تقاريرسلايدر الفلاح اليوم

السياسات الزراعية فى دائرة الضوء

الفلاح اليوم ـ فريق التحرير من منطلق نشر الوعى بقضايا القطاع الريفى فى مصر ينبغى التركيز على معرفة بعض المفاهيم المتعلقة بهذا القطاع، ولعل أهم هذه المفاهيم وأكثرها شيوعا يأتى مصطلح السياسة الزراعية، وسوف نركز فى هذا التقرير على هذا المصطلح..

بداية نقول أن السياسة الاقتصادية هي عبارة عن خطة محددة تستهدف تحقيق هدف معين خلال فترة زمنية معينة، كما أنها قـد تستهدف مجموعة مـن الأهداف في فترة زمنية معينة. وفى سياق ذلك فقد تستهدف السياسـة الاقتصادية لمجتمع ما تحقيق الاستقرار الاقتصادى، كما تستهدف تحقيق التنمية الاقتصادية التــى تعنى

السياسة الزراعية

زيادة الناتج القومي الفردي بما يحقق أعلى مستوى لمعيشة السكان… وتتضمن السياسة الاقتصادية مجموعة من السياسات الصناعية والزراعية والخدماتية وغيرها.

وبوصفها جزء من السياسة الاقتصادية، تعرف السياسة الزراعية بأنها فرع رئيسي للسياسة الاقتصادية العامة، يتم رسمها وإعدادها وتطبيقها في القطاع الزراعي، ويتم التنسيق والتكامل بينها وبين غيرها من السياسات الاقتصادية الأخرى لتحقيق أهدافها المسطرة. وتهدف السياسة الزراعية إلى تحقيق هدفين أساسيين ويتضمن الهدف الأول في تحقيق الإشباع لمستهلكي  السلع الزراعية، بينما يتضمن الهدف الثاني تحقيق تعظيم الربح للمنتجين الزراعيين؛ أي تحقيق الكفاءة الإنتاجية القصوى للموارد الزراعية، والحصول على أعلى ناتج بأقل جهد اجتماعي ممكن، وأي غياب أو تقصير في الآليات الكفيلة بذلك يؤدي إلى الاختلال الهيكلي في الإنتاج والاستهلاك، وبالتالي قصور مثل هذه السياسة. وتتمثل السياسة الزراعية ” في مجموعة من الإجراءات والتشريعات والقوانين التي تتخذها الدولة اتجاه القطاع الزراعي، وهي تمثل في نفس الوقت أسلوب إدارة الدولة للقطاع الزراعي في سبيل تحقيق أهداف محددة تتضمنها الخطط الزراعية“.

أنواع السياسات الزراعية
إن المتتبع لتاريخ التطور الاقتصادي لجميع الدول في عالمنا المعاصر، لا يجد دولة واحدة لم تتدخل حكوماتها في تبني سياسة زراعية معينة، وفقا للأهداف التي تبتغيها من حل المسألة الزراعية. ويمكن تصنيف السياسات التي اتبعت في حل المسألة الزراعية، على الرغم من بعض الاختلافات الجزئية فيما بينها، إلى ثلاث مجموعات، وهي:

1ـ سياسات التوجيه الزراعي
ويسود بشكل واضح بين الدول الرأسمالية (أوروبا الغربية)، وتجمع سياسات التوجيه الزراعي بين مبدأي الحرية الاقتصادية والتدخل الحكومي، ولقد انطلقت سياسات التوجيه الزراعي من هدف رئيسي وهو تحسين فعالية النشاط الزراعي، ولم تتدخل الحكومات إلا إذا كان التدخل ضروريا لخدمة هذا الهدف؛  ولقد أعطت هذه السياسات ثمارها اقتصاديا بزيادة الفائض الاقتصادي في الزراعة، ومن ثم خلق المقدمات الضرورية لتحقيق الثورة الصناعية.

2ـ سياسات الإصلاح الزراعي
وقد طُبقت في معظم البلدان النامية من آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية وبعض الدول الأوروبية الأخرى كاسبانيا وإيطاليا…الخ. وقد كانت منطلقات معظم هذه السياسات الإصلاحية تتحدد في:

 تحديد الملكية بسقف أعلى، ومصادرة ما هو زائد سواء بتعويض أو بدون تعويض.
توزيع الأراضي المصادرة على الفلاحين الذين لا يملكون.
فرض التزامات محددة على المستفيدين من الإصلاح الزراعي.
وفي الغالب فإن الهدف الاقتصادي (هناك أهداف سياسية واجتماعية من الإصلاحات تتجلى في كسب تأييد الفلاحين الذين يشكلون غالبية السكان) من الإصلاحات الزراعية هو تجاوز علاقات الإنتاج القديمة، وتشجيع أساليب الاستغلال الزراعي الرأسمالي بهدف زيادة فعالية النشاط الزراعي، والعمل عل إيجاد نوع من التوازن في مجال الاستثمار بين الزراعة والصناعة على أساس أن تحديد الملكية الزراعية سوف يضطر الكثير من المستثمرين إلى الاستثمار في مجالات الصناعة .ورغم النتائج الإيجابية التي تحققت جراء هذه الإصلاحات فإنها تبقى في كل الحالات لا تقارب النتائج التي حققتها سياسات التوجيه الزراعي، ولعل السبب ليس في سياسات الإصلاح الزراعي في حد ذاتها، بقدر ما تعود إلى عوامل عديدة، تتوزع بين عوامل موضوعية سياسية واقتصادية، أو تعود إلى المصداقية والكفاءة والتصميم في التنفيذ.

3ـ السياسات الثورية الزراعية
قبل كل شيء ينبغي الإشارة إلى أن الإصلاح والثورة هما أسلوبان من أساليب التغيير الاجتماعي، وهما يختلفان من حيث الفرق الزمني والمكاني، كما يختلفان من حيث البعد الإيديولوجي؛ فإذا كان مفهوم الإصلاح يعني ترميم وتعديل ما هو موجود بالفعل؛ فإن الثورة تعني التغيير الشامل والكامل، بمعنى رفض جذري لكل الأشكال والصور السائدة .1وقد طبقت سياسة الثورة تلك الدول التي كانت تتبنى التوجه الاشتراكي، بحيث تقوم على إعادة ملكية الأرض إلى الشعب، ووضعها تحت تصرف الفلاحين للعمل فيها لمصلحتهم ومصلحة كافة الشعب. غير أنها عرفت الفشل في معظمها نظرا لتغليب الجانب السياسي على الضرورات الاقتصادية، وعوامل أخرى. ومهما تكن السياسة الزراعية، فإن الهدف في النهاية هو رفع الكفاءة الإنتاجية للقطاع الفلاحي.

ومهما يكن فإن مسألة التوازن أو عدمه بين النمو في إجمالي النـاتج المحلـي والنـاتج الزراعي تعتبر ذات صلة وثيقة بالسياسات الاقتصادية والاجتماعية للاقتصـاد الـوطني بصورة عامة. ففي البلدان ذات الدخل المنخفض والتي يغلب على اقتصادها سمة النشاط الإنتاجي الزراعي، غالبا ما تسودها سياسات زراعيـة ذات فاعليـة مرافقـة للسياسـة الاقتصادية.

ونتيجة لعدم فاعلية معظم السياسات الاقتصادية في البلدان النامية (منخفضـة الدخل)، فإن معدل نمو الناتج الزراعي هو أقل من معدل نمو السكان، بحيث يترتب عليه انخفاض متوسط نصيب الفرد من الناتج الزراعي (الغذاء) في غالب الأحيان.

ولـم تـؤد المتغيرات الاقتصادية كالأسعار والحوافز الإنتاجية وما لها من آثار إيجابية إلى توسـيع حجم الناتج ونموه في البلدان النامية، وذلك لعدم فاعلية هذه المتغيرات وفقا لنظام السوق  المتبع في معظم تلك البلدان. ونظرا لأهمية الحبوب لكونها من السلع الغذائية الأساسـية في معظم بلدان العالم دون استثناء، كما أنها تعد من السلع الإستراتيجية في مجال الأمـن الغذائي (بالنسبة للدول النامية خصوصا)، فقد انصب الاهتمام عليها بالدرجة الأولـى عنـد وضع أية سياسة أو تقييم نتائجها واستشراف تطورها. بحيث تصبح أية سياسة مطالبـة بالعمل أولا على زيادة إنتاجية الوحدة المساحية من هذا المنتـوج، سـواء مـن خـلال التكثيف المحصولي ( بمعنى زيادة كفاءة استخدام عناصر الإنتاج في وحدة الـزمن)؛ أو التكثيف الزراعي (بزيادة كفاءة استخدام العناصر على وحدة المساحة). وذلك نظرا لأن الجزء الكبيـر من الرقعة الزراعية للحبوب وخاصة القمح تعتمد على سقوط الأمطار في الدول الناميـة عموما ومن بينها الجزائر، بينما العكس في الدول المتقدمة أين أدى استخدام رأس المـال بصورة مكثفة إلى تحويل مختلف أنواع الأراضي (المطرية) إلى أراضي مروية بحيـث ارتفع بذلك متوسط إنتاجية الوحدة المساحية للحبوب بتكويناتها المختلفة. ومـن جانـب آخر، فإن وجود العنصر البشري الكفء (الذي تفتقده الدول النامية) واستخدام وسائل الإنتاج الحديثة من شأنه تحسين المردودية كما ونوعا. وهذا يعني أن اقتصاديات إنتاج الحبـوب في البلدان النامية وفي الجزائر ما تزال دون مرحلة الإنتاج الرشيد، وأن إعـادة ربـط الموارد بصورة أكثر كفاءة ستؤدي ـ لا محالة ـ إلى زيادة حجم النـاتج مـن تلـك المادة. وهذا بالضبط هو ما تهدف إليه اقتصاديات الإنتاج الزراعي، من خلال السياسات الزراعية المختلفة.

ويمكن تعريف اقتصاديات الإنتاج الزراعي بأنه: ” تطبيق مبادئ الاختيار على استعمال رأس المال والعمل والأرض وعنصر الإدارة في الزراعة، ويقوم بدراسة كل النواحي المتعلقة باستعمال الموارد وكيفية الوصول إلى معدلات الإنتاج الزراعي التي تحقق الرفاهية الاقتصادية القصوى للمستهلكين. كما يقوم هذا المجال بتحليل المبادئ والعلاقات التي تجعل من الممكن اختيار ووضع الخطة الاستغلالية للزراعة” ،وذلك من خلال سياسة زراعية ضمن منظور إستراتيجية عامة. كما يعرف أيضا بأنه علم تطبيقي يتم بموجبه تطبيق مبادئ الاختيار في استخدام الموارد المختلفة سواء منها الطبيعية والمالية والبشرية والإدارية في صناعة الزراعة، بصورة عقلانية ورشيدة.

وبصورة عامة، فإن اقتصاديات الإنتاج الزراعي تهتم بكل العوامل المتصلة بالكفاءة الاقتصادية في استخدام الموارد الزراعية، والتي يمكن حصر أبرزها في النقاط التالية:

تحديد وضبط الشروط الواجب توافرها للحصول على أفضل استخدام للموارد الاقتصادية الزراعية في إنتاج المحاصيل الزراعية.
تحديد مدى الانحراف عن الاستخدام الأمثل للموارد الاقتصادية الزراعية.
التعرف على العلاقات التحليلية للقوى التي تحدد النظم الإنتاجية واستخدام عناصر الإنتاج الزراعي.
التعرف على الطرق والوسائل التي تُمكّن من الوصول إلى الاستعمال الأمثل للموارد الاقتصادية في المجال الزراعي.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى