تقارير

الفاقد والمُهدر من الغذاء.. وكيفية الحد من الفاقد  

إعداد: د.نصرة أحمد محمد عبدالحق

باحث أول بمعهد بحوث تكنولوجيا الأغذية – مركز البحوث الزراعية

يعتبر موضوع الهدر فى الغذاء من الموضوعات الهامة والمعقدة فى المجتمع لما لها من آثار سلبية صحية واجتماعية واقتصادية وبيئية على المجتمع سواء فى الحضر أو الريف. لقد أشارت منظمة الأغذية والزراعة أن حوالى 400 مليار دولار خسائر العالم من هدر الطعام وأن  العالم يفقد حوالى 14% من كميات الطعام المنتجة سنويا.

تابعونا على قناة الفلاح اليوم

تابعونا على صفحة الفلاح اليوم على فيس بوك

لقد اختارت منظمة الاغذية والزراعة يوم 16 اكتوبر من كل عام للاحتفال باليوم العالمى للغذاء. (المصدر Food and Agriculture Organization of the United Nations,2011).

مشكلة هدر الغذاء في مصر

نجد أن مصر من أكثر دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كثافة سكانية وفقاً لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2024 (بالزيادة الطبيعية) ارتفع عدد سكان مصر من 72,8 مليون نسمة وفقا لتعداد عام 2006 إلى 94,8 مليون نسمة في تعداد عام 2017، ثم إلى 105,9 مليون نسمة في بداية عام 2024 بزيادة قدرها 11,1 مليون نسمة عن بيانات آخر تعداد.

يشكل النمو السريع في أعداد السكان بالإضافة إلى محدودية الموارد المائية والأراضي الصالحة للزراعة ضغطا كبيرا على أنظمة الغذاء في الريف والمدن المصرية من حيث الكمية أو حتى فيما يتعلق بتطور الأذواق الغذائية للمواطن المصري نحو الخضراوات والفاكهة الأكثر قيمة غذائية والأكثر عرضة للتلف في الوقت ذاته.

في الوقت الذي يزداد فيه الطلب على المواد الغذائية في مصر وايضا نتيجة لارتفاع الاسعار يقل الإقبال على الشراء، وبالتالى تزداد معدلات الفاقد والهدر خاصة فيما يتعلق بالمنتجات الأكثر عرضة للتلف. ولقد حذرت منظمة الاغذية والزراعة (منظمة الأغذية والزراعة) من وصول الفاقد والهدر من الخضروات والفاكهة في مصر إلى 45-55% من الإنتاج السنوي في حين يبلغ الفاقد والهدر من الأسماك 40% ومن الألبان 30% وكانت تصل كمية الخسائر للأسباب ذاتها في القمح إلى 1,5 مليون طن سنويا و650 ألف طن من الذرة قبل اقامة الصوامع الحديثة و350 ألف طن من البنجر لتبلغ خسائر الأغذية 11 مليون جنيه سنويا.

في هذا الإطار أشارت “منظمة الأغذية والزراعة” إلى 6 مراحل للفقد والهدر على امتداد السلسلة الغذائية بداية من الإنتاج والحصاد مرورا بالتخزين ومن ثم التجهيز والتعبئة ثم النقل والتوزيع وأسواق الجملة والتجزئة وصولا إلى المستهلك في المنازل والفنادق والمطاعم إذ أرجعت الإهدار في المرحلة الأخيرة إلى أسباب مختلفة منها نقص الوعي وسوء التخزين وسلوك المستهلك.

يعرف هدر الغذاء بأنه كل غذاء صالح للاستهلاك لكنه لم يستهلك بسبب سوء تخزينه وسوء النقل والتوزيع بعد  الحصاد حتى فساده أو بسبب تخزينه بمعرفة تجارالجملة والتجزئة بغرض احتكاره أو تخزينه بكميات كبيرة من قبل المستهلك.

أما الهدر الغذائي المنزلي   

يقصد به أى مادة غذائية خام أو مطبوخة أو مصنعة يتم التخلص منها بانتهاء صلاحيتها أو فسادها نتيجة سوء تخزينها وحفظها أو الإفراط فى الکميات المستخدمة منها أکثر من الاحتياج الفعلى على الرغم من أنه کان يمکن الاستفادة منها مرات عدة.

أسباب هدر الغذاء

ذكرت الأبحاث أن الأسباب الرئيسة لفقد الغذاء هي ضعف البنية التحتية والسياسات التنظيمية والممارسات السيئة في الزراعة وما بعد الحصاد والمشاكل المترتبة خلال نقل الغذاء وتوزيعه.

أما على مستوى المستهلك فيعتبر هدر الغذاء مشكلة سلوكية مستمدة من عاداتنا وأعرافنا وتقاليدنا وسلوكياتنا إذ تهدر كميات ضخمة أثناء الاحتفالات والمناسبات الاجتماعية واللقاءات الأسرية وفي المطاعم والفنادق. ويسهم الافتقار إلى الوعي واعتماد أساليب تسوق سيئة ومفرطة وعدم التخطيط للوجبات إلى زيادة الهدر. وايضا ويشارك المستوى الاجتماعي بدوره في عمليات الهدر، حيث كلما زاد دخل الفرد زاد احتياجه من الغذاء والوجبات السريعة الجاهزة وهذا يسبب هدر فى الطعام المطبوخ فى المنزل ويترك إلى أن يفسد أو يرمى فى سلة القمامة.

أيضا الخوف من غلاء الاسعار نجد ربة المنزل تتجه لشراء كميات كبيرة من بعض الأغذية مثل البطاطس والبصل والطماطم ونتيجة لسوء التخزين تفسد هذه الأغذية قبل الاستفادة منها وهذا يعتبر هدر غذائى منزلى بنسبة كبيرة. أيضا انتشار ثقافة العروض فى السوبر ماركت المشهورة حيث تجد الأسرة عروضا على بعض السلع فتقوم بشراء كميات كبيرة عن احتياجتها مثل شراء لحوم أو البان وجبن أو أرز وأنهم لا يلتفتون إلى تاريخ الصلاحية الذى أوشك على الانتهاء.

أضرار هدر الغذاء

من أهم أضرار الهدر الغذائى هدر المال العام للدولة والخاص للاسرة أيضا يؤدى إلى زيادة التلوث البيئى من خلال نمو بعض الميكروبات المحللة للطعام بعد فساده وانتشار عفن الخبز وإنتشار الروائح الكريهة فى الهواء وإنتشار الذباب والحشرات، وبالتالى كل هذا يؤثر على البيئة.

أيضا بعض ربات البيوت يلقون المتبقى من زيوت التحمير فى المجارى وهذا بسبب عبء على شبكة المجارى، حيث تتراكم الدهون فى المواسير وقد تحدث انسداد لها وهذا يشكل عبء على الدولة. ولقد اطلق برنامج الامم المتحدة للبيئة تحذير هام وخطير من هدر الطعام لما له من تاثير ملوث للبيئة ويسبب ازمات اقتصادية واجتماعية.

للحد من مشكلة هدر الغذاء

تتعدد الوسائل المساعدة للتخفيف من مشكلة هدر الغذاء وتنقسم إلى مشاركة حكومية وجمعيات أهلية ومشاركة فردية:ـ

أولاً: وضع سياسات دولية لتفادي مشاكل الزراعة والحصاد.

ثانياً: اعتماد أساليب متطورة لنقل الغذاء وتوزيعه.

ثالثاً: تفعيل دور الجمعيات الأهلية فى القرى والنجوع من خلال نشر الوعى بالثقافة الغذائية من خلال معرفة ربيوت بالبيوت بالتالى:ـ

التسوق بذكاء وحكمة من خلال وضع قائمة تسوق مفصلة بالمكونات المطلوبة وتجنب الإفراط في الشراء.

2ـ مراقبة تاريخ إنتهاء صلاحية الغذاء ووضع الأطعمة الجديدة في الخلف والقديمة في الأمام ويمكن وضع ورقة بتاريخ التخزين.

3ـ تخزين الغذاء بطريقة آمنة وفي الأماكن الصحيحة فالأكياس أو العلب التي تحتوي على الغذاء المخزن، يجب أن تكون محكمة الغلق. وكذلك، للغذاء المبرد والمثلج يجب التأكد من برودة الثلاجة باستمرار.

4ـ عدم التخلص من بقايا الأطعمة الصالحة للاستخدام فيمكن استخدامها في عمل وجبات جديدة أو الألتزام بتخزينها بطريقة ملائمة من أجل إعادة استعمالها في وقت لاحق.

5ـ عدم الإكثار من كمية الغذاء  المقدم في الطبق فعلى الشخص وضع الكمية التي يحتاجها دون زيادة فهذا يساهم بضبط السعرات الحرارية المستهلكة ويحد من كمية الأطعمة التي يتم هدرها.

6ـ تجنب طهي أكثر من وجبة في الوقت نفسه والتركيز على خيار واحد لعدم التخلص من فائض الغذاء.

7ـ التبرع بالغذاء لبنوك الأطعمة لمساعدة الأشخاص الأكثر حاجة وبالتالي تفادي الهدر.

ويقدم البحث العلمي حلولا للتعامل مع مشكلة هدر الطعام في مراحلها المختلفة.

ـ من خلال وضع إستراتيجية لتقليل هدر الطعام تشمل كل مستويات السلسلة الغذائية ورفع مستوى وعي الأشخاص والمؤسسات بهذه المشكلة.

ـ إجراء مزيد من الإستكشاف على هدر الطعام عند المستويات التعليمية الأقل والأشخاص الفقراء والذي ربما يكون مختلفا تماما.

ـ ضرورة دراسة سلوك ربات البيوت فيما يخص عمليات الشراء والاعداد والطهى المتعلقة بهدر الغذاء للاستعانة بها کمؤشرات فى تخطيط البرامج الإرشادية الموجهة لرفع مستوى وعيهن وتحسين مهاراتهن وتعديل اتجاهاتهن المتعلقة بعمليات تعاملهن مع الغذاء خلال مراحله المختلفة بداية من الشراء وحتى الاستهلاك، بالإضافة إلى ضرورة التعاون بين معاهد الإرشادى الزراعى والمؤسسات الحکومية والأهلية ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية المنتشرة فى الجمهورية بهدف تقليل الفاقد والمهدر من الغذاء إلى أدنى حد ممکن مما يسهم فى حل قضايا الجوع والفقر وتحقيق التنمية الغذائية المستدامة فى ضوء أهداف استرتيجية التنمبة الزراعية 2030.

الاستفادة من قشور الخضروات والفواكه (الناتجة اثناء تجهيز الخضروات المجمدة والمربات والفواكه المجففة) المهدرة خلال عمليات التجهيز والتعبئة في صناعة مواد مضادة للأكسدة التى تطيل العمر الافتراضي للأغذية عوضا عن استخدام مواد كيميائية للغرض نفسه.

وهناك أبحاث تناولت دراسة على تقليل هدر الأغذية الذى يحدث خلال عملية التصنيع من خلال إعادة استخدام المخلفات الناتجة، وعلى سبيل المثال ينتج عن تصنيع الألبان كميات كبيرة من الشرش الذي يتم التعامل معه كمخلفات للصناعة في حين أنه إذا جرى تكثيفه وتحليله بواسطة إنزيمات معينة يمكن استخراج البروتينات منه التي تستخدم كمكملات غذائية يتناولها الرياضيون.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى