رأى

بائع الخضار!!

بقلم: هند محمد

اعتدت أن اشتري الخضار من سيدة بجوار منزلي .. ورغم أن الجميع يقول أن اسعارها مرتفعة إلا أنني ارتاح للشراء منها ..

دائما ما تختلس لحظات انشغال زوجها لتشتكي لي من ظروفها الصعبة فأصبرها ببعض الكلمات ..

ولكني دائما ما أطلب منها أن تبيع هي لي فأنا لا أحب أن يبيع لي زوجها فأنا لا أرتاح للشراء منه ..

وكان الزوج يبدو صعبا في تعامله لكنه يحرص على مساعدة زوجته في العمل ..

ذهبت بالأمس لشراء الخضار فوجدته ولم أجد زوجته، فسألته عنها، وأجاب: روحت تعملنا لقمة وتنضف المكان، هنعمل إيه يا أبلة ربينا وكبرنا ولسه في الشقى ومحدش بيساعد.

قلت له: معلش ربنا يديك الصحة ومتحتاجش لحد.

وجدته استرسل في الكلام وظل يتحدث عن تعبه وشقاه طوال عمره وكيف كان يخرج قبل الفجر للعمل ويحمل الطوب والأسمنت ويصعد بهم لأدوار عالية وكان يعمل حتى في يوم الجمعة ظل يحكي ويحكي ولم أجد ردا، فقلت له: ربنا كبير وأكيد هيعوضك عن كل ذلك الشقاء ويكفيك نعمة الصحة.

تلعثم فمه بالكلمات ووجدته يبكي ويقول: هعمل إيه يا بنتي الواحد بتصعب عليه نفسه!!

هنا توقفت كلماتي ولم أرى في عينيه سوى شقاء العمر .. البحث عن الراحة .. الشعور بالوجع من أبنائه ..

مشاعر كثيرة نطقت بها دموعه دون أن يتفوه بكلمة ..

شعرت بوجع يمزق قلبي ..

آه لو كنت مسئولا في هذا البلد كنت سأمنحه دخلا شهريا يكفل له الراحة ما بقي من العمر ..

آه لو كنت ثرية كنت خصصت جزءا من ثروتي لمثل أولئك المتعبين الذين ضاقت بهم سبل الحياة ..

آه لو عاد أبي وأمي للحياة كنت سأظل أسفل أقدامهما ما بقي من العمر .. فمن أين أتي أولاده بذلك الجحود؟!

مؤلمة تلك القصص تمزق قلبي حقيقة لأنني لا أجد مبررا لأن يشعر مثل ذلك المسن بالقهر والعجز في عمره هذا ..

آه لو كنت أملك من أمر هؤلاء المتعبين شيئا .. ربما استطعت أن أمنحهم بعضا من الراحة التي عاشوا عمرا يحلمون بها ولكن يبدو أنها لن تتحقق إلا عند رب رحيم.

فاللهم رفقا بالمتعبين وكل من قست عليهم الحياة فأوجعتهم

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى