رأى

«الفلاحون».. السلطة والتنمية

بقلم: أ.د.أشرف سليمان

أستاذ الاجتماع الريفي والتنمية الريفية بمركز البحوث الزراعية وأستاذ الأمن الغذائي والسياسات الزراعية بجامعة كيوتو باليابان سابقا

ثمة تساؤلات متزايدة في الوقت الراهن عما جرى في المجتمع المصري، والشارع المصري، والتدهور الذي أصاب العلاقات الاجتماعية، وانتشار المزيد من العنف والجرائم، وتفشى الفساد بأشكاله المختلفة في الشرائح الاجتماعية، وتبدل عديد من القيم الاجتماعية التي كانت سائدة قبل خمسين عاما مضت، التي كانت تحث على قيم العمل، والجدية وعدم الاستسهال، وغيرها من القيم الاجتماعية المنسية اليوم.

تابعونا على قناة الفلاح اليوم

تابعونا على صفحة الفلاح اليوم على فيس بوك

إذا كان المجتمع الريفي يمثل ثقلا سكانيا وجغرافيا، حيث يمثل سكانيا أكثر من نصف عدد السكان الإجمالي في مصر، وجغرافيا يفوق مساحة الحضر من إجمالي مصر على الرقعة المحدودة التي يعيش عليها السكان جميعهم التي لا تتخطى 8% فقط من مساحة مصر في أفضل التقديرات، ومن ثم ترجع أهمية دراسة المجتمع الريفي، علاوة على أن عدد لا بأس من السكان بالحضر من الأماكن الريفية أو من أصول ريفية، ترجع لموجات الهجرة من الريف للحضر بحثا عن العمل ومصدر للرزق.

لا شك إذا كان الريف يمثل هذا الثقل فجزء لا بأس به من المشكلات الاجتماعية الراهنة ترجع لتدنى وتدهور الظروف الاقتصادية بالدرجة الأولى والوقوع في براثن الفقر والتهميش في الريف، والذي ينعكس بالضرورة على قطاع الزراعة والإنتاج الزراعي؛ ومن ثم وجب دراسته دراسة متعمقة.

نود هنا أن نلفت الانتباه لدراسة الريف الغائب عن المسرح الاجتماعي في مصر، كما أنه ما زال مصدرا للموارد التي يمكن توظيفها بدلا من اعتبارهم طاقة سكانية معطلة ومجرد أفواه، بدلا من اعتبارهم سواعد منتجة.

إن غياب نمط القيم الدافع للارتقاء والتقدم ومقاومة الفساد وغيره من أشكال السلوك الاجتماعي – الذي يصل لحد الإضرار بالآخرين – يعد في ذاته نتيجة للإفقار والتهميش وسيطرة نمط من السلطة يتعمد دائما أن يُحكم السيطرة ويشيع الفوضى وتزيف الوعي والحقائق.

إرجاع المشكلات الاجتماعية لنمط السلوك الشائع هو من ناحية نوع من الاستسهال الذي يتجنب البحث عن الأسباب الجوهرية والمضطردة لهذه الأزمة، ومن ناحية أخرى نوع من تجنب المساءلة نحو غياب سلطة الدولة في دورها الانضباطي والتنموي المنوطة بها.

مواجهة تلك الأزمة لا شك أنها تتطلب تحديد الأسباب الجوهرية والأساسية الكامنة خلفها، والتي تقف خلفها طبيعة تطور النسق الرأسمالي في المجتمع ومدى ارتباطه بمنظومة العولمة، والذي لا مناص من الاندماج فيه، وما دام كذلك فلابد أن نكون فيه فاعلين، بدلا من أن نتخذ دوما موقع المفعول به.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى