها الجفاف، والعمل الحقلي الصعب، والأهم أنه يستطيع التأقلم مع نقص الأعلاف، وهى أهم المشكلات المزمنة التى تواجه الثروة الحيوانية فى مصر، كما أن لديه قدرة غير عادية فى كفاءة تحويل الغذاء إلى ناتج لبنى أو لحوم، مقارنة بجميع أنواع الأبقار، إضافة إلى انخفاض نسبة الكوليسترول فى لحومه.
وكالعادة للأسف، لم تدرك مصر هذا الكنز التي تمتلك منه أكثر من 3 ملايين و200 ألف رأس، مقارنة بالكيان الصهيونى، الذى قام بسرقة جينات الجاموس المصرى، ليس فقط ليكون لديهم هذا الكنز، بل طوّرت تلك الجينات عن طريق معهد، يطلق عليه “وايزمان”، وهو من أهم المعاهد المهتمة بعلوم الحيوان، والهندسة الوراثية، في العالم، وشهد إجراء تحاليل دقيقة للجينات، بينما عالجوا عن طريق الهندسة الوراثية بعض الأمور التي رفعت ضخ الألبان، من متوسط 5 إلى 7 كجم يوميا، إلى 20 كم يوميا.
وكشف موقع “بفالوا” الإسرائيلي، المتخصص في الشأن الزراعي، أن الجاموس الإسرائيلي جاء من سلالتين الأولى إفريقية، والثانية آسيوية، مشيرا إلى أن دخول الجاموس لإسرائيل بدأ في عام 1995، عبر السلالات المصرية، والتي أتت من إيطاليا.
وقد كشف خبراء الطب البيطرى المصرى، إن إسرائيل حصلت على الجاموس المصري، بطرق متعددة، ومنها ذلك الذي كان موجودا بقطاع غزة، بالإضافة لاستقدام السلالات المصرية من إيطاليا، مهربة، وذلك حين استعانت مصر بإيطاليا من أجل تطوير الجاموس المصري، وتحسين السلالات المصرية، وكان إرسال الجاموس المصري، إلى إيطاليا من أجل هذا المشروع؛ الثغرة التي تم استخدامها لتهريبه إلى إسرائيل بعدها. فلا عجب من ذلك، عندما تعلم، إن إسرائيل تحتل المركز الأول عالميا فيما يتعلق بجودة وميزانية البحث العلمي، بينما يأتي ترتيب مصر فى المركز الـ 129 من بين 148 دولة، رغم وجود عدد كبير من الجامعات المصرية العريقة ومراكز البحوث العلمية المتخصصة التى تحتضن عشرات الآلاف من الباحثين، والتي تعانى من هجرة الآلاف من مشاهير الباحثين إلي جامعات أوروبا وأمريكا والدول العربية.
وفى الوقت الذى يقوم فيه الكيان الصهيوني بتلك التعديلات الجينية، مازلنا فى مصر نتحدث عن نقص فى التحصينات والأمصال، حتى أن الأمصال التي يتم إنتاجها محليا ويتم استيراد بقيتها من الخارج لا تكفى إلا لتحصين 40% من ثروتنا الحيوانية، بل الأسوأ من ذلك، أن اللقاحات المستوردة، والتي تكبد ميزانية الدولة بنحو 6 مليارات جنيه سنويا أغلبها غير فعالة، وذلك بسبب إما أنها ميتة أو مستضعفة، أو إنها مأخوذة من جينات مواشى مستوردة تصبح غير فعالة مع أمراض المواشي المحلية، إضافة إلى ان أغلب الفيروسات التي تصيب المواشي في مصر قد تحوّرت خلال الأعوام القليلة الماضية، ولا تستجيب لتلك اللقاحات المستوردة.
للأسف، نحن نستحل ثرواتنا بأيدينا، وعلى رأى المثل “يفعل الجاهل بنفسه ما لا يفعله العدو بعدوه”.
صدقت والله انة كنز ولا كن لا نحسن معاملتة