تحديات زراعة وإنتاج البطاطس تحت ظروف التغيرات المناخية
إعداد د.أسماء سعيد
باحث بالمعمل المركزى للمناخ الزراعى- مركز البحوث الزراعية
تتميز البطاطس المزروعة في مصر بجودتها العالية وطعمها اللذيذ، ما يجعلها محل تقدير واستهلاك كبير من قبل المستهلكين المحليين. الحكومة المصرية تعمل على دعم القطاع الزراعي وتوفير الدعم اللازم للفلاحين لتحسين إنتاجية البطاطس فى ظل ظروف نقص المياة وارتفاع تكاليف الانتاج.
تابعونا على صفحة الفلاح اليوم على فيس بوك
لقد تأثرت زراعة البطاطس في عام 2023 بشكل كبير بتغير المناخ، ما أدى إلى أنماط مناخية لا يمكن التنبؤ بها وظروف نمو معادية بشكل متزايد. شكلت هذه التغيرات تحديات أمام مزارعي البطاطس في جميع أنحاء العالم، ما أثر على المحصول والجودة، حيث واجه المزارعون الجفاف وموجات الحر والفيضانات في بعض المناطق والأمطار غير الموسمية في مناطق أخرى.
فى تقرير للاتحاد الأوروبي عن تأثير تغير المناخ على زراعة البطاطس توصلت النتائج إلى أنه من الممكن أن يتسبب الجفاف والحرارة الناجمان عن الاحتباس الحراري العالمي في انخفاض إنتاجية البطاطس بنسبة 18% إلى 32% بحلول عام 2069.
شاهد: دور مشروع العفن البني في تنمية صادرات البطاطس المصرية
اذن لابد من اتباع استراتيجيات زراعية حديثة تتوائم مع التغيرات المناخية ومن الممكن أن تؤدي أساليب التكيف الفعالة إلى خفض الخسائر إلى النصف. ويجب تحسين أصناف البطاطس، والاستخدام الأوسع للاصناف المقاومة للتاثيرات الناتجة عن التغيرات المناخية.
الاحتياجات البيئية لمحصول البطاطس
الاحتياجات الجوية
تحتاج نباتات البطاطس لنموها ظروفا جوية خاصة وتعتبر الحرارة والإضاءة أهم العوامل الجوية التي تؤدي دورا في توزيع البطاطس بالعالم.
الحرارة
ـ تعتبر البطاطس من النباتات التي يناسبها الجو المعتدل فهى لا تتحمل الصقيع ولا تنمو جيدا في الجو شديد البرودة أو الحرارة.
ـ تؤثر درجة الحرارة تأثيرا بالغا على نمو نباتات البطاطس في المراحل المختلفة من حياتها، حيث يلائم البطاطس درجات حرارة مرتفعة نوعا (15- 25˚م) في الأطوار الأولى من حياتها لفترة تمتد لنحو ستة أسابيع حتى تظهر النباتات فوق سطح الأرض بسرعة ويزداد عدد الأوراق وسرعة التمثيل الذي قد يصل أقصى حد له 18- 20˚م.
شاهد: إعداد الأرض وطرق زراعة البطاطس
ـ يلائم النبات في الأطوار المتقدمة من حياه النبات درجات الحرارة المنخفضة بين 15-18˚م.
ـ درجة الحرارة أثناء الليل ذات شأن هام في تحديد كمية المحصول إذ تكون النباتات درنات إذا كانت درحة الحرارة أثناء الليل 23˚م أو أكثر وتزداد كمية المحصول بانخفاض درجة الحرارة أثناء الليل عن 20˚م وتتراوح درجة الحرارة الملائمة أثناء الليل بين 10-40˚م.
شاهد: نصائح هامة جداً لمزارعي البطاطس الصيفي
الإضاءة
ـ زيادة طول النهار تؤدى إلى زيادة قوة النمو الخضرى وعدد الأوراق ووزن الأوراق والسوق كما يؤخر وضع الدرنات ويزيد عددها وزيادة طول فترة حياة النبات.
ـ يحتاج نبات البطاطس في بداية حياته إلى نهار طويل نسبيا ونهار قصير نسبيا في النصف الثانى من حياته أثناء تكوين الدرنات. حيث تعمل الفترة الضوئية القصيرة على تحفيز وضع الدرنات وتساعد الحرارة المنخفضة على زيادة حجم الدرنات وكمية المحصول.
ـ يؤدى ارتفاع شدة الإضاءة إلى زيادة كمية المادة الجافة التي تصنعها النباتات لزيادة سرعة التمثيل الضوئى، وبالتالى زيادة كمية المحصول.
ـ يمكن تحديد مواعيد الزراعة المناسبة لنبات البطاطس في المناطق المختلفة بمصر على ضوء الاحتياجات الحرارية ودرجة الحرارة أثناء الليل الملائمة لإنتاج الدرنات.
شاهد: تقاوي البطاطس.. (تجهيزها للزراعة والحصول على أعلى إنتاجية)
الاحتياجات الأرضية
يلائم البطاطس الأراضى الصفراء الخفيفة أو الثقيلة الخصبة المعدنية بشرط توافر الرطوبة والرى والصرف والأراضى الرملية غير ملائمة لإنتاج البطاطس لعدم احتفاظها للماء وانخفاض محتواها في العناصر الغذائية وسهولة فقد العناصر مع ماء الرشح. ويلاحظ ارتفاع نسبة الإصابة بالامراض في الأراضى الرملية الخفيفة عن الثقيلة لصغر أحجام الدرنات الناتجة ورداءة لونها وتشوه شكلها. وتختلف أصناف البطاطس فيما بينها في تحملها للأراضى مختلفة القوام فهناك أصناف تنجح زراعتها في الأراضى الثقيلة بدرجة أكبر من غيرها وهناك أصناف لا تجود زراعتها في الأراضى الخفيفة.
يفضل إنتاج محصول البطاطس في أرض رقم حموضتها 5,2 للحصول عل محصول جيد من حيث الكمية مع ندرة الإصابة بالامراض ويرجع نقص الإصابة بالامراض بالأراضى الحامضية إلى ارتفاع تركيز المنجنيز الذائب.
تعتبر نباتات البطاطس من النباتات الضعيفة التحمل للملوحة إذ تتحمل النباتات الملوحة حتى 3,4 ملليموز ويؤدى ارتفاع الملوحة إلى ضعف النمو الخضرى صغر حجم الدرنات.
شاهد: الأراضي التي تجود فيها زراعة محصول البطاطس
الدورة الزراعية
تزرع نباتات البطاطس بمحافظات عديدة منها البحيرة والمنوفية والدقهلية الخ والدورة الزراعية في هذه المناطق هي دورة قطن ثلاثية وأهم المحاصيل التي تدخل في هذه الدورة هي القطن والذرة في أثناء الصيف والبرسيم والقمح والشعير والكتان والفول أثناء الشتاء وتدخل البطاطس في هذه الدورة لزراعتها في العروة الخريفية أو العروة الصيفية.
ينبغى أن تزرع البطاطس في دورة يتوافر معها المادة العضوية والعناصر الغذائية بالأرض مع توافر الفترة اللازمة لخدمة المحصول بما يتوافر معه مقاومة الحشائش والأمراض.
نظرا لاهتمام المزارعين بإضافة الأسمدة العضوية للبطاطس مع غزارة التسميد المعدنى يلاحظ المزارعون جودة نمو الحاصلات عقب محصول البطاطس عن كثير من الحاصلات الأخرى ولا يقوم الزراع مثلا بتسميد محصول الذرة الشامية اللاحقة للبطاطس.
عموما ينصح بإتباع دورة يتبادل فيها نبات البطاطس مع غيرة من المحاصيل الأخرى التي لا تصاب بالكائنات المسببة بأمراض البطاطس.
شاهد: أفضل مواعيد لزراعة البطاطس في العروات الثلاث
ميعاد الزراعة
الأجواء الحارة للغاية نتيجة ارتفاع نسبة الرطوبة التي تزيد من الشعور بارتفاع في درجات الحرارة، وأن نسبة الرطوبة في الجو بهذه الصورة تؤدي إلى حدوث خلل في فسيولوجي لنبات، وبالتالي عدم القيام بوظائفه. زراعة البطاطس في ظل ارتفاع درجات الحرارة، فلن تقوم بتحضير براعمها، بالإضافة إلى تعرض بعض الدرائن للتعفن، ومنها خسارة كبيرة على المزارع وعلى الدولة لذلك من ضرورة تغيير مواعيد الزراعة.
يمكن تحديد ميعاد الزراعة في مصر على ضوء الحرارة والإضاءة السائدة أثناء العام، حيث تزرع البطاطس في مصر في ثلاث عروات رئيسية تمتد خلالها زراعة البطاطس من أوائل شهر سبتمبر إلى أواخر شهر يناير كما يلى:
ـ العروة الخريفية: تزرع البطاطس في هذه العروة في أغسطس وسبتمبر وأكتوبر في الوجه البحرى ومصر الوسطى وأكتوبر في مصر العليا. وأحسن ميعاد للزراعة في هذه العروة في الوجه البحرى هو منتصف سبتمبر وتعطى محصولها في منتصف ديسمبر حتى منتصف فبراير. وهي العروة الرئيسة لإنتاج البطاطس في مصر. وتؤخذ تقاويها من محصول العروة الصيفية ويستعمل محصولها للاستهلاك المحلى كما يصدر جزء منها إلى الاوروبيه والعربية.
ـ العروة شتوية (محيرة – صيفية مبكرة): يتم زراعتها اعتبارا من منتصف أكتوبر حتى منتصف نوفمبر وذلك للتصدير المبكر.
ـ العروة الصيفى: يفضل زراعة البطاطس أثناء هذه العروة في يناير وفبراير وأحسن المواعيد في منتصف يناير وأوائل فبراير.
شاهد: دور مشروع العفن البني في تنمية صادرات البطاطس المصرية
طرق الزراعة
ينبغى قبل وضع درنات البطاطس بالأرض تحديد العمق الذي توضع علية التقاوى والعدد الأمثل من النباتات والحجم الأربح من التقاوى حتى تصبح طريقة الزراعة سهلة الإجراء.
شاهد: خدمة زراعات محصول البطاطس للحصول على إنتاجية عالية
عمق الزراعة
تزرع درنات البطاطس على عمق يتراوح بين 7.5- 12.5 سم من سطح الأرض حيث يجب تغطية الدرنات بطبقة من التراب بسمك نحو 5 سم.
يختلف عمق الزراعة حسب: نوع الأرض – حجم قطعة التقاوى – درجة الحرارة أثناء الزراعة – طريقة الزراعة.
تؤدى الزراعة السطحية إلى عدم تغطية الدرنات جيدا وزيادة نسبة الإصابة بفراشة الدرنات وزيادة عدد الدرنات الخضراء وتنقص جودة المحصول علاوة على الإصابة بمرض الرايزوكتونيا نظرا لسرعة ظهور النبت فوق سطح الأرض.
تميل الدرنات للتكوين على عمق 6 – 8 سم من سطح الأرض سواء كانت زراعة الدرنات سطحية أو عميقة العدد الأمثل للنباتات بالحقل.
شاهد: زراعة البطاطس.. أخطاء يجب تجنبها للحصول على الإنتاجية العالية
تتعرض النباتات في الزراعة الكثيفة للتنافس مما قد يؤدى لنقص كمية المحصول حيث تقل كمية محصول النبات الواحد بقدر أكبر من أن تتغلب عليه مقدار الزيادة الناتجة من ارتفاع عدد النباتات بوحدة المساحة من الأرض. ومن جهة أخرى تزداد كمية محصول النبات الواحد في الزراعة الخفيفة إلا أن هذه الزيادة لا تكفى لتغطية النقص الناتج من نقص عدد النباتات بوحدة المساحة من وحدة الأرض.
لهذا يلزم وجود عدد معين من النباتات بالحقل لإنتاج المحصول المرتفع ذو الجودة العالية ويختلف هذا العدد باختلاف الظروف البيئية السائدة. ويتراوح عدد نباتات البطاطس بالفدان في مصر من 35 – 40 ألف نبات. ويتوقف هذا العدد على كثير من العوامل وأهمها:
ـ الصنف: يزداد عدد النباتات بالفدان في الأصناف المبكرة ذات المجموع الخضرى الصغير والأصناف التي يتكون لها عدد قليل من السوق على الدرنة عند الزراعة.
ـ ظروف تخزين التقاوى: تؤثر ظروف تخزين التقاوى على عدد السوق الناتجة من الدرنة وبالتالى على عدد النباتات بالجورة.
ـ حجم قطعة التقاوى: يقل عدد النباتات بالفدان بازدياد حجم التقاوى.
ـ ثمن التقاوى: يتحدد عدد النباتات بالفدان على أساس ثمن التقاوى إذ العبرة ليس في ثمن المحصول النهائى بل بالفرق بين ثمن التقاوى من ثمن المحصول النهائى.
ويمكن تنظيم عدد النباتات بالفدان عن طريق الآتى:
مسافة الزراعة
تزرع النباتات في المتوسط على مسافات 20 سم على خطوط 12خط/القصبتين بالعروة النيلى وعلى مسافات 15 سم، وعلى خطوط 10 خطوط في القصبتين بالعروة الصيفية
بالإضافة إلى ذلك، فإن زراعة البطاطس في مصر تشهد تحولا نحو استخدام التقنيات الحديثة والمستدامة، مثل زراعة البطاطس بالري المحوري والتحكم في استخدام المواد الكيميائية والأسمدة لتقليل التأثير البيئي، ان زراعة البطاطس في مصر تعد جزءا أساسيا من القطاع الزراعي في البلاد، حيث توفر فرص عمل وتسهم في تلبية احتياجات المستهلكين المحليين والأسواق الخارجية، والبطاطس من المحاصيل التصديرية الأولى في مصر على مستوى الخضر، والثانية في المحاصيل البستانية تلي الموالح.
شاهد: حصاد محصول البطاطس
لقد أصبحت مصر الأولى إفريقيا في تصدير البطاطس خلال 2023، وذلك بفضل زيادة المساحة المزروعة والتي وصلت إلى ما يقرب من 560 ألف فدان خلال السنوات الماضية، حجم الإنتاج وصل إلى 6,7 مليون طن سنويا من 3 عروات.
إن زراعة البطاطس في مصر تواجه بعض التحديات مثل تغيرات المناخ والآفات الزراعية، ويعمل الفلاحون والباحثون على اتخاذ إجراءات لمكافحة هذه التحديات وتحسين إنتاجية البطاطس، وتظل زراعة البطاطس في مصر نشاطا زراعيا مهما يسهم في تلبية احتياجات السكان المحليين من هذه المحصول الأساسي.