تقارير

الفاو تدعو إلى إعطاء التين الشوكي مكانة هامة لمجابهة التغيرات المناخية

 

كتبت: د.شكرية المراكشي أصدرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) مؤخرًا بيانًا دعت فيه إلى إعطاء التين الشوكي (أو الصبار أو التين الهندي) مكانة هامة كسلاح لمجابهة التغيرات المناخية في المستقبل، بفضل ما يتميز به من قيمة غذائية للإنسان والحيوان، إضافة إلى كونه مصدرًا للماء.
ويمثل التين الشوكي ثروة طبيعية هامة يمكن اللجوء إليها في فترات الجفاف. فما هي فوائد هذه النبتة؟ وما هو واقعها في الوطن العربي؟

خصائص نبات التين الشوكي

الصبار أو التين الشوكي هو شجيرة يتراوح طولها في المتوسط بين 1.5 و3 أمتار، وتكون فروعه (الألواح أو “المجاذيف”) مسطحة وذات لون أخضر.
يتراوح لون ثماره بين الأصفر والأحمر والأرجواني، وتحتوي على بذور صغيرة.
يتكاثر الصبار بواسطة البذور، كما يمكن أن يتكاثر بسهولة نسبيًا بغرس فروع منفصلة منه.

يعود الموطن الأصلي لهذه النبتة إلى المكسيك، وتنتشر اليوم في العديد من البلدان مثل دول أمريكا الجنوبية ودول حوض البحر الأبيض المتوسط.
ويحصي العلماء أكثر من 1600 صنفًا من الصبار، ويُعد صنف Opuntia ficus-indica المتواجد في أكثر من 20 بلدًا – من بينها البلدان العربية – أحد أكثر الأصناف انتشارًا.

بيان الفاو وأبحاث المؤتمر العلمي في تشيلي

جاء بيان الفاو الأخير ليسلط الضوء على أهمية هذه النبتة في المستقبل، اعتمادًا على نتائج بحوث علمية قُدمت في مؤتمر علمي حول الصبار، نُظم في تشيلي في أواخر شهر آذار/مارس الماضي، بالتعاون مع المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (إيكاردا – ICARDA).
وقد جُمعت هذه الأوراق البحثية في كتاب بعنوان “إيكولوجيا المحاصيل، زراعة الصبار واستخداماته”.

فوائد التين الشوكي الغذائية والبيئية

بحسب خبراء الفاو، فإن التين الشوكي يتميز بقدرته على توفير الغذاء للإنسان والحيوان، إضافة إلى كونه مصدرًا طبيعيًا للماء.
فثماره معروفة بطعمها اللذيذ وفوائدها الغذائية، كما أن أوراقه تصلح كعلف عالي القيمة للحيوانات.

وأظهرت دراسات علمية أولية أن استخدام التين الشوكي كعلف يسهم في خفض كميات الميثان المنبعثة من فضلات الحيوانات، وهو ما يساعد في الحد من انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري.

وإضافة إلى دوره الغذائي، يخزن التين الشوكي كمية كبيرة من الماء في فروعه (الألواح)، إذ تؤكد الدراسات أن الهكتار الواحد من هذه النبتة يمكنه احتواء نحو 180 طنًا من الماء.

كما أن زراعة التين الشوكي تؤثر إيجابيًا على المحاصيل المجاورة، إذ يُستخدم كأسيجة لحماية البساتين وحقول الأشجار من التقلبات الحادة في الطقس ومن زحف الرمال في المناطق الصحراوية.

ويقول الباحث التونسي علي النفزاوي من معهد “إيكاردا” إن المخاطر التي تهدد مصادر المياه في المستقبل بسبب التغيرات المناخية تجعل من التين الشوكي أحد أهم الزراعات في القرن الحادي والعشرين، وهي بالتالي نبتة ذات أهمية استراتيجية للمناطق المهددة بندرة المياه.

متطلبات النمو والمناخ الملائم

رغم أن نبتة الصبار تتحمل الجفاف ودرجات الحرارة المرتفعة، إلا أنها لا تحتمل البرودة الشديدة.
وتعتبر درجات الحرارة المنخفضة في فصل الشتاء العائق الرئيسي لزراعة الصبار في المناطق الباردة.
ويبلغ الحد الحراري الأدنى للأنواع الحساسة من الصقيع – مثل Opuntia ficus-indica – حوالي 1.5 إلى 2.0 درجة مئوية كمتوسط لدرجات الحرارة الدنيا اليومية في أبرد شهر.

يمكن للصبار تحمل الجفاف والبقاء على قيد الحياة عند هطول أقل من 50 مم من الأمطار سنويًا، لكنه في هذه الحالة لا ينمو ولا ينتج.
أما الحد الأدنى المطلوب لإنشاء مزارع ناجحة من الصبار بعليًا، فهو متوسط أمطار سنوي بين 100 و150 ملم مع تربة رملية وعميقة.

هذه الظروف المناخية تتوافر في معظم الدول العربية، لذا ينتشر الصبار في العديد منها مثل دول المغرب العربي، وسوريا، والأردن، ولبنان، وفلسطين، ومصر، بينما تسعى دول الخليج واليمن إلى توطين هذه النبتة.

زراعة الصبار في المغرب العربي

إدخال الصبار إلى شمال إفريقيا

تذكر بعض المصادر أن إدخال الصبار إلى منطقة شمال إفريقيا تم في القرن السادس عشر، وهي الفترة التي شهدت الاحتلال الإسباني لبعض المناطق وهجرة الموريسكيين إلى المغرب العربي بسبب الاضطهاد الديني.
وتشير مصادر أخرى إلى أن هذه النبتة أُدخلت إلى المنطقة في القرن الثامن عشر.

تونس

تم إدخال زراعة الصبار تدريجيًا ابتداءً من عشرينيات القرن الماضي، بالاعتماد على صنف Opuntia ficus-indica.
وفي أوائل الثلاثينيات، وخلال فترة تخصيص الأراضي الاستعمارية في سيدي بوزيد (وسط تونس) حيث يبلغ معدل الأمطار نحو 250 مم، اشترطت الحكومة على المستفيدين من الأراضي زراعة 10% منها بالصبار كاحتياطي لمحاصيل العلف في حالات الطوارئ.

توسعت الزراعة في الخمسينيات والستينيات، وتبلغ المساحة الحالية المزروعة نحو 600 ألف هكتار، تُستخدم للتحوط الدفاعي، والبساتين المحيطة بالمنازل، ومكافحة التعرية، وإنتاج الفاكهة.
وتقع معظم المزارع في المناطق القاحلة التي يقل فيها المطر عن 300 مم.
وفي العقد الماضي تمت زراعة أصناف جديدة مثل Scozzolatura وRossa وGialla وBianca بهدف إنتاج الفاكهة للتصدير.

المغرب

تطورت زراعة الصبار بشكل كبير خلال العقدين الماضيين نتيجة الجفاف، لتصل المساحة المزروعة إلى 120 ألف هكتار.
ويُزرع سنويًا أكثر من 4 آلاف هكتار في وسط وجنوب البلاد بدعم من الحكومة ضمن البرامج الوطنية لمكافحة الجفاف.

الجزائر

أُدخل الصبار في الجزائر بأسلوب مشابه للمغرب وتونس.
وتبلغ المساحة المزروعة من صنف Opuntia ficus-indica أكثر من 30 ألف هكتار، 60% منها في منطقة سيدي فريدي (شرق الجزائر) ضمن خطة لوقف زحف الرمال.
في الشمال يُستخدم الصبار كسياج حول المنازل والبلدات الصغيرة، أما في الجنوب فيُستخدم كعلف للحيوانات المجترة والجمال.

الصناعات التحويلية

نشأت في العقدين الماضيين صناعات تحويلية في تونس والجزائر والمغرب لتصنيع منتجات الصبار مثل فواكه الصبار ومستحضرات التجميل (زيت البذور، الصابون، الشامبو) والأطعمة (المربى، العجينة المجمدة، العصير، الدقيق المجفف).

زراعة الصبار في بلاد الشام

الأردن

بدأت مزارع الصبار قبل نحو 60 عامًا كسياجات حول المنازل والبساتين، ثم توسعت إلى مناطق شبه قاحلة في وسط الأردن.
تبلغ المساحة المزروعة حاليًا نحو 300 هكتار، وتتركز في مادبا حيث يزرع المزارعون الصبار لإنتاج الفاكهة باستخدام الري التكميلي.

لبنان

أُدخل الصبار منذ فترة طويلة إلى المناطق الساحلية والداخلية على ارتفاعات دون 900 متر، وتُزرع الأصناف المحلية والمستوردة من أوروبا والبرازيل.
وينتشر الصنف البلدي المعروف بـ”الصبار الشوكي”، إضافة إلى الأنواع غير الشوكية.

سوريا

كما في الأردن ولبنان، يزرع الصبار منذ زمن بعيد، خاصة في ريف دمشق، ثم انتشر في مناطق أخرى مثل السويداء، حمص، والمناطق الساحلية.
ومع تفاقم الأزمة السورية ونقص الأعلاف، ازدادت أهميته كمصدر علفي بديل.

الصبار في الخليج واليمن

في إطار البرنامج الإقليمي لإيكاردا في شبه الجزيرة العربية، أُدخلت عام 2005 38 حمولة من الصبار التونسي إلى عُمان، حيث أُنشئت محضنة أم لتجارب التكيف والإنتاج.
أُجريت دراسات لتقييم الأداء في عُمان، قطر، السعودية، الإمارات، واليمن.

وبحلول عام 2016، اعتمد 47 مزارعًا الصبار كمحصول أساسي: 15 في قطر، 10 في عمان، 9 في اليمن، 7 في السعودية، و6 في الإمارات.

واليوم توجد في مصر عدة مزارع لهذا المحصول الغذائي الواعد، الذي يجمع بين القيمة الغذائية العالية، والجدوى الاقتصادية، والاستدامة البيئية.

🔹 تابعونا على قناة الفلاح اليوم لمزيد من الأخبار والتقارير الزراعية.
🔹 لمتابعة آخر المستجدات، زوروا صفحة الفلاح اليوم على فيسبوك.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. سبق وان جيزت جائزة الابتكار عن استخدام نبات التين الشوكي كأحد افضل الممارسات لإدارة المياه بالمناطق الجافة فى ظل التغيرات المناخية ٢٠٢٥م وبالاضافة الى جائزة التميز الذهبى ٢٠٢٤م وجائزة افضل بحث لافضل باحثة ٢٠٢٠م.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى