رأى

العرض الأمين والنصيحة المخلصة

أحمد إبراهيم

بقلم: أحمد إبراهيم

إذاعي وكاتب صحفي

أى شخص فى موقع المسئولية يحتاج دائماً لأن يكون بجواره أمناء يساعدونه على تحمل المسئولية ويقدّمون له النصائح المخلصة، أو يناقشونه فى قراراته الخاطئة، وبالتالى الرجوع عنها أو تعديلها، بما يتفق مع مصلحة الوطن، التى هى الهدف الأسمى الذى يسعى الجميع إلى تحقيقه، المسئول ليس مطلوباً منه أن يعلم كل شىء أو يعمل بنفسه كل شىء، ومهما بلغت قدراته وإمكانياته العقلية والذهنية والبدنية هو فى النهاية بشر يصيب ويخطئ، كما أن التفكير الجماعى والعمل مع فريق حتماً سوف يؤدى إلى النجاح ويقلل نسبة الأخطاء، وقد يمنع كوارث ومصائب.

كثير من مشكلاتنا كان وما زال سببها ليس المسئول نفسه، لكن من حوله والذين إما ينافقونه وإما يزينون له الباطل وإما يخونون الأمانة فى العرض عليه أو على الأقل يصمتون على الأخطاء خوفاً على مناصبهم أو مصالحهم الشخصية وهذه النماذج كلها سيئة وتضر المسئول نفسه قبل الإضرار بالبلد.

الظروف التى تشهدها مصر حالياً تحتاج إلى أشخاص أمناء حتى لو كانت خبرتهم الإدارية ضعيفة فإن وطنيتهم واخلاصهم لبلدهم يجعلهم يسعون إلى العمل والاجتهاد وتعليم أنفسهم والاستعانة بأهل الخبرة.

أيضاً بلدنا تحتاج إلى النصيحة المخلصة والكلمة الصادقة وأعلم أن النفس أمارة بالسوء إلا من رحم ربى، وبعض المسئولين تسعدهم كلمات الإطراء والنفاق وقصائد المديح وتضيق صدورهم بالنقد والنصيحة، وهؤلاء قدراتهم ضعيفة ولا يثقون فى أنفسهم، وبالتالى يجمعون حولهم المنافقين والضعفاء ويستبعدون الأكْفَاء، خوفاً على مناصبهم، ولكن هناك مسئولين يكرهون النفاق ويحتاجون إلى النصيحة المخلصة ويحصنون أنفسهم بالأقوياء الأمناء، والكلمة مسئولية وأمانة وهنا يحضرنى حوار مهم حول أمانة الكلمة بين الحسين بن على «رضى الله عنه» والوليد «حاكم المدينة المنورة»، الذى يطلب من الحسين مبايعة يزيد للخلافة، ولكن الحسين رافض البيعة وغير مقتنع بأن يكون يزيد خليفة للمسلمين لأنه لا يصلح، فقال الوليد للحسين يا ابن بنت رسول الله البيعة مجرد كلمة تقولها، إن هى إلا كلمة، نحن لا نطلب إلا كلمة.. فلتقل «بايعت»، ما أيسرها، قُلها واذهب بسلام، إن هى إلا كلمة.. رد عليه الحسين: «كلمة» هل تعلم معنى «الكلمة»؟ وهل البيعة إلا كلمة؟.. ما دين المرء سوى كلمة.. ما شرف الرجل سوى كلمة.. ما شرف الله سوى كلمة..

هذه كلمات قليلة من قصيدة «شرف الكلمة» الطويلة للأديب الكبير الراحل عبدالرحمن الشرقاوى.

أتمنى من الأشخاص والمستشارين الذين بجوار المسئولين أن يعلموا أهمية شرف الكلمة والنصيحة المخلصة والعرض الأمين «يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم»..

كما أتمنى من المسئولين أنفسهم استبعاد النماذج الأربعة التى ذكرتها من حولهم، وهى غير الأمين فى العرض أو من يزين له الباطل أو ينافقه أو حتى من يصمت على الخطأ، وأن يختار المخلصين الأكفاء (القوى الأمين)، والذين قال عنهم المولى تبارك وتعالى «قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِىُّ الْأَمِينُ» (سورة القصص الآية 26).

إن حسن اختيار القيادات هو مفتاح النجاح، وهذا موضوع مهم نستكمله فى المقال القادم.

اللهم ارزق مسئولينا البطانة الصالحة التى تساعدهم فى الحق وتدلهم على الخير، وابعد عنهم بطانة السوء التى تزين لهم الباطل وتدلهم على الشر.

واللهم احفظ بلادنا الغالية وشعبها العظيم ومؤسساتها الوطنية وقيادتها المخلصة من كل سوء والله الموفق والمستعان.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى