تقارير

الطاقة المُتجددة والتنمية المستدامة

إعداد: أ.د.عطية الجيار

أستاذ إدارة الأراضي والمياه والبيئة بمعهد بحوث الأراضي والمياه والبيئة – مركز البحوث الزراعية

الملخص: أدى الارتباط الوثيق بين البيئة والتنمية إلى ظهور مفهوم للتنمية يسمى المستدامة، الأمر الذي يستلزم الاهتمام بحماية البيئة لأجل تحقيق التنمية المستدامة، وتشكل الطاقة المتجددة أحد وسائل حماية البيئة، لذلك نجد دولا عديدة تهتم بتطوير هذا المصدر من الطاقة وتضعه هدفا تسعى لتحقيقه. للطاقة المتجددة أهمية بالغة في حماية البيئة، باعتبارها طاقة نظيفة غير ملوثة، كما يتم التوسع في استخدامها، وبالتالي التقليص من استخدام مصادر الطاقة التقليدية المعروفة بأثرها السيئ على البيئة بالنظر لما تخلفه من تلوث خاصة وأن كلفة توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة آخذة في النقصان، ومنه إمكانية تحقيق التنمية المستدامة.

تابعونا على قناة الفلاح اليوم

تابعونا على صفحة الفلاح اليوم على فيس بوك

على الرغم من كل الاهتمام العالمي الكبير بالطاقة المتجددة كطاقة نظيفة وبديلة في المستقبل للطاقة الأحفورية، فإن جميع الدلائل توضح بأن الطاقة المتجددة لن تستطيع أن تلعب هذا الدور حتى في المستقبل البعيد نتيجة لتوافر الطاقة الأحفورية بكميات كبيرة تكفي احتياجات عالمنا حتى نهاية القرن الحالي والصعوبات الكبيرة التي تواجه تكنولوجيا الطاقة المتجددة والناتجة عن تبعثرها وكونها متقطعة وغير مستمرة ومحدودية كفاءتها وبالتالي الكلف العالية للاستثمار فيها. إلا أن هناك استعمالات معينة تستطيع الطاقة المتجددة أن تلعب فيها دوراً رئيسياً في تزويد الكهرباء للمناطق الريفية والفقيرة والنائية، كما أن كلف إنتاج الكهرباء من طاقة الرياح في انخفاض مستمر مما يجعلها أكثر قدرة على المنافسة إلا أن طبيعتها المتقطعة ستحول بينها وبين لعب الدور الرئيسي لإنتاج الكهرباء حتى على المستقبل البعيد.

إن الطاقة المتجددة كانت وستظل تلعب دوراً هاماً من مصادر الطاقة في عالمنا وستساهم بحوالي 10-12% من مصادر الطاقة وتشكل هذه الطاقة مصدراً رئيسياً لتزويد الطاقة في الدول محدودة الدخل وخاصة في أواسط إفريقيا وجنوب آسيا، إلا أن نسبة مساهمتها في مصادر الطاقة العالمية ستتراجع تدريجياً وإنما ببطء نتيجة للانتشار المتزايد لمصادر الطاقة التجارية في جميع أنحاء العالم. في نفس الوقت فإن الوقود السائل الناتج عن التخمير (الإيثانول) ستزداد مساهمته كخليط وبديل للمنتجات النفطية وخاصة في البرازيل والاتحاد الأوروبي، إلا أن دوره سيظل محدوداً لكلفته العالية ومحدودية الأراضي الزراعية وكذلك حاجته إلى طاقة تجارية كبيرة نسبياً لنقله وإنتاجه.

إن مستقبل الطاقة المتجددة ومساهمتها في مصادر الطاقة يتوقف على عاملين رئيسين أحدهما التقدم في تكنولوجيات هذه الطاقة وتخفيض كلفها وهو تقدم بطئ والأمر الآخر متعلق بالأمور البيئية والضرائب المتزايدة التي تفرض على الوقود الأحفوري والدعم المالي والتشريعي للطاقة المتجددة. إلا أن هذه العوامل ولو أنها مؤثرة وستزيد قليلاً من مساهمة الطاقة المتجددة، إلا أنها لن تغير كثيراً من مزيج الطاقة العالمي حتى في المدى البعيد.

تأسيسا على ما سبق تهدف هذه الورقة البحثية إلى بلورة حقيقة أهمية الطاقة المتجددة في حماية البيئة لأجل التنمية المستدامة، وإشكاليات الطاقة المتجددة والاستثمار في الطاقة المتجددة واستراتيجيات وسياسات الطاقة المتجددة في الوطن العربي من دعم وتقيم والتعرف على تجربة بعض الدول في هذا المجال والتي يمكن أن تستفيد منها العديد من الدول النامية ومنها الدول العربية.

*الكلمات الدالة: الطاقة المتجددة, الطاقة التقليدية, التنمية المستدامة, البيئة, سياسات وتجارب الدول العربية.

المقدمة

برزت على الساحة العالمية قضية استخدام الطاقة الجديدة والمتجددة باعتبارها إحدى الخيارات الاستراتيجية لتلبية الاحتياجات المستقبلية المحلية والعالمية من الطاقة، ولعله من الثابت وجود ارتباط شديد الصلة بين نجاح التنمية وما يتم توفيره من طاقة باعتبارها المحرك الرئيسي لها وهو ما أضاف بعدا شديد الأهمية يتجلى مع بدء نضوب المصادر التقليدية للطاقة خلال الثلاثون سنة القادمة، أضف إلى ذلك قضية أخرى ترتبط بما تساهم به عملية توفير الطاقة استنادا إلى المصادر التقليدية في الارتفاع المضطرد لمعدلات التلوث العالمية وخاصة بالمراكز الحضرية الكبرى باعتبارها الأكثر استخداما للطاقة، وعليه يسعى البحث إلى تحديد الآليات المناسبة لتفعيل أنظمة استخدام الطاقة المتجددة في مجتمعاتنا وخاصة الكبرى منها لتحقيق وتفعيل مبادئ الاستدامة في عملية التنمية والحفاظ على البيئة ومواردها.

يستهدف البحث محاولة دفع الجهود نحو إستراتيجية للتنمية المستدامة للتجمعات الحضرية وخاصة الكبرى منها، ترتكز ضمن محاورها المتعددة على الاعتماد على الطاقة الجديدة كوسيلة للحد من الآثار البيئية السلبية الناجمة عن التنمية الحضرية المتزايدة وتحقيق مبادئ الاستدامة”.

يعتبر توافر خدمات الطاقة اللازمة لتلبية الاحتياجات البشرية ذو أهمية قصوى بالنسبة للركائز الأساسية الثلاثة للتنمية المستدامة. ويؤثر الأسلوب الذي يتم به إنتاج هذه الطاقـة وتوزيعها واستخدامها على الأبعاد الاجتماعيـة والاقتصادية والبيئية لأي تنمية محققة.

من هنا تأتي أهمية موضوع بحثنا وخاصة تطبيقاتنا على المستوى العربي وسيتم دراسة الموضوع من خلال ثلاث مباحث:-

المبحث الأول: وتتضمن مفهوم ومؤشرات التنمية المستدامة وحتمية التطوير باتجاه التنمية المستدامة.

المبحث الثاني: ويتضمن الطاقة المتجددة في المنطقة العربية والسياسات وكلف الاستثمار وكلف الإنتاج والتقدم في مجال الطاقة المتجددة وإشكاليات الطاقة المتجددة وكيفية تشجيع الاستثمار وأساليب نشر الطاقة المتجددة من إجراءات ضريبية أو تشريعات وفي الدول العربية وفي العالم وتجارب الدول العربية في مجال الطاقة المتجددة.

المبحث الثالث: ويتضمن دور الطاقات المتجددة في تحقيق التنمية المستدامة ويشمل علاقة الطاقة المتجددة بالأبعاد البيئية والاقتصادية والاجتماعية للتنمية المستدامة وفى تغيير أنماط الإنتاج والاستهلاك غيرالمستدام وتوفير مصادر الطاقة اللازمة لتحلية مياه البحر و مقاومة الفقر وتحسين نوعية الحياة ووضعية المرأة وأخيرا في الحد من التأثيرات البيئية لقطاع الطاقة.
ثم التوصيات.

المبحث الأول: يتضمن مفهوم ومؤشرات التنمية المستدامة وحتمية التطوير باتجاه التنمية المستدامة

1- التنمية المستدامة

أن التنمية المستدامة هي التنمية التي تلبي حاجات الحاضر دون المساومة على قدرة الأجيال المقبلة على تلبية حاجاتهم أي أن المساواة والعدالة بين الأجيال وهي واحدة من العوامل المطلوبة للتنمية المستدامة .وأن التنمية المستدامة هي الاستعمال المثالي الفعال لجميع المصادر البيئية ، الحياة الاجتماعية والاقتصاد للمستقبل البعيد مع التركيز على حياة أفضل ذات قيمة عالية لكل فرد من أفراد المجتمع في الحاضر والمستقبل. أن التنمية المستدامة هي التنمية التي تلبي حاجات الحاضر دون المساومة على قدرة الأجيال المقبلة على تلبية حاجاتهم أي أن المساواة والعدالة بين الأجيال وهي واحدة من العوامل المطلوبة للتنمية المستدامة.

أن التنمية المستدامة هي الاستعمال المثالي الفعال لجميع المصادر البيئية، الحياة الاجتماعية والاقتصاد للمستقبل البعيد مع التركيز على حياة أفضل ذات قيمة عالية لكل فرد من أفراد المجتمع في الحاضر والمستقبل. وأكدت لجنة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة على إن الطاقة هي الأهم لتحقيق التنمية المستدامة وحددت خمس قضايا رئيسية تتعلق بها: – زيادة قدرة الوصول إلى الخدمات المتطورة للطاقة.

– تحسين كفاءة استخدام واستهلاك الطاقة. – تطوير استخدامات موارد الطاقة المتجددة. – تطوير تكنولوجيات أكثر نظافة للوقود الاحفوري.- الطاقة في مجال النقل. أن التحدي أمام المجتمع الدولي الآن هو كيفية تحقيق تنمية اقتصادية ورفاهية اجتماعية بأقل قدر من استهلاك الموارد الطبيعية وبالحد الأدنى من التلوث والأضرار بالبيئة وهذا هو جوهر التنمية المستدامة (7).

2- مؤشرات التنمية المستدامة

إن الغاية من برنامج عمل لجنة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة هي بالخصوص التوصل إلى قائمة بمؤشرات للتنمية المستدامة مكيفة على المستوى الوطني، وتتسم بالمرونة الكافية بحيث يمكن قياسها واستخدامها في بلدان ذات مستويات تنموية مختلفة ومتناسقة على نحو يمكن من إجراء المقارنات ووضع هذه المؤشرات تحت تصرف صانعي القرار على المستوى الوطني.

يحتوي برنامج العمل على قائمة مكونة من 134 مؤشراً للتنمية هذه المؤشرات مجمعة في أربع فئات كبيرة هي الاقتصادية، والاجتماعية، والبيئية، والمؤسسية، ومنظمة طبقاً للإطار الكلاسيكي: تركيز، وضعية، إجابة. وكل مؤشر من هذه المؤشرات مبين في بطاقة منهجية مفصلة تبين التعريف، ومناهج الحساب، ومعايير اختيار المؤشر من طرف منظمة الأمم المتحدة. وقد طُلب من البلدان أن تختار من بين هذه المؤشرات تلك التي تتوافق مع أولوياتها الوطنية، وأهدافها وغاياتها.

وهناك معايير لإعداد مؤشرات جيدة للتنمية المستدامة وهى:

ـ أن تعكس شيئا أساسيا وجوهريا لصحة المجتمع الاقتصادية أو الاجتماعية أو البيئية طويلة الأمد على مر الأجيال.

ـ أن تكون واضحة ويمكن تحقيقها أي ببساطة يستطيع المجتمع فهمها وتقبلها.

ـ آن تكون قابلة للقياس ويمكن التنبؤ بها.

ـ أن تكون ذات قيم حدية متاحة.

ـ أن توضح ما إذا كانت المتغيرات قابلة للقلب ويمكن التحكم فيها أم لا.

ـ النواحي الخاصة: ينبغي تحديد الأساليب المستخدمة في إعداد أي مؤشر بوضوح وان يتم توظيفها بدقة وان تكون مقبولة اجتماعيا وعلميا وان يكون من السهل إعادة إنتاجها.

ـ الحساسية للزمن: بمعنى أن المؤشر يشير إلى اتجاهات نموذجية إذا استخدم كل عام.

3- حتمية التطوير باتجاه التنمية المستدامة

تنشا حتمية التطوير من كون إن معظم دول العالم تسير باتجاه التنمية المستدامة حتى الدول المجاورة إذ تقوم بنشر تقارير سنوية حول الوضع الاقتصادي على المستوى الشمولي وحول القطاعات المختلفة للتنمية ومنها القطاع الديمغرافي، والاجتماعي، والاقتصادي، والبيئي. (14)

في المغرب، مكنت الدراسة حول الإستراتيجية الوطنية من أجل حماية البيئة والتنمية المستدامة، المعدة على أساس نهج اقتصادي، انطلاقا من البيانات الموجودة والمتاحة عن حالة البيئة، من وضع مجموعة من المؤشرات بشأن المياه والهواء، والنفايات الصلبة، والبيئة الحضرية، والتربة، والمناطق الطبيعية والساحلية. ويهدف برنامج إدارة البيئة، فيما يهدف إليه، إلى تطبيق نظام للمعلومات والبيانات حول البيئة.

في هذا الصدد، من المفيد أن نشير إلى أن مؤشرات التنمية البشرية والفقر الإنساني متطورة جدا في المغرب. كما أن مطبوعا حول المؤشرات الاجتماعية يتم إعداده سنويا من طرف مديرية الإحصاء التابعة لوزارة التوقعات الاقتصادية والتخطيط. ويتيح هذا المطبوع، المقدم في شكل جداول متسلسلة بترتيب زمني، إمكانية تقييم نتائج الأعمال المنجزة في مختلف الميادين، وتقدير حجم الإنجازات المتوصل إليها في إطار التنمية البشرية المستدامة.

وفي مصر تم تشكيل لجنة للتنمية المستدامة تتعاون مع جميع الأطراف الأخرى المعنية من أجل وضع إستراتيجية مشتركة لعملية التنمية المستدامة. وعلى المستوى الوطني تقوم الوكالة المصرية للشؤون البيئية (EEAA) بمتابعة وتنسيق المسائل المتعلقة بالبيئة مع الوزارات المعنية، بهدف ضمان التنمية المستدامة.

سيقوم كل من برنامج الإعلام والمتابعة في مجال البيئة (EIMP ) ومشروع نظام الإعلام البيئي اللذين هما قيد الإنجاز حاليا، بمساعدة صانعي القرار في وضع وتطبيق السياسات والقوانين والبرامج في ميدان البيئة. وقد تم الإعداد لمشروع وطني يهدف إلى تحديد الأدوار المنوطة بمختلف الوكالات الحكومية في إطار قمة الأرض بهدف تجنب تداخل المسؤوليات.

وتنشر تونس، فيما تنشر، تقارير سنوية حول حالة البيئة. وتسعى مؤشرات الاستدامة المعروضة بصورة محدودة في المرحلة الحالية، إلى تقييم التطور العام الملاحظ على الصعيد البشري، والاقتصادي، والاجتماعي والبيئي، وتستند هذه المؤشرات على الفلسفة العامة لجدول أعمال القرن 21 على الصعيد الوطني. وقائمة المؤشرات ليست شاملة وإنما محدودة ، ولا يزال النهج استكشافياً.

وفى الجزائر تم إنجاز العديد من الأعمال المهمة في إطار مجهودات التنمية المستدامة خلال السنوات الأخيرة ، وأعطت نتائج جديرة بالاعتبار في العديد من الميادين، منها على الخصوص محاربة الفقر، السيطرة على التحولات الديموغرافية، والحماية والارتقاء بالوقاية الصحية وتحسين المستوطنات البشرية والإدماج في عملية اتخاذ القرار المتعلقة بالبيئة . وقد لوحظ مع ذلك، أن معوقات كبيرة منها على الخصوص صعوبات تمويلية ومشاكل ذات صلة بالتمكن من التكنولوجيا وغياب أنظمة الإعلام الناجحة، قد أدت إلى الحد من مجهودات الجزائر من أجل تطبيق جدول أعمال القرن 21.

المبحث الثاني: يتضمن الطاقة المتجددة في المنطقة العربية و السياسات وكلف الاستثمار وكلف الإنتاج والتقدم في مجال الطاقة المتجددة و إشكاليات الطاقة المتجددة وكيفية تشجيع الاستثمار وأساليب نشر الطاقة المتجددة من إجراءات ضريبية أو تشريعات وفي الدول العربية وفي العالم وتجارب الدول العربية في مجال الطاقة المتجددة.

الطاقة والطاقة المتجددة

تشكل كل من الطاقة المتجددة والطاقة النووية المصادر الرئيسية للطاقة العالمية خارج الطاقة الأحفورية وهناك اهتمام عالمي كبير بهذين المصدرين كمصادر مستقبلية للطاقة بحيث تكون بديلا للطاقة الأحفورية والتي تسعى عديد من الدول وخاصة الدول الصناعية استبدالها بهذه المصادر الجديدة. إن الدافع الرئيسي الأول للاهتمام بالطاقة المتجددة هو الدافع البيئي للحد من الغازات المنبعثة وخاصة غاز ثاني أكسيد الكربون.

كما أنه كان الدافع الأول لإقرار اتفاقية كيوتو وأيضاً السير في اتجاهات تشريعية في السوق الأوروبية المشتركة تستهدف أن تلعب الطاقة المتجددة دوراً متزايداً في تزويد الطاقة في الدول الأوروبية بحيث لا تقل مساهمتها عن 12% من مصادر الطاقة الأولية. من الضروري البدء بتعريف ماذا تعني “الطاقة المتجددة” إذ إن لها العديد من التفسيرات، إلا أنه يمكن تحديد ذلك بثلاثة مكونات (5):

(1) الطاقة المتجددة التقليدية (غير التجارية)

من مصادر الطاقة التي كانت شائعة في القرون الماضية خاصة قبل ظهور النفط وتعتمد على استعمال مواد الكتلة الحية biomass التي تنتج وتجمع محليا (مثل مخلفات المحاصيل، والخشب، وروث الحيوانات… الخ) وعلى الرغم من أن معظم دول العالم قد انتقلت بسرعة من استعمال هذا المصدر إلى استعمالات الطاقة الأحفورية منذ بدء استعمال الفحم في القرن التاسع عشر وانتشار استعمال النفط في القرن العشرين، إلا أن الطاقة المتجددة التقليدية القائمة على الكتلة الحية لا تزال مصدرا وحيدا للطاقة لأكثر من 2 بليون نسمة يعيش معظمهم في جنوب آسيا وفي أواسط إفريقيا. وتصل كمياتها المستعملة إلى أكثر من 1110 مليون طن مكافئ نفط (م.ط.مسنويا وبالتالي فإنها تشكل حوالي 10% من المصادر الأولية للطاقة العالمية والتي تقدر بحوالي 11500 م.ط.م.ن. علماً بأنه من الصعب جداً تقدير كميات الكتلة الحية عالمياً، وهذه الأرقام هي الأرقام العالمية التقديرية فقط.

(2) مصادر الطاقة المتجددة الجديدة New Renewables

تشمل هذه ما طوّر حديثا من الوقود الحيوي biofuels، وطاقة الرياح والطاقة الشمسية، وطاقة المحيطات والطاقة الجوفية.

طاقة الكتلة الحيوية مصدراً للديزل الحيوي:

كان تحكم الإنسان بالنار خطوة عظيمة في تاريخ البشرية، خطوة مكنت الإنسان من طهي طعامه وتدفئة منزلة، ولهذه الأغراض استخدم الإنسان ولا يزال الأخشاب والزيوت النباتية والسماد الطبيعي المستقي من فضلات الحيوانات وغير ذلك. وللحصول علي الطاقة الضرورية لحرث التربة ونقل البضائع استخدم الإنسان الحيوانات، بل واستخدم القوة البشرية ذاتها، هذه القوة يستمدها الإنسان مما يتناوله من مواد غذائية، وهو ما يجعل المصادر الحيوية أو البيولوجية أهم مصدر للطاقة، وحاليا تشارك الطاقة الحيوية بنسبة 11% من الطاقة الأولية، وإلي جانب فوائدها البيئية فهي متوافرة ولا يخشى من محدوديتها(1).
وتستأثر مسألة استعمال الطحالب مصدراً جديداً للكتلة الحيوية Biomass لإنتاج الطاقة المتجددة بأهمية كبيرة، إذ إن للطحالب عدداً من الخصائص التي تسمح لإنتاج أكثر استدامة من بدائلها من المواد الأولية.

وتشمل هذه الخصائص تكوينها لكتلة حيوية عالية الإنتاجية، تصل تقريباً إلى 100% كفاءة في الاستعمال، ويمكن الاستفادة من الأراضي الخصبة الصغيرة والمياه المالحة ومجاري المخلفات في استزراع الطحالب، والاستفادة من حرق الغازات مصدراً لغاز ثنائي أكسيد الكربون لتوليد الديزل الحيوي Biodiesel في ضوء تصاعد الحاجة إلى التصدي لمخلفات الوقود الأحفوري كونها تتسبب في المزيد من تأثيرات الاحتباس الحراري وتغيرات المناخ.

وتعد تقانة إنتاج الديزل الحيوي من الطحالب الدقيقة Microalgae تقانة واعدة، لأن الطحالب تتميز بقدرة على إنتاج 500 – 15000 غالون من الديزل الحيوي في الدُّنم الواحد سنوياً الأمر الذي يحل مشكلة بلوغ أسعار النفط مستويات عالية جداً خاصة عندما تكون الطحالب المستعملة لا تحتاج إلى مصادر مياه أو تربة لنموها وذات محتوى مرتفع من المواد الزيتية التي تُستخرج وتُحوَّل إلى ديزل حيوي مما يجعل العملية أكثر سهولة وأقل تكلفة (4).

تتميز الطحالب الدقيقة وحيدة الخلية ذاتية التغذية الضوئية Photoautotrophic بمعدل نمو سريع وكثافة عالية، ويمكن أن تُضاعف نموها خلال 24 ساعة في ظل وجود الظروف الملائمة، كما أن محتواها من المواد الزيتية مرتفع مقارنة بباقي المكونات الخلوية من بروتينات وهيدروكربونات وغيرها من المواد المغذية. فبعد نمو الكتلة الحيوية للطحالب تُفصل وتخضع لعملية سحق آلي Mechanical Crushing أو معاملة كهربائية Electroporation لتمزيق الجدر الخلوية وإخراج المواد الزيتية منها التي تخضع لمعاملات كيميائية مختلفة للحصول في النهاية على ديزل حيوي نقي تظهر تكلفته المنخفضة مقارنة بتكلفة النفط بحسب العلاقة الآتية (2):
سعر الديزل الحيوي الطحلبي = 25.2 × 10-3 سعر النفط.

طاقة الرياح

استخدم الفُرس طاقة الرياح في إدارة الطواحين لطحن الحبوب وضخ المياه وانتشرت قديما في أوربا لنفس الأغراض إلي أن استخدمت في إنتاج الكهرباء. وقد بلغ إجمالي القدرات المركبة من توربينات الرياح عالميا إلي ما يزيد عن 74 ألف ميجاوات في نهاية عام2006 ، وذلك بمتوسط زيادة سنوي مقداره 28% للفترة من عام 2000 حتى 2006، ويعد هذا مؤشرا إيجابيا ينافس ثورة الاتصالات التي حدثت في العقدين الأخيرين، مما ساعد في خفض تكلفة الطاقة المنتجة من 40 سنت دولار/ك.و.س عام 1980 إلي أقل من 5سنت دولار/ك.و.س، ويصل عدد الدول التي تستخدم طاقة الرياح في إنتاج الطاقة الكهربية إلي 45 دولة، وفي ظل ارتفاع أسعار البترول يعد إنتاج الكهرباء من الرياح منافسا للمحطات الحرارية المعتمدة علي الوقود الأحفورى وبخاصة في الدول التي لا تقدم دعما لهذا الوقود، وقد حدد الاتحاد الأوربي في إستراتيجيته للطاقة الصادرة في عام 2001 إنتاج 12% من احتياجات دول الاتحاد بواسطة توربينات الرياح بحلول عام 2020، وهو نفس الهدف الذي حدده مجلس الطاقة الأعلى بمصر في أبريل 2007.

الطاقة الشمسية

تستخدم الطاقة الشمسية مباشرة في العديد من التطبيقات منها: التدفئة، إضاءة المباني، تسخين المياه، إنتاج البخار، وفي أعذاب وضخ المياه وتوليد الكهرباء حراريا وتتوقع الجهات الدولية أنه بحلول عام 2025 سوف تسهم النظم الشمسية الحرارية لتوليد الكهرباء بحوالي 130 جيجا وات، أيضا تستخدم الطاقة الشمسية في إنتاج الكهرباء مباشرة عن طريق الخلايا الشمسية/الفوتوفلطية، وكنتيجة للأبحاث المستمرة انخفضت تكلفة إنتاج الطاقة من 100 سنت دولار/ك.و.س في عام 1980 إلي حوالي 15 سنت دولار/ك.و.س في الوقت الراهن.

إن معدل نمو الاستثمارات في الخلايا الشمسية تراوح بين 50% إلي 60% ليسجل أعلي معدل نمو علي مستوي تطبيقات الطاقة المتجددة خلال عام 2006، والتسخين الشمسي للمياه من 15 – 20%، ومثل هذه المؤشرات تعكس التطور الكبير في الاستثمارات الموجهة لقطاع الطاقة المتجددة.

طاقة حرارة باطن الأرض

توصف طاقة حرارة باطن الأرض بأنها أحد أهم مصادر الطاقة، ويري العلماء أنها تكفي لتوليد كميات ضخمة من الكهرباء في المستقبل، فمنذ آلاف السنين استمد منها الإنسان الحرارة، ثم في إنتاج الكهرباء علي مدار التسعين عاما الماضية، ويذكر أن طاقة حرارة باطن الأرض تعد مصدرا أساسيا للطاقة المتجددة لنحو 58 دولة منها 39 دولة يمكن إمدادها بالكامل بنسبة 100% من هذه الطاقة، وفي مصر تستخدم طاقة حرارة باطن الأرض في الاستشفاء كما في حمام فرعون وعيون موسي، في حين تستخدم في بعض الدول الأوربية كمصدر لتدفئة المنازل في الشتاء القارص.

(3) الطاقة المائية (الكهرومائية) من السدود وانسياب الأنهار.

إن الطاقة الكهرومائية مصدر رئيسي لإنتاج الطاقة على المستوى العالمي حيث يصل إنتاجها إلى حوالي 3000 تيرواط ساعة (TWh) عام 2002 وبالتالي فهي تشكل حوالي 18% من إنتاج الكهرباء في العالم، كما أن نموها خلال السنوات الأخيرة كان أعلى قليلا من معدل نمو الطلب على الطاقة عالميا.

توجد في العالم مصادر واسعة جدا لزيادة استغلال الطاقة المائية إلا أن تكاليفها وبعدها عن مصادر الاستهلاك يحول بينها وبين الاستثمار. كذلك فإن الطاقة المائية تعاني من مشاكل بيئية كبيرة ناتجة من غمرها لمناطق واسعة مما يتطلب تحريك وإعادة إسكان أعداد كبيرة من الناس بعد تنفيذ السدود (6).

الطاقة المتجددة في المنطقة العربية

بشأن الطاقة المتجددة التقليدية (الكتلة الحية) فإن استعمالاتها محدودة في الوطن العربي وتقتصر على الطبقات الريفية الفقيرة في بعض الدول العربية محدودة الدخل وخاصة في إفريقيا (الريف السوداني، والصومال وموريتانيا وكذلك الريف المغربي) وهي قليلة الاستعمال في الدول العربية في آسيا (باستثناء الريف اليمني) لانتشار الوقود الأحفوري.

تستعمل الطاقة المتجددة التقليدية في الريف العربي لغايات الطبخ والتدفئة. إلا أن قيمتها في هذا المجال آخذة بالتراجع للتقدم السريع المستمر في استعمال غاز النفط المسال لغايات الطبخ (وأيضاً التدفئة في بعض الحالات) في معظم أنحاء العالم العربي بما في ذلك المناطق الريفية.

وبالتالي فإن قيمة الطاقة المتجددة التقليدية كمصدر رئيسي للطاقة في الدول العربية (كما كان الأمر في النصف الأول من القرن العشرين) قد تراجعت جدا وهي حاليا لا تشكل إلا نسبة ضئيلة ومتناقصة من مصادر الطاقة في البلاد العربية. وحسب تقديرات الأمم المتحدة فإن نسبة استعمالها في البلاد العربية تشكل 18% من الطاقة العربية المستهلكة معظمها في بعض الدول العربية الإفريقية (السودان، الصومال، موريتانيا، المغرب). إن إجمالي استهلاك الطاقة في العالم العربي عام 2005 تقدر بحوالي 400 م.ط.م.ن. إذا اعتبرنا هذه النسبة فإن الكتلة الحية في المنطقة العربية تشكل حوالي 72 م.ط.م.ن.

إن البلاد العربية غنية جدا بمصادر الطاقة الشمسية وبعض الدول العربية غنية أيضا بمصادر طاقة الرياح، إلا أن استعمالات الطاقة الشمسية لا تزال محدودة في العالم العربي نتيجة لبطء تطوير التكنولوجيا المتعلقة بها واستعمالاتها ومحدودية اقتصاديات الطاقة الشمسية. ولا تزال استعمالات الطاقة الشمسية كمصدر للطاقة في العالم العربي محصورة في تدفئة المياه في بعض الدول (مثل الأردن) وأيضا في الخلية الفولطية photo-voltaic (PV).

أن هذا ناتج بصورة رئيسية عن توفر الوقود الأحفوري بكميات كبيرة وبأسعار مدعومة في كثير من الحالات في جميع الدول العربية (وكذلك غاز البترول المسال LPG) مما لا يدع إلا مجالا محدودا لأي تطوير جدي اقتصادي للطاقة الشمسية، ولقد جرت محاولات عديدة لإنشاء محطات لتوليد الطاقة الكهربائية تعمل على الطاقة الشمسية بواسطة التسخين عن طريق المرايا العاكسة، إلا أن هذه التكنولوجيات لا تزال في مراحلها الأولى.

ونظرا لغنى المنطقة العربية بالنفط والغاز فلا يتوقع أن تجد مصادر الطاقة الشمسية استعمالات جدية كثيفة خلال المستقبل المنظور (حتى عام 2020). وينطبق الشئ نفسه على طاقة المحيطات والطاقة الجوفية ذات المصادر المحدودة جدا في البلاد العربية. كما أن تطوير استعمالات الوقود الحيوي biofuels محدود نتيجة لمحدودية الزراعة والمياه في البلاد العربية، إلا أنه بدأ تدريجيا إنتاج الغاز الحيوي biogas من مكبات النفايات بكميات متواضعة إلا أنها متزايدة.

أيضاً بدأ العديد من الدول العربية (مصر، المغرب، وسورية، والأردن) في استغلال طاقة الرياح بصورة تجارية، وتم إنشاء مزارع كبيرة لطاقة الرياح في كل من مصر وسورية وأيضا في المغرب. وبصورة عامة فإن تكاليف إنتاج الكهرباء من طاقة الرياح عالميا منافسة تجاريا لتكاليف إنتاج الكهرباء من مصادر الوقود الأحفوري والنووي، إلا أن فرص طاقة الرياح في الدول العربية لن تكون كبيرة في المستقبل المنظور لتوفر الغاز الطبيعي في معظم الدول العربية وبكميات كبيرة وأسعار رخيصة وكلفة بديلة متدنية مما يجعل إنتاج الكهرباء من وقود الغاز الطبيعي العربي أرخص أساليب إنتاج الكهرباء، وخاصة أن مصادر الرياح تعاني من تقطعها وعدم استمراريتها وبعض تأثيراتها البيئية السلبية (مثل الصوت والحاجة لأراضي) وبالتالي فإن طاقة الرياح ولو أنها في مرحلة انتشار في العالم وفي البلاد العربية أيضا إلا أن مساهمتها في إنتاج الطاقة في البلاد العربية ستظل محدودة (8).

تشكل الطاقة المائية مصدرا محدودا للطاقة في البلاد العربية لمحدودية المياه والأنهار في المنطقة ويقدّر إنتاج الطاقة المائية العربية بحوالي 28 ألف جيجاواط ساعة (GWh) ولا يشكل إلا 12% من إنتاج الكهرباء في العالم العربي وهي نسبة آخذة في التراجع نتيجة تزايد الإنتاج من مصادر الطاقة الأحفورية، وينحصر إنتاج الطاقة الكهرومائية في بعض الدول العربية ذات الأنهار.

إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة في العالم العربي

إن إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة (غير المائية) في العالم العربي محدود للغاية نتيجة لاقتصاديات هذا المصدر المشكوك فيها ولانتشار الوقود الأحفوري واستعمال الغاز الطبيعي في إنتاج الكهرباء.

أن إنتاج الطاقة الكهربائية من مصادر متجددة لا يتجاوز 5.3% من مجمل إنتاج الطاقة الكهربائية في العالم العربي عام 2004 وهو إنتاج متواضع للغاية وأقل من المعدلات العالمية والتي تبلغ حوالي 16%. ولا يتوقع أن يزيد هذا الإنتاج في المستقبل بل يتوقع أن يتراجع نتيجة لمحدودية مصادر المياه وإمكانيات الطاقة الكهربائية في العالم العربي وأيضاً للاستثمار المحدود في إنتاج الكهرباء من المصادر الأخرى (الرياح، الطاقة الشمسية، … الخ) لانتشار استعمال الغاز الطبيعي لإنتاج الكهرباء في العالم العربي (9).

السياسات والتقدم في مجال الطاقة المتجددة

​أن الاهتمام بأمور الطاقة المتجددة بدأ فعلياً وبصورة جدية على أثر تصحيح أسعار النفط في نهاية عام 2003. ولقد كان الاهتمام حتى أواخر الثمانينات على أمور البحث والتطوير وخاصة في الولايات المتحدة، إلا أن الاهتمام الأمريكي تراجع ومنذ التسعينات فإن الدول الأوروبية بدأت تركز على تنفيذ التكنولوجيات أكثر من تركيزها على الأبحاث. إلا أن إنتاج الدول الصناعية OECD من الطاقة المتجددة (كهرباء، حرارة، …الخ) هو حوالي TWH 2500 (أي حوالي 6% من الطاقة الكلية) أكثر من نصفها من الطاقة المائية. مع ذلك فإن التقدم في دول الاتحاد الأوروبي كان واضحاً حيث حددت هذه الدول أهدافاً لها، أهمها أن الطاقة المتجددة يجب أن تشكل حوالي 22% من استهلاك الكهرباء وأن الوقود الحيوي bio fuel يجب أن يشكل 5.75% من وقود السيارات.

​أن الأساليب الأوروبية لتحقيق هذه الأهداف تتمثل في أسلوبين “نظام الكوتا” و”نظام الدعم”. ولقد طبقت كل من بريطانيا وبولندا وبلجيكا نظام الكوتا الذي يلزم مؤسسات الكهرباء على أن يكون هناك جزء معين من مبيعاتها للجمهور من مصادر الطاقة المتجددة. بينما طبقت ألمانيا وغيرها نظام الدعم للأسعار مما يغري في الاستثمار فيها، والطاقة المتجددة حالياً في ألمانيا تشغل حوالي 150 ألف عامل، إلا أن نجاحها مرهون بالدعم أكثر من الناحية الاقتصادية. وعلى الرغم من كل الجهد الأوروبي فإن الأهداف الموجودة لن تتحقق ولا يتوقع أن تبلغ مساهمة الطاقة المتجددة في الطاقة أكثر من 8% عام 2020 على الرغم من كل هذا التركيز (بينما الهدف هو 12%).

كلف الاستثمار وكلف الإنتاج للطاقة المتجددة

​إن كلف الاستثمار في مجال إنتاج الطاقة المتجددة (وجميعها تنتج على شكل كهرباء) تختلف من تكنولوجيا إلى أخرى وهي أقل مما هي عليه في حالة طاقة الرياح (حوالي 1000$ لكل كيلووات) وأعلى ما يمكن في حالة الخلية الضوئية الشمسية PV Solar حيث تصل حالياً إلى أكثر من حوالي 5000$ لكل كيلووات. إن هذه كلف مرتفعة جداً عند مقارنتها مع الكلف الاقتصادية للاستثمار في أساليب توليد الكهرباء بالطرق التقليدية وهي التوربينات الغازية ذات الدورة المفردة (حوالي 350$ لكل كيلووات) أو الدورة المزدوجة ذات الكفاءة العالية (وهي حوالي 550$ لكل كيلووات) كما أن تكاليف محطات الفحم التقليدية لا تتجاوز حالياً حوالي 1200$ لكل كيلووات بعد إضافة جميع المعدات والاحتياجات البيئية.

بطبيعة الحال فإن كلف التشغيل في حالة الطاقة المتجددة هي زهيدة للغاية لعدم وجود تكلفة للوقود إلا أنه وحتى بعد إدخال هذه الاعتبارات في الكلف للإنتاج فإن الطاقة المتجددة لا تزال مكلفة عند مقارنة كلفتها لإنتاج الكهرباء مع الأساليب التقليدية، وإن كان هناك صعوبة في المقارنات المباشرة للطبيعة المتقطعة في إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة.

إن كلف إنتاج الكهرباء من طاقة الرياح (وهي أقل الكلف للطاقة المتجددة تتراوح من 4-5 سنتات للكيلووات ساعة، بينما هي لا تتجاوز حوالي 3 سنتات في حالة الإنتاج من التوربينات الغازية ذات الدورة المفردة أو 2 سنت في حالة الدورة المزدوجة {ثمن الغاز حوالي 5$ لكل مليون BTU}). وتصل الكلف للكيلووات الساعي إلى مستويات عالية جداً حوالي 30 سنت في حالة استخدام الخلية الضوئية، وبالتالي فإن استعمال مثل هذا النوع من التكنولوجيا يقتصر على الاستعمالات الصغيرة.

إن هذه الاستعمالات الصغيرة ذات أهمية كبيرة في تزويد الكهرباء للمناطق الريفية والمعزولة والمناطق الفقيرة في إفريقيا وجنوب آسيا. حيث يمكن استعمال تكنولوجيا الخلية الضوئية PV لإنتاج الكهرباء للأكواخ والمناطق الريفية في هذه الدول الفقيرة نسبياً. إن خلية ضوئية ذات قدرة حوالي 50 وات يمكنها أن تزود كوخاً أو منزلاً ريفياً صغيراً بالكهرباء لتلبية الحاجات الأساسية وأهمها الإنارة (وأيضاً تلفزيون صغير أو ثلاجة صغيرة في بعض الحالات).

وبالتالي فإن هذا الاستعمال للطاقة المتجددة ولو أنه غير عملي أو اقتصادي لتزويدات الكهرباء الكبيرة، إلا أنه قد يكون الأسلوب الأفضل والأمثل لتزويد الكهرباء في المناطق الريفية والصغيرة في الدول ذات الدخل المنخفض جداً، وبالتالي فإنه يشكل دوراً هاماً للطاقة المتجددة في حالات خاصة.

إن الشكلين التاليين يوضحان كلف الاستثمار وكلف الإنتاج من الطاقة المتجددة بمختلف التكنولوجيات كما هي حالياً وكما يتوقع أن تكون عليه عام 2030. ويتضح من هذين الشكلين الانخفاض الكبير في الكلف المتوقع خلال الخمسة وعشرون عاماً القادمة، إلا أنه ومع كل هذا التقدم فإن الطاقة المتجددة ستظل تعاني من كلفتها المرتفعة وطبيعتها المتقطعة مما سيحد من مساهمتها في مصادر الطاقة حتى على المستقبل المتوسط والبعيد.

الطاقة في العالم والطاقة المتجددة

في عام 2005 كان استهلاك العالم من الطاقة حوالي 11500 مليون طن مكافئ نفط (م.ط.م. ن) منها 9120 م. ط. م. ن من الوقود الأحفوري و630 م. ط. م. ن من الطاقة النووية و640 م .ط. م. ن من الطاقة المائية يضاف إلى ذلك أكثر من 1110 م. ط. م. ن من الطاقة غير التجارية معظمها من الكتلة الحية.

مجموع الطاقة المتجددة (الكتلة الحية والطاقة المائية… الخ) هي 1750 م.ط.م.ن وتشكل 15.2% من مصادر الطاقة الأولية.
بصورة تقريبية وعامة فان استهلاك الطاقة الأولية في بداية القرن الحالي يبين أن الطاقة الأحفورية شكلت حوالي 80% من مصادر الطاقة العالمية.

إمكانيات المصادر والعرض العالمي للطاقة ودور الطاقة المتجددة

لا يتوقع أن يكون هناك نقص في مصادر الطاقة في العالم خلال النصف الأول من القرن الحالي. إن الاحتياطيات المؤكدة من الوقود التجاري الأحفوري (النفط والغاز والفحم) تكفي احتياجات العالم لعقود عديدة قادمة، وعندما تستنفد الاحتياطيات المؤكدة للنفط فإنه يمكن اللجوء إلى الإمكانيات الهائلة من قاعدة المصادر غير التقليدية للنفط والغاز non-conventional oil and gas وخاصة بعد تطوير أساليب إنتاجها وتوليد الكهرباء مباشرة منها. كذلك فإن احتياطيات الفحم كبيرة جدا وتتجاوز قاعدة المصادر ضعف ما هو معروف من النفط والغاز التقليدي وغير التقليدي. ستسمح التكنولوجيات النظيفة للفحم باستخراج وإنتاج أفضل من هذه المصادر الكبيرة وخاصة لإنتاج الكهرباء، لكن أيضا عن طريق تحويلها إلى نفط وغاز مما يخفف من الغازات الضارة المنبعثة من الفحم عادة.

كذلك فإن قاعدة المصادر لليورانيوم كبيرة جدا، ولكن لا يتوقع أن يتزايد الطلب عليها خلال السنوات القليلة القادمة. إن كميات اليورانيوم المعروفة حاليا تكفي احتياجات العالم حتى نهاية القرن الحالي. كما أن قاعدة المصادر للطاقة المتجددة جيدة، إذ إن قسما محدودا من إمكانيات الطاقة المائية فقط قد تم استغلالها وبالتالي فإنه مع تزايد الطلب على الكهرباء سيستمر بناء محطات توليد الكهرباء المائية وستساعد تحسن تكنولوجيات الفولطية العالية على نقل الكهرباء من محطات التوليد المائية النائية إلى مسافات بعيدة. ويوجد للكتلة الحية إمكانيات استخدام جيدة في المستقبل ليس فقط بالحرق المباشر كوقود تقليدي وإنما بأساليب أكثر تطورا عن طريق التفاعل الكيميائي والبيولوجي.

ومع مرور الوقت، فإنه يتوقع أن تتزايد بصورة بطيئة مساهمة مصادر الطاقة الجديدة المتجددة وخاصة طاقة الرياح التي تمر حاليا بتطوير مستمر لتكنولوجياتها وذلك لقيمتها البيئية، إلا أنها لن تشكل مصدرا رئيسيا للطاقة حتى عام 2030 على أفضل تقدير.

باختصار فإن مصادر تزويد الطاقة المعروفة حاليا توفر إمكانيات جيدة لتوفير الطاقة لعالمنا خلال القرن الحادي والعشرين. وتتجاوز احتياطيات الوقود الأحفوري المؤكدة حاليا 1300 الف م. ط. م. ن كما تتجاوز قاعدة المصادر 5000 الف م. ط. م. ن resource base (جدول 5) وهي كميات تكفي العالم لنهاية القرن الحالي حتى باستعمال أسلوب التنبؤات المتفائلة لنمو الطلب العالمي. إن هذا لا يعني أنه قد يكون هناك بعض الاضطراب أو النقص المؤقت في التزويد إقليميا وعالميا، ولكن ذلك لن يكون نتيجة لنقص المصادر (10).

مستقبل الطاقة المتجددة

إن مستقبل الطاقة المتجددة، للعقود القليلة القادمة على الأقل، لن يكون مشرقاً نتيجة توافر الطاقة الأحفورية بكميات كبيرة تكفي العالم لعقود عديدة قادمة (وربما حتى نهاية القرن) والإشكاليات الكبيرة التي ترافق تطوير الطاقة المتجددة.

يتضح أن الطاقة الجديدة والمتجددة لن تزيد مساهمتها في مصادر واستعمالات الطاقة خلال العقود الثلاث القادمة وأنها بالكاد ستتمكن من المحافظة على مساهمتها الحالية والتي تبلغ حالياً حوالي 14- 16% من مصادر واستعمالات الطاقة العالمية.

إن الوضع في العالم العربي لن يختلف كثيراً إذ أن هناك تحول مستمر من الطاقة التقليدية في الريف العربي إلى استعمال مصادر الطاقة التجارية لغايات الطبخ والتدفئة، كذلك فإن الاستعمالات الأخرى مثل الطاقة المائية فإن معظم إمكانياتها قد استنفذ وبالتالي فإنه لا يتوقع أن تزيد مساهمة الطاقة المتجددة في استعمالات الطاقة العربية عن مساهمتها الحالية. وبالتالي فإن التوقعات هي أن مساهمة الطاقة المتجددة في تزويد الطاقة في العالم العربي، وهي مساهمة متواضعة حالياً، ستزداد تواضعاً في المستقبل (11).

إشكاليات الطاقة المتجددة

إن أهم إشكاليات الطاقة المتجددة المتمثلة أساساً بالطاقة الشمسية (ومنها طاقة الرياح) أنها متقطعة وغير مستمرة intermittent وبالتالي فهي تحتاج إلى تخزين storage مما يجعلها مكلفة وهي أيضاً منتشرة ومبعثرة disbursed وبالتالي فإن تجميعها مكلف وهي غير كفؤة. كما أنها تصلح فقط لإنتاج الكهرباء (وأيضاً التسخين في بعض الحالات) وبالتالي فإن من الصعب المتاجرة بها. إن كل هذا يجعلها طاقة غير كفؤة عند مقارنتها بالطاقة الأحفورية (النفط والغاز والفحم) والتي هي مصادر مركزة للطاقة وكفؤة وصالحة لمختلف وجوه استعمالات الطاقة (النقل، الحرق المباشر، التسخين، توليد الكهرباء… الخ) وأيضاً هي طاقة قابلة للتجارة الدولية وعبر البحار. كما أن مصادر الطاقة الأحفورية وافرة للغاية (جدول 6).

إن توفر هذه الكميات الكبيرة وخاصة المصادر من النفط الخام والتي يمكن استخراجها (جدول 7) تحد من إمكانيات الطاقة المتجددة وتحول بين هذه الطاقة وأخذ حجم أكبر في المستقبل المنظور. إذ أن مصادر الطاقة الأحفورية وخاصة النفط الخام (التقليدية وغير التقليدية) تكفي الاحتياجات العالمية حتى نهاية القرن الحادي والعشرين على الأقل.

وبالتالي فإن الاتجاه نحو الطاقة المتجددة سيظل محدوداً جداً في المستقبل المنظور. كما أن التحضر حد من إمكانيات استعمال الكتلة الحية إذ أن مزيداً من الناس المحرومون أصلاً من مصادر الطاقة التجارية أخذوا نتيجة للتحضر في الانتقال للمدينة وانتشر استعمال الوقود التجاري الحديث نسبياً مثل LPG لغايات (الطبخ والتدفئة) وهي استعمالات كانت مقتصرة على الكتلة الحية في الماضي. إلا أن التركيز الأوروبي على الطاقة المتجددة للوفاء باتفاقيات السوق الأوروبية واتفاقية كيوتو ساعد على إيجاد استعمالات جديدة للكتلة الحية لغايات إنتاج الطاقة المتجددة (17).

كما أن الكتلة الحية تحتاج إلى كميات كبيرة نسبياً من الوقود التجاري الأحفوري لغايات جمعها ونقلها مما يخفض جداً من إمكانياتها وكفاءتها كمصدر رخيص للطاقة ويحد من اقتصادياتها وهو أمر يجب أن يؤخذ بالاعتبار عند تقييم الطاقة المتجددة، إذ أن استهلاك الطاقة الأحفورية اللازمة لإنتاج ونقل واستعمال الطاقة المتجددة (وخاصة الكتلة الحية) قد تفوق الفوائد البيئية والاقتصادية من الطاقة المتجددة، وهذا أمر يغفل عنه في كثير من الحالات.

بعد عام 1973 وفي الفترات الأخيرة فقد كان هناك اهتمام متزايد بإنتاج الكحول والتخمير وإنتاج الاثينول ethanol كبديل (أو خليط مع النفط). إن هذا البديل ينتج عادة من تخمير قصب السكر أو بعض المنتجات الزراعية وخاصة الذرة أو تخمير الكحول. إن هذا يشكل مصدراً جديراً بالاهتمام وإن كان محدوداً. وينطبق نفس الأمر على الطاقة من الهيدروجين وخلية الوقود.

إن إنتاج الاثينول من المنتجات الزراعية وخلطه بالبنزين (أو استعماله كبديل للبنزين) أخذ في الازدياد في بعض الدول حيث يتواجد أساساً في البرازيل ولكن بعض الدول الأوروبية تتوجه حالياً (بواسطة التشريعات في السوق الأوروبية المشتركة) على أن يشكل الاثينول 10% من وقود السيارات. إن هذا ممكن التحقيق إلا أنه من الصعب أن يتوسع إنتاج الاثينول أكثر من ذلك لمحدودية الأراضي القابلة للزراعة واحتياجات المياه وللكلف الكبيرة وأيضاً لأنه يحتاج إلى استهلاك كبير للطاقة التقليدية لإنتاجه ونقله.

أساليب نشر وتشجيع الطاقة المتجددة

تحاول عديد من الدول وخاصة الدول الأعضاء في السوق الأوروبية تشجيع الطاقة البديلة وخاصة الطاقة المتجددة بأساليب متعددة والدافع إلى ذلك عادة عدة أهداف منها (3):

* أمن الطاقة.

* الدافع البيئي لتخفيض انبعاثات غازات البيئة الدفيئة وخاصة غاز ثاني أكسيد الكربون.

* تنويع مصادر الطاقة.

الغايات ذلك فإن بعض الدول أخذت تلجأ إلى أساليب اقتصادية (ضريبية وتسعيرية) لغايات تشجيع ونشر الطاقة المتجددة.

الإجراءات الضريبية المتخذة لتشجيع الطاقة المتجددة

قام العديد من الدول الأوروبية الأعضاء في الاتحاد الأوروبي باتخاذ إجراءات عدّة لتخفيض الغازات الدفيئة المنبعثة منها وذلك عن طريق فرض ضرائب وتقديم دعم وإغراءات مالية لشركاتها الصناعية وكذلك عن طريق تشجيع استعمال الطاقة البديلة. إن من أكثر الدول نشاطا في هذا المجال الدول الاسكندنافية وبريطانيا وألمانيا. لا تزال هذه السياسات والإجراءات في بدايتها وتقوم الدول الأوروبية بالاستفادة من تجاربها وتجارب الآخرين، وفيما يلي بعض الإجراءات البريطانية التي يمكن ذكرها كنموذج لما يجري والتي يمكن أن تتبعها دول أخرى بإجراءات مماثلة في المستقبل. إن هذه الإجراءات تتمثل في عديد من الأساليب الضريبية منها:

* ضرائب التغير المناخي وتشجيع الطاقة المتجددة (التجربة البريطانية)

جرت زيادة كلفة الطاقة في بريطانيا على المستعملين وذلك من أجل الحد وترشيد استعمالها (وكذلك لغايات الأمن الوطني للطاقة). وقد فرضت الحكومة ضريبة خاصة على القطاع العام والشركات كثيفة الاستعمال للطاقة وأعفي منها قطاع الطاقة المتجددة وسميت هذه الضريبة بضريبة التغير المناخي Climate Change Levy (CCL).

أعلن رسميا عن هذه الخطة في ابريل 2002 إلا أن الترتيبات الأولية لتطبيقها بدأت من سبتمبر 2001 بأسعار متاجرة بين 4-6$ للطن الواحد من غاز ثاني أكسيد الكربون. إن أسعار المتاجرة الحالية لثاني أكسيد الكربون في الأسواق الأوروبية تصل إلى 22.5 يورو (25$) للطن الواحد من ثاني أكسيد الكربون. إن المشاركة في هذه الخطة مفتوح لمعظم الشركات البريطانية وهو اختياري، والخطة حاليا لا تشمل محطات توليد الكهرباء ولا قطاع النقل أو القطاع المنزلي إلا أنه سيتم شمولها بعد فترة. ولقد قامت الحكومة بتقديم مغريات عديدة للشركات للمساهمة بإعادة الضريبة لها في ظروف خاصة منها التقيد بشروط معينة. ويوجد حاليا حوالي 6000 شركة في بريطانيا قادرة على المتاجرة.

إن هذه الخطة البريطانية هي خطة تجريبية خلال الفترة 2002- 2006 والتي يتوقع خلالها أن تكون خطة ريادية للبدء بخطة مماثلة تشمل جميع دول الاتحاد الأوروبي. ويتوقع أن يكون السجل البريطاني للمتاجرة وطنيا هو نفس السجل المتوقع أن يطبق للمتاجرة عالميا بالغازات المنبعثة في عام 2008. كذلك فإن الحكومة قد أبدت استعدادها لإعادة 80% من قيمة ضريبة التغير المناخي (CCL) للشركات التي تحقق نتائج مرضية في تحسين كفاءة استعمالها للطاقة أو في تخفيض الغازات المنبعثة منها.

في الوثيقة البريطانية البيضاء للطاقة Energy White Paper 2003 التزمت الحكومة البريطانية بتخفيض غازات ثاني أكسيد الكربون المنبعثة منها في عام 2050 بحوالي 60% من مستواها في عام 1990 ومحاولة تخفيض 20% من هذه الانبعاثات في عام 2020. وبحسب توجيهات الاتحاد الأوروبي للطاقة المتجددة EU Renewables Direction فإن الحكومة البريطانية التزمت بإتباع أساليب تؤدي إلى أن تساهم الطاقة المتجددة بما لا يقل عن 10% من إنتاج الكهرباء في عام 2010 وبـ 20% عام 2020. هذا بجانب ضريبة التغير المناخي (CCL) والتي تبلغ حاليا (عام 2003) مبلغ 4.30 جنيها إسترلينيا على كل ألف كيلوواط ساعة من الاستهلاك الصناعي.

كل ذلك لتخفيض غازات الكربون المنبعثة وتحضير المستهلكين الصناعيين البريطانيين للمشاركة في الخطة الأوروبية للمتاجرة بالغازات المنبعثة EU Emissions Trading Scheme (EUETS) والتي بدأ تطبيقها في عام 2005. إن كل هذا يلقي عبئا ثقيلا على محطات توليد الكهرباء التي تستخدم الوقود الأحفوري وخاصة الفحم.

* الضرائب على الكربون

إن ضريبة الكربون هي إضافة على سعر الوقود الأحفوري وتتناسب مع كمية الكربون المنبعثة عند حرق هذا الوقود. ولقد اعتبرت مثل هذه الضرائب بأنها أداة كفؤة في الحد من الانبعاثات وبالتالي هي ضريبة تشجيعية لاستعمال الطاقة المتجددة.

إن ضرائب الكربون أدوات مالية لها علاقة مباشرة بالسوق؛ إذ إنه عندما تفرض الضريبة فإن البضائع التي يحتاج إنتاجها لاستهلاك كثيف من الطاقة (وبالتالي كثيرا من الانبعاثات) سيرتفع سعرها ويقل ربحها. ونتيجة لذلك فإن قوى السوق ستعمل بصورة كفؤة للحد من استعمالها وبالتالي الحد من الانبعاثات. ولهذه الضرائب تأثيران أحدهما مباشر ناتج من زيادة الأسعار مما يؤدي إلى الاستثمارات الكفؤة والمحافظة على الطاقة والتغير في أنواع الوقود وكيفية استعماله والتأثير الآخر غير مباشر عن طريق إعادة تدوير حصيلة الضرائب المقتطعة مما يؤدي إلى تغيرات في هيكلية الاستثمار والاستهلاك وفوائد أفضل للجمهور.

* ضرائب الطاقة وتسعير المشتقات النفطية

بالإضافة إلى الضرائب على الكربون والغازات المنبعثة فإن هناك ضرائب أخرى لها انعكاسات مباشرة على استعمالات الطاقة وتشجيع الطاقة المتجددة. إن الضرائب على الطاقة بصورة عامة وضرائب المبيعات للطاقة هي في الواقع ضرائب على الكربون وإن كان من غير الممكن اعتبارها ضرائب مباشرة لأنه لا تقرر حسب محتويات الطاقة من الكربون. إن هناك مشاكل ثلاث متعلقة بضرائب الكربون: تأثيرها على المنافسة، وفي العبء الضريبي، وفي البيئة.

من الضروري أن نفرق بين ضريبة الكربون وضريبة الطاقة. إن ضريبة الطاقة تفرض على الإنتاج أو الاستهلاك من الطاقة مثلا دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية $/BTU أو لكل كيلوواط ساعة من استهلاك الكهرباء بغض النظر عن محتواها من الكربون. بينما ضريبة الكربون تتناسب مع محتوى الكربون في الوقود الأحفوري وبالتالي فهي متعلقة بالوقود الذي يحتوي على كربون فقط ويقع عبؤها على الفحم أكثر من غيره من أنواع الوقود الأحفوري ولا تتعرض للطاقة النووية.

لذلك إذا كان القصد تخفيض الغازات المنبعثة وخاصة الكربون فإن ضريبة الكربون هي أشد وقعا وأفضل للتنفيذ. ولما كان الفحم هو الوقود المتوفر بكثرة في معظم الدول الصناعية (وهو مدعوم في كثير من الحالات) فقد كان هناك اتجاه لدى السوق الأوروبية لفرض ضريبة مشتركة ناجمة من الطاقة ومن الكربون وسميت ضريبة الطاقة/ كربون carbon/energy tax بحيث تكون نصف قيمتها مبينة على محتوى الوقود من الكربون والنصف الآخر على محتواه من الطاقة.

إن التأثير في المنافسة هو العائق الأول في تطبيق ضرائب الكربون؛ إذ إن الدول التي تجبي مثل هذه الضرائب ترفع كلفة إنتاجها وتقلل من قدرتها على التنافس وإن كانت الدراسات الأولية قد أوضحت بأن تأثير هذه الضرائب لا يؤثر مباشرة في الربح والخسارة. بالنسبة لتوزيع الدخل فإن الدلائل الأولية تشير إلى أن هذه الضرائب لها تأثيرات سلبية وتؤثر في الفقراء أكثر من تأثيرها في أصحاب الدخول العالية، إلا أن الموضوع لا يزال خلافيا. ونتيجة للتأثيرات السلبية لضريبة الكربون فقد جرت عدة دراسات للتنبؤ بنتائجها الاقتصادية.

أن الدول الكثيفة الاستعمال للفحم مثل استراليا تتأثر من حيث الكلفة أكثر من الدول الأخرى. وقد وجد أنه حتى لا يكون هناك تأثيرات كبيرة مباشرة في الاقتصاد فإنه يفضل أن يكون تنفيذ ضرائب الكربون تدريجيا بحيث يعطي وقتا للمستهلكين لخيارات جديدة مما يخفف التأثير السلبي في الاقتصاد.

بالنسبة للطاقة المتجددة فإن مثل هذه الضرائب تقلل الاعتماد على الوقود الأحفوري وبالتالي تقلل غاز ثاني أكسيد الكربون الناتج للجو وتحسن من إمكانيات الطاقة المتجددة، إلا أنه تجب ملاحظة أن الدفيئة العالمية ليست فقط ناتجة من الكربون ويجب من أجل البيئة أن يكون هناك اهتمام مماثل بالغازات الأخرى التي قد تؤدي إلى حدوث الدفيئة العالمية.

إن ضرائب الكربون أمر مثير للجدل وتأثيراتها غير واضحة ولو أن بعض ذلك تمكن معالجته بالأسلوب الضريبي واستعمالات الحصيلة. ومن التأثيرات المثيرة للجدل أن هذه الضرائب يمكن أن تعاقب المنتجين بدل أن تقع على كاهل المستهلكين.

إن الاستراتيجيات لفرض ضريبة على الكربون في كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لم تحقق غرضها وربما يكون ذلك ناتجا من تأثيرها السيء في إنتاج الفحم وهو الوقود الرئيسي لإنتاج الكهرباء في الولايات المتحدة وبعض دول الاتحاد الأوروبي.

لقد قامت النرويج منذ عام 1991 بتطبيق ضريبة كربون عالية هي من الأعلى في العالم بلغت قيمتها 51 دولار لطن ثاني أكسيد الكربون المنبعث من الجازولين و24 دولار لطن ثاني أكسيد الكربون من الفحم. والآن بعد أكثر من عشر سنوات من التطبيق وجدت النرويج أن تأثير فرض ضريبة الكربون في انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون كانت ضئيلة. وقد تمكنت النرويج في فترة العشر سنوات حتى عام 2000 من تخفيض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بنسبة 14% ، إلا أن معظم التخفيض كان نتيجة لتراجع كثافة استعمال الطاقة في الاقتصاد وتغير مكونات الاستعمال ولم تساعد ضريبة الكربون إلا بـ 2% من التخفيض الذي حصل (12).

استراتيجيات وسياسات الطاقة المتجددة في الوطن العربي

توجهت سياسات الطاقة في الدول العربية خلال العقود الثلاث الماضية بصورة أساسية نحو الوفاء بمتطلبات الطاقة اللازمة لبرامج التنمية، ورفع مستوى قدرات البنية التحتية. إلا أن إدارة القطاع لم تركن بصورة دائمة إلى مبادئ اقتصادية نظراً للدعم الكبير لأسعار الطاقة في معظم الدول العربية والذي أدى إلى خسائر اقتصادية في بعض البلدان بالإضافة إلى ارتفاع معدلات الطلب، وتزايد الحاجة لاستثمارات هائلة، وانخفاض كفاءة استخدام الطاقة بوجه عام، كما أدى إلى حدوث تأثيرات بيئية عديدة بالإضافة إلى استمرار محدودية قدرات وصول إمدادات وخدمات الطاقة إلى الكثير من المناطق الريفية.

ومن أهم التشريعات والسياسات التي صدرت علي المستوي الوطني بالدول العربية في مجال دعم وتنمية ونشر استخدامات الطاقة المتجددة في التطبيقات المختلفة (13 ):

* تونس

تعتبر سخانات المياه الشمسية من أكثر تطبيقات الطاقة المتجددة انتشارا في تونس، ويرجع ذلك إلي البرامج الدولية التي نفذتها تونس في هذا المجال لدعم انتشار السخانات الشمسية للمياه بالتعاون مع مرفق البيئة العالمي، GEF، والحكومة البلجيكية، وقد تزامنت برامج التعاون مع إصدار قوانين للتشجيع علي استخدام تطبيقات الطاقة المتجددة بصفة عامة والسخانات الشمسية بصفة خاصة، فقد أصدرت تونس القانون رقم 82 لعام 2005 والذي ينص في بعض بنوده علي:

* الإعفاء من الرسوم والضرائب علي جميع معدات وآلات الطاقة المتجددة.

* إعطاء منح بنسبة 20% من تكاليف المجمعات الشمسية في حدود 100 دينار تونسي عن المتر المربع يتم صرفها مباشرة لفائدة المورد، وكذا جميع معدات ترشيد الطاقة.

* فرض رسوم علي السيارات والمعدات التي تعمل بالوقود التقليدي في دعم عمليات ترشيد الطاقة والنهوض بالطاقة المتجددة ومنها تسخين المياه بالطاقة الشمسية في القطاع المنزلي والمؤسسات الخاصة، والعمل علي إنتاج الكهرباء من مصادر متجددة.

* المغرب

للترويج لاستخدام مصادر الطاقة المتجددة أصدرت المغرب القانون رقم 32 – 39 لعام 1994، والذي ينص علي إعفاء معدات الطاقة المتجددة المستوردة وقطع غيارها من الرسوم والضرائب. وفي إطار سياسة الطاقة المغربية، اعتمدت وزارة الطاقة والمعادن منذ سنوات مخططا يهدف إلى تشجيع وتنمية استغلال الطاقة المتجددة وترشيد استعمالها في البلاد يتمحور هذا المخطط حول الأهداف الآتية:

* إنتاج الكهرباء، عبر إحداث محطات جديدة تعمل بواسطة طاقة الرياح والطاقة الشمسية.

* كهربة القرى، و ذلك بإدماج الطاقة الشمسية الكهروضوئية في البرنامج الوطني الشامل لكهربة القرى و توفير الدعم و الظروف الملائمة لإنشاء مشروعات صغرى بالمناطق الريفية.

* ترشيد الطاقة، بنشر استخدام السخانات الشمسية في العديد من القطاعات ونشر التقنيات المتطورة لتقليص استهلاك الحطب.

* المحافظة على البيئة.

* جمهورية مصر العربية

في أبريل 2007 أقر المجلس الأعلى للطاقة إستراتيجية للطاقة تعتمد على مشاركة القطاع الخاص ليصل إجمالي القدرات المركبة من طاقة الرياح بحلول عام 2020 إلى حوالي 7200 م.و تنتج سنويا طاقه كهربائيه تقدر بحوالي 31 مليار ك.و.س.
وإلي جانب إنشاء هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة ككيان تنفيذي لمشروعات الطاقة المتجددة، فقد تم اتخاذ عدة خطوات لدعم العمل في مجالات الطاقة المتجددة منها:-

* إنشاء مرفق جهاز تنظيم الكهرباء وحماية المستهلك في عام 2003 يختص بمنح التراخيص لشركات التي تقوم بأنشطة في مجال الطاقة الكهربائية إلي جانب مراجعة اتفاقيات شراء الطاقة.

* إنشاء صندوق الطاقة المتجددة مناصفة بين وزارة الكهرباء والطاقة ووزارة البترول في عام 2004 حيث يتم اقتسام حصيلة الوفر من الوقود البترولي الذي يتم بيعه في السوق العالمي والناتج عن توليد طاقة كهربائية باستخدام محطات الرياح بين الوزارتين.

* تخفيض الجمارك علي معدات الطاقة المتجددة من 8% إلي 2%.

* التعاون والتنسيق بين وزارة الكهرباء والطاقة ووزارة البيئة لتنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة من خلال آلية التنمية النظيفة للمساهمة في تحسين اقتصاديات مشروعات الطاقة المتجددة من ناحية والحفاظ علي البيئة من ناحية أخري.

* يجري حاليا الإعداد لإصدار قانون جديد للكهرباء يتضمن تشريعات لنشر استخدام الطاقة الجديدة والمتجددة وتشجيع القطاع الخاص علي الدخول في هذا المجال.

– استحداث درجات علمية في مجالات الطاقة الجديدة والمتجددة.

* المملكة الأردنية الهاشمية

تتولي وزارة الطاقة والموارد المعدنية دراسة مسودة قانون للطاقة يشتمل علي بنود لحفز وتشجيع استخدام الطاقة المتجددة بالأردن، ويعد هذا القانون مكملا لقانون الكهرباء رقم 64 لسنة 2002، وأهم ملامح هذه المسودة:-

– تتولي الوزارة طرح مناقصات عامة داخل وخارج المملكة لتنمية تطبيقات الطاقة المتجددة.

– يتم شراء الطاقة المولدة من مصادر من مصادر متجددة من قبل المرخص لهم بالإمداد وفقا لاتفاقية شراء طاقة تتفق مع أحكام قانون الكهرباء.

– يشترط في تعريفة بيع الطاقة الكهربية من المصادر المتجددة أن تغطي التكلفة المتغيرة والثابتة طبقا للتكنولوجيا بالإضافة إلي ربح معقول.

– إذا تم تحرير سوق الطاقة الأردني طبقا لقانون الكهرباء العام أو أي تشريع آخر (بما يتيح شراء وبيع الكهرباء) فإن السعر الثابت في اتفاقية شراء الطاقة أو اللوائح –طبقا للحالة- يمكن التخلص منه تدريجيا خلال فترة انتقالية لا تزيد عن عامين.

– إعفاء مشروعات الطاقة المتجددة من 75% من ضرائب الدخل المعمول بها خلال عشر سنوات مالية تبدأ من فترة التشغيل التجاري للمشروع.

– تخصيص المنح الدولية والقروض الميسرة لمشروعات الطاقة المتجددة.

* سوريا

ويتضمن قانون الطاقة السوري في بنوده العديد من المواد التي تشير إلي العمل علي الاستفادة من تطبيقات الطاقة الجديدة والمتجددة، فالمادة رقم 4 تنص علي:-

– الاستفادة من تطبيقات الطاقة المتجددة وزيادة مشاركة هذه التطبيقات في كافة التطبيقات.

أما المادة رقم 12 والتي تندرج تحت الباب التاسع “التسهيلات الحكومية والإعفاءات الضريبية والجمركية” فتنص علي:-

– إعفاء مشروعات إنتاج الطاقة الكهربائية من الطاقة المتجددة من جميع الضرائب والرسوم والجمارك وضرائب الأرباح.

– الإعفاء من الرسوم الجمركية للمواد الأولية أو نصف المصنعة أو المصنعة والمستوردة للأجهزة الموفرة للطاقة ولأجهزة تطبيقات الطاقة المتجددة.

– تتحمل الدولة نسبة من تكلفة أجهزة تسخين المياه بالطاقة الشمسية المستخدمة لتسخين المياه في القطاع المنزلي (تحدد نسبة المساهمة حسب مصلحة الاقتصاد الوطني من قبل مجلس الوزراء).

– اعتماد أجور رمزية وتشجيعية لقاء فحص واختبار وتقييم أداء نظم تطبيقات الطاقة المتجددة.

* الجزائر

– القانون رقم 99 – 90 مؤرخ في 8. جويلية 1999 المتعلق بالتحكم في الطاقة، حيث يرسم هذا القانون الاطار العام للسياسة الوطنية في ميدان التحكم في الطاقة ويحدد الوسائل التي تؤدي الى ذلك، لهذا الغرض تم اعتبار ترقية الطاقات المتجددة احدى ادوات التحكم في الطاقة.

– القانون رقم 02-01 مؤرخ في 7 فيفري . 2002 . المتعلق بالكهرباء و التوزيع العمومي للغاز الطبيعي عبر الانابيب، و في اطار تطبيق هذا القانون تم الاعلان عن المرسوم المتعلق بتكاليف التنويع حيث ينص على منح تعريفات تفاضلية على الكهرباء المنتجة انطلاقا من الطاقات المتجددة و التكفل من طرف مسير شبكة نقل الكهرباء على حسابه الخاص بإيصال التجهيزات الخاصة بها.

– القانون رقم 09 04 مؤرخ في 14 اوت 2004 . المتعلق بترقية الطاقات المتجددة في اطار التنمية المستدامة، حيث ينص هذا القانون على صياغة برنامج وطني لترقية الطاقات المتجددة بالإضافة الى التشجيع والدفع إلى تطويرها، وانشاء مرصد وطني للطاقات المتجددة يعود عليه ترقية الطاقات المتجددة وتطويرها .

تقييم سياسات وتشريعات الطاقة المتجددة في الوطن العربي

تظهر الدراسة أن قوانين الطاقة تتضمن تشريعات تعمل علي الدعوة إلي نشر استخدامات وتطبيقات الطاقة المتجددة في المجالات المختلفة، ويمكن تقييم سياسات وتشريعات الطاقة المتجددة المطبقة في الدول العربية من خلال النقاط التالية (19 ):-

– تشـوهــات السوق/الضرائب والجمارك.

علي الجانب المعرفي للاقتصاد تعرف كل من الضرائب بأنواعها (المبيعات، الدخل، .. إلخ)، والجمارك التي تفرض علي المعدات المستوردة بتعبير تشوهات السوق Market Distortions، ويرجع ذلك لأن المبالغ المالية المترتبة علي مثل هذه البنود تعتبر أعباء علي المستثمرين في المجالات الناهضة التي تحتاج في بدايات إنشائها وتفعيل دورها إلي دعم مادي بدلا من فرض أعباء مالية يصعب معها عمليات الاستثمار ونقل التكنولوجيا ونشرها علي صعيد الاستخدام التجاري، وفي هذا الصدد:-

– تشمل تشريعات بعض الدول العربية (مثل سوريا، والمغرب وتونس) إعفاء معدات وأجهزة الطاقة المتجددة من الضرائب والرسوم الجمركية.

– تتضمن قوانين دعم وتحفيز نشر استخدامات الطاقة المتجددة تخفيض الرسوم الجمركية والضرائب علي معدات الطاقة المتجددة.

– تعريفة شراء الطاقة المنتجة من مصادر متجددة

حددت دولة مثل الجزائر تعريفة محددة لشراء الطاقة المنتجة من المصادر المتجددة، وتختلف التعريفة من تطبيق لآخر (طاقة رياح، طاقة شمسية). تنص بعض تشريعات الدول العربية (مثل سوريا، ومصر، والأردن، والمغرب) علي تقديم أسعار مجزية للمستثمرين في المجالات المختلفة للطاقة المتجددة، لكن لم تذكر التشريعات أي قيم يمكن تقييمها أو إجراء دراسات عليها.

– غياب الجانب المعرفي/البحث العلمي والتطوير

ينقسم اقتصاد مجتمع المعرفة إلي فرعين، اقتصاد قائم علي المعرفة Knowledge-Base، لكون المعرفة مقوما حيويا لاغني عنه في كل القطاعات الاقتصادية، واقتصاد للمعرفة ذاتها بصفتها قطاعا اقتصاديا قائما بذاته، له أصوله وخصومه، وتكنولوجياته المحورية وصناعاته المغذية وشبكات توزيعه المحلية والعالمية ومنتجاته الوسيطة والنهائية. لقد أصبحت المعرفة قوة دافعة وحركا أوليا للاقتصاد الحديث، فهي أهم وسائل زيادة إنتاجية عمالة المصانع والمكاتب والحقول والفصول ومصدر محتوي الرسائل المتبادلة عبر شبكة المعلومات. وحاليا يواجه الاقتصاد العربي إزاء اقتصاد المعرفة تحديا قاسيا، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل يمكن للاقتصاد العربي أن ينهض من كبوته مثلما فعلت الاقتصادات الناهضة البازغة كما في الصين والهند والبرازيل وماليزيا.

في العقود الأخيرة تنامت نزعة احتكار المعرفة وفرض قوانين الحماية التي تضمن لمن ينتج المعرفة دون غيره حقوق استثمارها، وربما يبدو هذا أمرا من قبيل البديهيات، وتكتسب مسألة الملكية الفكرية أهمية خاصة بالنسبة إلي العالم العربي مثله في ذلك مثل الدول النامية، وذلك لكونه مستوردا للعلوم والتكنولوجيا، ومما يزيد الأمر خطورة أن هناك توجها للتوسع في حقوق الملكية الفكرية بحيث تكفل الحماية لكثير من الأمور التي ظلت إلي يومنا هذا خارج نطاق الحماية].

وعلي صعيد مجالات الطاقة لا يكاد قانون أو تشريع للطاقة المتجددة في أي دولة عربية يخلو من دعم إجراءات البحث العلمي في المجالات المختلفة للطاقة المتجددة والدعوة إلي تبادل الخبرات بين المراكز البحثية العربية، إلا أن الواقع العملي لا يشتمل علي آليات لتنفيذ مثل هذه السياسات، ناهيك عن الدعم المادي والذي ينحصر في مرتبات العاملين، ليظل البحث العلمي دائما في مرحلة الأمنيات ويغيب معه القدرة علي نقل التكنولوجيا أو العمل علي توطينها في الدول العربية.

إننا في حاجة إلي تحديد أهداف ترتبط بقيم ونسب وفترات زمنية مع العمل من خلال توزيع الأدوار علي مراكز البحث العلمي العربية المتميزة في مجالات الطاقة المتجددة أو التي لديها خبرات عملية، ولا يعني هذا قصر التعاون بين المراكز ليكون عربيا/عربيا، بل يمكن أن يكون عربيا/أجنبيا بشرط أن تنقل التكنولوجيا إلي الأرض العربية فنجد تصميمات عربية وتكنولوجيا عربية.

– المنح والمساعدات الأجنبية

يشبه الاعتماد علي المنح الخارجية والمساعدات المادية الأجنبية في دعم مشروعات الطاقة المتجددة وغيرها من المشروعات أن يظل تطور قطاع الطاقة المتجددة مرهونا بما يتم تقديمه أو جلبه من مساعدات، وهي أمور لا تستطيع ضمان تطوير أو دفع تطبيقات الطاقة المتجددة إلي الأمام وخاصة إذا عرفنا أن نسبة 80% من المنح المقدمة تعود للدول المانحة في شكل مرتبات وبدلات سفر وانتقال للعمالة الأجنبية، أما النسبة الباقية (20%) فيتم توجيهها أيضا في نواحي تحددها وتوافق عليها الدولة المانحة، بمعني آخر يتم توجيهها حيث تخدم أهدافها هي وليس أهداف البلد المقدم له المنحة.

أي أن الدول النامية لا تستفيد من هذه المنح بأكثر من 20% وهو ما لا يمكن الاعتماد عليه في تنمية مجال من المجالات، فالهند مثلا تبلغ نسبة المنح المشاركة في عمليات التنمية 0.5% من إجمالي الإنفاق العام علي المشروعات، وهو ما يعني أن الحافز للتنمية لا بد وأن يكون ذاتي المصدر في المقام الأول، فدولة كالصين ترفض أي منحة تأتيها من الخارج إذا انخفض فيها مكون نقل المعرفة عن 25% من قيمة المنحة.

إن الاعتماد أو علي الأقل الركون إلي المنح في تطوير وتنمية مجال ما لا يضمن تحقيق تقدم في الدول النامية بقدر ما يحقق نمو في الأسواق المانحة.

– تمويل المشروعات

علي الرغم من أن توفير التمويل اللازم لمشروعات الطاقة المتجددة يعتبر أحد النقاط الرئيسية الداعمة لنشر التطبيقات وهو ما حدا بالدول الأوربية المتقدمة في المجال إلي تخصيص القروض الميسرة (ذات نسب فوائد منخفضة وفترات طويلة لرد القرض) لتمويل مشروعات الطاقة المتجددة، وبغياب هذه النقطة المحورية يغيب عن تشريعات الطاقة المتجددة في الدول العربية حافزا في غاية الأهمية، إذ لا تتوافر مثل هذه القروض للمشروعات العربية إلا من خلال قروض أجنبية تأتي ومعها شروط ملزمة للتطبيق تتمثل أقل هذه الشروط في تعظيم نسب المكون الأجنبي في تلك المشروعات وبالتالي تهميش العنصر المحلي والذي يكون له تأثيراته السلبية.

– دعم مصادر الطاقة

إن التسعير المناسب لخدمات الطاقة الحديثة هو واحد من أكبر العقبات التي تواجه واضعي سياسة الطاقة والفقراء علي حد سواء، وفي كثير من البلدان لا تعكس أسعار الطاقة (سواء بالنسبة للكهرباء، أو النفط، أو الغاز، أو غيرها من أنواع الوقود) تكلفة ذلك الوقود. ومن منظور الفقراء فإن تكاليف خدمات الطاقة الحديثة تمثل في الغالب نسبة كبيرة من الدخل، ويمكن أن يساعد الدعم في سد الفجوة بين ما يستطيع المستهلكون الفقراء تحمله وتكلفة التوصيل أو الخدمة، ولكن جوانب عدم الكفاءة المرتبطة بالدعم تجعل هذا الخيار من السياسة معقدا].

في العالم العربي نجد أن أسعار الطاقة لها نصيب دائم من الدعم وذلك لمراعاة البعد الاجتماعي للطبقات الفقيرة، إلا أن الغريب أن نجد أن الطاقة تدعم كليا أو تكاد تكون بالمجان لمواطني بعض البلدان العربية (في الخليج العربي)، وهو ما ظهر معه أنماط من الاستهلاك يصعب السيطرة عليها، لقد ذكرنا من قبل أن إجراءات التسعير تدخل في إطار سياسات ترشيد الطاقة، ونظرا للوضع القائم في بعض الدول العربية من دعم غير رشيد لمنتجات الطاقة فقد تنامي الاستهلاك في نواحي لا تعود بالفائدة الإيجابية علي البلد ولا يتحقق معها دخل يوازي مستهلكات الطاقة. إننا في حاجة إلي الربط بين رفع الدعم عن مصادر الطاقة الأحفورية ومراعاة الأبعاد الاجتماعية للفئات الفقيرة في العالم العربي.

يمكن تقسيم سياسات الطاقة المتجددة عالميا إلى ثلاثة محاور أساسية وهي (18):-

1. تنمية الطلب والإنتاج.

2. تشجيع التصنيع المحلي لمعدات الطاقة المتجددة (خاصة في البلاد النامية).

3. دعم الطاقة المتجددة.

تشمل القوانين الخاصة بالطاقة المتجددة علي قوانين خاصة بتنمية وتشجيع الطاقة المتجددة, أو قوانين خاصة تحسين كفاءة واستخدام الطاقة, أو قوانين خاصة بالكهرباء تحتوي على نصوص مواد خاصة بالطاقة المتجددة، علي نحو آخر اتفقت السياسات الخاصة بالطاقة المتجددة بالسماح بإنشاء وربط محطات أو وحدات الإنتاج من الطاقة المتجددة بالشبكة الكهربية مع إعطائها أولوية في الاعتماد عليها مقابل المصادر الأخرى.

أ – سياسات تنمية الطلب والإنتاج

تنقسم تلك السياسات إلى ثلاث سياسات رئيسية:-

أولاً: سياسات رئيسية

أ) سياسات تسعيرية

– سياسة تعريفة التغذية Feed-in Tariff:

في هذه السياسة تقوم الدولة بتحديد تعريفة لكل وحدة طاقة يتم إنتاجها من مصدر متجدد، وهذه التعريفة تكون مرتفعة عن تلك الممنوحة للطاقة المنتجة من المصادر التقليدية وتضمن تحقيق عائد مناسب للمستثمرين في إنتاج الطاقة المتجددة. وعادةً ما يكون هناك تعريفة لكل نوع من أنواع الطاقة المتجددة كأن تكون هناك تعريفة للكهرباء المولدة من الرياح أو الشمس أو الطاقة الجوفية.

يتم تغطية تكلفة للمصادر المتجددة من خلال وسيلتين، الأولي: مباشرة أي يسددها المستهلك النهائي، والثانية غير مباشرة عن طريق إعفاءات ضريبية على المشروع أو فرض ضرائب / رسوم على الطاقة التقليدية لصالح الطاقة المتجددة، وقد تختلف قيمة التعريفة علي حسب سعة المحطة ومكانها ففي حالة الرياح تتغير التعريفة حسب طبيعة الموقع، بمعنى منح تعريفة أعلى للأماكن ذات سرعة الرياح الأقل من الموقع القياسي المحدد بالقانون. وقد تبنت دول عديدة تلك السياسة مثل ألمانيا وفرنسا وأسبانيا وجمهورية التشيك ومؤخراً الصين.

يعتبر القانون الألماني للطاقة المتجددة هو أول قانون تبنى هذا الاتجاه حيث منح تعريفة متميزة للطاقة المتجددة وتكون تلك التعريفة مضمونة لمدة عشرين عاماً ويتم تخفيضها سنويا بنسبة 1.0% سنويا.

تعرف سياسة تعريفة التغذية بسياسة القيمة المحددة والسعة المتغيرة حيث لا يشترط القانون إنتاج كمية محددة من الطاقة المتجددة ولكن يتم الاعتماد على قوى السوق في تحديد كمية الطاقة المنتجة اعتماداً على جاذبية الأسعار المقدمة، ويتميز أسلوب تعريفة التغذية بما يلي:-

* توفير ضمان للمستثمرين في إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة حيث أن قيمة شراء الطاقة تكون مضمونة لفترة زمنية طويلة (20 سنة في القانون الألماني وخمسة عشر سنة في القانون الفرنسي والتشيكي) بما يضمن للمستثمرين استعادة استثماراتهم.

* تمكين المستثمرين من الحصول علي تمويل بصورة أيسر من البنوك نتيجة الدخل المتوقع.

* إمكانية تشجيع نمو نوعيات معينة من الطاقة المتجددة خاصة تلك التي تعتمد على التكنولوجيات المتطورة حيث يتم منحها تعريفة أكثر تميزاً.

* سهولة التطبيق.

* لا يستلزم بالضرورة وجود اتفاقية شراء طاقة.

* ضمان حرص المستثمر علي التصميم الأمثل للمحطة نظراً لارتباط ربحية المشروع بارتفاع الإنتاجية.

أما من ناحية عيوب هذه السياسة فيمكن إجمالها فيما يلي:

▪ عنصر المخاطرة السياسية الطاردة للاستثمار إلا أن بعض الحكومات خفضت تلك المخاطرة بضمان الدفع وشراء الكهرباء لمدة تتراوح بين 15و20 سنة، فإذا ما انخفضت التعريفة فلن يؤثر ذلك علي المستثمرين الموجودين ولكن سيخفض المستثمرين الجدد.

▪ مخاطر تغير أسعار الصرف أو بمعني أخر ارتفاع تكلفة التمويل.

▪ ارتفاع التكلفة حيث تكون التعريفة ثابتة لفترة زمنية طويلة بما لا يسمح بنقل الخفض في التكلفة الناتج من التطور التكنولوجي وارتفاع الكفاءة إلى المستهلكين.

▪ عدم ضمان تحقيق أهداف محددة لنسبة استخدام الطاقة المتجددة حيث يترك ذلك لآليات السوق.

▪ صعوبة التنبؤ بمعدل النمو في استخدام الطاقة المتجددة مما يضع عبء على شبكات النقل والتوزيع وكذلك في القدرات اللازمة للمحافظة على اتزان الشبكات.

جدير بالذكر أن القانون الألماني قد أثبت نجاحاً كبيراً عند التطبيق حيث أن إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة قد زاد من 5.2% في سنة 1998 إلى 8% في سنة 2003 من إجمالي كمية الطاقة الكهربية المولدة، وقد أعطي تعديل القانون الذي تم تنفيذه في عام 2008 ميزه سعرية للطاقة المنتجة من الرياح بهدف الوصول إلي مشاركة المصادر المتجددة بنسبة 30% بحلول عام 2020، كما بلغت كمية الطاقة الكهربية المولدة في ألمانيا من طاقة الرياح ثلث كمية الطاقة المولدة عالمياً من الرياح على الرغم من انخفاض متوسط سرعة الرياح (من 6 إلي 7 متر/ث) بألمانيا، كذلك الطاقة المولدة من كل من الكتلة الحيوية والطاقة الشمسية باستخدام الألواح الفوتوفولطية.

وقد أعطى حكم المحكمة الخاصة بالاتحاد الأوروبي في مارس 2003 دفعة كبيرة لتلك السياسة حيث أعتبر أنها لا تتعارض مع مبادئ حرية التجارة، وبوجه عام فإن نظام تعريفة التغذية هو أكثر مناسبة من وجهه نظر المستثمرين، حيث أثبت نجاحاً كبيراً، وقد أكدت العديد من التقارير الدولية أن لهذه السياسة أكبر الأثر في حفز الاستثمارات.

ب) سياسات الأهداف الكمية

– سياسة الحصص الملزمة أو الشهادات (Quota)

تعرف هذه السياسة باسم سياسة “الكوتا” أو سياسة (Renewable Portfolio Standard) حيث تفرض الدولة من خلال القانون على شركات الإمداد بالطاقة الكهربية أو المستهلكين إنتاج أو استهلاك نسبة أو كمية محددة من الطاقة الكهربية ذات المصدر المتجدد. ويتم فرض عقوبات على الشركات التي تفشل في تحقيق تلك النسبة المستهدفة.

أما من ناحية تسعير قيمة الطاقة المنتجة من المصادر المتجددة فتترك لطبيعة العرض والطلب أخذاً في الاعتبار ضرورة قيام جميع الأطراف بالوفاء بالتزاماتها. وبالتالي فإن تلك السياسة تعرف أحياناً بسياسة القدرة المحددة والسعر التنافسي وتهدف تلك السياسة إلى خفض أسعار الطاقة من المصادر المتجددة نتيجة للمنافسة.

تم تطوير النظام فى دول عديدة ليتضمن تجارة الشهادات الخضراء Tradable Green Certificates حيث يتم إصدار شهادات تمثل آلية لتتبع وتسجيل الإنتاج من الطاقة المتجددة، وهذه الشهادات يمكن استخدامها لإثبات التوافق مع متطلبات نظام الحصص الملزمة أو بيعها للمستهلك النهائي في سوق تطوعي لتجارة الطاقة النظيفة. يتم تسوية أسعار الطاقة والشهادات يومياً في آلية سوق الكهرباء وهناك أسواق مستقلة للشهادات تقوم بتحديد يومي للأسعار.

وقد أخذت الدانمارك منذ عام 1999 بتلك السياسة ولكنها عدلت عنها إلى سياسة تعريفة التغذية، هذا ويتم الإلزام بما يعرف بشهادات الطاقة النظيفة أو الخضراء حيث يصدر المنتجون شهادات بالإنتاج تعادل كل شهادة مليون كيلو وات ساعة من الطاقة المتجددة التي يتم إنتاجها كما يقوم المستهلكون بشراء كمية من الشهادات تعادل كمية الطاقة المطلوب استهلاكها من ذات المصدر المتجدد، وتعمل الآلية علي النحو التالي:

* تضع الحكومة قيمة محددة ( ومتزايدة تدريجياً ) لمستوي مشاركة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة.

* يلزم المنتجين والموزعين بإعداد أو شراء نسبة محددة في الكهرباء من الطاقة المتجددة ويمكنهم الحصول علي الشهادات من ثلاث مصادر:-

1- ملكية وتشغيل محطة طاقة متجددة.

2- شراء شهادات من منتج طاقة متجددة آخر.

ج- شراء شهادات من سمسار/وسيط أو منتج في خلال التجارة والشراء المستقل من سوق الشهادات.

وتتميز سياسة الإلزام بالآتي:-

* إيجاد سوق تنافسية للطاقة المتجددة تسمح بخفض الأسعار والتي يمكن أن يستفيد منها المستهلكون.

* التحكم في معدل نمو السوق بما يسمح بالتخطيط لقدرات النقل وكذلك كمية الطاقة اللازمة للمحافظة على إتزان الشبكة.

ومن ناحية أخرى يعيب تلك السياسة:-

* مخاطر الاستثمار نتيجة عدم وجود سعر معروف مقدماُ للطاقة المنتجة.

* عدم قدرة المنتج بالالتزام ببيع كامل كمية الطاقة المنتجة حيث قد تتغير تلك الكمية بناءاً على التغيير في الظروف المناخية.

* تعقيد نظام الشهادات المستخدم وكيفية التعامل عليها.

وبصفة عامة، لا توجد خبرات دولية كافية تتيح الحكم على هذه الأنظمة، إلا أن هناك تحفظات عليها من جانب المستثمرين من بينها أن عليهم العمل في سوقين مستقلين أحدهما للطاقة والآخر للشهادات ومشاكل العرض والطلب، حيث يرغب المستثمرين في عقود شراء شهادات طويلة الأمد بينما تفصل شركات الإنتاج عقود قصيرة الأمد. أى أن نظام تجارة الشهادات الخضراء أكثر مخاطرة للمستثمرين إلا إذا كان هناك سوق به تعاقدات طويلة المدى للشهادات.

ج- سياسة المناقصات العامة التنافسية:

يُدعي المستثمرين لإقامة مشروعات الإمداد بالكهرباء من مصادر متجددة خلال فترة معينة وبقدرات محددة من خلال مناقصة، ويتم اختيار العقود ذات أقل تكلفة إنتاج وتكون شبكات الكهرباء ملزمة بالشراء من تلك المحطات بناءاً على الأسعار التي تم التوصل إليها من خلال تلك المناقصات والمدد الزمنية التي تم الاتفاق عليها طبقاً للمناقصة.

بدء تبنى هذه الأنظمة فى المملكة المتحدة فى التسعينات، ويتم تطبيقها حالياً فى ستة دول هى كندا والصين وفرنسا والهند وبولندا والولايات المتحدة بينما بدأت أيرلندا به وتحولت مؤخراً إلى نظام تعريفة التغذية، كما تلجأ إليه شركات الكهرباء فى العديد من الدول للوفاء بحصصها المستهدفة طبقاً لنظام الحصص الملزمة.

هذا وعادة ما يتم تحديد نوع الطاقة المتجددة في المناقصة حيث لا تكون هناك مناقصات بين أنواع مختلفة من الطاقة المتجددة، وتتميز تلك السياسة بالآتي:

* التنافسية بما يضمن الحصول على أقل الأسعار ويساعد على خفض الدعم المقدم للطاقة المتجددة.

* القدرة على التحكم في كمية الكهرباء المنتجة من الطاقة المتجددة ونوعيتها.

* ضمان الاستثمارات حيث تكون الأسعار ثابتة طول مدة التعاقد بما يضمن للمستثمرين استعادة استثماراتهم.

من ناحية أخرى يعيب هذه السياسة الآتي:

* بالنسبة للمنتجين: المنافسة قد تؤدي ببعض المنتجين إلى القبول بأسعار غير واقعية اعتمادا على إمكانية تخفيض التكلفة والتي في حالة عدم حدوثها قد تؤدي لعدم قدرة هؤلاء المنتجين على الوفاء بالتزاماتهم.

* بالنسبة للمشترين: الارتباط بعقود شراء طويلة الأجل بما لا يؤدي إلى الاستفادة المستقبلية من التطور التكنولوجي وتحسن الكفاءة.

سياسات مكملة (داعمة)

هناك العديد من السياسات المكملة للسياسات الرئيسية السابقة منها:

* ترتيبات تمويلية (فى أكثر من 30 دولة) تتضمن تقديم منح وقروض ميسرة سواءً للمستثمر أو للمستهلك وكذلك آليات لخفض مخاطر التمويل من خلال الضمانات الحكومية، أو رد جزء من التمويل، أو من خلال الشراء من المنتجين بأسعار أعلى تشجيعأً للصناعة.

2- سياسات تشجيع التصنيع المحلي:

ترتبط هذه السياسات بالدول ذات القدرات الصناعية المناسبة وحجم السوق المناسب مثل الصين والهند والبرازيل، وتشمل سياسات تشجيع التصنيع المحلي لمعدات إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة:

1. اشتراط نسبة من التصنيع المحلي.

2. فرض ضرائب على المعدات المنتجة للطاقة المتجددة الواردة من الخارج.

وهذه السياسة لا تتناقض مع اشتراطات منظمة التجارة العالمية حيث تم توصيف سوق الطاقة المتجددة على أنه سوق غير تجاري.

وقد أظهرت خبرات الدول المختلفة ما يلي:

* في كندا، تم وضع معادلة في شروط تقييم العروض تأخذ في الاعتبار كل من السعر ونسبة التصنيع المحلي.

* ربط التأهيل لدخول المناقضات الخاصة بإنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة بتحقيق نسبة من التصنيع المحلي.

* بعض الحكومات مثل أسبانيا قامت بمنح دعم إضافي يدفع لعدة سنوات إذا كانت نسبة التصنيع المحلي تتجاوز نسبة معينة.

* اشترطت الهند منذ منتصف التسعينات من القرن الماضي ضرورة تحقيق نسبة متصاعدة من الإنتاج المحلي لوحدات توليد الكهرباء من الرياح تبدأ من 30% وتتصاعد حتى تصل إلى 70%، كذلك قامت البرازيل بتطبيق سياسة مشابهة.

* في الصين اشتراطات لوجود نسبة من التصنيع المحلي للمعدات المستخدمة في إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة. كما قامت الحكومة بتشجيع الشراكة المحلية/الأجنبية لإنتاج معدات مزارع الرياح حيث تم اختيار شركتين صينيتين للشراكة مع الشركات العالمية لإنتاج معدات مزارع الرياح. هذا وتشترط المناقصات الصينية مؤخراً نسبة تصنيع محلي تصل إلى 70%.

جدير بالذكر أن جميع هذه السياسات ليست على حساب جودة المنتج حيث أن شرط الجودة لابد أن يتوافر تحت جميع الظروف، كما أنها لا تمثل عائقاً في لجاذبية السوق للإستثمارات حيث تعتمد تلك الجاذبية على اتساع هذا السوق.

ج – سياسات دعم استخدام الطاقة المتجددة

ينقسم الدعم المقدم لتنمية استخدام الطاقة المتجددة إلى نوعين من الدعم:
1. الدعم المقدم لأبحاث تطوير معدات الإنتاج من الطاقة المتجددة وكذلك الحصر والقياس وعمليات تنمية مواقع إنتاج الطاقة المتجددة، التدريب وبناء القدرات وتطوير إمكانيات التصنيع المحلي. وقد اشترطت جميع القوانين تقديم مثل هذا الدعم الحكومي.

2. الدعم المقدم لسعر وحدة الطاقة المنتجة من مصدر متجدد، وهذا الدعم يختلف حسب الدول حيث أن الدول التي لا تدعم أسعار الطاقة لا تقدم مثل هذا الدعم حيث توزيع تكلفة إنتاج الكهرباء من مصادر متجددة على المستهلكين ففي ألمانيا تكون هذه الزيادة في حدود 1.08 يوروسنت لكل كيلووات ساعة. أما في حالة الدول التي تدعم أسعار الطاقة فتقوم الحكومة بتقديم دعم مباشر للمنتج النهائي من الطاقة كما في حالة الصين حيث تقوم الحكومة بدعم يعادل 3 سنت/ ك.وات ساعة زيادة عن سعر الكهرباء المنتجة من محطة تقليدية تعمل بالفحم الخالي من الكبريت.

سياسات ناجحة

نستعرض هنا بعض السياسات الناجحة التي طبقتها بعض الدول في مجال الطاقة، أن عرض هذه النماذج الناجحة سيكون عملية مقنعة لما يمكن تحقيقه من سياسات وبالمزايا البيئية والاقتصادية المترتبة عليها (15).

أولا: تغذية الشبكة

تعتمد سياسة “تغذية الشبكة” علي أن تحدد الحكومة بالاتفاق مع منتجي الطاقة من مصادر متجددة حافز علي كل ك.و.س تسدده الحكومة للمنتجين نظير وفائهم بالتزاماتهم المحددة، وهو ما يعنى ضمان المنتجين سعرا مجزيا لبيع الكهرباء، وتعتبر هذه السياسة جاذبة للمستثمرين، وبالتالي فهي تساعد في نشر الطاقات المتجددة وإدارة المحطات بكفاءة عالية. وقد تم تطبيق هذه السياسة في عدد من الدول منها أسبانيا وفرنسا، وكذلك ألمانيا التي طبقتها عام 1990 مما أدي إلي ازدهار أسواق الطاقات المتجددة هناك ونشر تطبيقاتها وبالتالي نمو الشركات العاملة في المجال إلي الحد الذي جعل من الشركات الألمانية شركات رائدة في مجالات الطاقات المتجددة عالميا. وقد يؤدي تطبيق هذه السياسة إلي تحميل ميزانيات الدول بأعباء مالية كبيرة، وهو ما دعا الحكومة الألمانية إلي رصد القروض البنكية قليلة الفائدة لمشروعات الطاقات المتجددة، بالإضافة إلي فرض رسوم ضئيلة تمثل نسبة من الفاتورة الشهرية لمستهلكي الطاقة يُحصل عائدها لصالح دعم الطاقات المتجددة.

ثانيا: سلة مصادر الطاقات

يتطلب التحول العالمي للطاقات البديلة ربط مصادرها بالشبكة المحلية، وذلك لدعم وزيادة الإنتاج وخفض الأسعار وضمان وثوقية نظم الطاقة، ويمكن تقسيم نسبة مشاركة الطاقات المتجددة إلي نسب مختلفة تستوعب أغلب المصادر المتاحة، وهو ما حدث في ولايتي أريزونا ونيفادا الأمريكيتين حيث تم تخصيص نسب محددة لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، وبالرغم من صعوبة تنفيذ هذا التحديد في كل الأماكن إلا أنه أثبت نجاحه بهاتين الولايتين. وهناك أيضا البرنامج الياباني لتركيب 70000 نظام خلايا فوتوفلطية والذي بدأ عام 1994 وينتهي بنهاية هذا العام، حيث أدي إلي خفض تكلفة النظام علي المستهلك بحوالى 41% في عام 2002 عما كانت عليه الأسعار عام 1995.

ثالثا: السوق الخضراء

يقصد بمصطلح السوق الخضراء الاستثمار في طاقة تم الحصول عليها من مصادر متجددة صديقة للبيئة، وتعتبر تجارة الإنبعاثات أحد السياسات الهامة لتنمية سوق الطاقات المتجددة من خلال بروتوكول كيوتو الذي تم تبنيه في مؤتمر الأطراف الثالث والذي عقد بمدينة كيوتو اليابانية عام 1997، حيث عين البروتوكول تعهدات ملزمة لعدد 39 دولة متقدمة واقتصادات انتقالية بتقليص انبعاثاتها من غازات الدفيئة بمتوسط 5.2% مما كانت عليه عام 1990 خلال فترة الالتزام الأولي 2008– 2012، وذلك بمساعدة الدول النامية علي إحراز التنمية المستدامة. كما تأخذ سياسة السوق الخضراء شكلا آخر، يتمثل في موافقة المستهلكين علي رفع قيمة فاتورة الكهرباء مقابل زيادة مشاركة الطاقات المتجددة، وهو ما حدث في هولندا عام 2003.

رابعا: حوافز عادلة للطاقات المتجددة

تعتبر الأسواق الحالية لمصادر الطاقات التقليدية ضعيفة ومشوهة للغاية نظرا لوجود الدعم المالي المستمر من جانب الحكومات، والمشكلة أن هذا الدعم يضر بتكنولوجيات الطاقات المتجددة، ولسوء الحظ أن بعض صانعي السياسات يقترحون تدبير مصادر دعم مالي جديدة للمصادر المتجددة متناسين أن مصادر الطاقات التقليدية حصلت وما زالت تحصل علي دعم مالي كبير، نتج عنه أسعار غير حقيقية للطاقة المولدة باستخدام الوقود الأحفورى، مما يتعذر معه قدرة البدائل المتجددة علي المنافسة. إن عدم المساواة المستمر في دعم الطاقات يعطى فكرة خاطئة عن إمكانات الطاقات المتجددة، كما يجب أن يؤخذ في الاعتبار المخاطر وعدم استقرار الأسعار عند توزيع الدعم علي المصادر المختلفة، بالإضافة إلي حساب الآثار البيئية والاجتماعية الناتجة عن تطبيق تكنولوجيا معينة.

تجارب الدول العربية في مجال الطاقة المتجددة

– مصر

تهتم وزارة الكهرباء والطاقة في مصر بتنمية استخدام مصادر الطاقة المتجددة والتي تتمتع مصر بثراء واضح فيها، حيث تم إنشاء هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة عام 1986 لتمثل نقطة الارتكاز الوطنية للجهود المبذولة في نشر استخدام تطبيقات الطاقة المتجددة، لتوليد الكهرباء علي المستوى التجاري، وتوطين تقنيات الطاقة المتجددة بما يسهم في توفير استهلاك الوقود الأحفوري الذي يمكن تصديره للخارج باعتباره أحد مصادر الدخل القومي، أو استخدامه محلياً في صناعة البتروكيماويات، لتعظيم العائد من تصدير منتجاتها.وقد أقر المجلس الأعلى للطاقة في أبريل 2007 إستراتيجية جديدة للطاقة تعتمد بصفه رئيسية على مشاركة القطاع الخاص ليصل إجمالي الطاقة الكهربائية المولدة من طاقة الرياح بحلول عام 2020 إلى 12% من الكهرباء المولدة بالشبكة الكهربائية، يضاف لها 8% كهرباء مولدة من المصادر المائية، لتمثل المصادر المتجددة مجتمعة نحو 20% في ذلك الوقت.

– المغرب

تعتمد المملكة المغربية في إنتاج الطاقة الكهربائية علي المحطات الحرارية وتأتي الطاقة المائية في المرتبة الثانية، ويبلغ إجمالي القدرات المركبة من طاقة الرياح نحو 124 م. و.، ونتيجة لاهتمام المملكة بالطاقة المتجددة فقد تم إنشاء مركز لتنمية تطبيقاتها يهتم بتنفيذ الأنشطة المختلفة في المجالات المختلفة للطاقة المتجددة مثل: الدراسات، نقل المعرفة، والدورات التدريبية، والتفتيش علي المعدات، وذلك لتحقيق الأربعة أهداف التالية:: تأمين موارد الطاقة، التوسع في خدمات الطاقة للمواطنين، تحقيق مزيد من التنافسية في قطاع إنتاج الطاقة، وحماية البيئة.

– تونس

تمثل المحطات الحرارية المورد الرئيسي في تونس للحصول علي الطاقة الكهربائية يضاف لها نسبة لا تتعدي 4% لكل من الطاقة المائية وطاقة الرياح، هذا وتتميز الشبكة الكهربائية في تونس بأنها تغطي 99% من السكان. تحدد أسعار الكهرباء في تونس من قِبل وزارة الصناعة والطاقة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وبالمقارنة مع التعريفة العالمية تعد تعريفة الكهرباء في تونس منخفضة القيمة.

وعلي صعيد الطاقة المتجددة تعني الهيئة القومية للطاقة المتجددة ANER والتي تأسست عام 1985 بأنشتطها، وتعمل علي تحقيق الأهداف التالية: توفير الطاقة، ترويج استخدامات الطاقة المتجددة، و إحلال أنماط جديدة لإنتاج الطاقة من مصادر تراعي البعد البيئي.

– المملكة العربية السعودية

تركز المملكة العربية السعودية علي دراسة إمكانات استخدام الطاقة المتجددة وتحديدا الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وحاليا تعد الحكومة السعودية ممثلة في وزارة المياه والكهرباء السعودية بالتعاون مع الحكومة المصرية ممثلة في هيئة الطاقة المتجددة دراسة جدوى إنشاء مزرعة رياح بمدينة ينبع، تتراوح قدرتها من 20 حتى 40 م.و.، ومزرعة أخري بقدرة 10م. و. بمدينة ظَلَمْ لتغذية أحمال المدينة.

من ناحية أخري، تهتم مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتكنولوجيا بدراسة مصادر الطاقة الأحفورية (بترول، فحم) إلي جانب مصادر الطاقة المتجددة مثل (الرياح، والشمس، والهيدروجين، .. إلخ)، حيث يقوم الباحثين بإجراء بحوث تطبيقية في مجال الطاقة الحرارية والطاقة المتجددة وذلك من خلال برامج تعاون عالمية.

يتم دعم وتطوير أبحاث الطاقة الشمسية وإنجاز عدد من المشروعات والتطبيقات التي تتغذي بالطاقة الشمسية مثل تحلية المياه وأجهزة التبريد الشمسية. وتعتبر مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتكنولوجيا أحد مراكز التميز التي تعمل في مجال الطاقة المتجددة بالمملكة، حيث تجري أبحاث في مجال الطاقة المتجددة وتقييم وحصر المصادر وأيضا طاقة الهيدروجين بهدف تطوير محركات ثابتة وأخري متحركة تعمل به، كما تجري دراسات أخري للاستفادة من خلايا الوقود التي تعمل بالهيدروجين. وتتحدد رسالة المعهد حول ما يلي:-

* نقل وتوطين وإنتاج التقنيات ذات الصلة بالطاقة.

* إيجاد قواعد بيانات وطنية لمصادر الطاقة المتجددة في المملكة.

* القيام بأبحاث علمية من شأنها توفير الطاقة للاحتياجات الضرورية في المناطق النائية.

* دراسة الآثار البيئية الناجمة عن استخدام مصادر الطاقة المختلفة.

– لبنان

يتراوح متوسط الإشعاع الشمسي في لبنان بين 1800 – 2000 ك.و.س/م2 لنحو 300 يوم/ السنة، ويعد هذا المعدل مناسبا لاستخدام الطاقة الشمسية في تطبيقات تسخين المياه للمنازل والمصانع، وبحسب إحصاءات عام 2005 تبين أن نحو 19% من المنازل تستخدم سخانات المياه الشمسية وهو ما يعادل نحو 107 ألف متر مربع من أسطح المجمعات، وعلي الرغم من أن هذه النسبة تعتبر مرتفعة بالمقارنة ببعض البلدان العربية إلا أن الحكومة اللبنانية تعمل علي زيادة هذه النسبة نحو 40% خلال العشر سنوات التالية.

– الكويت

علي الرغم من غني دولة الكويت بمصادر النفط، إلا أن وزارة الكهرباء والماء الكويتية تتبني إعداد دراسة جدوى إنشاء محطة شمسية حرارية بالتكامل مع الدورة المركبة قدرة 100 ميجا وات، باستخدام تقنية المركزات الشمسية ذات القطع المكافئ بالتعاون مع معامل الطاقة الشمسية الألمانية بمعهد علوم الفضاء الألماني “DLR”.

– الإمارات العربية المتحدة

في أبريل 2006 اتخذت إمارة أبو ظبي قرارا بضرورة مشاركة مصادر الطاقة المتجددة في إمداد أبو ظبي بالطاقة، وبناء عليه تم الإعلان عن “مبادرة مصدر” والتي تعني في المقام الأول ببحث مشاركة المصادر المختلفة للطاقة المتجددة في توفير جانب من الطاقة اللازمة للإمارة إلي جانب العمل علي تأمين مصادر الطاقة وتقليل انبعاثات الكربون وتوفير المياه، والعمل علي تأسيس نظام اقتصادي متنوع لخدمة هذه الأهداف.

كما تم إنشاء شركة “أبوظبي لطاقة المستقبل” (والمعروفة اختصارا باسم مصدر) لتتولي تنفيذ المبادرة، وبالتالي التخطيط والإشراف علي دراسة وتنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة بأبو ظبي ومراقبة انبعاثات الكربون في الإمارة، والعمل علي إيجاد مكانة متميزة للإمارة علي خريطة الطاقة العالمية وذلك من خلال دعوة شركاء عالميين لديهم خبرات عملية ومتميزة في المجالات التي تتضمنها المبادرة وذلك لتحقيق تقدم سريع وكفء لتحقيق الأهداف المرجوة. وتقوم شركة مصدر حاليا بإنشاء مزارع رياح في العديد من الدول العربية والأجنبية منها شراء نسبة من مزرعة رياح بحرية بانجلترا، وإنشاء محطات شمسية حرارية في أسبانيا والمغرب.

– ليبيا

التعاقد علي تركيب مزرعة رياح 240 م.و. صناعة أسبانية لتكون أول مزرعة رياح بالجماهيرية يتم ربطها علي الشبكة، وينتظر أن يتبع هذه المزرعة مزارع أخري، وتمهيدا لهذه الخطوات المستقبلية تهتم ليبيا بإعداد الكوادر الفنية من خلال إتاحة التدريب الخارجي المتخصص لهم في مصر في نواحي الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وسياسات الطاقة المتجددة. وتتضمن الخطة المستقبلية لليبيا تركيب 500 م.و. رياح ومحطة شمسية حرارية بقدرة 50 م.و. بنهاية عام 2015، والوصول بهذه القدرات إلي 1000 م.و. رياح و100 م.و. محطات شمسية بحلول عام 2020.

– لبنان

يتراوح متوسط الإشعاع الشمسي في لبنان بين 1800 – 2000 ك.و.س/م2 لنحو 300 يوم/ السنة، ويعد هذا المعدل مناسبا لاستخدام الطاقة الشمسية في تطبيقات تسخين المياه للمنازل والمصانع، وبحسب إحصاءات عام 2005 تبين أن نحو 19% من المنازل تستخدم سخانات المياه الشمسية وهو ما يعادل نحو 107 ألف متر مربع من أسطح المجمعات، وعلي الرغم من أن هذه النسبة تعتبر مرتفعة بالمقارنة ببعض البلدان العربية إلا أن الحكومة اللبنانية تعمل علي زيادة هذه النسبة نحو 40% خلال العشر سنوات التالية.

– الجزائر

تتميز الجزائر بوجود احتياطي هائل للطاقة، وعلي وجه الخصوص الغاز الطبيعي، بالإضافة إلي وجود قدرات هائلة للاستفادة من الطاقة المتجددة وبخاصة الشمس الرياح، ويعد وضع الطاقة في الجزائر متقدما، فمصادر الطاقة الكهربائية يتم توفيرها من ثلاث مصادر رئيسية هي: الغاز الطبيعي ويمثل 94.5%، في حين تأتي الطاقة المائية بنحو 5%، أما الطاقة الشمسية فتمثل 0.5%.

هذا وقد تم إنشاء هيئة الطاقة الجديدة الجزائرية والتي تتولي نشر وترويج استخدامات الطاقة المتجددة بالجزائر، والمسئولة عن متابعة تنفيذ مشروع المحطة الشمسية الحرارية بالتكامل مع الدورة المركبة بنظام “BOOT” والذي يقوم بتنفيذه إتحاد شركات أسباني باستخدام تقنية المركزات الشمسية ذات القطع المكافئ بقدرة إجمالية 100 م.و.

– فلسطين

تعتبر الطاقة الشمسية هي الأكثر تطبيقا في فلسطين، حيث تمثل سخانات المياه الشمسية نحو 70 % من إجمالي سخانات المياه بفلسطين، هذا ويوجد 10 مصانع لإنتاج سخانات المياه الشمسية في قطاع غزة بالإضافة إلي 5 مصانع أخري بقطاع غزة. كما يتولى “مركز أبحاث الطاقة” بالضفة الغربية أجراء دراسات جدوى للاستفادة من الطاقة الشمسية سواء لتسخين المياه أو توليد الكهرباء بشكل مباشر من الخلايا الفوتوفلطية.

– اليمن

تتضمن إستراتيجية اليمن للطاقة المتجددة التوسع في نشر تطبيقاتها وخاصة في المناطق الريفية والنائية، ويوجد باليمن سبع شركات لتصنيع سخانات المياه الشمسية، كما يتم بالتعاون مع الحكومة الألمانية إعداد خطة قومية لتعظيم الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة باليمن. أيضا تولي الجمهورية اليمنية أهمية كبري لبرامج بناء القدرات الوطنية وذلك بالتعاون مع الدول ذات الخبرة في مجال الطاقة المتجددة مثل مصر، كما تشرف اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا، الإسكوا، علي كهربة قرية القعوة -والتي تبعد نحو 150 كيلو متر عن مدينة عدن- باستخدام الخلايا الشمسية من خلال منحة لا ترد مقدمة من كل من الإسكوا ومنظمة أوبك للبترول.

– العراق

تمثل الطاقة المائية نحو 33 % من إجمالي القدرات المركبة لتوليد الطاقة الكهربائية في العراق -8000 ميجاوات بنهاية عام 2006- وعلي الرغم من ارتفاع نسبة مساهمة الطاقة المائية في منظومة الكهرباء العراقية إلا أن المساهمة الكلية للطاقة المائية في الدول العربية تعتبر محدودة نظرا لمحدودية المصادر المائية، ونظرا لما يمر به العراق من عدم استقرار سياسي وأمني، لا توجد مساهمات للمصادر المتجددة الأخرى مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في منظومة الطاقة العراقية.

– السودان

تساهم الكتلة الإحيائية بنحو 87 % من احتياجات الطاقة في السودان، في حين يشارك البترول بـ 12 %، والمحطات الحرارية والمائية 1 %، وتصل إجمالي الطاقة المائية في السودان إلي 345 م.و. تأتي من أربعة خزانات أكبرها خزان الروصيرص بقدرة 280م.و. ومن المتوقع أن ترتفع القدرة الإجمالية للطاقة المائية بعد تشغيل مشروع سد مروي المتوقع أن تصل قدرته إلي 1250 م.و. ويوجد حاليا تعاون مشترك بين وزارة الطاقة والتعدين السودانية ووزارة الكهرباء والطاقة في مصر ممثلة في هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة لتنفيذ برنامج لحصر مصادر الرياح في السودان وإعداد أطلس للرياح تحدد من خلاله المناطق الواعدة والتي يمكن الاستفادة منها في إنشاء مزارع رياح.

– سوريا

تعتمد إستراتيجية الطاقة المتجددة في سوريا علي تعظيم مساهمة تطبيقات الطاقة المتجددة في الوفاء بجانب من الطلب علي الطاقة، وهو ما يتوقع أن يواكبه انخفاض في الاعتماد علي المصادر الهيدروكربونية، وبالتالي تحسين النظم البيئية والعمل علي تحقيق التنمية المستدامة. هذا وقد تم إصدار الخطة القومية السورية للطاقة المتجددة في العام 2004. وبصفة عامة توجد بعض الاستخدامات البسيطة لطاقة الرياح في ضخ المياه، وتسخين المياه بالطاقة الشمسية للتطبيقات المنزلية (حتى 80 درجة مئوية)، كما تُعد وزارة الكهرباء السورية دراسة جدوى عن إنشاء مزرعة رياح لتوليد الطاقة الكهربائية بمنطقة حمص وذلك بالتعاون مع الحكومة الألمانية.

– الأردن

يوجد بالأردن مزرعتي رياح صغيرتين قدرة الأولي 320 ك.و. في حين تبلغ قدرة الثانية 1125 ك.و.، وبالتالي فهما يصنفان كمشروعات ريادية وليس كمشروعات تجارية، هذا بالإضافة إلي استخدام طاقة الرياح في ضخ المياه بالمناطق النائية، كما يبلغ عدد سخانات المياه الشمسية المنتجة سنويا قرابة الـ 4000 نظام، وهو ما يعني ارتفاع استثمارات الطاقة الشمسية، أما إجمالي مساحة السخانات الشمسية فقد بلغت 700 ألف متر مربع بنهاية عام 2006.

المبحث الثالث: دور الطاقات المتجددة في تحقيق التنمية المستدامة

الطاقة المتجددة والأبعاد البيئية للتنمية المستدامة

لقد تعرض جدول أعمال القرن الواحد والعشرين الى العلاقات بين الطاقة والأبعاد البيئية للتنمية المستدامة، خاصة تلك المتعلقة بحماية الغلاف الجوي من التلوث الناجم عن استخدام الطاقة في مختلف النشاطات الاقتصادية والاجتماعية وفي قطاعي الصناعة والنقل على وجه الخصوص، حيث دعت الأجندة 21 الى تجسيد مجموعة من الأهداف المرتبطة بحماية الغلاف الجوي والحد من التأثيرات السلبية لقطاع الطاقة مع مراعاة العدالة في توزيع مصادر الطاقة وظروف الدول التي يعتمد دخلها القومي على مصادر الطاقة الأولية أو تلك التي يصعب عليها تغيير نظم الطاقة القائمة بها، وذلك بتطوير سياسات وبرامج الطاقة المستدامة من خلال العمل على تطوير مزيج من مصادر الطاقة المتوفرة الأقل تلويثا للحد من التأثيرات البيئية غير المرغوبة لقطاع الطاقة، مثل انبعاث غازات الاحتباس الحراري، ودعم برامج البحوث اللازمة للرفع من آفاءة نظم وأساليب استخدام الطاقة، إضافة الى تحقيق التكامل بين سياسات قطاع الطاقة والقطاعات الاقتصادية الأخرى وخاصة قطاعي النقل والصناعة (16).

الطاقة المتجددة والأبعاد الاقتصادية والاجتماعية للتنمية المستدامة

– الطاقة المتجددة والتنمية البشرية: تتضح العلاقة بين التنمية البشرية والطاقة من خلال الارتباط القوي بين متوسط استهلاك الفرد من الطاقة ومؤشر التنمية البشرية وخاصة في الدول النامية، آما يؤدي استهلاك الفرد من مصادر الطاقة التجارية دورا هاما في تحسن مؤشرات التنمية البشرية عن طريق تأثيرها في تحسين خدمات التعليم والصحة وبالتالي مستوى المعيشة، وتعطي الكهرباء صورة واضحة حول ذلك، اذ تمثل مصدرا لا يمكن استبداله بمصدر آخر للطاقة في استخدامات كثيرة كالانارة، التبريد والتكييف وغيرها.

– تغيير أنماط الانتاج والاستهلاك غير المستدام: يمثل قطاع الطاقة واحد من القطاعات التي تتنوع بها أنماط الإنتاج والاستهلاك، والتي تتميز في معظمها بمعدلات هدر مرتفعة، وفي ظل الزيادة المطردة في الاستهلاك نتيجة للنمو السكاني فان الأمر يتطلب تشجيع كفاءة استخدام وقابلية استمرار موارد الطاقة من خلال وضع سياسات تسعير ملائمة من شانها اتاحة حوافز زيادة كفاءة الاستهلاك والمساعدة على تطبيق الاصلاحات القانونية والتنظيمية التي تؤكد على ضرورة الاستغلال المستدام للموارد الطبيعية وتنمية موارد الطاقة المتجددة اضافة الى تسهيل الحصول على التجهيزات المتسمة بالكفاءة في استهلاك الطاقة والعمل على تطوير آليات التمويل الملائمة.

– توفير مصادر الطاقة اللازمة لتحلية مياه البحر: إن توفر مصادر الطاقة المتجددة في مواقع الاحتياج للمياه الخاصة بالتجمعات الصغيرة التي تحتا الى استهلاك محدودة من الماء العذب، يمكن ان تكون الحل الاقتصادي والتقني لتحلية المياه في المناطق التي يتعذر بها توفر المصادر التقليدية بكلفة اقتصادية.

– مقاومة الفقر و تحسين نوعية الحياة ووضعية المرأة: إن تحقيق اسهام مؤثر لمصادر الطاقات المتجددة في توفير امدادات الطاقة اللازمة لتنمية المناطق الريفية و بكلفة اقتصادية مقارنة ببديل الشبكات التقليدية، يمكن ن يؤدي ذلك إلى تحسين نوعية الحياة لما يوفره من خدمات تعليمية وصحية افضل لسكان المناطق الريفية، إضافة إلى انه يؤدي إلى القضاء على الفقر من خلال ايجاد فرص للعمالة المحلية في مجالات تصنيع وتركيب وصيانة معدات الطاقات المتجددة، حيث ان العديد من هذه المعدات يمكن تصنيعها بامكانيات محدودة ويمكن توفرها محليا.

– الحد من التأثيرات البيئية لقطاع الطاقة: إن الاعتماد على الطاقات المتجددة في تلبية الاحتياجات يؤدي إلى الحد من التلوث الناجم عن استخدام الطاقات التقليدية وخاصة الغازات الدفيئة، وذلك لكون المصادر المتجددة مصادر نظيفة لا تسبب اي تلوث يزكر للبيئة، اضافة إلى ان تحسين الظروف المعيشية بالمناطق الريفية ينتج عنه التقليل من انماط استهلاك الطاقة المستدامة في هذه المناطق.

ان مشاكل نموذج الطاقة العالمية ليست مشكلة موارد بالدرجة الأولى بقدر ما هي مشكلة سياسات وتكنولوجيا، فتحديد الخيارات للطاقة البديلة يعتبر عنصرا هاما في سياق التحول نحو نموذج مستدام، والدول العربية تسعى جاهدة لتكريس مبدأ المحافظة على البيئة والتنمية المستدامة للنهوض باقتصادها مستقبلا في اعتمادها لسياسة طاقية تنطلق من ايجاد العناصر البديلة الفعلية التي تحقق ذلك وهذا من أجل المحافظة على مواردها البترولية الناضبة واستغلالها وادارتها بكفاءة عالية بغرض دعم مسيرة التنمية.

إن الطاقات المتجددة وإن لم تصل بعد إلى درجة جر قاطرة التنمية لأن صناعتها مازالت تحتاج الى عقود حتى تصل مرحلة النضج، إلا انها تلعب دورا هاما في تحقيق التنمية المستدامة خاصة في الدول والمناطق الأكثر فقرا في العالم، فهي اداة ناجعة في تحسين مستوى معيشة السكان فيها، كما تم اعتبارها أساس لتحقيق هدف الألفية في خفض عدد الفقراء في العالم.

التوصيات

1ـ ضرورة انشاء بنك للمعلومات عن الطاقة المتجددة.

2ـ العمل علي نشر استخدام تقنيات الطاقة المتجددة التي ثبتت جدواها اقتصادياً.

3ـ الدعم المادي والمعنوي وتنشيط حركة البحث في مجالات الطاقة المتجددة.

4ـ القيام بمشاريع رائدة وكبيرة نوعا ما وعلى مستوى يفيد بلادنا كمصدر آخر للطاقة.

5ـ تنشيط طرق التبادل العلمي والمشورة العلمية بين البلدان العربية والدول الرائدة في هذا المجال، من خلال عقد الندوات واللقاءات الدورية.

6ـ تطبيق جميع سبل ترشيد الحفاظ على الطاقة ودراسة أفضل طرقها بالاضافة إلى دعم المواطنين اللذين يستعملون الطاقة المتجددة في منازلهم.

7ـ الطاقة المتجددة هي الاختيار الأفضل من ناحية قلة التكاليف لتصل إلي تأمين واستدامة إمدادات الطاقة.

8ـ تتواجد في المنطقة العربية مصادر وفيرة للطاقة المتجددة يمكنها أن تلبي أو علي الأقل تساعد في مواجهة الطلب المتزايد للطاقة بهذه الدول، مع وجود إمكانية عقد اتفاقيات بين بعض الدول العربية والدول الأوربية لتصدير الطاقة التي يمكن توليدها من المصادر المتجددة إلي هذه الدول.

9ـ إن استخدام المصادر المختلفة للطاقة المتجددة سوف يساعد علي الوصول إلي استقرار بيئي واقتصادي واجتماعي في قطاع الطاقة.

10ـ أن الإجراءات المتبعة حاليا علي الساحة العربية بهدف دعم الطاقة المتجددة تحتاج إلي المزيد من الجهد وبخاصة في ظل غياب الجانب المعرفي والتمويل اللازم بالشروط الميسرة والمحفزة.

11ـ إن مزجا متوازنا لتقنيات الطاقة المتجددة يمكن أن يؤدي إلي الدور التقليدي المتعارف عليه والخاص بتوليد الطاقة في أوقات التحميل الأساسي والمتوسط والذروة. وبذلك يمكن فتح مجالات عمل جديدة وإطالة استخدام مصادر الطاقة الأحفورية الموجودة للأجيال القادمة بطريقة تتوافق مع البيئة.

12ـ إن الطاقة المتجددة ورفع كفاءة استخدام الطاقة هي بمثابة الأعمدة الرئيسية للتوافق البيئي وهي في حاجة إلي استثمارات دافعة محدودة الزمن، وليس إلي معونات طويلة الأجل مثل الطاقة الأحفورية والطاقة النووية.

المراجع

(1)-Arief, W. (2009). Lipid Production From Microalgae as a Promising Candidate for
Biodiesel Production. Department of Chemical Engineering, Institute of Technology Sepuluh November, Surabaya 60111, Indonesia.

(2)-Baranzini, A., Goldemberg, J., Speck, S., 2000. “A future for carbon taxes”. Ecological Economics 32 (3), 395 – 412.

(3)-Baron, R., ECON-Energy, 1997. Economic/fiscal instruments: competitiveness issues related to carbon/energy taxation. Policies and Measures for Common Action, Working Paper 14, Annex I Expert Group on the UNFCCC, OECD/IEA, Paris.

(4)-Brennan, L., Philip, O., Charles P. (2010). Biofuels from microalgae – A review of technologies for production, processing, and extractions of biofuels and co-products Energy Research Programme, Bioresources Research Centre, School of Agriculture, Food Science and Veterinary Medicine, University College Dublin, Belfield, Dublin 4, Ireland.

(5)-British Petroleum. 2005. “BP Statistical Review of World Energy 2005”, London.

(6)-E Coal. 2002. “The News Letter of the World Coal Institute” June, 2002. PP 4-6.

(7)-Fowke R and Prasad D, 1996.Sustainable development, cities and local government. Australian Planner 33 61–6.

(8)-IEA (International Energy Agency). 2004. World Energy Outlook (WEO 2004). Paris.

(9)-IEA (International Energy Agency). 2003. Renewable Energy Information. Paris.

(10)-IEA (International Energy Agency) 2003. World Energy Investment Outlook. Paris.

(11)-IIASA (International Institute for Applied Systems Analysis) and WEC (World Energy Council). 1998. Global Energy Perspectives. Edited by: Nebojša Nakićenović, Arnulf Grübler, and Alan McDonald. Cambridge: Cambridge University Press.

(12)-Khatib, H. 1997. “Financial and Economic Evaluation of Projects”. UK: Institution of Electrical Engineers, London.

(13)-Khatib, H. 2003 “Economic Evaluation of Projects”. UK: Institution of Electrical Engineers, London.

(14)-Levin, A. 2006. Sustainable Development and the Information Society. Russian Studies in Philosophy, 45, No. 1, 60-71

(15)-MEES. 2003-2005. Middle East Economic Survey. Various Issues Cyprus.

(16)-UNDP. 2005. Human Development Report. UNDP-New York.

(17)-UNDP/UNDESA/WEC. 2003 “Energy and the Challenge of sustainability”, 2003. UNDP – NY.

(18)-US Department of Energy (US DOE). 2005. International Energy Outlook.

(19)-Zhang, “Energy Policy”. 2004.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى