رأى

الوراثة الجزيئية طريقاً للتنمية المستدامة

د.محمد إبراهيم نصار

بقلم: د.محمد إبراهيم نصار

تمثل التنمية المستدامة أحدث تصورات الفكر الإنمائي المعاصر، وباختصار فهي تستهدف تحقيق أقصي مستوي من الرفاهية والتنمية بأبعادها الاقتصادية والاجتماعيةوالسياسية والبيئية والثقافية للبشر في الوقت الحالي، مع الحفاظ علي حقوق الأجيال القادمة في الموارد في المستقبل، وإتساقاً مع هذا المفهوم فإن أهداف التنمية المستدامة MDGs  والتي تم إقرارها عام 2015، تمثل تعهداً وإلتزاما دوليا لمسار العمل والجهود التنموية علي المستوي الوطني والاقليمي والعالمي.

ويعتبر القضاء علي الجوع ونقص وسوء التغذية أحد أهم أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر، إذا يرتبط ببقاء واستمرار الجنس البشري علي قيد الحياة إبتداءً إلي جانب إرتباطه عضويا ووظيفيا بتحسين القدرات الصحية للبشر ومساعدتهم علي الاندماج والاستمرار في التعليم ورفع معدلات التحصيل الدراسي والقضاء علي الأمية إنتهاءً، وهو ما يمثل أيضا أهدافا للتنمية المُستدامة يجب تحقيقها وفق الخارطة الزمنية لإستحقاقها.

وفي مصر يعاني معظم المجتمع من الأمراض التي تعود إلى سوء التغذية، ولمًّا كان  رُقي المجتمعات يُمكن قياسه بمدى استهلاكها من البروتين الحيواني فكيف لنا كباحثين فى مجال الإنتاج الحيواني مطالبة المربيين بالاهتمام بنسب البروتين المهضوم والطاقة المهضومة فى حين يعاني هو نفسه سوء التغذية.

ويستهدف مركز البحوث الزراعية رفع وتحسين الإنتاجية الزراعية بشقيها النباتي والحيواني من خلال مواجهة بعض المعوقات والتي منها علي سبيل المثال:

ـ حيازة الثروة الحيوانية مفتته حيث يمتلك ما يزيد على 90% منها صغار المربيين (رأس أو رأسين) وإن هذا العدد الكبير يربى للتغذية على متبقيات الحقل أو ما يعرف لدى هذه الفئة من المربيين بالحصالة وليس أكثر.

ـ لا توجد سجلات لهذه الحيوانات يمكن الاعتماد عليها فى الانتخاب فضلا عن أن أصحاب المزارع لا يعطون بيانات حقيقية خوفا من الحسد أو غير ذلك.

ـ طول عمر الجيل فى الحيوان وخاصة الحيوانات الكبيرة من الأبقار والجاموس.

كما أن المعتاد فى تربية الحيوان بالطرق الكلاسيكية لا يمكن الحكم على الحيوان بعد الولادة الأولى ولا الثانية فمازال هناك نمو يحدث فى جسم الحيوان مما يضطر الباحث الإنتظار بعد الموسم الثالث من الولادة حتى يصل الحيوان إلى قمة إنتاجه للحكم عليه وذلك كله يعتبر استنزافًا فى الوقت.

فكان لزاما علينا البحث عن طريقة يمكن من خلالها التحسين فى الحيوان لتفادي هذه المعوقات ومن هنا جاء دور الوراثة الجزيئية Molecular Genetics  والتي لا تخضع لأهواء الباحث فى النتائج فهى بمثابة اختبار سريع ودقيق فى النتائج.

فعلى سبيل المثال أطروحتي لنيل درجة الدكتوراه يتناولجينات الخصوبة فى الأغنام حيث يتحكم فى هذه الصفة طفورا يحدث فى هذه الجينات مثل GDF9, BMP15 & BMPR-IB وبالكشف عن الطفور والذى يتطلب عينة بسيطة من الدم لعزل الـDNA  للحيوان وعمل PCR باستخدام بادئات متخصصة Specific primers لكل جين ثم باستخدام إنزيمات القطع Restriction enzymes تظهر لنا نتيجة ما إذا كان هناك طفور أم لا وبالتالي فلسنا بحاجة للوصل بالحيوان إلى عمر النضج الجنسي ولا قمة الإنتاج للحكم على الحيوان خصوصا وأن مصر لا يوجد بها مراعي طبيعية فتكلفة التغذية فى مجال الإنتاج الحيواني باهظة حيث تمثل حوالي 75% من تكاليف الإنتاج.

وهنا يجب طرح سؤال بسيط على سبيل المثال. لماذا أربي 100 نعجة لإنتاج 100 نتاج؟ ما دام من الممكن أن أربي 50 نعجة لتعطي نفس عدد النتاجات وما يترتب على ذلك من خفض تكاليف التغذية إلى النصف، فضلًا عن تقليل عدد العمالة وتوفير المساحة اللازمة للمشروع وأيضاً توفير الكهرباء تعظيما للعوائد وتخفيضا للتكاليف، مما يعود على وطننا الحبيب بالخير الوفير والعاجل ويساهم بشكلٍ أو بأخر في مواجهة مشكلة الغذاء ومواجهة أمراض سوء التغذية ويدعم الجهود الجادة والمخلصة المبذولة لتحقيق التنمية المستدامة.

*كاتب المقال: باحث فى معهد بحوث الإنتاج الحيواني بمركز البحوث الزراعية.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى