رأى

النباتات الطبية والعطرية في سيناء: ذهب أخضر وثروة اقتصادية واعدة

بقلم: د.هويدا هويشل

باحث بقسم بحوث النباتات الطبية والعطرية بمعهد بحوث البساتين- محطة البحوث الزراعية بالعريش

تعد النباتات الطبية من المحاصيل غير التقليدية، إذ استخدمها الإنسان على مر العصور في أغراض شتى، منها كتوابل عند طهي الأطعمة، وأخرى كدواء. وفي العصور الوسطى والحديثة، ظهر جلياً مدى أهمية النباتات الطبية والعطرية في علاج الكثير من الأمراض التي تصيب الإنسان، كما تدخل في كثير من الصناعات الغذائية كمواد حافظة، ومكسبات طعم، ومواد فاتحة للشهية. فضلاً عن ذلك، يتم استهلاك بعض أنواعها على هيئة مشروبات منشطة أو ملطفة. ومؤخراً، دخلت هذه النباتات في صناعة بعض المبيدات الحيوية في شكل مستخلصات، أو تدخل في تركيبات علائق الطيور والحيوانات.

مفهوم النباتات الطبية والعطرية

يُعرف النبات الطبي على أنه النبات الذي يحتوي في عضو أو أكثر من أعضائه المختلفة أو تحوراته على مادة كيميائية واحدة أو أكثر (بصرف النظر عن الطبيعة الكيميائية لهذه المادة) بتركيز منخفض أو مرتفع، ولها القدرة الفسيولوجية على معالجة مرض معين، أو على الأقل التقليل من أعراض الإصابة بهذا المرض إذا ما أُعطيت للمريض، سواء في صورتها النقية بعد استخلاصها من المادة النباتية، أو إذا ما تم استخدامها وهي ما زالت على حالتها الأولية في صورة عشب نباتي طازج أو مجفف أو مستخلص جزئياً. وقد عرف العالم Dragendorff النباتات الطبية بأنها “كل شيء من أصل نباتي يُستعمل طبياً فهو نبات طبي”.

أما النباتات العطرية، فيمكن تعريفها بأنها النباتات التي تحتوي في عضو أو أكثر من أعضائها النباتية أو تحوراتها على زيوت عطرية طيارة، سواء أكانت في ذات صورتها الحرة أو في صورة أخرى تتحلل مائياً إلى زيوت عطرية طيارة ذات عبير مقبول، ويمكن استخلاصها بالطرق المتعارف عليها، وتستخدم في المجالات العطرية المتعددة.

وليست هناك حدود فاصلة يمكن الاعتماد عليها كأساس للتفرقة بين النباتات الطبية والعطرية، حيث إن بعض الزيوت العطرية يمكن أن يكون لها تأثيرات فسيولوجية واستعمالات طبية.

أهمية زراعة النباتات الطبية والعطرية

تمثل النباتات الطبية والعطرية جزءاً هاماً وأساسياً من المواد الأولية التي ترتكز عليها صناعة الدواء في العالم، والتي تفيد في حالة الكوارث الطبيعية أو في حالة الحصار الاقتصادي، حيث يصعب الاستيراد أو التصدير، مثل المضادات الحيوية والمواد المخدرة أو المسكنة.

  • يتم تصديرها إلى الخارج كمواد خام أو أعشاب، مما يدر الكثير من العملة الصعبة.
  • تدخل في الكثير من الصناعات الغذائية مثل صناعة البسكويت، والشوكولاتة، والفطائر.
  • تستخدم في العديد من الصناعات الاقتصادية مثل مساحيق التجميل، والعطور، وزيوت الشعر، ومعاجين الأسنان.
  • تدخل في تصنيع المبيدات الحشرية التي تعتمد على ما تحتويه النباتات الطبية والعطرية من سموم قاتلة للحشرات، أو البكتيريا، أو القوارض، أو النيماتودا وغيرها.
  • تُستخدم كتوابل أو بهارات أو مشروبات مكسبة للطعم أو النكهة أو الرائحة أو مواد ملونة طبيعية.
  • تُعد مصدراً طبيعياً لإنتاج الزيوت الثابتة التي تتكون من سلاسل كربونية طويلة من الأحماض الدهنية، وتدخل في تركيب بعض المستحضرات الطبية مثل زيت زهرة الشمس، وزيت الكتان، والجوجوبا، والسمسم، والخروع، وفول الصويا.

أهم النباتات المنزرعة في سيناء

النباتات الطبية والعطرية: كنوز طبية متنقلة في سيناء وثروة اقتصادية مهملة

توجد النباتات الطبية والعطرية في مناطق شبه جزيرة سيناء، سواء في جنوب سيناء أو شمالها، حيث يتوافر المئات من هذه النباتات، مما يؤهلها لأن تكون من أهم المناطق اقتصادياً في ظل تزايد الطلب عليها واستخدامها في صناعة الأدوية. ومن ضمن التحديات التي تواجه مستقبل النباتات الطبية والعطرية التصحر والرعي الجائر، حيث توجد في سيناء العديد من الأعشاب الطبية التي تنمو بعد سقوط الأمطار، خاصة في سهول الوديان، مما يزيد الطلب عليها.

نسعى، كمراكز للبحوث المتخصصة في الزراعة، إلى دعم زراعة هذه النباتات للحفاظ عليها من الانقراض، وتحقيق الاستثمار الأمثل لها، إضافة إلى مناشدة رجال الأعمال بخلق اقتصاد بديل عن طريق الإكثار من زراعتها. كما يمكن إنشاء مراكز متخصصة للعلاج بالأعشاب الطبية والعطرية، إلى جانب إنشاء وحدات تصنيع وتصدير تلك المنتجات الطبية والزراعية. ويستدعي ذلك التنسيق بين الجهات المختلفة في هذه المجالات، خاصة أن نباتات سيناء الطبية والعطرية تمثل ثروة قومية كبيرة.

تُعد الزراعة أحد دعائم التنمية على أرض سيناء، حيث تولي الدولة اهتماماً كبيراً بتنمية وتعمير أرض الفيروز، وذلك ضمن توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بتعزيز جهود التنمية الشاملة في سيناء من خلال تنفيذ عدد من المشروعات التنموية بها.

وبعد إعلان القضاء على الإرهاب، بدأت زراعة النباتات الطبية والعطرية في العودة مجدداً، بعد أن تعرضت للتدمير خلال الحرب على الإرهاب. وكان مركز رفح والشيخ زويد من أفضل الأماكن لزراعة النباتات الطبية والعطرية، وخاصة نبات الميرمية والزعتر السيناوي. وتتركز الآن زراعة الميرمية في مركز بئر العبد، حيث يوجد 12 قيراطاً من نبات الميرمية، ويجري حالياً حصر المساحات المنزرعة بعد انتهاء الحرب على الإرهاب.

تُعد أرض سيناء صالحة لزراعة العديد من النباتات الطبية والعطرية مثل نبات الجوجوبا (الهوهوبا)، حيث يُنتج زيت الجوجوبا، المعروف بـ”الذهب الأصفر”. وتتركز زراعة الجوجوبا في مركز رمانة غرب العريش، حيث توجد 7 أفدنة من هذا النبات. ونسعى، كمحطة للبحوث الزراعية، إلى إدخال زراعة بعض النباتات الطبية الأخرى ومعرفة مدى نجاح تلك الزراعات.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى