اليوريا في خريف 2025… من سماد للنبات إلى بوابة للأمراض

كتب: د.أسامة بدير قال الدكتور محمد فهيم، رئيس مركز معلومات تغير المناخ بمركز البحوث الزراعية، أن انتشار خلطات سمادية غير مدروسة على صفحات التواصل الاجتماعي يمثل خطراً كبيراً على المحاصيل، مشيراً إلى أن هذه الخلطات تُبنى على فكرة “أنا جربتها ونفعت”، وهو مفهوم غير علمي إطلاقاً.
وأوضح فهيم، لـ”الفلاح اليوم“، أن الخلطات السمادية ليست وصفات مطبخ، بل هي تفاعلات كيميائية وفسيولوجية دقيقة داخل النبات، لابد أن تبنى على أسس علمية واضحة، تشمل معرفة النتيجة الكيميائية للخلط، توافق العناصر المستخدمة، واستجابة خلايا النبات للمركبات الناتجة.
وحذر من الاستخدام المفرط لمركب اليوريا، سواء في الخلطات أو الرش أو مع الري، خاصة في هذا الوقت من الخريف الدافئ والرطب الذي يتسم بتذبذبات حرارية عالية، مشيراً إلى أن هذه الظروف مثالية لتفشي الأمراض الفطرية والبكتيرية في معظم الزراعات.
وأشار إلى أن الإفراط في اليوريا يؤدي إلى نمو خضري سريع وغض، يجعل خلايا النبات رخوة وضعيفة الجدار، مما يزيد من قابليتها للاختراق من قبل الممراضات مثل Alternaria وBotrytis وXanthomonas. كما يؤدي إلى ارتفاع تركيز الأمونيا والأحماض الأمينية الحرة داخل الخلايا، ما يخلق بيئة غنية بالبروتين تجذب الممرضات، بالإضافة إلى اختلال التوازن الغذائي داخل النبات، وانخفاض إنتاج المركبات الدفاعية مثل الفينولات والليجنينات والإنزيمات الدفاعية.
وأوضح فهيم أمثلة واضحة من الزراعات الحالية:
ـ البطاطس والطماطم والفلفل والخيار: زيادة اليوريا تؤدي إلى انتشار اللفحة المبكرة، العفن الرمادي، والتبقع البكتيري، وتشقق الدرنات في البطاطس الحساسة.
ـ الفاصوليا والبسلة: النمو المفاجئ يفتح المجال للفيوزاريوم والعفن الأبيض والهالة البكتيرية.
ـ الفراولة: زيادة اليوريا في الخريف تزيد إصابة النبات بالأنثراكنوز، عفن الجذور، لفحة الفيموبسيس، التبقع العادي، والعفن الرمادي، مع تفاقم مشاكل التربس والأكاروس في الرطوبة العالية.
ـ القمح المبكر والشعير: النيتروجين العالي يهيئ النبات لظهور الصدأ الأصفر حتى بدون عدوى واضحة.
ـ الكرنب والقرنبيط والخس: تراكم الماء في الأوراق يؤدي لانفجار الخلايا وظهور العفن الطري والبكتيري، مع تراجع جودة الإنتاج والتخزين.
ـ الزيتون وبقية الأشجار المثمرة: إضافة اليوريا تحفز النموات الحديثة غير المرغوبة، وتؤثر على نضج البراعم استعدادًا لدورة الإنتاج القادمة.
وأوصى رئيس مركز معلومات تغير المناخ، بعدم استخدام اليوريا أو أي مصدر سريع للنيتروجين في الأجواء الحالية، مؤكداً على أهمية استخدام مصادر نيتروجين أكثر أماناً مثل نترات النشادر، نترات الكالسيوم، ونترات البوتاسيوم، بالإضافة إلى تعزيز برامج السماد بعناصر المناعة النباتية مثل البوتاسيوم، الكالسيوم، السيليكون، المغنيسيوم، النحاس، والزنك، واستخدام منظمات النمو الطبيعية أو المستخلصات النباتية التي تعزز قوة الجدار الخلوي وتقلل القابلية للإصابة، مع الحفاظ على رطوبة معتدلة وتهوية جيدة في الصوب والمناطق الكثيفة الزراعة.
ختم فهيم تحذيره بالقول: “مش كل نمو سريع دليل صحة… أحياناً الزيادة في النيتروجين تشبه السكر الزائد في جسم الإنسان: طاقة مؤقتة ومناعة منهارة. التغذية السليمة ليست في الخلطة الأقوى، بل في التوازن الذكي الذي يجعل النبات قوياً ضد المرض قبل أن يكون سريع النمو. اليوريا في الخريف… قد تتحول من سماد إلى سم!”.
🔹 تابعونا على قناة الفلاح اليوم لمزيد من الأخبار والتقارير الزراعية.
🔹 لمتابعة آخر المستجدات، زوروا صفحة الفلاح اليوم على فيسبوك.



