رأى

الغربة بين معاناه وإنجاز (2)

د.وحيد محمد عبدالصادق

بقلم: د.وحيد محمد عبدالصادق

باحث بمعهد الإرشاد الزراعي والتنمية الريفية – مركز البحوث الزراعية

نستكمل ما سبق فى الجزء الأول، عند عودتي مجدداً إلى السلطنة بعد انتهاء الأجازة كانت الأمور مختلفة كليا وجدت مديراً عاماً يحب العمل الميداني ويحب التطوير وكل ما هو جديد فأى مقترح اقدمه يتم الموافقة عليه بعد مناقشته، حقا كان يبذل قصاري جهده فى جميع الاتجاهات من أجل توفير الامكانيات المالية والمادية لتنفيذ هذا المقترح.

ومع بداية عام 2017 صدر مرسوم سلطاني بالتخلص ومقاومة شجرة المسكيت بل ومقاومة نموها، تلك الشجرة القادمة من افريقيا بغرض الزينة ذات الجذور التى تمتد إلى 70 مترا فى أعماق كل ذلك بدون مخصصات مالية أو مادية أو بشرية، وهنا السؤال الحتمي كيف يكون التعامل مع هذه الشجرة المنتشرة بشكل كبير جدا ولا يوجد معنا تلك المخصصات؟

وكان حتما أن نتخذ إجراء من أجل الحد من الانتشار المرعب لهذا الكائن الذى لا يستطيع إيقاف خطره أحد، خاصة لما يسببه من مشاكل كثيرة للإنسان ومنها:

استهلاك كميات كبيرة جدا من المياه رغم ندرة المياه، وايضا أضرارها للحيوانات المزرعية وخاصة الأبل. ومع الانتشار المرعب والسرعة الكبيرة جدا فى جميع الأماكن حتى المنازل مما تسببت فى تكسير مواسير المياه والصرف الصحي وأثرت على أساس المنازل.

تم ضمي للجنة مقاومة وقلع هذه الشجرة مع أعضاء من جميع الوزارات وبدأت عملي بعمل وتصميم نشرات وبوسترات وكتيبات تبين أضرار هذه الشجرة يستطيع المواطن البسيط استيعابها، وأيضا عمل ندوات إرشادية وتوعوية مكثفة بجميع الولايات لتعريف المواطنين بأضرار هذه الشجرة وكيفية مقاومتها وكانت تقام هذه الندوات بقاعات المؤتمرات بمكاتب الولاه وأيضا بالمدارس وجمعيات المرأة العمانية.

ولا أخفى أمرا تعاون المدير العام معى يدا بيد وقيامه بمجهود كبير جداً بالمرور على الشركات والمؤسسات للمساعدة المالية والمادية من أجل تأجير المعدات والعمال لمقاومة هذه الشجرة اللعينة مع العلم أن مسؤوليتنا بخصوص المساعدات المالية هى حلقة وصل بين الشركات الممولة والشركات العاملة ولا نستلم أى أموال فمهمتنا هى الإشراف والمتابعة للعمل.

كلمة حق تقال وهى أنني لم أجد مديراً يحب عمله ووطنه مثل هذا المدير العام فهو لا يدخر جهدا ولا يجد راحته حتى ينجز عمله فأتذكر حينما كنا نسافر مسافات قد تصل إلى أكثر من 800 كيلو متر نخرج من الصباح الباكر ولا نرجع إلا فى المساء.

وأخيرا، تم القضاء على أكثر من 60% من هذه الشجرة خلال العام الأول (2017) ووصلنا إلى أكثر من 95% فى العام الثاني وفى نفس الوقت كنا نقوم بحمله موازية للقضاء على النموات الجديدة التى تظهر مع العلم أن جميع أعضاء اللجنة من الوزارات الأخرى لم تحاول المشاركة معنا ولو بمجهود صغير وتحملنا نحن العمل كله.

مع الجهد الدؤوب والعمل الشاق لمقاومة هذه الشجرة لم أترك باقي مهامي فى مجال الزراعة والثروة الحيوانية بل الندوات كانت فى جميع المحاور سواء الزراعية أو الحيوانية، فقد تم انجاز ندوات ودورات تدريبية ونشرات إرشادية وأيضا ندوات لتعريفهم بمخاطر المبيدات وأيضا الزراعة المنزلية وتمكين المرأة والأمراض والآفات التى تصيب المحاصيل الزراعية والخضروات والفواكة.

أيضا عمل ندوات ونشرات إرشادية عن جميع الأمراض التى تصيب الحيوانات مثل الحمي القلاعية والبروسيلا وغير من الأمراض وخاصة الشائعة فى المنطقة وندوات عن التحصين وفائدته مع العلم أن التحصين مجاني ولكن كان يوجد عزوف كبير عنه، وندوات عن أضرار الأدوية التى تؤخذ دون استشارة الطبيب البيطري وندوات عن كيفية استخدام الأدوية مما أدي إلى خفض استهلاك الأدوية التى كانت تصرف من العيادات البيطرية إلى أكثر من النصف لأنه كان المتبع سابقاً أن مربي الحيوانات المزرعية كان يذهب أول كل شهر ليحصل على حصته من الأدوية دون الحاجة إليها لأن الفكر السائد لدى المربين هو أن وجود الأدوية عندى أفضل من أن أذهب العيادة البيطرية ولا أجد العلاج وهذا العمل كان يتسبب فى صرف جميع المخزون الشهري بكل عيادة قبل اليوم العاشر من كل شهر بسبب هذه العادة السيئة وأيضا فرق سعر العلاج بين العيادة الحكومية والخاصة يصل إلى حوالى ألف فى المائة ولكن تغير الحال كثيرا بعد الندوات والإرشادات والمتابعة المتواصله أصبح العلاج متوفر طوال الشهر ويتبقي منه للشهر التالي وأصبحنا نمد المحافظات الأخري من حصتنا بفائض هذه الأدوية وللحديث بقية فى المقال القادم.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى