تكنولوجيا ريفية

«الكولاجين الطبيعي».. أكسير الشباب في غشاء قشرة بيض الدجاج

إعادة التدوير يمكن أن تحول قشر البيض إلى بروتين الكولاجين

إعداد: أ.د.خالد حسان الخولي 

أستاذ فسيولوجيا الدواجن بقسم الإنتاج الحيواني والداجني والسمكي – كلية الزراعة جامعة دمياط

في ظل تراكم نفايات قشر البيض كأحد مخلفات صناعات مختلفة ومتعددة منها صناعة الحلويات او صناعة إنتاج مساحيق صفار وبياض البيض أو حتى مخلفات الاستهلاك الآدمي للبيض بصفة عامة، والتي يتم إنتاجها سنوياً في العالم مشكلة، حيث يتم التخلص من هذه المواد بشكل عام فقط في مدافن النفايات مع إنتاج الرائحة ونمو الميكروبات.

تابعونا على قناة الفلاح اليوم

تابعونا على صفحة الفلاح اليوم على فيس بوك

على العكس من ذلك، فإن تعزيز الاقتصاد الدائري والحصول على مزايا بيئية واقتصادية كبيرة من خلال تحويل هذه النفايات الحيوية إلى منتجات جديدة ذات قيمة مضافة، مثل الحصول على غشاء قشر البيض وإعادة تدويره لمنتجات نافعة للغاية.

لقد تبنت بالفعل شركات عالمية الاستثمار في تلك النقطة فقامت بدراسة تقنيات مختلفة لمسحوق قشرة البيض وإذابته لإعادة استخدامه في العديد من المنتجات المختلفة، مما تسبب في زيادة شعبية غشاء قشرة البيض كمكونات مستدامة ومتجددة.

ما حجم الاستثمار العالمي في سوق غشاء قشرة البيض؟

قُدر حجم سوق غشاء قشرة البيض العالمي بـ 3,8 مليار دولار في عام 2022، ومن المتوقع أن يصل إلى 8,4 مليار دولار بحلول عام 2032، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 8,9٪ من عام 2023 إلى عام 2032. أي أنه يمكن القول أن هذا المجال واعد جداً لصناعة الشركات الناشئة ذات النمو الأسرع والأكبر.

هل هناك فرق بين قشرة البيضة وغشاء قشرة البيضة؟!

الإجابة: بالتأكيد نعم….

في البداية لابد أن نشير أن قشرة البيضة تختلف تماماً عن غشاء قشرة البيضة، فكما نعلم إن قشرة البيض هو الغطاء الخارجي الصلب للبيضة. ويتكون في الغالب من كربونات الكالسيوم، وهي مجموعة قياسية من الكالسيوم. ويتكون الباقي من البروتين والمعادن الأخرى.

الكالسيوم هو معدن مهم متوفر بكثرة في العديد من الأطعمة، بما في ذلك منتجات الألبان. كما توجد كميات أقل في العديد من الخضروات الورقية والجذرية. تم استخدام مسحوق قشرة البيض المستخرج من بيض الدجاج كمصدر طبيعي للكالسيوم الداعم للعديد من المكملات الغذائية للإنسان.

يعد قشر البيض أحد النفايات الصلبة في العالم ويعتبر خطيراً وفقاً للوائح المفوضية الأوروبية. وسيساعد استخدام وإعادة تدوير تلك النفايات الصلبة، مثل قشر البيض، على خلق بيئة مستدامة من خلال تقليل النفايات الصلبة التي يتم التخلص منها في البيئة.

أما غشاء قشر البيض فيشير إلى الطبقة الدفاعية الرقيقة التي تبطن الجزء الداخلي من قشر البيض. ويقع غشاء قشرة البيض بين القشرة وبياض البيض (الزلال). يتكون غشاء قشرة البيض من بروتينات ليفية تتكون من الكولاجين والإيلاستين والبروتينات السكرية المختلفة. وعلمياً، يؤدي غشاء قشرة البيض العديد من الوظائف الضرورية للجنين النامي داخل البيضة. إنه بمثابة حاجز، يدافع عن الجنين من التلوث الميكروبي المحتمل ويوفر الدعم الميكانيكي.

من الجدير بالذكر فإن غشاء قشرة البيض مليء بالعناصر الغذائية التي تعمل على تحسين مرونة وآلام المفاصل، وبنية العضلات، والقوة – وكذا تأثيره في الوقاية من حروق الشمس كتأثير تجميلي على الجلد. ولكن إطلاق هذه العناصر الغذائية يمكن أن يكون عملية مكلفة.

ما المكونات الرئيسية لغشاء قشر البيض؟! 

المكون الرئيسي لغشاء قشر البيض هو البروتين، بالإضافة إلى 18 نوعاً من الأحماض الأمينية والكولاجين وحمض الهيالورونيك والديزموسين، وهو حمض أميني خاص موجود فقط في الإيلاستين (بروتين يساهم في المحافظة على مرونة بعض تراكيب الجسم، مثل الجلد والأوعية الدموية والقلب والرئتين والمثانة والأمعاء والأوتار والأربطة) – كما وأنه يعتبر كنز دفين من مكونات التجميل مثل الأيزوديسموسين.

يعمل العلماء حالياً في بعض معامل الأبحاث العالمية على تطوير طرق لإعادة تدوير هذه المادة الحيوية “الواعدة جداً” والتي يمكن تركيبها بسهولة في المصنع. ولأنه في الاتحاد الأوروبي وحده يتم توليد حوالي 150 ألف طن من نفايات قشرة البيض كل عام، وهناك مصدر محتمل كبير وغير مستغل إلى حد كبير للإمدادات.

متى تم النظر بإيجابية على غشاء قشرة البيض؟

لقد بدأت الأبحاث وتعاملت مع غشاء قشرة البيض باعتباره مادة نشطة بيولوجياً منذ عام 2013، أولاً مع التركيز على إمكانية التئام الجروح، ثم تابعنا بحثاً يوضح أن هذا مادة حيوية ممتازة لهندسة الأنسجة. والآن ومع نتائج الأبحاث ذات التأثيرات الإيجابية على العضلات الهيكلية أصبح هناك إضافات غذائية على شكل أقراص تتناول عن طريق الفم كمواد مغذية للإنسان. وحالياً وفي اليابان، يتم علاج مصارعون رياضة السومو بأغشية قشر البيض بما يسمى “اللصقات الطبيعية” حيث أن تركيبة الأحماض الأمينية لغشاء قشر البيض قريبة من جلد الإنسان، كما وأنها تمتزج جيداً مع الجلد.

ونظراً لأن تقنية فصل غشاء قشر البيض تعتمد على تنفيذ خطوات قتل لعدد من مسببات الأمراض، بما في ذلك السالمونيلا. فإنه حالياً هناك بعض الشركات العالمية تعمل جاهدة لتطوير طرق فصل الغشاء عن القشرة بطرق فريدة ومبتكرة وأكثر فعالية وصحية وأرخص من الطرق الحالية.

بعد فصل الغشاء، يتم تجفيفه وطحنه إلى مسحوق. ونأمل في المستقبل أن تتمكن تلك التقنيات الحديثة من فصل الغشاء بشكل أكثر نقاءً لاستخداماته مستقبلياً في تطبيقات رفع الكفاءة الإنتاجية والتناسلية للدواجن خاصة داخل أحد معاقل العلم وهي جامعة دمياط. ويمكن استخدام المنتج الناتج في مجموعة متنوعة من التطبيقات الطبية الحيوية.

غشاء قشر البيض مصدر للكولاجين

الكولاجين هو بروتين من أصل حيواني وهو المكون الرئيسي للنسيج الضام والبروتين الهيكلي الأكثر وفرة في الثدييات. لا يمكن العثور على هذا البروتين إلا في الحيوانات، وهو غير موجود في النباتات، لذلك لا يوجد كولاجين نباتي الأصل. لا تنخدع!

هل تعلم أن الكولاجين يمثل أكثر من 25% من إجمالي البروتينات في جسم الإنسان؟ وهو عنصر أساسي في جسمنا يساعد الجسم على العمل بشكل صحيح. ومع تقدمنا في العمر، تبدأ مستويات الكولاجين في الانخفاض. هذا يؤدي إلى انخفاض مرونة الجلد، وكذلك تكوين التجاعيد والخطوط الدقيقة.

بالنسبة للنساء وبدءاً من منتصف العشرينات من العمر يمكن أن تفقد البشرة ما يصل إلى 30٪ من الانتاج الطبيعي للكولاجين ولأن البشرة تفقد الانتاج الطبيعي للكولاجين مع تقدمنا في العمر، ايضا هناك العوامل الخارجية، مثل التلوث أو التعرض لأشعة الشمس، هي السبب الرئيسي وراء التدهور المبكر للبشرة وانخفاض إنتاج الكولاجين. لذا كانت المكملات الغذائية بالكولاجين هي أحد السوائل لتعويض هذا النقص.

غشاء قشر البيض هو المصدر الوحيد للكولاجين الذي لا ينطوي على معاناة للحيوانات، والوحيد الذي لا يأتي من الحيوانات الميتة. ويمكن أيضاً اعتباره المصدر الطبيعي الوحيد للكولاجين المتعدد لأنه يمكن العثور على الكولاجين من النوع الأول والنوع الخامس والنوع العاشر بطريقة طبيعية.

يعتبر كولاجين غشاء قشر البيض منخفضاً جداً في تفاعلات المناعة الذاتية والحساسية، كما أنه مرتفع في السلامة البيولوجية وله خصائص مشابهة للكولاجين في الثدييات الأخرى، لذلك بعد تفشي مرض جنون البقر ومرض الحمى القلاعية ومشاكل الحساسية الأخرى ومع القيود المفروضة على استخدامات الكولاجين من هذه المصادر، تم تصنيف غشاء قشر البيض على أنه مصدر أكثر إثارة للاهتمام للكولاجين المليء بالإمكانيات.

ونظراً لأنه يأتي من مصدر حيواني، فلا يمكن اعتباره مناسباً للنباتيين، ولكن نظراً لمنشأه (البيض)، يمكن اعتبار مصدر الكولاجين هذا المصدر الوحيد للكولاجين المناسب للنباتيين.

تحسينات في بنية وقوة العضلات

في تجارب على تأثير مسحوق غشاء قشر البيض على بنية وقوة العضلات وتقليل الالتهابات، ومن خلال الدراسات التي أجريت في المختبر in vitro، وفي الجسم الحي in vivo، وعلى الفئران (غير الخاضعة لمراجعة النظراء)، وجدوا أن استهلاك المسحوق يمكن أن يقلل من فقدان العضلات الذي يحدث عالمياً بعد سن الأربعين. ففي إحدى الدراسات التي أجريت على الفئران، قام العلماء بتغذية الفئران في منتصف العمر بمسحوق غشاء قشرة البيض كجزء من نظامهم الغذائي حتى تصل الفئران إلى سن الشيخوخة.

عندما درس العلماء البنية العضلية لدى الفئران، وجدوا أنها تشبه تلك الموجودة لدى الفئران الأصغر سنا، وأن قوة القبضة قد تحسنت. ثم أجرى الباحثون تجربة بشرية صغيرة تناول فيها المشاركون الأصحاء وكبار السن مكملات غشاء قشرة البيض لفترة قصيرة من الزمن، لاحظوا تأثيراً مضاداً للالتهابات. وأشاروا إلى أن الالتهاب الخفيف هو أحد العوامل التي تساهم في الإصابة بضمور العضلات المرتبط بالعمر.

تقوم بعض من الشركات العالمية في تطوير استخدام مسحوق بروتين بغشاء قشر البيض والذي يمكن استخدامه آدمياً في الأغذية والمكملات الغذائية وأغذية الحيوانات الأليفة ومستحضرات التجميل والتطبيقات الصيدلانية. حيث يتم فصل الغشاء باستخدام طريقة ميكانيكية تعتمد على الماء والضغط مع عدم وجود مواد كيميائية أو حرارة لتحافظ على خصائص الغشاء. وأفادت تلك الشركات أن المنتج يحسن من مرونة المفاصل ويجدد الأنسجة مع تخفيف الألم وتقليل الالتهاب، مما يجعله مفيداً لحالات مثل هشاشة العظام.

في النهاية يمكن القول: “لقد أصبح منتج النفايات هذا الذي كان غير ذا قيمة سابقاً مصدراً قيماً لحل مشكال صحية خطيرة وكذا مصدراً لمنتجات تجميلية قيمة”.

ولأن العلم لا يتوقف عزيزي القارئ فإنه تُجرى حالياً دراسة تطبيقات أخرى في الطب والكيمياء والهندسة والزراعة وغيرها من المجالات في جميع أنحاء العالم على غشاء قشر البيض.

الرسالة: رسالتي إليك عزيزي القارئ وأبني الدارس وزميلي الباحث….لا تنظر إلى صناعة الدواجن من زاوية إنتاج اللحم والبيض وفقط ولكن تسلح بالعلم وفكر وابحث دوما عن تحقيق الاستدامة فلربما كان تحت قدميك كنز لا تعلم أهميته ولكن إذا فعلَّت اختيار التفكير خارج الصندوق واستغلال انصاف الفرص فحتماً سيكون النجاح حليفك.

يتبقى في النهاية الدور الأسمى لنا نحن كأساتذة جامعات أن نسمع للعديد من رواد الأعمال المبدعين الذين لديهم شغف بالابتكار والاستدامة. فلدينا دور حاسم نؤديه في إنتاج الغذاء كماً وكيفاً بشكل مسؤول لعالم متنامٍ.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى