رئيس التحرير

اللسان الإعلامي المُرتعش لوزارة الزراعة!

بقلم: د.أسامة بدير

أصدر الدكتور عصام فايد، وزير الزراعة واستصلاح الأراضى الأسبق، فى سبتمبر 2016 القرار رقم 1559 بشأن تعيين الدكتور حامد عبدالدايم، متحدث إعلامي للوزارة.

عبدالدايم، أستاذ متفرغ بـمعهد بحوث وقاية النباتات في مجال المكافحة المتكاملة للآفات الحشرية على مختلف المحاصيل الزراعية، خاصة الآفات الثاقبة الماصة، وتخرج من قسم الحشرات بكلية الزراعة جامعة الأزهر.

كان عبدالدايم، قبل توليه مسئولية المتحدث الإعلامى للوزارة يقدم برنامج متواضع يحمل عنوان “هنا الحقيقة” فى قناة أكثر تواضعا اسمها قناة “مصر الزراعية”.

عزيزى القارىء، هذه بداية كان لابد منها لنتعرف على بطل مقالى الأسبوعى الذى يسعدنى أن أعود به مرة اخرى بعد غياب اسبوع كامل عن الكتابة بسبب وعكة صحية شديدة عصفت بجسدى، وانتهز هذه الفرصة شاكرا جميع القراء الأعزاء الذين سألوا عنى من خلال مئات المكامات الهاتفية والرسائل البربدية الإلكترونية عبر الياهو والواتس والماسنجر، لكل هولاء جميعا وغيرهم خالص شكرى وامتنانى.

قبل سرد ما أريد قوله وجب التنوية والتأكيد، أننى أُقدر بطل مقالنا قيمة وقامة علمية فى مجال عمله كعالم متميز له ثقله وأبحاثه العلمية، فضلا عن أنه زميل عزيز فى أحد معاهد مركز البحوث الزراعية الهامة التى تؤدى دورا مؤثرا فى الزراعة المصرية ونهضتها.

الشاهد أن الدكتور حامد عبدالدايم، بارع فى وظيفته ودوره كأستاذ فى مجاله البحثى وفقط، فيض علمه وخبراته فى المعامل وإنتاجه العلمى يمثلون جميعا رصيد هائل من الخبرة العلمية التى مكنته من تأدية الدور المتميز فى مجاله البحثى.

أما عن دوره الثانوى، أجد نفسى أقف كثيرا وأتأمل بكل تفحص هذا الدور الذى يحاول أن يؤديه من غير أن يتوفر له أدنى مقومات الإعلام، وغيابه عن المشهد الإعلامى المعاصر بكل تفاصيله وأبعاده التى ربما أوصلتنى لكتابة هذه السطور، انتقد فيها المتحدث الإعلامى لـوزارة الزراعة، رغم أننى لست من انصار الكمال، فالكمال لله وحده.

لكن، الصورة بالشكل الذى ينبغى أن يكون عليها المتحدث الإعلامى لـوزارة الزراعة تعد الأهم لعموم المصريين، كونها تأتى من مسئولية الوزارة فى توفير الأمن الغذائى كما وكيفا على مدار العام، بالإضافة إلى توفير المواد الخام الأولية اللازمة لعمليات التصنيع ما يساهم فى تنمية الاقتصاد الوطنى، وبالتالى ضخامة وعظم مسئولية وزارة الزراعة وقوة حضورها ومساهمتها فى عمليات التنمية الشاملة والمستدامة لابد أن تظهر فى شخص متحدثها الرسمى.

اتابع باستمرار لغة المتحدث الإعلامى لـوزارة الزراعة، أجدها متواضعة للغاية، لا تنم عن حضوره بشكل متميز يُبهر من يتابعه عبر الفضائيات، كما أن إلمامه بتفاصيل بعض الموضوعات المثارة تكون قاصرة، واستيعابه لما يدور حوله أثناء الفقرات الحوارية باهت ودون المستوى، ما يؤدى إلى وصول رسالة سلبية لملايين المشاهدين عن فشل وزارة الزراعة فى التصدى لمشاكل الفلاحين والزراعة.

يقينى، أن وزارة الزراعة تتحمل العبء الأكبر فى المسؤولية وتبعات أخطاء وزارات اخرى، لذلك لابد أن يتسم أداء المتحدث الإعلامى للوزارة برشاقة القول، وقوة الحجة والبرهان حتى لا يضيع مجهود ضخم يُبذل على مدار الساعة من أُناس مجهولين يبذلون تضحيات كبيرة فى سبيل توفير غذاء ملايين المصريين، ولا ذنب لهم فى تحمل أخطاء غيرهم.

أتمنى من الدكتور حامد عبدالدايم، أن يُعيد حساباته مرة اخرى، ويراجع تصريحاته الصحفية أو الإعلامية وحواراته بشكل مجرد يخلوا من شخصية الأنا، ويُقييم نفسه بمنتهى الشفافية المطلقة، أعتقد أنه قراره الفورى سيكون بانسحابه من المشهد الإعلامى تماما والعودة إلى عمله البحثى كعالم جليل.

ربما قد يظن البعض أننى قد تجاوزت بحق المتحدث الإعلامى لـوزارة الزراعة أو قسوت عليه بعض الشيىء لغرض فى نفسى، أؤكد أن هذا الظن خاطىء تماما، فـوزارة الزراعة من وجهة نظرى وزارة لابد أن تكون سيادية ولا تقل أهميتها عن وزارات الدفاع أو الشرطة أو الخارجية، وقلت هذا الكلام مرارا، وبالتالى لابد أن يكون متحدثها الإعلامى على أعلى مستوى فنى زراعى ويمتلك الحد المعقول من عناصر ومهارات الإعلامى الجيد.

كما أننى ليس لى غرض أو هوى شخصى من كتابة هذه السطور سوى أن يكون للوزارة سفير يدافع بموضوعية عن انجازات الوزارة التى تحدث على أرض الواقع ودورها فى مواجهة أمراض الزراعة المزمنة وبعض المشاكل الطارئة التى قد تحدث بين الحين والاخر.

أيضا، أننى لا أطمع فى منصب أو موقع قيادى، فأنا صحفى حر، لا أحب القيود أو الإملاءات، فقلمى لا يباع ولا يشترى، أكتب فقط ما يمليه عليا ضميرى، وحبى لوطنى وأملا فى أن يكونا الزراعة والفلاح فى أعلى مكانة وسط الأمم.

لو كان هذا الطن فى محله، لقبلت حين عرض عليا أحد وزراء الزراعة السابقين أن أشغل منصب المتحدث الإعلامى للوزارة، لكنى رفضت وشكرت سيادته جزيل الشكر وبررت رفضى بما قلته سلفا، واحترم معالى الوزير مبرراتى.

ياسادة، للمرة المليون نحن فقط نُسلط الضوء على قضايا هامة ومصيرية لـوزارة الزراعة أملا فى معالجة همومها التى أضحت ثقيلة ربما بسبب أخطاء مقصودة أو غير، على اعتبار أن الأمور ينبغى أن تسير وفق العقل الجمعى الذى دائما ما يتعامل مع الآخر فى ظل منظومة تتكامل مع بعضها من أجل مستقبل أفضل فى إطار سياسة زراعية رشيدة تأخذ فى حسبانها جميع الأطراف الفاعلة بما فيها الأراء الحرة التى تنتقد للصالح العام والمنفعة للجميع دون أى نظرة قاصرة للشخصنة أو الأنا.

وأخيرا، أدعو وزير الزراعة الدكتور عز الدين أبوستيت، فى إطار تجديد دماء الوزارة والدفع بقيادات شابة تملك مهارة التعامل والتعاطى مع كل مفرادات العصر الحديث، وأدواته الإعلامية المختلفة، بإعادة النظر فى شخص المتحدث الإعلامى الحالي للوزارة، لما لهذا المنصب من أهمية قصوى فى نقل مجهودات عمل الوزارة، وتوضيح رؤيتها فى القضايا المثارة على الساحة بكل حنكة واقتدار أمام الرأى العام، ومن أجل عدم تدنى سمعة الوزارة وظهورها بمظهر الفاشل دائما، اقترح أن يكون فى دائرة اهتمامكم لتجديد الخطاب الإعلامي للوزارة خلال الفترة المقبلة الاختيار من بين خبراء تخصص الإرشاد الزراعى فى معهد بحوث الإرشاد الزراعى والتنمية الريفية، الذى يملك باحثيه نخبة متميزة لها القدرة الاحترافية فى التعاطى بشكل جيد مع مفرادات الكلمات وانتقائها وحسن الأداء أثناء التحاور مع الغير أملا فى اللسان الإعلامى الموضوعى لا المرتعش.

للتواصل مع الكاتب

[email protected]

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى