اليوم العالمي للقهوة.. من الجبال الإثيوبية إلى التجارب المصرية
روابط سريعة :-

بقلم: أ.د.خالد سالم
أستاذ بقسم البيوتكنولوجيا النباتية بمعهد الهندسة الوراثية والتكنولوجيا الحيوية جامعة مدينة السادات
في الأول من أكتوبر من كل عام، يحتفل عشاق القهوة حول العالم بـ”اليوم العالمي للقهوة”، وهو مناسبة لا تقتصر على مجرد تناول فنجان من هذا المشروب الساحر، بل تتجاوز ذلك لتسليط الضوء على رحلة طويلة بدأت من جبال إثيوبيا ووصلت إلى موائد الملايين في شتى بقاع الأرض.
أُطلق هذا اليوم رسميًا عام 2015 بمبادرة من المنظمة الدولية للقهوة (ICO)، ليكون مناسبة للتوعية بقضايا مزارعي البن، وتعزيز التجارة العادلة، والاحتفاء بالمشروب الذي أصبح ثقافة متكاملة تتجاوز الحدود واللغات.
من إثيوبيا إلى العالم
تعود أصول القهوة إلى الهضبة الإثيوبية، حيث يُروى أن راعيًا يُدعى “خالد” لاحظ نشاطًا غير معتاد على قطيعه بعد تناوله ثمار شجرة غريبة. من هناك، شقّت القهوة طريقها إلى اليمن في القرن الخامس عشر، حيث زرعها المتصوفة واستخدموها كمنشّط في جلسات الذكر، ثم انتقلت إلى مكة والقاهرة وإسطنبول، ومن بعدها إلى أوروبا والعالم الجديد.
اليوم، تُعد القهوة من أكثر السلع تداولًا بعد النفط، وتُنتج في أكثر من 70 دولة. وتتصدر البرازيل قائمة المنتجين عالميًا، تليها فيتنام وكولومبيا، بينما تحتفظ إثيوبيا بمكانة خاصة بوصفها مهد القهوة الأرابيكا.
زراعة القهوة.. علم وفن
رغم أن القهوة مشروب عالمي، إلا أن زراعتها تتطلب ظروفًا مناخية دقيقة، أهمها:
-
درجات حرارة معتدلة بين 18 و24 درجة مئوية
-
هطول أمطار سنوي يتراوح بين 1000 و2000 ملم
-
تربة خصبة جيدة الصرف
-
ارتفاع يتراوح بين 800 و2200 متر عن سطح البحر
ويستغرق نبات القهوة نحو 3 إلى 4 سنوات ليبدأ بالإثمار، ويمكن أن تنتج شجرة البن الواحدة ما يصل إلى كيلوغرام من البن سنويًا.
تجارة القهوة.. واقع اقتصادي ضخم
تُقدَّر القيمة العالمية لتجارة القهوة بأكثر من 100 مليار دولار سنويًا، ويعتمد أكثر من 25 مليون مزارع في العالم على زراعة البن كمصدر دخل رئيسي.
ورغم هذه الأرقام، فإن العديد من مزارعي البن يعانون من الفقر بسبب تقلبات الأسعار العالمية وتكاليف الإنتاج المرتفعة، ما دفع المنظمات الحقوقية لتكثيف حملات دعم التجارة العادلة وتحسين ظروف المزارعين.
هل تنجح زراعة القهوة في مصر؟
في السنوات الأخيرة، بدأ الاهتمام بزراعة القهوة يظهر في مصر، رغم التحديات البيئية والمناخية. وتم تسجيل محاولات تجريبية ناجحة في مناطق مثل جنوب سيناء وبعض مناطق الصعيد، باستخدام تقنيات الزراعة الحديثة مثل البيوت المحمية، والزراعة تحت الأشجار الظليلة.
ويقول خبراء الزراعة إن زراعة القهوة في مصر ممكنة بشرط:
-
اختيار الأصناف المقاومة للحرارة مثل “روبوستا”.
-
توفير بيئة ظل مناسبة.
-
استخدام أنظمة ري متطورة لتوفير المياه.
وفي هذا السياق، نؤكد أن “زراعة القهوة في مصر مشروع واعد إذا تم التعامل معه بجدية، وبدعم من الدولة والمستثمرين”.
بين ثقافة المشروب وفرصة الاستثمار
لم تعد القهوة مجرد مشروب يُتناول صباحًا، بل أصبحت ثقافة عالمية وفرصة استثمارية ضخمة، ومجالًا للابتكار في أساليب الزراعة والتحميص والتوزيع. وبينما تحتفل دول العالم بهذا اليوم العالمي، تأمل مصر أن تكون يومًا ما على خريطة الدول المنتجة للقهوة، ليس فقط كمستهلك، بل كمنتج يروي للعالم قصة جديدة من قلب الصحراء.
هل تصبح مصر أرضًا جديدة للبن؟ الزمن كفيل بالإجابة، لكن التجارب بدأت.
معلومة سريعة:
أكثر من 2.25 مليار كوب قهوة يُستهلك يوميًا حول العالم.
🔹 تابعونا على قناة الفلاح اليوم لمزيد من الأخبار والتقارير الزراعية.
🔹 لمتابعة آخر المستجدات، زوروا صفحة الفلاح اليوم على فيسبوك.



