رأى

العلاقة بين المياه والأمن الغذائي والطاقة

أ.د/علاء البابلي

بقلم: أ.د/علاء البابلي

مدير معهد بحوث الأراضي والمياه والبيئة بمركز البحوث الزراعية وخبير المياه الدولي

لا تنفصل قضية الأمن المائي عن بقية القضايا الحرجة الأخرى كـالأمن الغذائي والطاقة؛ فالتنافس على الموارد المائية المتصاعدة ومحدوديتها وضع قدرات البلدان العربية على توفير الغذاء لسكانها المتزايدين أمام تحديات قاسية، وتعد المحاولات البائسة لتحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي وراء الإفراط في استخدام المياه في النشاط الزراعي.

وقد أدى فشل هذه السياسات إلى استيراد الحكومات العربية المزيد من الغذاء؛ فتضاعفت واردات الحبوب منذ عام 1990، وغدت تمثل الآن 60% تقريبا من معدل استهلاك القمح ولتحقيق الأمن الغذائي، تستطيع الحكومات أن تحسن الإنتاجية الزراعية، وأن تصل إلى الحد الأقصى للإنتاجية المائية، وأن تزيد تجارة المياه الافتراضية من خلال زيادة الواردات الغذائية، وتعظيم العمل الذي يحقق التكامل الزراعي الإقليمي، بما في ذلك تكامل الموارد البشرية، والمالية، والأرضية، والمائية.

وتبرهن مجالات كتحلية المياه، وتوليد الطاقة، والتنقيب عن النفط وإنتاجه، على الترابط بين قطاعي المياه والطاقة، بل إن نجاح حوكمة المياه يستلزم فهم طبيعة هذا الترابط. فإن على الحكومات العربية – على سبيل المثال  أن تربط أي تطوير مستقبلي في قدرات تحلية المياه بـالاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة المتوفرة بغزارة، كطاقة الرياح والشمس. كما يجب أن تعزز قنوات التنسيق والاستثمار في مجال البحث والتطوير المتعلق بتكنولوجيا المياه، التي تستورد معظمها حاليا. وبناء على ذلك، فإن اكتساب هذه الأنماط التكنولوجية وتوطينها سيعزز كثيرا من مصداقيتها، وسيزيد من قيمتها المضافة إلى الاقتصادات العربية، ويقلل من كلفتها وآثارها البيئية.

التدهور البيئي

وعلاوة على ذلك، فإن على حوكمة المياه أن توازن بين الاحتياجات الاجتماعية الاقتصادية وحماية البيئة؛ إذ أن الاستغلال المفرط والتلوث لا يتسببان في انخفاض جودة المياه وكميتها فحسب، بل يؤديان كذلك إلى تدهور النظام البيئي. وتضاف هذه الخسائر البيئية إلى التكلفة الاقتصادية والاجتماعية.

عوائق الارتقاء بإدارة الموارد المائية

يعاني القطاع المائى من فجوة تمويلية كبيرة؛ ففي الوقت الذي تستطيع أغلب بلدان الخليج المنتجة للبترول أن تجلب الاستثمارات اللازمة لمعالجة المياه السطحية كالتحلية، تفشل العديد من البلدان العربية الأخرى في تنفيذ ذلك. ويقدر بنك التنمية الإسلامي حجم الاستثمار في البنية التحتية للموارد المائية الذي تحتاجه البلدان العربية خلال السنوات العشر القادمة بحوالي 200 مليار دولار لإشباع الطلب المتزايد. وتشجع الجهات الدولية المانحة والمقرضة على خصخصة إدارة وتوزيع المياه من أجل استرداد التكلفة الكاملة وتحسين كفاءة التوزيع.

وقد خطت بلدان عربية بعض الخطوات لإصلاح حوكمة المياه، لكن العوائق لا تزال ماثلة للعيان؛ كتداخل المسؤوليات، وغياب التنسيق، وافتقار المؤسسات للكفاءة، ومحدودية الوعي العام، والمركزية الشديدة لصنع القرار، وعدم فعالية اللوائح التنظيمية وإنفاذها. فلا يمكن تحقيق التنمية إلا عن طريق الحوكمة الفعالة للمياه وبعد فشل النموذج التنازلي في حوكمة المياه، أصبح النموذج التصاعدي  الذي يضمن مشاركة أصحاب المصلحة هو النموذج الصحيح.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى