تقارير

تأثير الإنتاج الحيواني على التغيرات المناخية وتأثره بها

كتب: د.فوزي أبودنيا إن تغير المناخ الذي حدث في الآونـة الأخيرة ولاسيما الزيادات التى تم تسجيلها من ارتفاع درجات الحرارة وإرتفاع مستوى سطح البحر قد أثر بالفعل في كثيـر من النظم الفيزيائية والإحيائية، ما ترتب عليه حالات من الفيضان ونوبات من الجفاف وإرتفاع مستوى سطح البحر.

أ.د/فوزي محمد أبودنيا

على الرغم من ان ظاهرة التغيرات المناخية هى ظاهرة عالمية إلا أن تأثيراتها محلـيـة، أي تختلف من مكان إلى مكان على سطح الكرة الأرضية، وتعتبر مصر من أكثر الدول تعرضاً لمخاطر التغيرات المناخية في القارة الإفريقية. ومن المؤشرات الدالة على التغيرات المناخية ما يلي:-

  1. الازدياد المطرد في درجات حرارة الهواء السطحي على الكرة الأرضية.
  2. تغير توزيع متوسط درجات الحرارة ومعدلات سقوط الأمطار في العديد من المناطق.
  3. إزدياد معدلات الموجات الحرارية والعواصف على العديد من المناطق.
  4. تشير الدراسات إلى إحتمال حدوث إنخفاض ملحوظ في إنتاج الحبوب.
  5. معدل إرتفاع مستوى سطح البحر.

زيادة معدل إنبعاثـات غـازات الاحتبـاس الحراري وزيادة تركيزاتها بالغلاف الجوى أدى إلى حدوث ظاهرة الاحـترار العالمـي وارتفاع درجة حرارة الأرض عن معدلاتها الطبيعية وذلك كنتيجة لزيادة معدل إمتصاص الأشعة تحت الحمراء الأمر الذى تسبب معه حدوث تغير لمناخ العالم وهذه الغازات هي:-

  1. ثاني أكسيد الكربون CO2
  2. الميثان CH4
  3. أكسيد النيتروز N 2O
  4. مركبات البيروفلوروكربون PFCs
  5. مركبات الهيدروفلوروكربون HFCs
  6. سادس فلوريد الكبريت SF6

كما أكدت الدراسات التى اجريت على هذا الموضوع أن هناك درجة عالية من اليقين للتغيرات الإقليمية الحالية في درجات الحرارة والتي ظهر تأثيرها على العديد من النظم الفيزيائية والإحيائية بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري.

العوامل المؤثرة في المناخ

يعتمد المناخ على منظومة معقدة من الآليات والعوامل أهمها:

  1. حرارة الشمس:

يعتمد المناخ بدرجة كبيرة على مقدار حرارة الشمس الواصلة إلى سطح الأرض ومحور الأرض الممتد بين القطبين الشمالي والجنوبي مائل نحو الشمس وهذا هو سبب وجود الفصول وحسب زاوية الأرض مع الشمس تتلقى المساحات الأقرب إلى القطبين مقادير مختلفة من أشعة الشمس بحيث يكون الشتاء باردا ومظلما والصيف حارا ومشرقا وتتلقى منطقة خط الاستواء المقدار نفسه من الحرارة طوال السنة ولهذا السبب لا تختلف درجات الحرارة كثيراً بين الفصول.

  1. النشاط الشمسي:

يبدو أن البقع الشمسية أو البقع الداكنة الموجودة على سطح الشمس تؤثر في مناخ الأرض فبين القرنين السابع عشر و الثامن عشر ميلاديا كانت البقع الشمسية غائبة بالكامل و تزامن ذلك مع حقبة جليدية قصيرة أو باردة نوعا ما في القارة الأوروبية.

  1. تيارات المحيطات:

تتأثر المناطق المناخية في الأرض بالمحيطات إذ يمتص البحر الكثير من حرارة الشمس وتتولى تيارات المحيطات نشر الحرارة إلى المناطق الأخرى البعيدة وبذلك نفهم كيف أن المناطق الداخلية للقارات تتصف بدرجات حرارة أقل اعتدالا مقارنة بالمناطق المتاخمة للبحار والمحيطات.

  1. الاحتباس الحراري:

تمتص اليابسة والبحار جزءا هاما من حرارة الشمس التي تصل في معظمها إلى.الأرض في شكل الأشعة فوق البنفسجية وينعكس الجزء المتبقي خارج الغلاف الجوي للأرض لكن عددا من الغازات المكونة للغلاف الجوي للأرض تعمل مثل الزجاج في البيوت البلاستيكية (الصوبات الزراعية) وتمنع جزءا هاما من الحرارة المنعكسة من التسرب خارج للغلاف الجوي والواقع أن الاحتباس الحراري هو ظاهرة طبيعية ولولاه بعد مشيئة الله  لكان معدل حرارة الأرض 18 درجة مئوية تحت الصفر وغطى الجليد كل كوكب الأرض تقريبا وانعدمت الحياة فيه وبفضل الاحتباس الحراري يبلغ معدل درجات الحرارة على سطح الكوكب الأزرق15  م˚.

الأثار المتوقعة لتأثير تغير المناخ على مصر؟

مما سبق ذكره يدعونا للتفكير فيما يمكن ان يحدث نتيجة هذه التغيرات المناخية واثر ذلك على مصر، كما يجعلنا نضع التصورات المحتملة التى تمكنا من مجابهة هذه التاثيرات المحتملة خاصة فى مجال الزراعة والثروة الحيوانية.

  1. التأثير على الموارد المائية.
  2. زيادة الضغط على مصادر المياه وزيادة معدل الاستهلاك خاصة في الزراعة والصناعة.
  3. حدوث تغير في كميات وأماكن سقوط الأمطار ومواسمها.
  4. تشير بعض الدراسات إلى احتمالية نقص تدفق المياه إلى نهر النيل بمعدل قد يصل إلى حوالي ٦٠٪.
  5. زيادة الطلب على المياه نتيجة التوسع في العمليات الزراعية بالإضافة إلى زيادة الكثافة السكانية في الوقت الذي قد تقل فيه كميات المياه المتدفقة لـنهر النيل.

تأثير التغيرات المناخية المتوقعة على الزراعة والثروة الحيوانية

ان تاثيرات التغيرات المناخية المتوقعة على الزراعة والثروة الحيوانية والتى سوف تتاثر بها مصر يمكن اجمالها فى النقاط التالية:-

  1. نقص في إنتاجية المحاصيل الزراعية ومصادر الغذاء (بعض المحاصيل أكثر تأثرا).
  2. تغير خريطة التوزيع الجغرافي للمحاصيل الزراعية.
  3. تأثيرات سلبية على الزراعات الهامشية وزيادة معدلات التصحر.
  4. زيادة الاحتياج إلى الماء نتيجة ارتفاع درجات الحرارة وارتفاع معدلات البخر.
  5. تأثيرات سلبية على الزراعة نتيجة تغير معدلات وأوقات موجات الحرارة.
  6. تأثيرات اجتماعية واقتصادية مصاحبة.
  7. زيادة الحرارة تزيد من معدلات تآكل التربة، وتقلل من إمكانية زراعة المناطق الهامشية.
  8. زيادة الحرارة تؤثر على أداء الحيوانات المزرعية وبالتالى إنتاج الألبان واللحوم.

التأثير على المناطق الساحلية

  1. غرق بعض المناطق المنخفضة في شمال الدلتا وبعض المناطق الساحلية الأخرى.
  2. زيادة معدلات نحر الشواطئ وتغلغل المياه المالحة في التربة.
  3. زيادة معدلات تملح الأراضي الساحلية وارتفاع مستوى المياه الجوفية ونقص الإنتاجية الزراعية.
  4. تأثر الإنتاج السمكي نتيجة تغير الأنظمة الايكولوجية في المناطق الساحلية.
  5. التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية المترتبة على كل من الظواهر السابقة.
  6. التأثيرات الصحية الناتجة عن نقص المياه وارتفاع الحرارة والرطوبة وزيادة شدة الموجات الحارة والباردة.

مساهمة قطاع الثروة الحيوانية فى إنبعاث غازات الاحتباس الحراري

قطاع الثروة الحيوانية يعتبر من القطاعات المساهمة بشكل كبير في إنبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية الناتجة عن فعل الإنسان.  فقد تسببت سلاسل الإنتاج الحيوانية بانبعاث ما يقدر بـ7.1 جيجا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون في عام 2005. ويمثل هذا الرقم نسبة 14.5 ٪  من مجمل إنبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناجمة عن فعل الإنسان (IPCC، 2007). ويمثّل الميثان (CH4) حوالي 44 ٪  من المجموع. ويمثل أكسيد النيتروجين (N2O)  وثاني أكسيد الكربون (CO2) حصتين متساويتين تقريباً إذ تبلغ الأولى 29 ٪  فيما تبلغ الثانية 27 ٪ .

تاثير النوع الحيوانى على الانبعاثات

تعتبر الماشية هي المساهم الأكبر في إنبعاثات قطاع الثروة الحيوانية حيث تنتج حوالي 4.6 جيجا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون فى العام وهذا يمثل حوالي 65 ٪ من إنبعاثات القطاع. ويتشابه انتاج ماشية الحليب واللحم من غازات الاحتباس الحراري. أما الخنازير والدواجن والجاموس والحيوانات المجترة الصغيرة فلديها إنبعاثات أقل بكثير، تمثل ما بين 7 : 10 ٪ من إنبعاثات القطاع.

الإنبعاثات بحسب المنتجات الحيوانية (وحدة الإنبعاث)

تعتبر لحوم الأبقار وحليب الماشية هما السلعتان اللتان ينتج عن إنتاجهما أعلى الانبعاثات الإجمالية، إذ تمثل الأولى 2.9 والثانية 1.4 جيجا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون. ويليهما لحم الخنازير مع 0.7 جيجا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، ولحم وحليب الجاموس (0.6 جيجا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون)، ولحم وبيض الدجاج (جيجا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون) ولحم وحليب المجترات الصغيرة (0.4 جيجا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون). أما بقية الإنبعاثات فتخصص لغيرها من الدواجن ومن المنتجات غير الصالحة للأكل.

يعتبر التعبير عن الانبعاثات بناءً على البروتين من أهم سبل مقارنة أداء المنتجات المختلفة. حيث نجد أن لحم البقر السلعة الأعلى حدة من حيث الإنبعاثات مع متوسط يبلغ 342 كجم من مكافئ ثاني أكسيد الكربون عن كل كجم من البروتين. ويمثل لحم الحيوانات المجترة الصغيرة وحليبها ثاني وثالث أكثر السلع إنبعاثاً مع متوسطين يبلغ 165 كجم من مكافئ ثاني أكسيد الكربون و112كجم من مكافئ ثاني أكسيد الكربون لكل كجم من البروتين.

أما حليب الأبقار ولحوم الدجاج والبيض فأقل حدة من حيث الإنبعاثات إذ تقل جميعها عن 100كجم من مكافئ ثاني أكسيد الكربون لكل كجم من البروتين. وتتفاوت حدة الإنبعاثات تفاوتاً كبيراً بين المنتجين، لا سيما فيما خص منتجات الحيوانات المجترة. وهذا يعكس إختلاف الظروف الزراعية الإيكولوجية وممارسات التربية وإدارة سلاسل الأنتاج. وضمن هذه الثغرة الفاصلة بين الحدين العالي والمنخفض للإنبعاثات، يمكن العثور على فرص للتخفيف من الإنبعاثات.

مصادر إنبعاثات غازات الاحتباس من الحيوان

تنقسم مصادر الأنبعاث الى أربع عمليات رئيسية هي: التخمر المعوي، إدارة السماد الطبيعي، إنتاج العلف واستهلاك الطاقة. حيث يمثل إنتاج الأعلاف 47 ٪ من إجمالي الانبعاثات في القطاع مع أكثر من 3.3 جيجا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون. والتخمر المعوي هو ثاني أكبر مصدر للإنبعاثات مع 2.7 جيجا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون أو حوالي 40 ٪ من مجمل الإنبعاثات. وإدارة السماد الطبيعي مسؤولة عن حوالي 10 ٪ من المجموع أو 0.7 جيجا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون. بينما يمثل إستهلاك الطاقة في المزرعة وما بعد مرحلة المزرعة على حد سواء، 0.3 جيجا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون.

التخمر المعوي

التخمر المعوي يمثّل الميثان المنتج خلال عملية الهضم فى كرش الحيوانات المجترة، على الرغم من أن أنواعاً من غير المجترات تنتج هي أيضاً الميثان حين تهضم غذاءها، غير أن كميته أقل بكثير. وإنّ جودة العلف على صلة وثيقة بالإنبعاثات المعوية. وتنتج المكونات صعبة الهضم، مثل المكونات العالية الألياف، كمية أكبر من إنبعاثات الميثان المعوي.

إدارة السماد الطبيعي

ويشكّل السماد الطبيعي مصدراً لكل من الميثان وأكسيد النيتروجين. ويطلق الميثان من خلال التحلل اللاهوائي للمادة العضوية. ينتج أكسيد النيتروجين عادة خلال تحلل أمونيا السماد الطبيعي. ويمكن لنظم إدارة السماد الطبيعي المختلفة أن تؤدي إلى مستويات مختلفة من الإنبعاثات. وبعبارة عامة، تكون إنبعاثات الميثان أعلى حين يكون السماد العضوي مخزناً ومعالجاً في أنظمة سائلة (كالبحيرات الضحلة أو البرك) بينما نظام إدارة السماد الطبيعي الجاف مثل الأراضي البور أو الأنظمة الصلبة تميل إلى تيسير إنبعاثات أكسيد النيتروجين.

إنتاج العلف

هناك عدة إنبعاثات متصلة بـإنتاج الأعلاف. تنشأ إنبعاثات ثاني أكسيد الكربون من توسع المحاصيل العلفية والمراعي وصولاً إلى المناطق الطبيعية، ومن تصنيع الأسمدة للمحاصيل العلفية، ومن نقل الأعلاف وتجهيزها. وتنتج إنبعاثات أكسيد النيتروجين عن استخدام الأسمدة النيتروجينية وعبر الأستخدام المباشر للسماد الطبيعي في كل من المراعي وحقول المحاصيل.

استهلاك الطاقة

يحصل استهلاك الطاقة على إمتداد سلسلة الأنتاج. ويولّد إنتاج الأسمدة وإستخدام الآليات لإدارة المحاصيل وحصاد المحاصيل العلفية وتجهيزها ونقلها، إنبعاثات لغازات الإحتباس الحراري. وتُستهلك الطاقة أيضا في موقع الإنتاج الحيواني لغايات التهوية والإنارة والحلب والتبريد وغيرها. وأخيراً، يتم تجهيز السلع الحيوانية وتعبئتها ونقلها إلى نقاط البيع بالتجزئة الأمر الذي يستوجب المزيد من استخدام الطاقة.

القدرة على تخفيف الإنبعاثات الصادرة عن قطاع الثروة الحيوانية

يمكن التوصل إلى خفض الإنبعاثات الصادرة عن قطاع الثروة الحيوانية عن طريق خفض الإنتاج والاستهلاك، أو عبر خفض حدة الإنبعاثات الناجمة عن الإنتاج، أو من خلال مزيج من الاثنين. لا يقيّم  GLEAM  القدرة على الاستهلاك المخفّض للمنتجات الحيوانية. وترتكز تقييمات GLEAM للقدرة على تخفيف الإنبعاثات على الثغرة الواسعة في حدة الانبعاثات الموجودة على المستويين العالمي والإقليمي وضمن نظم الإنتاج والمناطق الزراعية الإيكولوجية.

ويقدّر التخفيف بنسبة 30 ٪ أو حوالي 1.8 جيجا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون مقارنة بالسيناريو الأساسي. وينشأ هذا الرقم من الافتراض بأن المنتجين في نظام معيّن وإقليم ومنطقة زراعية إيكولوجية معينين يطبقون ممارسات المنتجين أصحاب الحدّة الأقل للإنبعاثات، فيما يحافظون على إنتاج ثابت.

 المصادر

 FAO (Food and Agriculture Organization of the United Nations), 2006. Livestock a Major Threat to the Environment: Remedies Urgently Needed. Available: http://www.fao.org/newsroom/en/news/2006/1000448/index.html

Gibbs, M & Johnson, D E (1994). Methane Emissions from Digestive Processes of Livestock’, In: International Anthropogenic Methane Emissions: Estimates for 1990, EPA 230R-93-010, pp.2-1-2-44.

IPCC (Intergovernmental Panel on Climate Change), (1997) Guidelines for National GHG Inventories: Workbook and Reference Manual. Agriculture (Chapter 4) and Waste (Chapter 6). OECD, Paris, France.

IPCC (Intergovernmental Panel on Climate Change), (2001) Climate change 2001: the scientific basis. Intergovernmental panel on climate change. Cambridge, UK: Cambridge University Press.

IPCC (Intergovernmental Panel on Climate Change), (2007a). Brussels: Intergovernmental Panel on Climate Change. Climate Change 2007: Impacts, Adaptation and Vulnerability.

IPCC (Intergovernmental Panel on Climate Change), (2007b). Climate Change: Synthesis Report; Summary for Policymakers. Available: http://www.ipcc.ch/pdf/assessment-report/ar4/syr/ar4_syr_spm.pdf.

IPCC, (2001). Technical Summary: contribution of working group I to the Third Assessment Report. Intergovernmental Panel on Climate Change. http://ipcc.org.third assessment report/.

*معد التقرير: مدير معهد بحوث الإنتاج الحيوانى (سابقا).

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى