حوار

المستشار العلمي للسيسي: المواطن المصري استسهل الراحة ولم يعد يستهويه حلم غزو الصحراء 

متابعات تعجب الدكتور فاروق الباز، عضو المجلس الاستشاري العلمي للرئيس عبدالفتاح السيسي، “على حال مصر التي كانت سلة غلال الدنيا على مدى العصور القديمة وحتى فترة طويلة من عصرها الحديث، وأصبحت تقترض من أجل رغيف الخبز”.

وأشار الباز، في حوار مع “العرب”، تابعه “الفلاح اليوم“، إلى أنه يجاهد من منذ خمسة عقود متواصلة من أجل مشروع ممر التنمية، بهدف كسر الحاجز النفسي بين المصريين والمسؤولين السياسيين والصحراء، لافتا إلى المواطن المصري استسهل الراحة ولم يعد يستهويه حلم غزو الصحراء.

فكرة ممر التنمية

وأوضح المستشار العلمى للسيسى، أن فكرة ممر التنمية تقوم على حفر طريق مواز لـنهر النيل في قلب الصحراء الغربية بطول 1200 كيلومتر، بدءا من مدينة العلمين على ساحل البحر المتوسط في شمال البلاد وحتى أسوان جنوبا، وتربطه ممرات فرعية عرضية بـوادي النيل يصل عددها إلى نحو 12 ممرا مع المدن التي تقع على ضفاف النيل، وتربط الصحراء بالنيل، وتتم على جانبيه تنمية عمرانية متكاملة، صناعية وزراعية وسياحية.

المصريون القدماء

وتابع الباز، المصريون القدماء قصدوا الدلتا القديمة التي تحولت إلى صحراء حاليا، لأنهم كانوا يبحثون عن مواطن القوة، أما المصري الحديث، فليس لديه الصبر والجد لتعمير الدلتا القديمة رغم أنها تحمل الخير والنماء، مشيرا إلى أن المشروع بدأ في عهد الرئيس الأسبق محمد أنور السادات عام 1973، عندما تحاور معه وأبدى رغبته في عمل تنمية تستهدف تعمير الصحراء، حيث كان مهموما بـالزيادة السكانية، وبدأ بدراسة الصحراء الغربية وقام بتصويرها من الفضاء.

كنوز مصر الخفية

وقال الباز، “هناك صعوبة في أن تكون لدي حلول تساعد مصر على استغلال الصحراء، وأقف صامتا، والفرق بيننا وبين المصريين القدماء أنهم كانوا يتحركون حينما يوجد الخير والنماء”.

وأضاف “قصد المصريون الدلتا القديمة التي تحولت إلى صحراء حاليا، لأنهم كانوا يبحثون عن مواطن القوة، فمثلا منطقة غرب كوم أمبو في أسوان جنوب البلاد، بها تكوين أرضي سمكه خمسة أمتار من التربة النيلية وسط الصحراء، وهي دليل على وجود دلتا قديمة، وتتسم هذه المنطقة بأرض عالية الخصوبة يمكن على توفر نصف مليون فدان”.

زراعة الأمل

ولفت المستشار العلمى للرئيس، أنه ظل التطلع إلى الصحراء لمحاولة زراعة الأمل في أراضيها الواسعة يطرح مع كل دراسة وحديث عن النمو الديموغرافي وأزمة الغذاء والمياه في مصر. ويتزايد معدل سكان البلاد سنويا بنحو 2,5 مليون نسمة، بمعنى أن السنوات العشر المقبلة ستشهد زيادة بنحو 25 مليون نسمة، ما يحتاج المزيد من الخطط التنموية لاستيعاب الانفجار السكاني بكل متطلباته.

دراسة الصحراء الغربية

وأوضح الباز، أنه باستخدام تقنية التصوير الفضائي للأرض لاكتشاف طبيعتها الجيولوجية، قام مع فريق بحثي من جامعة عين شمس بمصر بدراسة مفصلة للصحراء الغربية، وبتمويل كامل من وكالة ناسا، التي رصدت للمشروع نحو 250 ألف دولار لإعداد الدراسات، وتم شراء المعدات والسيارات وبدأ العمل في قلب الصحراء الغربية.

إهمال تعمير الصحراء

ولفت المستشار العلمى للرئيس، أنه خلال رحلة الصحراء، اكتشف حقائق عن حياة المصريين الذين يقطنونها، حيث وجد أثناء زيارته لمدينة سيوة في الصحراء الغربية، أن الواحة الواسعة تعج بكنوز في باطنها، متابعا أنه سأل بعض الأفراد المقيمين في سيوة، هل تعرفون رئيس مصر؟ فكانت الإجابة صادمة، نعم “الرئيس القذافي” (العقيد الليبي الراحل معمر القذافي)، وهو ما يكشف عن إهمال تعمير الصحراء، والإصرار على عدم الخروج من الدلتا، وإهمال السياسيين للفئات والمدن البعيدة عن العاصمة.

وأضاف الباز، قصة أخرى تكشف عما يدور في خلد المصريين، قائلا “كنت في رحلة بحث بـصحراء الفرافرة في محافظة الوادي الجديد، وكنا نستعين ببعض المقيمين لمساعدتنا، وفي يوم توفي شقيق أحد العاملين بالمشروع معنا، شددت على أزره، وقلت له سنتوقف عن العمل غدا لحين الانتهاء من مراسم الجنازة، لكنه قال بلهجته الصعيدية، سنذهب أنا والعائلة لندفنه في ‘قفط’، وهي مدينة تابعة لمحافظة قنا في جنوب مصر”.

وتابع، تصل المسافة بين مدينة الفرافرة وقفط إلى أكثر من 550 كيلومترا وتحتاج للسفر ذهابا فقط يوما كاملا، لأن الطرق كانت غير معبدة في تلك الفترة. وتيقن الباز حينها أن المقيمين في الصحراء ليست لديهم قناعة بأنهم جاؤوا لتعميرها، وقال لو أن هذا الشخص وأمثاله لديهم قناعة بأن هذه المنطقة موطنهم الجديد لكانوا شيدوا مقابر بها، لكنهم يفضلون الدفن بجوار النيل.

مشروع ممر التنمية

وكشف الباز، عن أنه قام بتحليل 65 صورة فضائية للصحراء الغربية، ووجد حياة كاملة على نهر كبير بعمق 24 قدما في قلب الصحراء، بالإضافة إلى واد كبير بعرض 200 كيلومتر مربع ووادين آخرين عرض كل منهما 8 كيلومترات و12 كيلومترا، وتؤكد هذه الاكتشافات أن الدلتا القديمة كانت في الصحراء الغربية.

وأكد الباز، أن ممر التنمية مساحة جديدة من الأراضي الزراعية تقدر بنحو 10,5 مليون فدان، فضلا عن تدشين مجتمعات صناعية وسياحية متكاملة. متابعا، عرضت شركة “بكتل” الأميركية تنفيذ مشروع ممر التنمية في بداية الثمانينات، وقامت بدراسته والتي قدرت تكلفتها الاستثمارية بنحو 6 مليار دولار في ذلك الحين. واستغرقت بكتل نحو 3 أسابيع في إعداد دراستها، ويتطلب تنفيذ المشروع نحو عشر سنوات، وسيدر عائدا يغطي تكلفته خلال عامين ونصف من التشغيل والإنتاج، ويعد اقتصاديا من أقوى المشروعات من حيث الربحية.

وأردف الباز، عرضت فكرة المشروع، الذي تعثر طرحه بعد وفاة الرئيس السادات، الذي كان متحمسا لتنفيذه، على يوسف والي وزير الزراعة في بداية حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، وتحمس والي للفكرة، لكنه عندما سأله عن فترة جني ثمار المشروع ورأى دراسة بكتل، رفضه.

وقال الباز “ظللت أربع سنوات أقنع والي بالمشروع إلا أنه رفض وقال صراحة أنا أريد مشروعات تدر عائدا في الحال ولا يمكنني  الانتظار لتلك الفترة الواردة بالدراسة”.

من السادات إلى مبارك

وأشار الباز، إلى أنه بعد سنوات تحمّست مصر مجددا لفكرة المشروع في عام 2007، وخضع مرة أخرى لدراسة جدوى على الطريقة المصرية في عهد أحمد نظيف، رئيس الوزراء الأسبق، واستغرقت 5 سنوات، وانتهت إلى تقدير التكلفة الاستثمارية للمشروع وفق المتغيرات الجديدة وسعر العملة إلى بنحو 23 مليار دولار.

وتابع، ربما يعود عدم اقتناع الرئيس الأسبق حسني مبارك بفكرة ممر التنمية في بداية حكمه (النصف الأول من الثمانينات) لأنها كانت فكرة الرئيس السادات، وبدأ في البحث عن مشروع مناسب له، لذلك اتجه إلى مشروع الزراعة في صحراء توشكي والتي تقع في جنوب الصحراء الغربية، مشيرا إلى أن المشروع لم ينجح بعد أن ضخّت مصر فيه استثمارات تجاوزت العشرات من المليارات، بسبب عدم ربط المشروع بشبكة متكاملة من المشروعات الصناعية التي تتكامل مع الزراعة، فضلا عن عدم إقامة مدن تؤسس لمجتمعات جديدة وتوطن الشباب.

ممر التنمية والسيسي

وقال المستشار العلمى للسيسى، أنه طرح المشروع مجددا على الرئيس قبل ترشحه للدورة الأولى لرئاسة مصر، حيث وجه له دعوة للحديث عن فكرة ممر التنمية، مضيفا أن “السيسي أبدى رغبته في وضع فكرة الممر ضمن برنامجه الانتخابي، وطرح عليّ عدة أسئلة، كان أهمها عن الفترة الزمنية لعائد هذا المشروع على البلد، وأكد لي أنني من الممكن أن أقوم بعمل الطريق الرئيسي في الصحراء الذي يصل طوله 1200 كيلومتر على الفور، إلا أن إجابتي كانت غير شافية. حيث قلت له إن العائد لن يكون قبل أربع سنوات على أقل تقدير، والطريق ليس هدفا فقط بل نحتاج إلى أشياء”، حينها أكد السيسي أنه “سيتحول إلى فكرة قناة السويس الجديدة فمردودها سيكون أسرع”.

ثمار تعمير الصحراء

وأوضح الخبير الدولى، أن جميع الحوارات التى تمت مع المسؤولين في مصر، كشفت عن أنهم لن يصبروا سنوات لجني ثمار تعمير الصحراء، ويسعون إلى شراء رضاء شعبي وسياسي يحتاج إلى عوائد سريعة يقدمونها للمواطنين، مشيرا إلى أنه الآن يبحث عن مؤسسة أو مجموعة مستثمرين يتبنون تنفيذ مشروع يقدم لمصر كنوز الصحراء ويكسر حاجز التعامل مع الرمال بشكل علمي.

وأكد المستشار العلمى للرئيس السيسى، أن “مشروع ممر التنمية لا يجب أن يكون خارج الإطار الحكومي بشكل مطلق، بل يجب أن يوضع هذا الممر في إطار برامج وخطط الحكومة المستقبلية الخاصة بـالزراعة والصناعة والسياحة وكافة المجالات الاقتصادية الأخرى، على أن يتمتع فقط بالاستقلالية عن الحكومة من الناحية التنفيذية”.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. عفو د الباز اللي عايز يعمر مصر وبيحب مصر يترك مامته امريكا ويقيم في وسط صحراء مصر ودائما تذم في الرئيس مبارك لولاه ما كان احد يعرفكم انت واخيك ثم مشروع توشكي شارك الالاف العلماء المصريين الوطنيين عايز اعرف انتا تبرعت لصندوق تحيا مصر بكام انا مش عايز كلام انا عايز افعال وعرض عليك الفريق شفيك يعمل لك ادارة مشروع التنميه ورفضت وسافرت لمامتك امريكا مصر مش محتاجه اللي يمسك السمكه من ذيلها بمنديل
    اطلب من الرئيس البطل السيسى الاستعانه بعلماء مصر الوطنيين وهم موجودون الالاف منتظرين الاشارة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى