«الزراعة» في الدولة الإسلامية
بقلم: د.غريب سيف الدين المسلمي
مدير عام مؤسسة سبايس لاند للاستيراد والتصدير والتوكيلات التجارية
للتواصل والنقاش:
[email protected]
هاتف رقم 01063783782
عنت الدولة الإسلامية منذ عهد النبوة بمجالات متنوعة وهامة، وكان لعلماء الإسلام الباع الأكبر فى نشر العلوم وتطبيقاتها بين العرب قبل أن تصل روافدها لبلاد الغرب..
كان للزراعة شأن عظيم فى الدولة الإسلامية الأولى منذ أن وعى المسلمون قول الله تعالى فى كتابه الكريم “وآية لهم الأرض الميتة احييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون. وجعلنا فيها جنات من نخيل واعناب وفجرنا فيها من العيون. ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم أفلا يشكرون”.
تابعونا على صفحة الفلاح اليوم على فيس بوك
لقد كان التوجيه النبوي الشريف واضحاً فى ضرورة تعمير الأراضى الزراعية وعدم تركها حتى تبور حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم” من كانت له أرض فليزرعها أو ليمنحها، فإن لم يفعل فليمسك أرضه” ..
كان لتوجيهات القراءن الكريم والسنة النبوية أثرا كبيرا على توجيه العلماء والمزارعين نحو العناية بالأرض والزرع وعنت الدولة الإسلامية عناية كبيرة بالزراعة لتوفير الغذاء والكساء والدواء لمواطنيها من أراضيهم الزراعية حتى يأمنوا الحروب والغزوات والمقاطعات والكوارث الطبيعية.
لقد اجتهد المزارعون الأوائل بالزراعة وأبدعوا فى توفير وسائل وسبل الري وحفر الآبار وبناء السدود وشق القنوات والأنهار وتوفير برامج التسميد وطرق المكافحة لزيادة الإنتاج وخروج المحصول بأعلى جوده.. وأخذ الأوروبيون عنهم تلك العلوم فى نهضتهم الحديثة وأحدثوا فيها وأدخلوا تكنولوجيا الزراعة حتى سادوا فيها!.
حتى فى مجالات التقنيات الزراعية استخدم المزارعين من المسلمين الأوائل النورج والساقية والشادوف والمحراث بل كان مزارعو الأندلس يسخرون الرياح فى إدارة الطواحين ورفع المياه بالسواقى حتى وقت قريب وقد أخذت أوربا عنهم فى نهضتهم تلك التقنيات وأحدثوا فيها وأدخلوا أيضاً فيها تكنولوجيا الزراعة حتى سادوا فيها!.
أيضا قدم علماء المسلمين الأوائل أمثال “ابن البيطار” و”ابن الرومية” و”ابن العوام” و”ابو الخير الاشبيلي” فى الزراعة مؤلفات كثيرة وقيمة ما بين الزراعة وعلم النبات والعلاج أو التداوي بالأعشاب ومن أمثال تلك الكتب كتاب “الفلاحة الأندلسية لابن العوام” الذى يعد أشمل كتاب عن الزراعة فى العصور الوسطى، وقد نشر فى عدة دول بعدة لغات.
الكتاب مكون من 35 فصلا مفصلاً عن الهندسة الزراعية وتربية الماشية والدواجن وتربية النحل وقدم فيها لـ585 نبتة وشرح فيه طرق زراعة 50 شجرة من الفاكهة. كما شمل الكتاب العديد من الإضافات القيمة حول التربة وأصنافها والسماد وأهميته وأنواعه وتطعيم النبات وأمراضه.
تلقى الغرب هذه المؤلفات بطريقة ما ولم نجد لها أثراً فى الدول الإسلامية منذ محاربة الخلافة العثمانية وسقوط الأندلس فى 2 يناير 1492م مع سقوط مدينة غرناطة وسيطرة الغرب على المؤلفات والعلوم النادرة والمنجزات العلمية والاختراعات التكنولوجية الحديثة من الإبرة إلى الصاروخ مروراً بالإنسان الآلي والطائرة والمدفع وقوانين الحركة والدورة الدموية وغيرها من العلوم والمعارف!!!.
الحقيقة أيها الشعب المصري المسلم، ان لعلمائكم تاريخ حافل وباع طويل فى القطاع الزراعي وقت تمكن المسلمين وسادتهم على البشرية، ويذكر أن من المزارعين الأوائل من المسلمين من أقام شبكات من القنوات والمجارى الظاهرة فوق الأرض أو الجوفية التى حفرت تحت الأرض بطريقة هندسية محكمة الاتقان وما زالت هذه الأعمال تثير إعجاب مهندسي المياه فى عصرنا الحديث فهذا أحد المهندسين الاوربيين الذى زار العراق إبان الانتداب البريطاني يقول “إن عمل المسلمين فى رى الفرات يشبه أعمال الري فى مصر والولايات المتحدة الآن”.
لقد بذل المسلمون فعلياً جهوداً كبيرة لتجفيف البطائح والمستنقعات وعملوا على إزالة الأملاح التى تهدد بإفساد المزارع وتحويل الأرض إلى سباخ بقشط الطبقة الملحية من على وجه الارض وجمع الأملاح أو بزراعة بعض النباتات التى تقاوم الملح مثل الشعير والقمح، وزرعوا كل نوع من النباتات طبية كانت أو عطرية، ومن انواع الخضر فى التربة الصالحة له بعد أن درسوا صلاحية كل تربة ومناسبتها لأنواع النباتات المختلف. وهذا زياد ابن أبيه يكتب إلى أحد عماله أن “أحسنوا إلى الفلاحين فإنكم لا تزالون سمانا ما سمنوا”.
لذا، فقد كان يشجع الحكام والعلماء والتجار الفلاحة وأنتج المسلمون ما يحتاجونه من غذاء وكساء ودواء حتى قال أحد الشاهدين على عصرهم الذهبي “لم أسمع أن المسلمين فى شتى الارجاء كانوا يستوردون سلعاً غذائية من خارج أقطار الوطن الإسلامي” .. فأين الخلل فقد أصبحنا عالة على الأمم!!!
أين الخلل؟!!!!