المتحف المصري الكبير يجسد عبقرية المصريين ويكتب فصلاً جديداً في تاريخ الحضارة

بقلم: د.أسامة بدير
في لحظة فارقة من تاريخ مصر الحديث، يطل المتحف المصري الكبير من جوار أهرامات الجيزة كتحفة معمارية تشهد على عظمة أمة لا تعرف الانكسار. إنه ليس مجرد مبنى أو مشروع ثقافي فحسب، بل هو رمز لإرادة المصريين التي لا تلين، وتجسيد حقيقي لروح التحدي والإبداع التي صنعت حضارة تجاوزت حدود الزمان والمكان.
لقد انتظرت مصر والعالم هذا الحدث التاريخي طويلاً، حتى أصبح الافتتاح المنتظر للمتحف المصري الكبير مناسبة عالمية بامتياز، تُعيد لمصر مكانتها كمنارة للثقافة والتراث الإنساني. فتكلفة المشروع التي تخطت المليار دولار ليست إلا استثماراً في المستقبل، يفتح آفاقاً جديدة أمام الاقتصاد والسياحة ويعيد رسم خريطة القوة الناعمة المصرية على الساحة الدولية.
هذا الصرح العملاق يقف اليوم شاهداً على أن المصريين حين يؤمنون بفكرة ويعملون من أجلها، فإن المستحيل يصبح ممكناً. فمنذ أن كان المشروع حلماً على الورق، وحتى تجسد في الواقع بأحدث تقنيات العرض المتحفي في العالم، كانت أيادي المهندسين والعلماء والفنيين المصريين تكتب فصلاً جديداً من فصول المجد الوطني.
إن المتحف المصري الكبير لا يحكي فقط قصة الفراعنة القدماء، بل يروي أيضاً قصة المصري المعاصر الذي يواصل مسيرة البناء والتحدي في زمن مختلف. فكما شيد الأجداد الأهرامات، ها هو الجيل الجديد يبني متحفاً يليق بتاريخهم، ويُظهر للعالم أن الحضارة المصرية لا تزال قادرة على الإبهار.
وراء هذا الإنجاز الكبير، يقف تخطيط دقيق ورؤية طموحة استمرت لعقود. فقد بدأ الحلم في أواخر تسعينيات القرن الماضي، واستمر العمل فيه رغم كل التحديات والأزمات. واليوم، يقطف المصريون ثمرة جهد طويل، ويثبتون أن الصبر والمثابرة هما طريق الإنجاز الحقيقي.
ولا ينبغي أن نغفل في هذه اللحظة التاريخية عن توجيه الشكر والعرفان للرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، ولوزير الثقافة الأسبق فاروق حسني، اللذين أطلقا شرارة الحلم ووجها الجهود نحو وضع حجر الأساس لهذا المشروع العملاق، مؤمنين بأن مصر تستحق متحفاً يليق بتاريخها ومكانتها. إن الاعتراف بالفضل فضيلة وطنية، فالتاريخ لا يُكتب إلا بالإنصاف لمن ساهموا في صنعه.
إن المتحف المصري الكبير ليس مجرد مشروع ثقافي، بل هو بوابة اقتصادية كبرى ستجذب ملايين الزوار من مختلف أنحاء العالم، وتنعش قطاعات السياحة والطيران والفندقة، وتعيد لمصر بريقها كعاصمة للثقافة والحضارة الإنسانية.
ومع كل حجر وعمود في هذا الصرح، يزداد الإيمان بأن المصريين قادرون على الإنجاز حين تتوافر الإرادة والرؤية. فالعظمة ليست ماضياً نُفاخر به فقط، بل طاقة حاضرة تدفعنا نحو مستقبل أفضل. لقد أثبت هذا المشروع أن روح المصري الأصيل لا تزال تنبض بالعزيمة والابتكار والإيمان بالوطن.
وفي ختام هذه المسيرة المضيئة، ينبغي علينا – حكومة وشعباً – أن نغتنم هذه اللحظة التاريخية كدفعة قوية لاستكمال مسيرة البناء في كل المشروعات الوطنية العملاقة. فكما شيد المصريون المتحف الكبير ليكون منارة للحضارة، علينا أن نواصل العمل بنفس الإصرار والعزيمة لبناء مصر الحديثة، قوية، مزدهرة، ومليئة بالأمل في غدٍ أجمل.
🔹 تابعونا على قناة الفلاح اليوم لمزيد من الأخبار والتقارير الزراعية.
🔹 لمتابعة آخر المستجدات، زوروا صفحة الفلاح اليوم على فيسبوك.



