تكنولوجيا مزارع الدواجن الذكية وسلامة الغذاء
إعداد: أ.د.خالد حسان الخولي – أ.د.إبراهيم طلعت الرطل
قسم الإنتاج الحيواني والداجني والسمكي بكلية الزراعة – جامعة دمياط
تهتم سلامة الأغذية بالمخاطر التي قد ترتبط بها لحوم الدواجن والبيض وغيرهما من المنتجات التي تشكل جزءا من النظام الغذائي للإنسان. إن سلامة الغذاء ليست اكتشافاً حديثاً، بل هي غريزة طبيعية أساسية لبقاء الإنسان. كما تعد سلامة الأغذية وجودتها من القضايا الكبيرة التي تثير قلقاً كبيراً في الوقت الحالي في الدول المتقدمة.
تابعونا على صفحة الفلاح اليوم على فيس بوك
لكن في البلدان النامية، هناك جهود حثيثة لإنتاج كم من الغذاء الكافي لسد متطلبات الزيادة السكانية ومع الأوضاع الاقتصادية السيئة فغالباً ما تلقي بظلالها على الحاجة إلى ضمان منتجات غذائية آمنة. وبغض النظر عن ذلك، فإن الغذاء الآمن هو مطلب أساسي لجميع المستهلكين غني أو فقير. فيجب ألا يشكل الطعام خطراً على الصحة سواء بعد تناوله أو استهلاكه مباشرة أو في وقت لاحق.
حديثاً، لقد أصبحت المنازل تدار بتقنيات تكنولوجية باستخدام كاميرات وميكروفونات ومستشعرات حركة وإضاءة تسمح بالمراقبة والتحكم الدائمين على مدار الساعة. لدرجة أنه أصبحت تكنولوجيا المراقبة المنزلية أمراً ضرورياً لملايين من أصحاب المنازل.
وبالمثل، تم تصميم تكنولوجيا الزراعة الدقيقة خصيصاً لقطاع الإنتاج الداجني، حيث تستخدم رؤى الصوت/الرؤية وأجهزة الاستشعار لتحسين بيئات الإنتاج الداجني ومراقبتها، ما يُعزز الإنتاجية الداجنية والصحة والرفاهية والاستدامة. أي أنه سيوفر المنتج الداجني كماً (عدد أكبر) وكيفاً (منتج أمن).
علينا ألا نتعجل القول بأنه حالياً هناك زيادة بالفعل في تكاليف مدخلات الإنتاج الخاصة بصناعة الدواجن؟! ولكن بنظرة موضوعية قد تكون المبالغة في تحويل مزرعتك إلى مزرعة ذكية هو الحل؟! كيف ذلك؟!.
يمكن القول أن تشجيع دفع الابتكار في صناعة الدواجن في مصر بل وفي جميع أنحاء العالم بما يخدم دمج ما يسمى بتقنيات الزراعة الدقيقة الاستباقية “proactive precision farming” في الدواجن سوف تساعد على تحسين أنظمة الإدارة باستخدام تقنيات استشعار المراقبة والأداء داخل مزارع إنتاج الدواجن من ناحية مراقبة درجة حرارة الهواء ونسبة الرطوبة والضوء وسرعة الهواء وجودة الهواء (خاصة تركيزات ثاني أكسيد الكربون والنيتروجين)، كل ذلك بطبيعة الحال يؤدي إلى تحسين الحالة الصحية والإنتاجية للدواجن داخل مزرعتك، هذا في الدورة الواحدة فما بالك بعدة دورات إنتاجية.
يمكن القول أنك ستعتبر تكاليف تلك التكنولوجيا ضمن تكاليفك الثابتة والتي على أقل تقدير ستغطي تكاليفها على مدار عدة دورات. بالإضافة إلى ذلك، أدت المخاوف من تغير المناخ إلى تحقيق أهداف الحد من الغازات الدفيئة في جميع أنحاء سلاسل توريد الدواجن (من أول زراعة محاصيل الأعلاف وتصنيعها، تربية الدواجن مروراً بالمجازر الآلية وحتى مراحل التصنيع الغذائي للحوم الدواجن).
تشكل هذه المخاوف المتزايدة بشأن سلامة الغذاء تحدياً لمنتجي الدواجن. ولحسن الحظ، يقوم العلماء والمبتكرون ورواد الأعمال بتسخير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وأجهزة الاستشعار الإلكترونية لإنشاء حلول ومساعدات للتعامل مع هذه التحديات.
إن أكثر من نصف التحسينات التي طرأت على أداء الطيور ومعدل نموها وتحويل الأعلاف ومعدل إنتاج الطيور التي استفادت منها صناعة الدواجن والمستهلكون هي نتيجة لعقود من التربية الانتقائية. لكن التقنيات الجديدة لكل شيء مثل الأدوية واللقاحات والحضانة والتطهير وصناعة الأعلاف والتحكم البيئي والتغذية الآلية والري ساهمت أيضاً في التقدم الاستثنائي في الكفاءة ورفاهية الطيور والاستدامة التي شهدتها صناعة الدواجن.
ونستعرض عدداً من التقنيات المبتكرة التي منها ما يُطبق حالياً ومنها ما نأمل في تطبيقها والتي من شأنها رفع الأداء الإنتاجي مع نظافة او سلامة الغذاء:
1ـ قد تصبح التربية المنفصلة بين الجنسين لدجاج التسمين أكثر شيوعا بمساعدة الابتكارات التي قد تطورها معامل التفريخ. فنعتقد أن التربية المنفصلة بين الجنسين ستسمح بصياغة الحصص الغذائية بشكل أكثر دقة لتلبية احتياجات الطيور وستؤدي إلى وصول قطعان أكثر تجانساً إلى منافذ التسويق.
2ـ قد يصبح تطعيم الكتاكيت والكتاكيت في معامل التفريخ أكثر فعالية مع الجرعات الفردية الآلية بعد الفقس.
3ـ قد يصبح ادماج معدات لاستشعار الدخان والتحكم في المراوح والتهوية داخل عنابر الدواجن أمراً ذا أهمية بالغة.
4ـ بالنسبة للمجازر الآلية، فإن دمج الماء عالي الضغط والهواء في رذاذ لإنتاج قطرات صغيرة من الماء توفر وسيلة أكثر فعالية لغسل ذبائح الدواجن يمكن أن يحسن ذلك من سلامة الأغذية.
5ـ قد يصبح تدريب مهندسين الدواجن والفنيين والعمال باستخدام تكنولوجيا الواقع الافتراضي بمساعدة الروبوت أداة مستحدثة في رفع كفاءة ودقة العاملين بصناعة الدواجن.
6ـ استخدام أدوات جديدة ومبتكرة للتحكم في مكافحة الكوكسيديا والسالمونيلا في المزرعة.
7ـ تعمل الأتمتة (استخدام التكنولوجيا) في مزارع الدواجن على زيادة قيمة تجانس الطيور والتنبؤات الدقيقة للوزن.
8ـ قد يمكن لأنظمة التحكم في بيئة عنابر الدواجن أن تحقق كامل الكفاءة في الحصول على ظروف أكثر تجانساً في جميع أنحاء العنبر ما قد تعمل على تحسين أداء الطيور وتقلل تكاليف المرافق.
9ـ يمكن للإنزيمات الجديدة المضادة للميكروبات والتي تسمى الإندوليزينات Endolysins أن تقاوم البكتيريا المسؤولة عن التهاب الأمعاء الناخر necrotic enteritis، دون الحاجة إلى المضادات الحيوية.
10ـ بالنسبة لمجال التربية وانتخاب السلالات فسيكون للذكاء الاصطناعي دورا هاماً وتأثيراً كبيراً في الانتخاب الظاهري لسلالات الدواجن، وكذا معرفة تسلسل الجينوم الوراثي الكامل.
وأخيرا، نلفت النظر إلى أن قطاع صناعة الدواجن شأنه شأن أي مجال حولنا الآن، فشئنا أم أبينا أصبحت التكنولوجيا أو تطبيقات الذكاء الاصطناعي أمراً محتوماً، فدخول تلك التكنولوجيا آتٍ لا محالة في ظل ارتفاع تكاليف مدخلات الصناعة والخوف من إهدار أي مكتسبات، بالإضافة إلى الخوف من التغيرات المناخية التي قد تلقي بظلالها فجأة.
ومن ناحية آخرى، فإن سلامة الغذاء كما قلنا أمراً ليس كمالياً وإنما حتمياً، وذلك بتقليل أو يمكن القول منع العلاجات العشوائية وبرامج الوقاية الدوائية المزعومة واستخدام ما يقوله العلم من أن “الوقاية خير من العلاج” وذلك بتطبيق برامج الأمان الحيوي والتي أساس عملها “اعتبار كل ما هو خارج المزرعة مُمرض” وكذا تفعيل دور الإرشاد الزراعي بتبني مخرجات الأبحاث العلمية وأبحاث الاختصاصيين في مجال بدائل المضادات الحيوية الطبيعية والآمنة بصورة كبيرة على لحوم تلك الدواجن بما يحافظ على صحتنا وصحة أولادنا مستقبل وطننا الغالي مصر.