«اللاكتوفرين».. بروتين الحليب السحري لتعزيز المناعة وصحة الأمعاء والبشرة

إعداد: د.علا فتحي السيد إبراهيم

باحث بقسم بحوث وتكنولوجيا تصنيع الألبان بمعهد بحوث تكنولوجيا الأغذية – مركز البحوث الزراعية

يُعد اللاكتوفرين بروتينًا طبيعيًا موجودًا في الحليب الحيواني، مثل حليب الأبقار، وكذلك في حليب الأمهات عند الإنسان، ويتوفر بكثرة في لبن الأيام الأولى والمعروف باسم “السرسوب”، حيث يوجد بنسبة تزيد سبع مرات عما هو عليه في الفترات اللاحقة. ويساعد اللاكتوفرين في حماية الأطفال الرضّع من العدوى ويدعم تطوير جهازهم المناعي. كما يوجد هذا البروتين في سوائل طبيعية أخرى، مثل سوائل العين والأنف والأمعاء، حيث يشارك في خط الدفاع الأول عن الجسم.

اللاكتوفرين هو بروتين سكري (Glycoprotein) ينتمي إلى عائلة البروتينات المعروفة باسم الترانسفيرين. وقد تم اكتشافه لأول مرة في اللبن، وأُطلق عليه اسم “لاكتوترانسفيرين” (Lactotransferrin)، ويتميّز بقدرته على الارتباط بالحديد ونقله. وتُعد هذه القدرة على ربط الحديد أمرًا حيويًا لدور اللاكتوفرين في جهاز المناعة.

كما أنه يُعد مكونًا واضحًا في خلايا الدم البيضاء المعروفة بـ Neutrophils (PMNs)، التي تنطلق في الدم والأنسجة عند الإصابة أو أثناء حدوث التهابات في الجسم.

فوائد اللاكتوفرين الصحية وآلية عمله

1- تعزيز جهاز المناعة من خلال:

ـ تحسين وظائف خلايا المناعة: حيث يتفاعل مع خلايا المناعة المختلفة، مثل العدلات والبلعميات والخلايا اللمفاوية، مما يعزز وظائفها ويقوي الاستجابة المناعية.

ـ مكافحة العدوى: تعمل قدرة اللاكتوفرين على ربط الحديد على حرمان البكتيريا من الحديد اللازم لنموها، مما يجعله سلاحًا فعالًا ضد العدوى. كما أن خصائصه المضادة للميكروبات تمكّنه من محاربة البكتيريا والفيروسات والفطريات بشكل مباشر.

2- دعم صحة الأمعاء من خلال:

ـ تعزيز ميكروبيوم الأمعاء الصحي: يمتلك اللاكتوفرين تأثيرات مشابهة للبريبايوتك، حيث يدعم نمو البكتيريا النافعة مثل Lactobacillus وBifidobacterium، مما يعزز صحة الأمعاء ويساهم في توازن الهضم والمناعة.
وتشير بعض الدراسات إلى أن اللاكتوفرين قد يساعد في تخفيف أعراض اضطرابات الجهاز الهضمي، مثل متلازمة القولون العصبي (IBS)، عن طريق تقليل الالتهاب وتعزيز بيئة أمعاء صحية.

3- الحفاظ على صحة الجلد:
الخصائص المضادة للالتهابات والمضادة للميكروبات للاكتوفرين تعزز دوره في الحفاظ على صحة الجلد، كما يمتلك خصائص مضادة للأكسدة تحمي البشرة من التلف الناتج عن الجذور الحرة. وتشير بعض الأبحاث إلى أن اللاكتوفرين قد يكون مفيدًا لحالات جلدية مثل الإكزيما والصدفية من خلال تقليل الالتهابات وتعزيز الشفاء.

4- تنظيم امتصاص الحديد:
يساعد اللاكتوفرين في تحسين امتصاص الحديد في الأمعاء، مما يضمن حصول الجسم على كميات كافية من هذا المعدن الأساسي. وتفيد مكملاته في علاج فقر الدم الناتج عن نقص الحديد بطريقة أكثر لطفًا من مكملات الحديد التقليدية التي قد تُسبب اضطرابات هضمية.

5- توفير دعم مضاد للأكسدة:
تساعد خصائص اللاكتوفرين المضادة للأكسدة على تحييد الجذور الحرة، مما يقلل من الإجهاد التأكسدي ويحمي الخلايا من التلف، ويساهم في تعزيز الصحة العامة وتقليل خطر الإصابة بالأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والسرطان.

فوائد صحية محتملة أخرى للاكتوفرين

ـ الوقاية من السرطان: تشير بعض الدراسات إلى أن اللاكتوفرين قد يمتلك خصائص مضادة للسرطان، وقد ثبت أنه يمنع نمو بعض الخلايا السرطانية ويحفز موت الخلايا المبرمج (Apoptosis).

ـ صحة العظام: قد يدعم اللاكتوفرين صحة العظام من خلال تعزيز نمو وتميّز الخلايا البانية للعظام.

ـ فوائد للقلب والأوعية الدموية: تشير الأبحاث الأولية إلى أن اللاكتوفرين قد يكون له تأثيرات إيجابية على صحة القلب، من خلال تقليل الالتهابات ودعم وظائف الأوعية الدموية.

تناول اللاكتوفرين كمكمل غذائي

رغم وجوده الطبيعي في الحليب وسوائل الجسم، فإن الحصول على كميات كافية من اللاكتوفرين عبر النظام الغذائي وحده قد يكون صعبًا، لذا يُمكن تناوله كمكمل غذائي تحت إشراف طبي لتحديد الجرعة المناسبة.
تتوفر مكملاته في صور متنوعة مثل الكبسولات أو المساحيق أو السوائل، وغالبًا ما تُصنّع من حليب الأبقار (وهو الشكل الأكثر شيوعًا)، أو من اللاكتوفرين البشري المُعاد تركيبه باستخدام التكنولوجيا الحيوية.

ختاماً

اللاكتوفرين بروتين مذهل يقدّم مجموعة واسعة من الفوائد الصحية، بدءًا من دعم جهاز المناعة، وتحسين صحة الأمعاء، وصولًا إلى تعزيز صحة الجلد، وتنظيم امتصاص الحديد، والحماية من الأكسدة. لذا، يمثل اللاكتوفرين نهجًا متعدد الأبعاد لتعزيز الصحة العامة والوقاية من العديد من الأمراض.

🔹 تابعونا على قناة الفلاح اليوم لمزيد من الأخبار والتقارير الزراعية.
🔹 لمتابعة آخر المستجدات، زوروا صفحة الفلاح اليوم على فيسبوك.