تقارير

الزراعات المحمية للتغلب على تأثير التغيرات المناخية

كتب: د.محمد عبدربه تقع مصر مناخيا داخل نطاق حزام الصحارى الجافة، وهذا يعنى عدم كفاية الأمطار فيها لقيام زراعة اقتصادية على نطاق واسع، لذا ‏تعتمد الزراعة على مياه النيل في الوادي والدلتا، وعلى المياه الجوفية بمناطق الاستصلاح التي على جانبيها.

تابعونا على قناة الفلاح اليوم

تابعونا على صفحة الفلاح اليوم على فيس بوك

كما أنه إزاء هذا الموقع ‏الجغرافي تشغل الصحراء ‏‎95‎‏% من مساحة الأراضي الكلية بينما تبلغ مساحة الأراضي الزراعية في وادي النيل حوالي 4% فقط ‏مما يجعل نصيب الفرد من الأراضي المزروعة يقل وبالتالي مقدار الغذاء المنتج مع الزيادة المستمرة في عدد السكان والتي تعادل نحو ‏‏1,5 مليون نسمة سنويا يتناقص سنة بعد اخرى حتى وصل 0,15 فدان حاليا.

لكي يتم الحفاظ على نصيب الفرد الحالي من ‏الأراضي الزراعة وما يتبعه من إنتاجية فلابد من التوسع في إدخال أراضى مستصلحة جديدة مع الحفاظ على الأراضي الزراعية ‏الموجودة, ومن جهة أخرى لابد من التوسع الرأسي في الإنتاجية وذلك باستغلال الموارد المتاحة بشكل أمثل وبما يحقق أعلى عائد ‏منها وذلك عن طريق استخدام التراكيب الوراثية عالية الإنتاجية والتي لها القدرة على استخدام وحدة المياه بكفاءة عالية.

تعتبر ‏الزراعة المحمية أحد عناصر التكثيف الزراعي نظرا لما ترسخه من مفاهيم التوسع الرأسي في الإنتاج الزراعي، ولما تتميز به ‏الزراعة المحمية من الاستخدام الأمثل للمناخ المعتدل في مصر وكفاءتها العالية في استخدام المياه وزيادة العائد من وحدة المساحة مع ‏إنتاج محاصيل ذات عائد نقدي مرتفع، أضف الى ذلك مساهمتها في توفير الخضر طوال السنة‎.‎

مع التطور التكنولوجي في الزراعة وطرق ومكونات شبكات الري الحديثة المستخدمة بإضافة إلى طبيعة الإنتاج داخل الزراعات ‏المحمية من حيث حساسية النباتات والمحاصيل المروية لكميات مياه الري المطلوبة ومعدل وطرق الإضافة فإنه يتم حساب المقننات ‏المائية لهذه المحاصيل بدقة عالية آخذين في الاعتبار الظروف المناخية للمناطق المختلفة وصفات التربة المزروعة وقدرتها على ‏الاحتفاظ بمياه الري وجودة مياه الري، بالإضافة إلى كافة العوامل النباتية من الأصناف المنزرعة وطبيعة النمو وامتداد الجذور خلال ‏قطاعات التربة، ويتم إضافتها من خلال شبكات ري ذات كفاءة توزيع عالية للمياه مما يؤدى إلى ترشيد المياه المستخدمة وإعطاء ‏النبات الحد الأمثل من الاحتياجات المائية التي تضمن تلبية متطلبات الإنتاجية العالية للأصناف المحصولية المنزرعة والزراعة ‏المكثفة تحت هذه النظم.

من ناحية أخرى فإن البحوث الزراعية قد أولت هذه التقنية اهتماماً بالغاً من الأبحاث التي تعنى بتطوير هياكل ‏الصوب والأغطية المناسبة لها مع الأخذ في الاعتبار إدخال محاصيل جديدة وأصناف ذات إنتاجية مرتفعة وعائد نقدي عالي، وتطوير ‏نظم الزراعة الحديثة كبديل للزراعة التقليدية و تلك النظم هي النظم المتبعه في العديد من الدول المتقدمة, بالإضافة إلى تطوير نظم ‏الري المتبعة للحد من أي فواقد مائية‎.‎

لتحقيق المعادلة الصعبة والتي تتمثل في توفير الغذاء لعدد اكبر من السكان بكمية مياه اقل، بالاضافة الى تناقص الاراضي الخصبة ‏نتيجة للزحف العمراني فان ذلك يحتاج الى حلول غير تقليدية‎.

ما زال هناك العديد من الانشطة التي يجب ان يتم تحسينها فيما يخص الادارة المتكاملة للنباتات تحت نظم الزراعة المحمية المختلفة و‏التي يتم بذل مجهود كبير بها من خلال عدة محاور اهمها التدريب ورفع الوعي.

المساحة الزراعية الاجمالية في مصر حوالي 9,5 مليون فدان منها 5 ملايين فدان في الوادي والدلتا (اراضي قديمة) ‏وان 4,5 مليون فدان اراضي حديثة. يتم ري 80% من الاراضي المستصلحة بنظم الري الحديث مما يعني ان ما يقرب من ربع ‏المساحة المزروعة في مصر يتم ريها باستخدام نظم الري الحديث وان 40% من اجمالي الاراضي المزروعة هي اراضي مستصلحة ‏ومع استمرار الزحف العمراني تتناقص مساحة الاراضي القديمة وتزداد مساحات الاراضي الصحراوية المزروعة، وتحتاج الى ‏استخدام نظم ري حديثة اكثر واكثر فلابد من زيادة الوعي بكيفية التعامل مع تلك النظم وزراعة المحاصيل ذات العائد الاقتصادي ‏المناسب مما يحسن من مستوى الامن الغذائي وتقليل الفجوة الغذائية‎.‎

الصوب الزراعية في استطاعتها تعديل المناخ الدقيق فهذا يعطي فرصة جيدة للمزارعين للتغلب على الظروف المناخية ‏الحادة التي تؤثر على الانتاجية وتعرض العديد من الزراعات الى ضعف الانتاجية، كما حدث خلال صيف عام 2024 حيث كان ‏الصيف ساخن جدا خلال معظم الايام مما ادى الى تدهور انتاجية العديد من المزروعات مثل الطماطم والخيار والكوسة والفاصوليا.

يعتبر التغطية بشبك ابيض او تظليل خفيف هو الاختيار الانسب داخل الصوب الزراعية خلال فصل الصيف لتقليل الاجهاد ‏الحراري على النباتات والوصول الى انتاجية مناسبة خصوصاً اذا كانت هناك ظروف ارتفاع مستوى ملوحة مياه الري فمن الممكن ‏استخدام التغطية كوسيلة مناسبة لمعظمة الانتاج والتغلب على الظروف المناخية والتغيرات المناخية. وتحتاج تلك الوسائل الى ‏دراسة النواحي الاقتصادية ومع تكرار الموجات الحرارية خصوصاً خلال فصل الصيف فان الزراعة المحمية هي السبيل للمساعدة ‏في الحفاظ على الامن الغذائي.

*المادة العلمية: مدير المعمل المركزي للمناخ الزراعي بمركز البحوث الزراعية.

تابع الفلاح اليوم علي جوجل نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى