«المدير التحويلي».. نموذج القيادة الفاعلة وصناعة الكوادر المؤسسية
بقلم: أحمد إبراهيم
وكيل وزارة ومشرفاً على شبكة الإذاعات الإقليمية بالإذاعة المصرية والمستشار الإعلامي لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي سابقاً
قرأتُ وسمعتُ كثيراً عن مواصفات المدير الناجح، وكذلك عن أهمية اختيار القيادات، لأن أساتذة الإدارة يعتبرون «حُسن الاختيار نصف النجاح»، بل هناك من يراه كل النجاح. وأفضل ما سمعتُ عن القيادة الناجحة كان من الدكتور الهلالي الشربيني، وزير التربية والتعليم الأسبق، وحالياً رئيس لجنة اختيار القيادات العليا بالجهاز الإداري للدولة، حيث يرى أن المديرين ثلاثة أنواع، ويعرضهم «الهلالي» في ثلاث صور:
النوع الأول: صورة أسد وخلفه صفان من الأرانب، وهي تمثل المدير الديكتاتور الذي يستبعد الأكفاء، ويجمع حوله الضعفاء، ولا يعطيهم أي صلاحيات، ويرى أنهم غير جديرين بتحمل المسؤولية ولا يُعتمد عليهم، ويحاول دائماً التحقير من شأنهم وتسفيه آرائهم.
الصورة الثانية: أرنب وخلفه صفان من الأسود، ويطلق عليه المدير الضعيف الفوضوي، الذي يصل إلى منصبه بالمجاملة أو في غفلة من الزمن.
أما الصورة الثالثة: أسد وخلفه صفان من الأسود، ويُطلق عليه «المدير التحويلي»، الذي حوَّل مرؤوسيه إلى أسود، كلٌّ في موقعه. ولأنه كفء وجدير بالمنصب وواثق في نفسه، فإنه يجمع حوله الأكفاء ويمنحهم الصلاحيات. النوعان الأول والثاني من المديرين، الديكتاتور والفوضوي، قد يحققان نجاحاً، لكنه فردي ومؤقت وبالصدفة، أما النوع الثالث، المدير التحويلي، فهو الذي يحقق نجاحاً مستداماً لأنه يعتمد على العمل الجماعي في الإدارة واتخاذ القرارات.
الدكتور أحمد درويش، وزير التنمية الإدارية الأسبق، والشخصية الوطنية القيادية العظيمة، سألته ذات يوم عن معايير اختيار القيادات، فأجاب بأن المدير الذي لا يُعدّ مديرين من مرؤوسيه يتحملون المسؤولية بعده، لا يستحق الترقية إلى منصب أعلى، فكيف نُكافئ شخصاً لم يُجهز كوادر تحلّ محله أو تسبّب في تدميرها؟!
أيضاً، الوطني المحترم اللواء محسن النعماني، وزير التنمية المحلية الأسبق، قال لي إن القائد أو المدير يكفيه حُسن اختيار معاونيه. ودائماً أستشهد بتجربة مركز الكُلى بالمنصورة، لأن ما فعله عالمنا الجليل الدكتور محمد غنيم يُعدّ نموذجاً يُحتذى به في الإدارة، وهو مثال ناجح يجب تطبيقه في جميع المؤسسات، حتى غير الطبية، حيث استطاع بالإدارة الناجحة أن يقدّم لمصر أهم صرح طبي مجاني أصبح قِبلة للمسالك والكُلى في العالم.
ورغم أن الدكتور غنيم ترك إدارة المستشفى منذ ربع قرن، فإن أحداً لا يشعر بذلك، لأنه خلق جيلاً كبيراً من القيادات وصفاً ثانياً وثالثاً، ووضع نظاماً مؤسسياً لا يعتمد على شخص المدير ثم ينهار بعد رحيله. وما فعله الدكتور غنيم لم يستورده من الخارج، بل تم بسواعد أبناء الفلاحين في المنصورة.
الخلاصة: إن حُسن الاختيار يضمن نجاح أي مؤسسة، سواء كانت كبيرة أو صغيرة، قطاعاً خاصاً أو حكومياً.
كما أن هناك شروطاً يجب توافرها في القائد أو المدير، أهمها: إنجازاته السابقة (محلية أو دولية)، وخبرته المتعددة (علمية وعملية)، والأهم قدرته على صنع كوادر تستطيع تحمّل المسؤولية، وإيمانه بالعمل الجماعي، والتفكير الإبداعي خارج الصندوق، والثقة في مرؤوسيه.
🔹 تابعونا على قناة الفلاح اليوم لمزيد من الأخبار والتقارير الزراعية.
🔹 لمتابعة آخر المستجدات، زوروا صفحة الفلاح اليوم على فيسبوك.